تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

فاطمة الزهراء ضاوي: سعيدة بعملي الإعلامي رغم أنه جاء صدفة

لم تفكر يومًا في العمل الإعلامي لا سيّما المرئي، ولكن الصدف أحيانًا تلعب دورها، لتنتقل من لندن إلى دبي وتقدّم النشرة الإقتصادية على شاشة «العربية». ثلاث مدن عاشت فيها ولكل واحدة منها دور في حياتها، الدار البيضاء جذورها ومدينة طفولتها، ولندن المدينة التي صقلت شخصيتها، ودبي التي قدّمت لها الشهرة الإعلامية. إنها الإعلامية فاطمة الزهراء ضاوي. «لها» التقتها وكان هذا الحوار.


- كيف دخلت مجال الإعلام وأنت حائزة ماجستير في إدارة الأعمال؟
لم أخطط يومًا لأن أعمل في المجال الإعلامي لاسيّما الإعلام المرئي، وعملي في قناة «العربية» جاء صدفة. فقد كنت في زيارة لدبي والتقيت صديقة لي تعمل في مجموعة الـ mbc وعرضت عليّ فكرة العمل في قناة «العربية» في قسم الإقتصاد.
في البداية لم أعر المسألة اهتمامًا، وعندما دعتني لزيارتها في مقر القناة، التقيت هناك بعض العاملين في هذا المجال، وأخبرتني عن أهمية النشرة الإقتصادية في «العربية» وعدد متابعيها والمصداقية التي تتمتع بها خصوصًا من المشاهدين العاملين في المجال الإقتصادي والأعمال.
فضلاً عن أن إدارة «العربية» وجدت فيّ الكاريزما فهي رأت ما لم أكن أراه في نفسي. في البداية ترددت ولكن عدت واتخذت قراري.

- لماذا ترددت، «العربية» قناة يحلم الكثيرون بالعمل فيها؟
تردّدي كان سببه خوفي من المجال الإعلامي، وهذا تحد جديد بالنسبة إلي. فأنا كنت أعيش في لندن وكنت ناجحة في مجال عملي، فضلاً عن أنني بطبعي متحفّظة وقليلة الكلام، والعمل في التلفزيون يتطلب الحنكة في الكلام وسرعة البداهة في التعامل مع الموقف الذي توضعين فيه.
وعندما حدثت الأزمة العالمية عام 2008 وانهيار الأسواق المالية، قررت أن أخوض هذا التحدي الجديد، خصوصًا أن إدارة «العربية» كما ذكرت سابقًا رأت فيّ ما لم أكن أعرفه عن شخصيتي.

- الظهور المباشر على التلفزيون يتطلب لغة سليمة وسرعة بداهة كما ذكرت. هل واجهت صعوبة في اتقان اللغة العربية؟
خضعت لتمارين مكثّفة للتدرب على اللغة العربية، ونطق مخارج الألفاظ بشكلها الصحيح. ولا أنكر أنني واجهت صعوبة في اللغة، لأنني لم أتكلم العربية منذ أن كنت في السابعة عشرة، فعندما تخرجت من الثانوية العامة في المغرب سافرت إلى لندن للدراسة الجامعية ومن ثم عملت هناك في المجال الإقتصادي، أي أن دراستي وعملي جعلاني لا أتكلم العربية كثيرًا. فيما العمل في «العربية» لا سيما القسم الإقتصادي يتطلب مني تحرير النشرة.

- تتميزين بلكنتك المغربية أثناء إلقائك النشرة. هل تقصدين هذا الأمر؟
الجميل في قناة «العربية» أنها تضم عاملين من جنسيات مختلفة مما يعطيها بعدًا كوزموبوليتانيًا فريدًا من نوعه. واتقان العربية ليس بالأمر الصعب على المغربي الذي يلفظ اللغة العربية بشكل صحيح وتام، ولكن الجميل أن مذيعي «العربية» من جنسيات مختلفة ويمكن للمشاهد أن يحدّد جنسية المذيع من خلال لكنته مهما حاول السيطرة عليها، فهي تخرج منك بشكل عفوي.
وأنا حاولت أن أوازن بين لكنتي ونطقي اللغة العربية بشكل مجرد. وهذا تطلب مني جهدًا، فكانت اللغة أحد التحدّيات التي واجهتها في عملي.

