تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

مفاجآت اللحظات الأخيرة في قضية سوزان تميم

قبل ساعات من صدور حكم الجنايات بتأييد حبس هشام طلعت مصطفى 15 سنة، ومحسن السكري 28 سنة، بجرم قتل المطربة البنانية سوزان تميم، كان الأمل يحدو فريق الدفاع عنهما بالحصول على البراءة، أو على الأقل تخفيف الحكم الذي أصدرته محكمة الجنايات بحقهما. ولكن جاء قرار القاضي المستشار أحمد جمال الدين رئيس محكمة الجنايات في القاهرة مخيباً لآمال المتهمين، وليسدل الستار على تلك القضية المثيرة التي شغلت الكثيرين. فما الذي حدث في الجلسة الأخيرة بتلك القضية؟ وماذا دار في كواليسها؟ وما هي أبرز مفاجآتها.


بهاء أبو شقة، محامي هشام طلعت، أكد أن الحكم يمثل مفاجأة له، خاصة بعد تقديم الإقرار الذي يؤكد تنازل ولي الدم، وهي أسرة سوزان تميم عن حقوق الادعاء بالحق المدني. وهذا الإجراء كان من شأنه تبرئة هشام طلعت، وتخفيف الحكم عن محسن السكري. لكن المحكمة كان لها رأي آخر، وأيدت الحكم بحبس هشام 15 سنة ليضيع أمل رجل الأعمال المتهم بالتحريض على قتل سوزان تميم، في الحصول على حكم البراءة، أو في أسوأ تقديرات محاميه السجن ثلاث سنوات فقط، طبقاً للقانون الإماراتي. ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، وبعد جلستين فقط للقضية أمام محكمة النقض التي قبلت نقض الحكم السابق الذي أصدرته محكمة الجنايات، قررت المحكمة تأييد حبس رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى 15 سنة، و28 سنة سجناً لمحسن السكري ضابط الشرطة السابق المتهم بقتل تميم.

قال أبو شقة إنه كان يعتمد بشكل كبير على أهم مستندات الدعوى، وهو الإقرار الذي وقعته أسرة سوزان تميم، والذي ينص على تصالحها مع هشام طلعت مصطفى، وتنازل الأب عبد الستار تميم عن حقوق الادعاء بالحق المدني. وأكد أن القانون الإماراتي يوجب انقضاء الدعوى بعد تصالح وتنازل ولي الدم، وأضاف أن القانون  المصري يستند إلى الأمر نفسه، خاصة أنه استخدم هذا الإجراء في بعض قضايا القتل التي كان يترافع فيها بصعيد مصر، وبمجرد تقديم ورقة التصالح مع أسرة القتيل تقرر المحكمة النزول بالعقوبة درجتين، ولهذا كان يتوقع حصول هشام على حكم بالبراءة أو السجن ثلاث سنوات.


ذهول وإحباط

السيناريو الذي توقعه أبو شقة ولم يتحقق دمر كل الترتيبات المجهزة للإفراج عن رجل الأعمال بعد أيام قليلة من هذه الجلسة، وأكد فريق الدفاع عن رجل الأعمال الشهير أن هشام طلعت سيحصل في أسوأ التقديرات على حكم بالسجن ثلاث سنوات، وهو أمضى في السجن فعلياً ثلاث سنوات ونصف السنة، ويصبح من حقه مغادرة السجن فوراً. لكن بعد تأييد الحكم انهارت كل الترتيبات ويتبقى فقط أمل العفو عنه قضائياً بعد نصف المدة لحُسن سلوكه، أسوة بآلاف السجناء، وذلك طبقاً لقانون السجن.


إحباط

وقد أصاب حكم المحكمة هشام طلعت ومحسن السكري بالذهول التام، وعم الإحباط جنبات المحكمة التي كانت تمتلئ عن آخرها بأقارب المتهمين وعشرات العاملين في مجموعة شركات طلعت مصطفى، بينما تغيبت سحر طلعت، شقيقة رجل الأعمال، لعدم استطاعتها تحمل هذه اللحظات العصيبة. شهدت الجلسات السابقة للمحكمة تقديم فريق الدفاع عن المتهم الأول محسن السكري دفوعاً جديدة، وصلت إلى تأكيد محاميه أنيس المناوي أن السكري لم يكن موجوداً في دبي وقت الحادث، وخلال الجلسات وجه رئيس المحكمة سؤالاً للسكري:

- هل قتلت سوزان تميم؟
فرد الضابط السابق بالنفي وهو يهز رأسه بإصرار قائلاً: هذا لم يحدث يا فندم

وجه المستشار أحمد جمال سؤالاً تقليدياً لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى وقال له:
- هل حرضت على قتل سوزان تميم؟

فرد طلعت قائلاً: هذا محض افتراء ولم يحدث.

واستمرت المحكمة في الاستماع إلى دفاع المتهمين، فأكد المناوي أن إجراءات القبض على السكري باطلة، ودفع ببطلان أقوال الشهود في القضية وتناقضها. وأكد أن الدليل الشفهي سقط حين تناقضت أقوال الشهود. وأضاف أن إجراءات تفتيش مسكن السكري وما يترتب عليها من أدلة باطلة قانوناً، وأكد أن هناك بعض التقارير التي أودعها الضباط ملف القضية، غير موجودة. وطلب إعادة استجواب الضباط. وقال المناوي إن بطلان الأدلة مستمر، ويتضح في تراجع الطبيبة التي شرّحت جثة سوزان تميم عن أقوالها، بالإضافة إلى قيام أحد الضباط بفض الأحراز وجعل الكلاب البوليسية تشمها لتعقب أثر المشتبه فيه، مما أتلف الدليل.

