تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

النائب اللبناني بولا يعقوبيان: حملة «دفى» تواصل مساعدة الأعداد المتزايدة من المحتاجين وصعوبات في تأمين التبرعات

بولا يعقوبيان

بولا يعقوبيان

في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية المتلاحقة التي تعصف بلبنان وشعبه، تواصل حملة «دفى» من خلال مجموعة من المتطوعين العمل على إضاءة شموع الأمل وسط العتمة التي تخيّم على البلاد، من طريق مدّ يد العون للمحتاجين من كل المناطق اللبنانية، والباحثين عن لقمة العيش أو أغطية تقيهم برد الشتاء القارس. أطلقت النائبة في البرلمان اللبناني بولا يعقوبيان الحملة الإنسانية عام 2013 بعد تجربة شخصية صعبة مرت بها وتأكّدها من حاجة عددِ كبيرِ من الناس لهذه المساعدة. ومنذ ذلك الحين تنشط «دفى» لتحقيق هدفها الأساسي القائم على جمع المساعدات العينية، لا الأموال والتي يُصار إلى تقديمها الى كل محتاج يطرق باب الحملة.


وتحت شعار «من خيرك ساعد غيرك» تحاول هذه المبادرة الإنسانية مواصلة عملها والاستمرار بزخم وقوة رغم كل الصعوبات التي يعانيها لبنان وتؤثر بشكل مباشر في كمية التقديمات العينية التي تتلقاها الحملة، لا سيما أن التبرعات والمساعدات العينية لا تقتصر على الأغنياء والأشخاص المقتدرين فحسب، إنما تشمل كل طبقات المجتمع، ومن هنا تعيش «دفى» حالة من التحدّي الجاد لمواصلة عطائها اللامحدود وبدون أي مقابل.


ويؤكد منظّمو حملة «دفى» دائماً أن الدافع الأساسي لتحرّكهم الإنساني ينبع من شعورهم بأن الفقر في لبنان بات ظاهرة اجتماعية واقتصادية مُقلقة، لا سيما في ظل التضخّم وانهيار العملة اللبنانية السريع والخطِر، وهو ما يؤثر في شريحة واسعة من الشعب اللبناني ويكاد يلغي الطبقة الوسطى بالكامل. فنسبة الفقر ترتفع بشكل ملحوظ، وأعداد المحتاجين في تزايد مستمر، ما يستدعي دق ناقوس الخطر والتحرك على الأرض، فمئات الأسر اللبنانية تعيش تحت خط الفقر وتحتاج الى من يقدّم لها الحد الأدنى من المستلزمات الأساسية.

وفي هذا السياق، تتحدث النائبة بولا يعقوبيان عن حملة «دفى» التي انطلقت عام 2013، وهدفها الأول مساعدة العائلات الفقيرة ودعم الأسر المحرومة، وبدأت كمبادرة إنسانية فردية، لكن سرعان ما تحولت بعد نحو عامين الى أكبر حملة تبرّع في لبنان والشرق الأوسط. ومنذ ذلك الحين، تمت مساعدة أكثر من 250 ألف أسرة محتاجة في كل المناطق اللبنانية، والحملة تواصل عملها رغم الظروف القاهرة التي تواجه البلاد. وأوضحت يعقوبيان أن «دفى» كانت حملة سنوية، تضم عدداً من المتطوعين لجمع التبرعات من كل اللبنانيين، وبشكل أساسي الملابس الشتوية والأغطية والمواد الغذائية ولعب الأطفال وغيرها من الحاجات الضرورية، ثم توزيعها على الفقراء والمحتاجين، لكن بسبب جائحة كورونا والانهيار الاقتصادي في لبنانن تحوّل العمل السنوي إلى حملة يومية داخل مقر «دفى» في بيروت، وهي تواصل عملها من دون أن تتوقف ولو للحظة أو تتراجع عن محاولة تأمين الضروريات للأعداد المتزايدة من الأسر المحتاجة في هذه الفترة الصعبة.

سبب اختيار اسم «دفى» للحملة

أما عن سبب اختيار اسم «دفى» للحملة، فأوضحت يعقوبيان أن «الاسم جاء أولاً بعد حادثة تجمّد طفل قبل سنوات من شدّة البرد، وثانياً بعد زيارتي لمنطقة مجمع الأوزاعي في مدينة صيدا الجنوبية، وحينها قلت في نفسي لن أنسى هذه الروائح الكريهة ولا مشاهد الفقر والعوز والظروف غير الإنسانية التي يعيشها عدد كبير من الناس هناك، فقررت مساعدتهم وبدأت العمل بصمت مع مجموعة من أصدقائي، فجمعنا ما أمكن من أغطية وملابس شتوية ووسائل تدفئة وكل ما يتعلق بالدفء ووزّعناها على الفقراء. ولكن بعد سنتين قرّرنا أن ننشر الحملة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لزيادة كمية المساعدات والحصول على دعم النجوم والشخصات البارزة في المجتمع».