- كيف تصفين شعورك عند ظهورك للمرّة الأولى على التلفزيون، خصوصًا أنه مباشر على الهواء؟
لا أخفيك أني شعرت بتوتر شديد خصوصاً أنني أظهر على شاشة تعدّ من أهم القنوات في العالم العربي وتتمتع بمصداقية عالية ونسبة مشاهديها عالية أيضًا، ورغم التدريب الذي خضعت له، وحلقات البيلوت التي قمت بها شعرت بالرهبة.
وظهوري الأول كان لمدة 15 دقيقة، كنت مصرّة خلالها على أن أثبت نفسي في أوّل ظهور لي على الشاشة، والحمد لله كانت التعليقات إيجابية والجميع دعموني وشجعوني.

- ماذا كان رد فعل أهلك عندما قررت العمل في قناة «العربية»؟
أهلي دائمًا مساندون لي في كل ما أقوم به، ويثقون باختياراتي ويعرفون أنني على قدر المسؤولية، لأنهم عوّدوني عليها منذ الطفولة.

- حادث إنزلاقك في الأستوديو مباشرة على الهواء تحوّل إلى حدث. كيف تصفين هذه اللحظة؟
حقيقة وقتها شعرت بأنني في كابوس وأن ما يحدث لي ليس حقيقة، تخيلي أنك تتعرضين لهذا الحادث وهناك الملايين يشاهدونك... في الأمر إحراج مهما نظرت إليه بحس الفكاهة.
حادث الإنزلاق لم يكن خطأ تسببت أنا به بل الأرضية كانت من زجاج، وكان معظم العاملين يشكون منها، ووقتها لم تكن مجهزة بشكل صحيح فانزلقت، ولكن بعد الحادث وضعوا سجادة.

- ما كان رد فعل الإدارة والزملاء؟
الإدارة أصرت على أن أظهر في اليوم نفسه بعد 15 دقيقة، لأنهم كانوا مقتنعين بأن ما حدث أمر طبيعي جدًا وليس عيبًا مطلقًا، أما الزملاء فدعموني.

- هل منحك الحادث شهرة؟
بالفعل الحادث منحني شهرة خصوصًا أنه وقع في بدايات ظهوري على الشاشة، حتى زملائي قالوا لي من باب المزاح أنني بسببه نلت شهرة أحتاج إلى سنوات لأحصدها. أحيانًا أكون في أحد الأماكن العامة وأسمع همس بعضهم يقول أليست هذه المذيعة التي إنزلقت أثناء تقديمها نشرة الإقتصاد؟ وهذا أمر طريف.

- هل عدت وشاهدت الحادث؟
إلى الآن لم أقوَ على مشاهدة نفسي وأنا أنزلق، حتى في حفلة عيد الـ. mbc عندما عرضوا أطرف لقطات وكان من بينها مشهد انزلاقي لم أجرؤ على النظر إليه، وأغمضت عينيّ.

- إلى أي مدى تقلقك مسؤولية المعلومات الإقتصادية التي تعرضينها على المشاهد؟
«العربية» اختارتني بسبب تخصصي فنحن في القسم الإقتصادي جميعنا أتينا من عالم الإقتصاد والأعمال، وهذا يعطي مصداقية للخبر لأننا نعرف تمامًا عما نتكلّم.
وبعامة كي تنجحي في مجال عملك عليك أن تحبي ما تقومين به، وأن تتمتعي بروح المسؤولية. وهذا انعكس على النشرة الإقتصادية في «العربية» إيجاباً، فهي تتمتع بمصداقية كبيرة عند المشاهد.
وجميعنا في قسم الإقتصاد نعمل بحرفية عالية ونمضي معظم وقتنا في الأستوديو لنتابع أدق التفاصيل في عالم المال والأعمال ونحرص على أن تكون نشراتنا مواكبة للحدث. فالأخبار الاقتصادية يجب أن تكون حديثة جداً لأنه من المعيب أن تقدمي أخباراً مضى عليها وقت.
ففي عالم البورصة مثلاً يتغير سعر السهم كل ثانية، لذا فنحن لا نتابع الأخبار الاقتصادية فقط بل الأخبار والأحداث السياسية لأن سوق الاقتصاد يتأثر بها وبشكل مستمر، فمن بين المشاهدين رجال أعمال واقتصاد يتابعون النشرة الإقتصادية، وعلينا بدورنا أن نكون صادقين ومحترفين في ما نعرضه.

- أي يتحكم في الآخر، المال أم السياسة؟
هناك علاقة جدلية بين الإثنين، وأعتقد أن المال يتحكم في السياسة، فما نراه اليوم على المستويين العالمي والإقليمي سببه اقتصادي، فالخطط الإقتصادية هي التي تعين حكومات وتسقط أخرى. والدليل على ذلك ما يحدث في اليونان وإيطاليا والعالم العربي.



