تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الكوميديّة ايلانا صباغ تكشف إيجابيات "تيك توك" وسلبياته

ايلانا صباغ

ايلانا صباغ

ايلانا صباغ

ايلانا صباغ

بات تطبيق "تيك توك" عالماً منفصلاً عن الواقع يجمع المقاطع الغريبة والأشخاص المختلفين والمواهب الطريفة والاستثنائية في قالب يصعب على المتلقي عدم التعلق بها ومتابعتها باستمرار. في عالم الـ"تيك توك" نجد الفيديوهات التمثيلية الضعيفة لناحية النص والإخراج والتمثيل وتظهر في الجانب الآخر مواهب فذة وامكانات محترفة من خلال الاداء المميّز لناحية الرقص والغناء أو التمثيل ومن بين الأخيرين اللبنانية ايلانا صباغ. تمكنت الشابة المفعمة بالحيوية والإيجابية، ذات الأصول اللبنانية والروسية لجهة الأم، من لفت الأنظار إلى موهبتها الكوميدية في التمثيل وكتابة النصوص البسيطة والسريعة وابتكار الشخصيات العفوية المناسبة للتطبيق الأكثر متابعة حول العالم، إضافة إلى سلاسة مقاطعها في ايصال الرسائل والأفكار التي يتفاعل معها أكثر من 3 ملايين متابع لصفحتها. وغالباً ما تصبح مقاطعها "تريند" على الـ"سوشيال ميديا" ويجري تداولها على باقي الصفحات من دون معرفة بطلة القصة. والشابة اللبنانية ابنة الأربع والعشرين ربيعاً درست في الجامعة الإخراج والإنتاج السينمائي وفي الوقت نفسه تمكنت من الحصول على دبلوم في التمثيل وحالياً، تستكمل دراسة الماجستير بالسينما والتلفزيون في العاصمة التركية إسطنبول.


- من هي ايلانا صباغ؟

أنا شابة لبنانية، درست التمثيل في الجامعة. من صغري معروفة في بلدتي طرابلس بين الجيران والناس بأني أحب الفرفشة وأضحك طوال الوقت، وكنت في كل مناسبة أو عيد أنشر مقطع فيديو كوميدياً صغيراً أوجه من خلاله رسائل للناس ليتفاعلوا معه بالضحك. ومن بعدها في العام 2019 نشرت فيديو طريفاً عن العيدية أحدث ضجة كبيرة، وبدأ الناس يتفاعلون معه ويعلّقون بكثافة، فانتبهت شقيقتي الكبرى لموهبتي ونصحتني بفتح صفحة على تطبيق تيك توك، وكان بداية انطلاقتي في هذا العالم الواسع. هكذا بدأت جدّياً تصوير فيديوهات طريفة ونكت وقصص كوميدية... مع المواظبة وبمرور الوقت، وصلت إلى ألف متابع، وحينها حقّ لنا أن أفتح فيديو مباشراً مع المتابعين، فزاد تفاعلي مع الناس وزادت تعليقاتهم فباتوا الدافع والمحفّز لي كي أكمل وأطوّر محتوى صفحتي.


- كيف تخططين لمقاطعك الطريفة وهل هناك من يساعدك في تحضيرها؟

التخطيط لمقاطعي يكون عادةً بعد عودتي من العمل، وغالباً ما أجلس مع نفسي وأجهز الفكرة وأقوم بتنسيق المشهد وأبدأ في تصويره بطريقة عفوية وسريعة. ولكن أحياناً الفكرة تكون تختمر في رأسي بعد حادثة تحصل معي خلال النهار في مكان إقامتي حالياً في تركيا أو من قضية تحصل في لبنان كالأزمة الاقتصادية والسياسية وم أكثرها! وأحياناً تكون الأفكار من قصص تنتشر حول العالم مثل جائحة كورونا وغيرها من الحوادث التي نعيشها كل يوم. وأنا أتلقّف الفكرة وأحولها بطريقة بسيطة وعفوية لفيديو يناسب كل المتابعين، وأحرص دائماً على عدم السخرية من الحدث ولكن أحاول تسهيل الأمور الصعبة وأقلّب المشاكل وأبسّطها لأخفف عن الناس وأدفعهم للضحك.

