حسين الشيخ: وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية من المعتقل إلى الوزارة
منذ عام 1994 والشؤون المدنية هي الجهة الرسمية التي تعنى بالعلاقة ما بين السلطة الفلسطينية والمواطنين الفلسطينيين، والطرف الإسرائيلي. وللإطلاع بشكل أوضح على وزارة الشؤون المدنية والمشاكل التي تعانيها وقضية لمّ الشمل والمبعدين، التقينا وزير الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية في حركة فتح حسين الشيخ.
- ما هي المخططات في بداية هذا العام؟
هناك الموضوع السياسي الكبير، لأننا في مرحلة غاية في الدقة، فالمفاوضات متوقفة مع الطرف الإسرائيلي تماماً وإسرائيل تبتلع البلد من خلال الاستيطان وتنهب الأرض ولم يعد هناك أي جدوى من مواصلة هذه المفاوضات. فمن الواضح أن إسرائيل لا تريد السلام بل تريد أن تعطي سلاماً بمنظورها وعلى مقاسها يكرّس احتلال الأراضي الفلسطينية. والموضوع الثاني هو معاناة المواطنين الفلسطينيين مع المسلسل الطويل سواء من لمّ الشمل أو هدم البيوت وترحيل المقدسيين والحواجز وتنقّل الناس بين مدن الضفة الغربية ولمّ شمل عائلات بين الضفة وغزة. ونحن أعطينا كل تلك الأمور أولويات عام2012، ولكن نصطدم بحكومة إسرائيلية شلّت كل أشكال التعاون.
- هل تكفي الموازنة السنوية حاجات الوزارة؟
للأسف الشديد الموازنة لا تكفي وأقدّر الظروف المالية والاقتصادية التي تعانيها السلطة الفلسطينية وأنا من المطلعين على هذا الموضوع، وقد اشتبكت مع الإسرائيليين مرات عديدة لأنهم حجزوا أموالنا.
- ما مدى مشاركة النساء في أعمال الوزارة؟
لدينا في وزارة الشؤون المدنية نحو 500 موظف وموظفة، ولا أبالغ إذا قلت أن لدينا أكثر من30 في المئة من النساء، وهذا ليس فقط رغبة في إنصاف المرأة، ولكن له علاقة بالإدارة والعمل. وشخصيا أجد أن المرأة أكثر التزاما بمجموع الأنظمة والقوانين واللوائح والضوابط في العمل أكثر من الرجل.
- تواجه غالبية الوزارات تحديات، فما هي أبرز المشاكل التي تواجهونها؟
أهم المشاكل التي نواجهها هي الطرف الإسرائيلي والاحتلال ومعاناة الفلسطينيين ومعاناة السلطة في الوصول إلى الأهداف المرجوة في كل الاتفاقات الموقعة بيننا وبين الحكومة الإسرائيلية، فالحكومة الإسرائيلية لا تلتزم للأسف الشديد بكل ما تم توقيعه، فمنذ عام 2000 اعتبر الطرف الإسرائيلي أنه لم يعد هناك ولاية للسلطة الوطنية الفلسطينية، أي منذ اجتياح مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية جميعها، وتدخل إسرائيل مناطق «أ» وتخرج منها متى تشاء، وتمارس كل مهماتها الأمنية وغير ذلك مثل هدم بيوت الفلسطينيين دون وجه حق وهذا مخالف للاتفاق، واعتقال المواطنين الفلسطينيين والعاملين في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ومنع المواطنين الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم سواء للزراعة أو البناء أو غير ذلك، وإيقاف المشاريع الخاصة للسلطة الوطنية الفلسطينية والمشاريع الخاصة للمواطنين الفلسطينيين في بعض المناطق، والصعوبات التي تفرض على حركة المواطنين الفلسطينيين والتنقل... كل هذه الإجراءات هي عوامل معيقة من الجانب الإسرائيلي ومخالفة للاتفاق الموقع بين المنظمة وإسرائيل.
- ماذا بالنسبة إلى لمّ الشمل؟
منذ عام 1994 وحتى عام 2000 كان هناك اتفاق بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل على موضوع لمّ الشمل، وكان هناك ما اصطلح على تسميته الكوتا السنوية، وكانت 2000 ثم تطورت إلى 3000 ومن ثم وصلت حتى عام 2000 إلى 5000 سنويا. ومن حق السلطة الوطنية الفلسطينية أن تعطي لم الشمل لمواطنين فلسطينيين في الخارج يرغبون في الإقامة الدائمة في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنحهم هوية وجواز سفر فلسطينيين. ومنذ عام 2000 مع بدء الانتفاضة الثانية والتصعيد اتخذت إسرائيل قرارا بوقف كل هذه المعاملات والاتفاقات ولم يفعّل موضوع لم شمل المواطنين الفلسطينيين. وتقريبا منذ أربع سنوات بذلنا جهدا كبيرا على أمل إعادة تفعيله لأهميته السياسية والوطنية والإنسانية، واستطعنا مع الحكومة السابقة أن نصل إلى اتفاق، وكان لدينا تقريبا 52 ألف مواطن فلسطيني في الضفة الغربية وغزة يقيمون حسب الاصطلاح الإسرائيلي بطريقة غير شرعية، وأخذنا موافقة مبدئية على منحهم هويات وجوازات سفر فلسطينية أنجزنا منها تقريباً 90 في المئة. ولكن مع قدوم حكومة نتنياهو توقف هذا الموضوع بالكامل، وهذا جزء من ملف لم الشمل لأن هذا الملف له أوجه عديدة مختلفة.
