تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

سعود الدوسري: لا أميل إلى البرامج الفنية لأنّ بعضها صار تجارة!

هو من أبرز الإعلاميين السعوديين الذين حققوا شهرة كبيرة في مختلف أرجاء العالم العربي. بإطلالته المميزة عبر شاشة «ام بي سي»، استطاع دخول قلوب المشاهدين ببرامج جادة وهادفة تسلّط الضوء على الكثير من القضايا المهمة التي تعاني منها مجمتعاتنا العربية، وخصوصاً في برنامجه الجديد «خبايا».
«لها» التقته في بيروت في حوار شمل مواضيع كثيرة، منها اتجاهه إلى هذا النوع من البرامج وابتعاده عن البرامج الفنية، علاقاته مع الوسطين الإعلامي والفني، رؤيته حول بعض البرامج المعروضة حالياً وغيرها من التفاصيل.


- تقدّم اليوم برنامج "خبايا" على شاشة "ام.بي.سي"، لكنك غبت لأكثر من عام ونصف العام تقريباً منذ عرض برنامجك السابق. لماذا؟
بالفعل ابتعدت لسنة ونصف عن الشاشة تقريباً، لأني فضّلت التريّث قدر الإمكان في اختيار البرنامج المناسب وألاّ أدخل في الزحمة الحاصلة تلفزيونياً، إلى أن وجدت فكرة برنامج "خبايا" التي أغرتني، خصوصاً لناحية التعرّف على عالم آخر غير العالم الذي اعتدت عليه في عملي، من ضيوف معروفين وشخصيّات اجتماعية وقضايا حسّاسة يهمني التطرّق إليها في عمقها وتفاصيلها.

- تصرّح دائماً أنك تفضّل الظهور بشكل مدروس، على أن تظهر بشكل متكرّر خشية أن يسبب ذلك مللاً لدى الجمهور!
صحيح، لست من أنصار الظهور المتكرّر أوالعشوائي. هناك زملاء مجتهدون يظهرون بشكل دائم على الشاشة، أمّا أنا فيصب اجتهادي في مكان آخر. كما أنه يراودني وسواس أثناء اختيار فكرة البرامج، فأخشى تكرار تجارب الآخرين أو تكرار تجاربي، لذا أترّيث أكثر من غيري.

- نوعية الضيوف الذين استضفتهم في برنامجك "خبايا" لم تكن محصورة بفئة معيّنة، بل هي شاملة، ماذا تخبرنا عنهم وعن البرنامج؟
صحيح، هم الناس العاديون غيرالمعروفين، وهم أصحاب الشأن في الكثير من القضايا التي نتكلّم عنها. فقد عالجنا مواضيع مهمة جداً من قضية أطفال الشوارع إلى تجارة الأعضاء أو جرائم الشرف أو نساء "القاعدة".
في الحلقات التي تمّ عرضها نتكلّم عن أصحاب الشأن مباشرةً، واخترنا الابتعاد عن المحلّلين والمختصّين الذين يمكن أن يطرحوا وجهات نظر قد تكون صحيحة لكنها تبقى في إطار الأبحاث والدراسات، وفضّلنا أن نترك الناس العاديين يتحدثون عن تجاربهم الخاصة، ما يعطي صفة مميزة ومؤثرة ومباشرة.
يعني مع احترامي الكبير للمختصّين، الأمر يختلف بين شخص يتحدث عن تجربة خاصة وآخر ينظر إلى الحالة من بعيد. كل حلقة تختلف عن الأخرى بطريقة طرحها وموضوعها وبُعدها.

- هل من استضافة لأشخاص مشهورين للتكلّم عن مواضيع معينة؟
سبق أن طرحنا موضوع "صناعة النجوم" وكيف يتّم القضاء على بعض الأسماء أحياناً بالمؤامرات والكيّديّات، وهو أمر قد لا يعرفه الناس عن صناعة النجم، بدءاً من علاقته بشبكات التواصل الاجتماعي، ادارة أعماله وغيرها من التفاصيل.

