جليلة التلمسي: لم أخشَ الصلع من أجل شخصية 'أندرومان'
حصلت جليلة التلمسي على جائزة أحسن دور نسائي عن فيلم «أندرومان من فحم ودم»، من المهرجان الوطني للفيلم في طنجة.
وبهذه المناسبة التقت «لها» الممثلة المغربية التي تحدثت عن دورها وعن شؤون السينما المغربية.
- توجت بجائزة أفضل دور نسائي بمهرجان طنجة للفيلم. كيف كان استقبالك للخبر؟
كل الأفلام الـ 23 المشاركة في المسابقة الرسمية كانت لها ميزتها الخاصة، وقد تتفاوت مستوياتها الفنية والجمالية تبعا للمسة الفنية للمخرجين والتقنيين. وعليه، فحصولي على جائزة أحسن دور نسائي في فيلم «أندرومان» هو ربح للطاقم التقني والفني وجميع الإرادات التي ساهمت في صنعه. ولا أخفيك أننا كنا مقتنعين بالعمل ككل، غير أن توقع حصوله على بعض الجوائز بدأ يتأكد لنا شيئا فشيئا، خاصة بعد نهاية العرض الذي لقي حفاوة كبيرة من الجمهور والنقاد، ونال تصفيقاً طويلاً.
لكني لم أكن أضع في الحسبان أني سأكون من ضمن المتوّجين، رغم أني كنت مقتنعة بالدور الذي أسند إلي في هذا العمل. وربما هذا ما جعلني لا أصدق الخبر في أول لحظة، لكن حين ظلت التنويهات والتهاني تتوارد عليّ عبر هاتفي المحمول من خلال الرسائل القصيرة إبان حفلة الاختتام، تأكدت أني فعلا متوّجة بجائزة أحسن دور نسائي.
وأشكر بالمناسبة المخرج عز العرب العلوي على إسناده هذا الدور إلي، كما لا يفوتني أن أعبر عن امتناني وتقديري للجنة التحكيم.
- وما سبب غيابك عن اختتام المهرجان وإعلان النتائج؟
لم أستطع الحضور لتزامن الاحتفال مع تقديمي عرضاً مسرحياً مع فرقة «مسرح الأكواريوم» في إحدى المدن المغربية البعيدة عن طنجة.
- بين تجربتك السينمائية الفتية والمسرحية الراسخة، أين تجدين نفسك؟
بحكم كوني من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، أعتبر تكويني في هذا المجال مهما. وخشبة المسرح مدرسة أساسية يتعرف فيها الممثل على نقاط قوته وضعفه، مما يسمح له بتطوير طاقاته الإبداعية وتطويع لغة جسده التعبيرية والفنية.
كثير من الممثلين الكبار انطلقوا من المسرح، والمسرح أفاد السينما، وإن كان الأداء يختلف في كل منهما.
التلفزيون سهّل علي العبور نحو السينما، من خلال مجموعة من التجارب التي جعلتني أستأنس بالكاميرا وأعي الاختلاف بين هذه الحقول الفنية، والممثل منوط به أن يتكيف معها.
- هل هذه أول جائزة بالنسبة إليك وماذا تشكل لك في مسارك الفني ؟
نعم، هذه أول جائزة لي في المجال السينمائي، لكني حصلت على أكثر من جائزة في المجال المسرحي. والجائزة تكرّس ثقافة الاعتراف وتؤكد الوضع الاعتباري للفنان، وبالتالي فبقدر ما تشرّفه، فهي تكلّفه صون رسالته الفنية والحفاظ على الصورة التي أحبه من أجلها الجمهور.
وفي هذا السياق، وضعتني تجربة «أندرومان» في مستوى أفضل تجاه المشاهد السينمائي، مما يجعلني أطمح الى اختيار من هذا المستوى، وبما يناسب القيمة الاعتبارية للجائزة.
- ماذا عن دورك في «أندرومان»؟
«اندرومان» فتاة عمل والدها على إخفاء ملامحها الأنثوية، وأرغمها على التمثل بالصبيان لكي لا يضيع الإرث من العائلة حسب المعتقد السائد في القبيلة. فكان التحدي الأول الذي واجهني هو أن أجسد هذه الشخصية الذكورية من خلال نبرة الصوت والحركة وبالأخص على مستوى المشي والنظرات.
شخصية «أندرومان» ذات طبيعة مركبة، تتحمل الثقل الأساسي في الفيلم، مع أنها لم تكن تتحدث في مختلف أطوار الحكاية إلا ثلاث مرات، وهنا تكمن الصعوبة في تجسيدها، واستطعت الوصول بها نحو النتيجة المطلوبة.