- كل إعلامي لاسيما الذي يعمل في مجال الإعلام المرئي يصبو إلى أن يكون له برنامجه الخاص. هل تسعين إلى هذا الأمر؟
حاليًا أدير ندوات اقتصادية وهذا عمل أحبه كثيرًا لأنه يجعلني ناشطة ومواكبة للأحداث الإقتصادية، مما يضيف إلى مخزوني وتجربتي العملية. هناك فكرة برنامج نعمل عليها، ولكن تحقيقها لن يكون قبل عام.

- هل تحلمين بالعالمية؟ وهل تسعين للوصول إليها؟
حقيقة لم أفكّر في هذا الأمر بعد، فأنا مازلت في بدايات عملي الإعلامي، وما يهمني حاليًا أن أثبت نفسي في الإعلام العربي ويكون لي حضور مميز.
ولكن أؤمن أن الوصول إلى العالمية ممكن، ومن المهم أن تثبت الإعلامية العربية وجودها وأنها قادرة على أن تصل إلى العالمية. فها هي ريما مكتبي تعمل في الـ «سي. إن. إن.». في الوقت الراهن لا أفكر في العالمية، وربما قد يحدث الأمر بالصدفة.

- هل تخافين من المستقبل خصوصًا أن التلفزيون يفرض على الإعلامي سناً محددة؟
حقيقة لم أفكر في الأمر، ولكنني لا أخاف من المستقبل فاختصاصي يتيح لي مجالات عمل كثيرة. وما أدركه اليوم أنني استمتع بعملي الإعلامي وأعمل على تطوير نفسي، وأهم شيء أنني أحب ما أقوم به إلى درجة أنني قد أبقى في الأستوديو 11 ساعة من دون أن أشعر بمرور الوقت.
فكل شيء إيجابي. منذ أن وطأت قدماي أرض دبي وعملت في «العربية» الحمد لله كل شيء يصب في مصلحتي.

- عشت في الدار البيضاء ولندن ودبي. أيها الأحب إلى قلبك؟
الدار البيضاء بالنسبة إلي جذوري والمدينة التي ولدت ونشأت فيها، فيها كل ذكريات الطفولة، أما لندن فهي المدينة التي صقلت شخصيتي وبلورتها، مدينة صنعتني وشكلتني. فهي منحتني الكثير، وهناك واجهت الحياة بحلوّها ومرّها.
في الجامعة لم أدرس إدارة الأعمال فقط بل تعلّمت كيف أتفاعل مع الإنسان بغض النظر عن جنسه ولونه ودينه، فعلى مقاعد الدراسة كان زملائي من كل الجنسيات.
اللافت في هذه المدينة أنهم لا يعاملونك على أساس هويتك بل ماذا يمكن أن تفعلي، ينظرون إلى قدرتك على التميز ويعاملونك ككيان إنساني. أما دبي فمدينة عصرية لديها نكهتها الخاصة فهي تشبه لندن إلى حد كبير من حيث كونها كوزموبوليتانية، وكل ما جرى لي فيها إلى الآن كان إيجابيًا ومريحًا، فضلاً عن أنني أعمل في «العربية» التي هي قناة كوزموبوليتانية بامتياز.
من الناحية الثقافية ونمط الحياة لا تختلف دبي عن لندن ما عدا المناخ. فأنا تعوّدت أن أمشي كثيرًا في لندن في المتنزهات، بينما هنا الطقس لا يساعدك بل تكتفين بالتنزه في المراكز التجارية الكبرى.

- لماذا قررت دراسة إدارة الأعمال في لندن؟
أنا أعيش في محيط عائلي كله يتعامل مع الأرقام، فوالدي مدير بنك وشقيقي يعمل في حقل الإقتصاد وعمي استاذ جامعي يدرّس الإقتصاد وإدارة الأعمال.
والطريف أنني عندما تخرّجت من الثانوية العامة كان معدّلي مرتفعًا جدًا يتيح لي دخول كلية الطب، وبالفعل أردت أن أدخل كلية الطب مثل بقية صديقاتي، تعرفين في سن المراهقة أصدقاء المدرسة يختارون المجال الجامعي نفسه ليبقوا مع بعضهم، ولكن والدي، سألني: هل أنت مستعدة أن تدرسي سنوات وتبيتي لياليك في المستشفى وتتحملي مشاهد آلام الآخرين كل يوم؟».
فكرت ونصحني بالسفر إلى لندن لدراسة إدارة الأعمال، خصوصاً أن خالتي تعيش هناك منذ أربعين سنة، وقد وفرت لي المحيط العائلي.