- هل تفكرين بالانتقال إلى عالم اليوتيوب؟

شخصياً أحب "يوتيوب" كثيراً ولكني فضلت أن أبدأ بـ"تيك توك" لأنه عبارة عن مقاطع أو اسكتشات قصيرة تصل إلى الناس بسرعة، في حين أن فتح قناة على "يوتيوب" يحتاج إلى وقت أطول والتزام جدّي ومتابعة وعمل أكثر وتصوير لساعات لأتمكن من تنزيل فيديو مدته 10 دقائق. في الحقيقة أملك قناة خاصة على "يوتيوب" ولديّ نحو 10 الآف متابع فقط، رغم أني لا أشارك مقاطع عليها ولا أتابع أو أتفاعل مع الصفحة كباقي الـ"يوتيوبرز"، ولكن أسعى إلى أن يصبح الـ"سوشيال ميديا" عملي الرئيسي، ومن أهدافي الأساسية في المستقبل تطوير قناتي على "يوتيوب".

الصعوبات التي يواجهها التيكتوكر في العالم

- ما الفرق بين الـ"تيكتوكر" والـ"يوتيوبر"؟

يمكن لمقطع على "تيك توك" أن يوصل فكرة بمدة قصيرة من 15 إلى 30 ثانية فقط، بينما "يوتيوب" يحتاج إلى فكرة قابلة للمماطلة والتشويق والحماس ليتمكن من إيصال ما يريده ويجذب المشاهدين. بمعنى آخر، "يوتيوب" هو عبارة عن تلفزيون للجيل الجديد بينما "تيك توك" هو لكل شيء سريع إن كان لتقديم معلومة أو فكرة أو لينسى الناس همومهم ومشاكلهم.

أما مسألة الكسب المادي، فهي نفسها تقريباً على التطبيقين، إذ يجب أن يكون المحتوى تفاعلياً وأن يصار إلى اختيار الأفكار التي يحبها الشخص كي تكون قوية لتقديم "براند" خاص به، إضافة إلى جمع عدد أكبر من المتابعين ليستفيد من الـ"ترافيك" والإعلانات ويحقق أرباحاً جيدة عن طريقها.

- ما هي الصعوبات التي تواجهينها وكيف تتخطينها؟

لم أواجه صعوبات كبيرة لأنني كنت أعلم منذ البداية أنه لا بدّ الثبات والمتابعة والإصرار للوصول والتطوّر. ولكن في الفترة الأولى حين بدأت في العام 2019 عانيت وتعبت كثيراً كي أتمكن من الوصول إلى عدد كبير من الناس حتى أنني من فترة قصيرة تمكنت من توثيق حسابي حيث تخطّى عدد متابعيّ ـ3.4 ملايين، وهذا لم يكن بسهولة بل تعبت كثيراً في تحضير المقاطع والمشاركة في الـ"لايف" كي أزيد عدد المتابعين وأصبح معروفة. وفوق كل هذا، حاليّاً أواجه بعض الصعوبات المزعجة المتمثلة باعتقاد الناس بأني وصلت إلى ما وصلتُ إليه بطريقة مزيفة وبأني دفعت الكثير من المال واشتريت المتابعين! لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً، فكل متابعيّ حقيقيون وorganic وليسوا مزيفين وأحاول دائماً أن أوضح هذا الأمر للناس. أما الصعوبة الثانية التي أواجهها، فهي ردّ فعل الناس على مقاطعي، فهناك الكثير ممّن لا يتقبّلني في البداية أو من يعتبرني مقيتة في أول مشاهدة لي، ولكن بعدها بفترة يلاحظون بأنني عفوية وطريفة، ورغم أن هذا الأمر صعب وأجده أحياناً في التعليقات السلبية والانتقادات المزعجة، ولكن مع الوقت تتبدل نظرة الغالبية منهم وتتحوّل إلى رأي ايجابي على المحتوى الكوميدي الذي أقدّمه.