- لديك علاقات كثيرة في الوسط الفني من فنانين إلى قيّمين على شركات إنتاج، هل اكتشفت بعد الحلقة أمراً كان بعيداً عن مخيّلتك خصوصاً في ما يخصّ المؤامرات وحملات التشويه كما قلت؟
لم اكتشف شيئاً جديداً، لأننا موجودون في هذا الوسط ونسمع الكثير عن مثل هذه المؤامرات، بل أردنا إيصال هذه المعلومات للمشاهد أكانت سلبيّة أو إيجابيّة. تطرّقنا في الحلقة إلى بعض النماذج من خلال حوارات مع عدد من الشخصيات الفنية، ومنها على سبيل المثال إيلي ديب الزوج السابق للفنانة نوال الزغبي، وقد تحدّث عن عن المشاركة في صناعة اسم "نوال الزغبي" كنجمة وعن صناعة "نايا"، وتساءل في الحلقة "أين هي نوال الزغبي؟!".
كثر يعتقدون أن الفنان بحاجة إلى مؤسسة أكثر من إمكانات ذاتيّة، مؤسسة تدير موهبته وقدراته، هذا بالنسبة إلى رأي إيلي. وتكلّمنا مع الفنانة دينا والأفلام التي نشرت لها واعتبرت فضائح، فتكلّمت دينا عن تجربتها في التعامل مع تلك المرحلة التي مرّت بها.
هذا في ما يتعلّق بالقضاء على النجوم سواءً بالشائعات أو بنشر ما قد يسيء إلى الفنان.

- أتطرح أنت أيضاً تساؤل "أين هي نوال الزغبي"؟
مرّت المنطقة بظروف صعبة أثّرت على مسيرة الفنانين وعلى وجودهم في الساحة وليس فقط نوال.

- يبدو أنك شخص مسالم ومتحفّظ في إجاباتك ؟
لست من الناس الذين يرغبون في المواجهة، لأني اعتبرها مضيعة للوقت.

- "ام.بي.سي" أيضاً معروف عنها أنها محطة مسالمة في حلقاتها حرصاً على علاقاتها مع الجميع، هل كان هناك تحفظات معينة عن هذه الحلقة بالذات كي لا تثير زعل بعض المعنيّين؟
ممكن، ربّما هذه سياسة القناة رغم أني لست مع هذه السياسة بالمطلق. هناك الكثيرمن المحطات تجامل فناناً على حساب آخر، فتظهره في برامجها وتدعمه، كي تكسبه. فلا أعتقد أن سلطة الفنان يُفترض أن تكون أقوى من سلطة القناة.

- هل واجهت مشكلة ما في هذه الحلقة تحديداً؟
المشكلة كانت في الوقت فقط، فلم نستطع التعمّق أكثر في القضيّة وأن نقدّم مادة أكبر. لكن في ما يتعلق بسياسة "ام.بي.سي" وبرنامج "خبايا" فلم نواجه أيّ مشكلة ولا حتّى في هذه الحلقة بالذات.

- ما هي البلدان التي زرتها لتصوير حلقات برنامج "خبايا"؟
زرنا بلداناً عديدة في الخليج وأيضاً مصر والأردن ولبنان. وكان مقرراً أن يتألف البرنامج من ستّ حلقات فقط، لكننا مدّدنا حلقتين ليصبح ثماني حلقات. وأنا الآن على وشك الإنتهاء من الحلقة الأخيرة. تحضير العمل الجديد يحتاج إلى وقت لذا لم ألتزم بأي عرض لبرنامج جديد حتى أنتهي من برنامج "خبايا".

- البرنامج الجديد سيكون على قناة "ام.بي.سي" أيضاً؟
بالطبع، فأنا مرتبط بعقد مع القناة، أنا موظّف وملتزم مع "ام.بي.سي".

- بماذا يختلف برنامجك السابق عن برنامج "خبايا"؟
كان هناك جانب إنساني أيضاً، لكني كنت أحضر في الاستوديو، وكنا نعرض تقارير من خارج الاستوديو ونتعامل معها. الإختلاف هو أننا في "خبايا" نعمل كفريق كبير من معدّين ومقدّم ومخرج، جميعنا ننزل إلى أرض الواقع وندرس الفكرة ونحاول الإمساك بطرف معلومة لنصل إلى أبعد مدى في هذه القصّة أو القضية التي نتناولها.



- هل فضّلت العمل الميداني أكثر من العمل داخل الاستوديو؟
طبعاً، أحببته أكثر رغم أنه يحتاج إلى جهد ووقت، لكني أحسست به أكثر من العمل داخل الاستوديو، فهو أبسط وأصدق. الاستوديو في أحيان كثيرة يكون فيه شيء من المجاملة سواء في الطرح والضيوف. أمّا ما تراه على الأرض فتنقله الكاميرا على حقيقته، لذا أعتبر البرنامج بصمة مهمة في مسيرتي.