- كيف تصفين سنوات دراستك وعملك في لندن؟
كما ذكرت لندن صقلت شخصيتي وكوّنتها. عندما وصلت إلى لندن كانت خالتي قد دبّرت لي عملاً بنصف دوام. ولا أخفيك أني في البداية شعرت بالغبن، فكيف لي أن أعمل وأنا كنت البنت المدللة في البيت، وكنت صغيرة السن، ولكن خالتي قالت لي: «أنت في لندن وهي مدينة الحياة فيها مكلفة، فأنت تحتاجين إلى مصروف الجيب، فضلاً عن أن العمل يساعدك كثيرًا في إتقان اللغة الإنكليزية».
وكانت محقّة خصوصًا أنني كنت أتقن فقط الفرنسية والإيطالية، ولم أكن أعرف الإنكليزية. وبالفعل عملت في عطلة الأسبوع وفي الإجازات في مجالات مختلفة، أحيانًا بائعة في بوتيك للملابس والأحذية وأحيانًا في مكتبة.
هذه الأعمال ساعدتني كثيرًا في التعامل مع الناس باختلاف أنماطهم وإتقان اللغة بشكل كبير، وكانت نقطة تحوّل في حياتي فهذا التنوّع أغنى شخصيتي كثيرًا، والعمل في سن صغيرة جعلني أتعلم كيف أدير مصروفي، وأتحمل المسؤولية وأكون مستقلة في الوقت نفسه. وبعد تخرّجي عملت consultant family offices وفي صناديق النقد.

- أنت تعيشين في دبي والتسوّق فيها مغرِ جدًا، إلى أي مدى تستعملين حسك الإقتصادي في التسوّق؟
بالفعل تعودّت أن أدير أموري بعقلية إقتصادية، وكما قلت التسوّق في دبي مغر جدًا ودائمًا ثمة عروض تثير فيك شهيّة التسوّق.
ولكن هذا لا يؤثر فيّ، فأنا عندما أشتري ملابسي لا أكترث لآخر صيحات الموضة، بل أميل إلى الملابس الكلاسيكية التي لا تنتهي موضتها مع الموسم، وأفضل أن أشتري النوعية الجيدة لأنها ستبقى معي لسنوات فلا أبخل على السعر بل على ما إذا كانت موضة صحيحة.
ولكي أكسر روتين إرتدائي للقطعة أشتري بين حين وآخر قميصا أو مشلحاً أو أكسسواراً يعطيها مظهرًا جديدًا. فأنا لا أتسوّق لمجرد التسوّق أو لأن القطعة رخيصة، فقطعة الملابس التي لا أستعملها أشعر بأنها باهظة وإن كانت رخيصة جدًا.

- ماذا عن علاقتك بالرياضة؟
بصراحة ليس لدي الوقت لأذهب إلى نادٍ رياضي، لذا لدي مدرّبة خاصة تأتي إلى منزلي ونقوم بتمارين البيلاتيس Pilates، فهي رياضة مريحة جدًا ونوع من اليوغا وتخلّصني من كل توتر العمل وتساعدني في الاسترخاء.

- كيف تهتمين ببشرتك خصوصًا أن عملك يتطلب وجودك في الاستوديو حيث الأنوار قد تؤذي البشرة، كما يتطلب منك وضع ماكياج لفترة طويلة؟
لا أحبذ الماكياج الصارخ. وفي عملي أحاول قدر المستطاع أن أضع ماكياجًا خفيفًا جدًا، فأنا بطبعي لا أحب الماكياج. وعمومًا نلاحظ اليوم أن معظم مقدّمات البرامج يعتمدن الماكياج الطبيعي الخفيف الذي يحافظ على طلّة هادئة تقرب المذيعة من المشاهد. والحمد لله لا أواجه مشكلة مع بشرتي فأنا أهتم دائمًا بتنظيفها والعناية بها بشكل يومي.

- هل لديك هواية المطالعة؟
أحاول اليوم أن أحسن أسلوبي في الكتابة لأنني أرغب في أن يكون لي عمود في جريدة، وهذا طبعًا يتطلب مني القراءة كي أغني مفرداتي وأحدد أسلوبي في الكتابة. فعندما كنت تلميذة في المدرسة كانت معلّمتي تثني على أسلوبي في الإنشاء والتعبير الكتابي وتحفزني على الكتابة.
اليوم أحاول إعادة تطوير هذه الملكة لدي لأنني فعلاً أرغب في أن يكون لي عمود صحافي. وعمومًا الكتابة في كثير من الأحيان تساعدني في التخلص من توتري، فأنا كما قلت لك قليلة الكلام وإذا أغضبني أحدهم أكتب ما شعرت به على الورقة ثم أمزّقها، وهكذا اشعر بالراحة.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079