التنمّر من السلبيات الأصعب على "تيك توك"

- برأيك، ما هي سلبيات "تيك توك" وإيجابيّاته في عالمنا العربي؟

هناك الكثير من السلبيات في عالم "تيك تو"ك ليس فقط في عالمنا العربي وإنما في كل مكان، وقد يكون التنمر من أكبر تلك النقاط السوداء. نصادف دائماً حملات من التنمر والتعليقات المزعجة على الشكل أو الملابس أو طريقة الكلام، وهناك الكثير من الناس الذين لا يحبّون الخير لغيرهم لاسيما عندما يتعلق الأمر بمصالحهم الخاصة. ولا يمكن أن ننسى مسألة الغيرة والمقارنة وملاحقة عدد المتابعين وتقليد المقاطع، هناك الكثير من الـ"تيكتوكرز" لا يركزون على أن المحتوى هو الأساس لجذب المتابعين وتحقيق الأرقام والمشاهدات. ولكن مقابل تلك السلبيات هناك الكثير من الإيجابيات، فـ"تيك توك" يصل لكل العالم العربي دون استثناء ويفتح المجال للكثير من المواهب والطاقات العربية للظهور، لذلك فضّلتُ أن أبدأ بـ"التيك توك" العربي لأوحد عالمنا العربي حول الضحك إذ يكفينا تفرقة، علماً أنه كان بإمكاني أن أبدأ "تيك توك" بالروسي وأدخل على دول العالم باللغة الروسية ولكني أفضل أن أستخدم موهبتي لتحويل المشاكل في وطننا العربي إلى كوميديا والتخفيف عن الناس.

- كيف تصفين مقاطع "تيك توك" التي يراها البعض سيئة؟

صحيح أن هناك الكثير من المقاطع التي يراها البعض سيئة ومن دون محتوى، لكن في النهاية الدنيا أذواق والخيارات قد تختلف من شخص إلى آخر، و"تيك توك" مساحة مفتوحة للجميع ويحق للمشاهد اختيار ما يناسبه وما يفضله. وعن نفسي، هناك الكثير من الأشخاص يصفون محتوى صفحتي بالمبالَغ فيه لناحية الكوميديا و"دمه ثقيل" وبأني لست طريفة، ولكن هذا الأمر لا يحزنني فوجود شخص واحد يبتسم في اليوم بفضل مقاطعي يُفرحني ويُحفزني إيجابيّاً. ومن الطبيعي أن يحبني بعض الأشخاص وأن يكرهني البعض الآخر، وهناك من يغيّر نظرته لي بعد فترة حين يلاحظون أن ما أقدّمه ليس مبالغة وليست شخصيتي الحقيقية بل تمثيل وكوميديا.

الفكرة المختلفة والمثابرة يضمنان النجاح على "تيك توك"

- ما هي نصائحك لكل شابة تسعى للانضمام الى "تيك توك"؟

أنصح كل الفتيات بالانضمام إلى عالم "تيك توك" وأن يعملن بجديّة وأن يثابرن لأن عدد البنات أقل بكثير من الشبان على التطبيق، إضافة إلى أن هناك حاجة لمن ينفذ محتوى مختلفاً وجديداً. هناك الكثير من الفتيات اللواتي يبدأن في هذا المجال ولكن يتوقفن في منتصف الطريق، علماً أن الحاجة ماسّة إلى العنصر الأنثوي لتقديم محتوى مفيد من البنات، نظراً لتأثيرهن المختلف على الـ"سوشيال ميديا" علّنا نخفف من تحكم الذكور فيه وفي غيره، لذلك أنصحهن بالمضي قدماً دون يأس أو استسلام لأن من شروط النجاح المثابرة والاستمرارية.