- كيف تم اختيارك لهذا الدور؟
سبق أن عملت مع المخرج عز العرب العلوي في فيلم تلفزيوني يحمل عنوان «مسحوق الشيطان». وحدث أن قتلي في مشهد من هذا الشريط كان يستدعي الإلقاء بجثتي، فاقترحت على المخرج أن أرمى في صندوق القمامة، لأن عملية قتلي كانت بشعة، فاقتنع بذلك.
وكان المشهد ناجحا بعد عرض هذا العمل التلفزيوني، و بعد انتهاء التجربة وعدني بأنه سيسند إلي دورا أكبر من هذا في فيلم سينمائي، لأنه كان متأكدا أنني سأحمل الفيلم على عاتقي وأتحمّل العبء الذي تحمّلته هذه الشخصية.
- وهل كنت مقتنعة منذ البداية بالسيناريو عامة والشخصية الرئيسية خاصة؟
لو لم أقتنع بسيناريو الفيلم لما وافقت على أداء الدور. أحببت شخصية «أندرومان» لأنها تجسد دورا جديدا بالنسبة إلي و لكونها شخصية قوية ومركبة، تطلبت مني مجهودا كبيرا ليكون حضورها مثيرا في الفيلم.
في كل مرة كنت أقرأ السيناريو كنت أكتشف الجوانب الخفية في هذه الشخصية، وأعيد التأمل في شكل التعامل معها. وكنت أقوم بمعية المخرج بتجارب عدة على الماكياج للوصول إلى النتيجة التي نطمح إليها.
وساعدني الخضوع لتدريب مطول في فترة قصيرة في بناء الشخصية من مختلف أوجهها، فالمجهود الشخصي للممثل ضروري لأنه يغني مقترحات المخرج، أما مدة التصوير فكانت شهرين تقريبا.
- تطلب منك أداء دور «أندرومان» التخلّص من شعرك إلى حد الصلع، فهل كنت مقتنعة بذلك منذ البداية؟
الاستغناء عن الشعر لم يكن مبادرة مجانية أو بحثا عن الإثارة الإعلامية، بل كان تعبيرا عن اختيار جمالي وفكري تستدعيه طبيعة الدور.
وأشير إلى أن هذه المغامرة منحتني القدرة على الاندماج في الشخصية والإحساس بها بقوة، وهو اختيار تحملت مسؤوليته دون أن آخذ في الاعتبار ردود فعل المجتمع.
- كيف كانت ظروف التصوير خاصة أنه تم في مناطق جبلية وعرة؟
التصوير تم في قرية ذات مناظر جميلة وخلابة، تسمى «تفردوست»، تقع في سلسلة جبال الأطلس المتوسط، ولا تبعد عن مدينة بولمان إلا بعض الكيلومترات، وجرى التصوير كذلك في غابة بمدينة آزرو في السلسلة الجبلية نفسها.
أجواء التصوير سادتها ظروف مناخية صعبة، وكان الجو باردا، و كان عليّ تحمل برودة ماء النهر الذي كدت أن أسقط فيه أثناء تصوير بعض المشاهد. وكنت ايضا ملزمة على ركوب الخيل مع أني لا أجيد ركوبها بل أخافها، فتحديت الخوف وتدربت على ذلك.
ومن أصعب اللحظات التي عشتها حين غامرت بتصوير مشهد في بئر بعمق ثلاثة أمتار واجتزت التجربة بنجاح، وسأظل أحتفظ بها في ذاكرتي باعتزاز.
- ما موقفك من أدوار العري التي أصبحت تحتل حيزا واسعا في الأفلام المغربية؟
توظيف البعض لمشاهد العري في الأفلام المغربية غالبا ما يتسم بالمجانية، ويتم ذلك بغرض جذب الجمهور وتحقيق الشهرة والانتشار الواسع، فيما القليل يوظفها تماشيا مع البناء الدرامي لخدمة حبكة الفيلم.
- ما هي مشاريعك؟
انتهيت من تصوير فيلم تليفزيوني للمخرج طارق بنبراهيم يعرض قريبا على القناة الثانية، و هناك مجموعة من الأعمال التلفزيونية التي لم تحسمها الجهات المنتجة.
على مستوى المشاريع المسرحية، أستعد للمشاركة في عمل فني يحمل عنوان: Voix off، من إخراج نعيمة زيطان مع فرقة مسرح الأكواريوم بالشراكة مع المسرح الوطني - محمد الخامس و مسرحية «قول ليه» من إخراج إيمان الزروالي، كتابة إدريس كسيكس لفرقة «دبا تياتر» بالشراكة مع Art Académie.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024