وأضافت: «ومن هذه المرحلة، انطلقت «دفى» رسمياً في العلن عام 2015 في ساحة الشهداء وسط بيروت، وكانت أول حملة جامعة وكبيرة، حيث شارك فيها الآلاف من المتطوعين وتلقينا كميات ضخمة من المساعدات لدعم المحتاجين. وبعدها أصبحنا كل سنة نحدّد يوماً لجمع المساعدات العينية فقط، إلاّ أن أغلب الناس يمكنهم توصيل المساعدات يومياً إلى مقر الحملة في بيروت».

وأردفت يعقوبيان بالقول: «لكن العام الفائت كانت المرة الأولى التي لم ننظّم فيها يوماً لجمع المساعدات، لأنها كانت من أصعب السنوات على الشعب اللبناني، خاصة أن هناك الكثير من الأشخاص الذين كانوا يقدّمون لنا التبرعات ويشاركون معنا في الحملة كمتطوعين باتوا يطلبون منا المساعدة، نظراً لتردّي الأوضاع في البلاد، لذا قرّرنا عدم تنظيم يوم لجمع التبرعات كي لا نضغط على أحد أو نُحرج مَن لم يعد في إمكانه المساعدة».


بسبب الأزمات... تلبية الاحتياجات المتزايدة للفقراء تزداد صعوبة

وأكدت بولا أن «حملة «دفى» تنشط في كل المناطق اللبنانية بلا استثناء، وتستهدف كل فئات المجتمع. وبالتالي نقدّم المساعدة لكل محتاج ومن دون أي تمييز أو انتقاء، فكل شخص يتصل بنا ويطلب المساعدة نلبي طلبه طالما ذلك ضمن إمكاناتنا وقدراتنا وضمن التبرعات العينية الموجودة في المقر.

وعن نوع المساعدات التي تقدّمها «دفى» للمحتاجين في لبنان، تقول النائبة اللبنانية: «في البداية كانت الحملة تركّز على جمع المساعدات التي هدفها تأمين الدفء، كالملابس والأغطية، ولكن مع توسّع دائرة العمل وزيادة عدد المحتاجين وحجم التبرعات من المساعدات القائمة على الأكل والثياب، تطوّر عملنا بحيث بات يتوافر في مقر الحملة كل ما يخطر في البال وكل ما يحتاج إليه الناس في بيوتهم من ملابس وأغطية ومواد غذائية ولعب أطفال وإلكترونيات وكتب وقرطاسية وغيرها من الحاجات الأساسية».

الطبقة المتوسطة باتت شبه منتهية في لبنان

وأوضحت بولا أن «قدرات «دفى» في تلبية الاحتياجات المتزايدة للمحتاجين في كل المناطق اللبنانية تزداد صعوبة يوماً بعد يوم مع استمرار الأزمات الاقتصادية والمالية التي يعيشها اللبناني، وبالتالي فإن استمرارية الحملة في الوقت الحالي بتأمين المستوى نفسه من المساعدات باتت في غاية الصعوبة، خاصة أننا نعتمد فقط على المساعدات العينية ولا نقبل أي دعم أو تبرّع مادي».

ولفتت إلى أن «الحملة التي انطلقت قبل سنوات تعتمد بشكل كبير على الطبقة الوسطى من المجتمع اللبناني، ولكن للأسف هذه الطبقة باتت شبه منتهية في البلد، وهذا ما يصعّب علينا الاستمرار بالوتيرة نفسها، نظراً لتراجع كمية المساعدات التي نتلقاها قياساً بالسنوات الماضية».

وكشفت أيضاً أن «دور المرأة في حملة «دفى» في غاية الأهمية، فطاقم العمل كله تقريباً من النساء، والمسؤولة عن الجمعية هي امرأة، باستثناء رجل واحد فقط هو الدكتور نيكولا قيونجي».

واختتمت بولا يعقوبيان حديثها بالقول: «نحن في الحقيقة لا نميّز بين الجنسين، ولكن غالباً في أي عمل تطوعي تكون نسبة النساء أكثر من الرجال».

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080