- لماذا موضوع لمّ الشمل من أولوياتكم؟
لأسباب وطنية وسياسية وإنسانية. من حق الفلسطيني أن يعيش على أرضه وفي ظل سلطته ونظامه السياسي، وللأسف هذا الموضوع منذ قدوم نتنياهو يخضع لابتزاز سياسي، فحكومة إسرائيل تحاول أن تبتزنا في هذا الموضوع وتربط ذلك بالموقف السياسي.
- من الأكثر معاناة في موضوع لمّ الشمل؟
كل الأسر تعاني من موضوع لمّ الشمل سواء كان الزوج يحمل هوية فلسطينية والزوجة لا تحمل هوية فلسطينية... الموضوع غاية في التعقيد.
- قضية الإبعاد إلى غزة وإلى خارج فلسطين، أين موقعها في برامج الوزارة؟
نحن نتابع موضوع المبعدين منذ اللحظة الأولى سواء كانوا مبعدي كنيسة المهد، أو المبعدين الذين خرجوا بصفقة التبادل الأخيرة وأبعدوا إلى قطاع غزة وشردوا.
- هل هناك وعود بإعطاء لمّ الشمل للعائلات الفلسطينية خلال هذا العام؟
هناك وعود ولكن للأسف أنا لا أريد أن أتفاءل كثيرا.
- نتطرق الآن إلى حياتك الخاصة قليلا ونسألك هل تأخذ معك الوزارة عندما تتوجه إلى بيتك؟
أنا أترك الوزارة في الموعد المحدد، وأذهب إلى بيتي وأنسى أنني وزير، وأجلس مع زوجتي وأولادي وأعطيهم حقهم الكافي، وأراجع مع أولادي دروسهم وأعطي جزءاً من الاهتمام لأولادي وزوجتي التي لا تراني إلا لساعات محدودة.
- ماذا عن الحياة الاجتماعية؟
الذي يعمل في العمل العام يسدد فاتورة من حياته الخاصة، لأنني في العمل العام لست ملكا لنفسي ولا أعمل في شركة خاصة، بل موجود من أجل خدمة المواطن الفلسطيني، ولذلك أحصل على راتب. وثانيا هناك الالتزام الوطني والأخلاقي لأنني فدائي وسجنت لمدة أحد عشر عاما في سجون إسرائيل، فالعمل العام يبقيني أحيانا أسيرا لمجموعة من القضايا وهذا يحرمني من الكثير من الاستحقاقات والالتزامات تجاه الأسرة والبيت.
- هل هناك من تأثر بشخصيتك من أولادك؟
لدي أربعُ بنات وولدان، واثنتان من بناتي في الجامعة، ولدي جهاد وهو الأوسط في مرحلة الجامعة، وأشعر بأن ابنتي الكبرى حنين قد أخذت مني الكثير.
- حدثنا عن تجربة الاعتقال؟
اعتقلت عام 1978، وذلك عندما كان عمري 17 عاما، وبقيت 11عاما في السجن وخرجت من السجن عام 1989أي في بداية الانتفاضة الأولى، وكان عمري حينها 28 عاماً، ومن ثم تزوجت... الاعتقال ربما من لم يجربه لا يعرف ماذا يعني، وربما يبهر البعض إذا علم بأن هناك شخصا سجن لسنوات طويلة داخل سجون الاحتلال، ولكن هو لا يعرف تماما كيف كانت تمر الثواني والساعات والأيام والشهور والسنو على المعتقلين الفلسطينيين بسبب حجم المعاناة والآثار النفسية. وقد تعلّمت من السجن أولا الصبر وثانيا العقلانية والتروي في اتخاذ القرار، وثالثا الثقافة العامة لأنني كنت أدرس 10 ساعات في اليوم، وتعلّمت ممارسة الرياضة والشطرنج واللغة العبرية التي أتقنتها قراءة وكتابة ومحادثة.
- أين كانت الوالدة؟
أكثر من عايشني وعاش معي وتألم معي طوال تلك الفترة كانت والدتي، وعلى مدار أحد عشر عاما كان من النادر جدا أن لا تقوم بزيارتي في الموعد المحدد لزيارة السجن. ورحمة الله عليها أصابتها الأمراض بعد اعتقالي. وحتى أكون منصفا أيضا زوجتي تحمّلت معي كثيرا، لأنني كنت مطاردا ولا أستطيع أن أصل إلى بيتي وتحمّلت زوجتي كل ذلك وحملت عني عبء تربية الأولاد.
- كلمة أخيرة؟
أكثر ما يثلج صدري أن الفلسطينيين كانوا أسياد هذا الربيع العربي، بالتمرّد على الاحتلال والخروج بالمسيرات والتظاهرات السلمية بالجسد العاري. نواجه أعتى ترسانة سلاح في العالم وهي إسرائيل، وأعتقد أنه عندما يشعر الشعب بالقهر والظلم والجوع وفقدان الحرية التي منحنا إياها الله، ستأتي اللحظة المناسبة التي سيثور فيها الناس على الظلم والقهر.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024