ووجه المناوي اتهاماً صريحاً الى الطبيبة الإماراتية فريدة الشمالي بإتلاف الأدلة وإضاعتها وتضليل العدالة، وقال إنها زيّفت حقائق علمية وخالفت الأسس العلمية في فحص الأدلة، وأقرت بأن العينة التي حصلت عليها تلاشت. ودفع الدكتور بهاء أبو شقة ببطلان الأدلة التي قدمتها النيابة العامة، والتي استندت إليها في توجيه الاتهام إلى هشام طلعت ومحسن السكري، وهي اللقطات التي تم استخراجها من الفيديوهات، حيث وضعت اسهم حول الصور، وضاعت اللقطات التي قيل إنها لمحسن السكري، وذلك عند محاولة تكبير اللقطة.


منافسة

أما الدكتور عبد الرؤوف مهدي، المحامي الآخر لهشام طلعت، فدفع ببراءة موكله، وأكد أن الجريمة سببها صراع بين رجل الأعمال المصري وبعض الشركات المنافسة التي دبرت له جريمة سوزان تميم حتى تتخلص من منافسته نهائياً. وأضاف أمام المحكمة إن هناك منافسات كبرى بين شركة طلعت مطصفى للإنشاءات والمقاولات، ومجموعة شركات كبرى في دبي تعمل في هذا المجال، دفع تلك الشركات إلى تلفيق قضية قتل سوزان تميم لهشام للقضاء تماماً على نجاحه، خاصة أن سيرته الذاتية أكسبته الكثير من الشهرة.

وجزم بأنها جريمة قتل عادية وقعت خارج البلاد، ولهذا فلا تقع تحت طائلة القانون المصري، لأن المجني عليها أيضاً ليست مصرية. ودفع بسبعة أسباب قانونية لطلب براءة طلعت والسكري، منها بطلان إجراءات القبض على السكري، وبطلان أقوال الشهود، وبطلان التحقيقات، مما أدى إلى بطلان محضر استجواب السكري، وبطلان إجراءات الحبس الاحتياطي لهشام، وكذلك إجراء استجوابه، وبطلان اتصال المحكمة بالدعوى وكل إجراءات المحاكمة.

دفع مهدي أيضاً ببطلان إجراءات التحقيق والمحاكمة التي انعقدت بعد انعقاد مجلس الشورى في تشرين الثاني/نوفمبر 2009، وذلك لعدم صدور إذن من رئيس مجلس الشورى، لأن هشام طلعت عضو في المجلس ولا يجوز القبض عليه إلا بإذن. وقال مهدي إن رئيس مجلس الشورى قال إن المجلس في حالة انعقاد، ولم يصدر الإذن بالتحقيق مع هشام طلعت، ورغم ذلك استمرت الإجراءات الجنائية التي قامت بها النيابة والمحكمة، مما يؤكد بطلان كل الاجراءات.


جلسة أخيرة

وطوال الجلسة الأخيرة التي استمرت عشر ساعات كاملة، حاول فريق الدفاع عن هشام طلعت نفي الاتهام عنه، وأكد أبو شقة أن محسن السكري زج باسم طلعت مصطفى في القضية بسبب مهارته الاقتصادية التي تدفع كثيرين للحقد عليه، والرغبة في الزج به في السجن. واستند أيضاً إلى عدم وجود دليل مادي يدين هشام بالمشاركة في التحريض على الجريمة، وأكد أن كل الاتصالات والرسائل بين هشام والسكري ليس فيها دليل واحد يتحدث عن التحريض على قتلها، ولكنها أقوال وكلام مرسل.

وقال: «إن الوقت الذي تم تحديده في القضية لتسليم هشام مليوني دولار للسكري مقابل ارتكاب الجريمة، كان طلعت يجلس فيه مع الأمير الوليد بن طلال يبحث معه في بعض الأمور الاقتصادية في أحد فنادق القاهرة، مما يثبت أن هشام لم يدفع أي أموال للسكري». ولفت إلى أن حياة سوزان تميم كان مليئة بالمشاكل، ولها خلافات وعداوات عديدة تتيح وجود أكثر من شخص له مصلحة في قتلها، إذ ادعى كل شخص ارتبطت به أنها كانت زوجته. وكانت سوزان تتلقى تهديدات مستمرة بالقتل، حسبما جاء في أقوال والدها عبد الستار تميم.

وطلب أبو شقة الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية التي تسمح بقبول الدية من القاتل، وذلك بعد التصالح بين أسرة سوزان وهشام طلعت مصطفى. وفرضت أجهزة الأمن إجراءات مشددة بعد صدور الحكم لإعادة هشام والسكري إلى محبسهما في سجن مزرعة طرة وسط حراسة مشددة، وذلك بعد أن أصبح حكم السجن ضدهما باتاً ونهائياً.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077