ومن خلال تجربتي، لاحظت أن هناك 3 أو 4 فتيات فقط يقدّمن محتوىً كوميديّاً، أما الباقون فكلهم شبان. لذلك أنصح الصبايا بالانضمام إلى "تيك توك" دون خوف أو تردّد وألا يشعرن بالندم لأنه عالم جميل ويعطي المرأة ثقة بالنفس ويفتح لها مجالات للعمل وفرصاً مميّزة للمستقبل وهذا ما حصل معي، فأنا درست التمثيل وشاركت في بعض المقاطع التمثيلية في روسيا، وحالياً لي دور مختلف في مسلسل كان من المفترض أن يراه الناس خلال شهر رمضان الفائت لكن تأخر عرضه، ومن المتوقّع أن يكون مغايراً لكل ما أقدّمه على "تيك توك"، إذ أظهر فيه قدرات بعيدة عن النظرة الكوميدية الموجودة عند المتابعين. وكذلك أنا الآن بصدد التحضير لدور أساسي في مسلسل عربي- لبناني مشترك جديد سيعرض على منصة "شاهد".


"تيك توك" مكان آمن للأطفال إلى حد ما

- ما هو طموحك وهل تفكرين باحتراف التمثيل؟

تمكنت من خلال مقاطعي الكوميدية على "تيك توك" أن أدخل في مجال التمثيل، ويمكنني مع الوقت أن أعمل فيه بطريقة احترافية لأنه مجال تخصصي ولكن طموحي مختلف، فأنا أركز على "تيك توك" والـ"سوشيال ميديا" لأنها تمثّلني وتمنحني الفرصة لأظهر نفسي وما أريد أن أكونه وأن أرسم الضحكة على وجوه الناس. أنا أطمح حالياً بأن أصبح قوية ومعروفة أكثر على "تيك توك" وأن يصبح اسمي مشهوراً في العالم العربي، خصوصاً أن الكثير من الصفحات "يسرق" مقاطعي ويتداولونها بكثافة ولكن لا يعلنون اسمي، بل يتم تنزيلها بأسماء مختلفة ويحصلون بالمقابل على ملايين المشاهدات والمتابعين، في حين أنه عندما أقوم بتنزيل الفيديو عبر صفحتي على إنستغرام لا أحصل على العدد نفسه، وبالتالي أنا أعاني دائماً من موضوع السرقة، ولذلك أطمح بأن يصبح اسمي وشكلي معروفين للناس، وأسعى لتطوير محتواي وقدراتي على "يوتيوب" و"انستغرام" ليصبح الـ"سوشيال ميديا" عملي الأساس.

- كيف يمكن الحدّ من انتشار المقاطع التي تؤثر سلباً في الأطفال؟

تطبيق "تيك توك" بدأ بهذا الأمر فعليّاً، حيث بات بإمكان الأهالي التحكم بالمحتوى الذي يريدونه واختيار ما يناسب اولادهم، ويمكنهم أيضاً أن يتحكموا بساعات مشاهداتهم لمقاطع الفيديو، ورغم أن هذا الأمر يفيد في الحدّ من مشاهدة الأطفال للمقاطع السلبية إلا أنني أعتقد بأنه يصعب التحكم بالأمر كلّياً، لأن الـ"سوشيال ميديا" بات كل حياتنا ولذلك على الأهل أن يكونوا حريصين في اختيار القنوات والصفحات المناسبة للأطفال لناحية المحتوى والأشخاص. ومن المهم الإشارة أيضاً إلى الإجراءات التي يقدّمها ويطوّرها "تيك توك" باستمرار، حيث يعمل كثيراً على مسألة الأمن والأمان الرقمي ويحرصون على حذف كل ما يرونه خطأ وغير مناسب أو خطراً على المشاهدين، وبالتالي "تيك توك" مكان آمن إلى حد ما، ولكن من المهم متابعة الأهل لأولادهم.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079