- ما هو الهدف من البرنامح بعد طرح هذه القضايا؟
الهدف هو عرضها وتسليط الضوء على أمر نعيشه ولا نعلم به. هي مجموعة قضايا تحصل في حياتنا اليومية ولا نراها أو لا نتنبّه إليها كثيراً.
عالجنا مثلاً قضيّة العمالة الوافدة في دول الخليج، وتكلّمنا عن واقع هؤلاء الناس من مختلف الجوانب، وهم يعيشون بيننا في شوارعنا ولا نعلم بخباياهم وأسرارهم وطريقة تفكيرهم وتعاملهم مع الأمور في حياتهم اليوميّة.

- العالم العربي يعيش ظروفاً صعبة، والبعض يعتبر أنه زمن السياسة ويجب الحدّ من البرامج الترفيهيّة، والبعض الآخر يقول أننا بحاجة الى الترفيه ويكفينا كآبة. أية وجهة نظر تؤيّد أنت؟
أنا شخصيّاً أتعامل مع القنوات الاخبارية أكثر من القنوات الترفيهية كمشاهد. ولكن الوضع الراهن أجبر صنّاع الترفيه على التخفيف من اندفاعهم ومن جهدهم، حتى المطبوعات التي تعمل على صناعة الترفيه حدّت الأوضاع القائمة من جهدها.

- ألديك ميول الى تقديم برنامج فني ؟
لا أعرف، لكن المسألة أصبحت تندرج ضمن إطار المصلحة، فأكثر الفنانين اعتادوا على تلقي الأموال مقابل الظهور كضيوف في البرامج. لكن عندما يكون البرنامج فنياً ويقدم فيه الفنان أمراً مفيداً له ولصالح مجتمعه دون مقابل، لم لا! يعني لا يجوز أن يكون الظهور مشترطاً بالمادة.

- ذكرت الإعلامية أميرة الفضل أنها صدمت من بعض الفنانين الذين طلبوا مبالغ مالية مقابل الظهور في برنامج إنساني كانت تقدّمه، فهل يجوز أن يطلب الفنان المال في هذه البرنامج؟
من لا يدير شؤونه بذكاء سيخسر الكثير، وتتبعه سمعة بأنه انسان مادي. وهذه مشكلة الوطن العربي ككل، أن الفنانين وأصحاب التجارب من شخصيات عامة واقتصاديين حتى، لديهم فقر كبير في التواصل مع الشأن العام والمجتمع.
فنرى فناني الغرب يجتهدون في التبرّع وزيارة مخيمات اللاجئين والأماكن المهملة في العالم لتسليط الضوء عليها، أما في العالم العربي فهذا نادر.

- هل تعتقد أن صورتك في أذهان الناس هي "الإعلامي الجدّي" ولهذا تستصعب تقديم برنامج فني؟
لست متحمساً لفكرة أن أكون محسوباً على الوسط الفني، مهمتي إعلاميّة وأنا اجتهدت في مجالات مختلفة وأرى نفسي فيها، وان اجتهدت أكثر في هذه المساحة يمكن أن أقدم ما هو أفضل بكثير.
هناك تكرار في البرامج الفنيّة والفنان يظهر بالصورة ذاتها في كل البرامج، وقلّة هم الذين لا يخجلون من ماضيهم (من هؤلاء محمد عبده وصباح) فيتكلّمون بفخر عن ماضيهم، بينما الغالبية الساحقة تعتبر نفسها مثالية.

- هل تابعت مسلسل "الشحرورة"؟
للأسف لم تتح لي الفرصة لمتابعته لانشغالي بالسفر والتصوير.

- حضرت أمسية تكريم الأمير بدر بن عبد المحسن في الدوحة، هل صحيح أنه كانت لك علاقة بالتنظيم؟
كانت الفكرة مشاركة بيني وبين الاستاذ محمد المرزوقي منذ حوالي ثلاث سنوات، وبما أن هناك علاقة تربطني بالأمير بدر اقترحنا عليه الفكرة وتحمّس لها، وتطورت الفكرة لتكون عملاً مسرحياً ضخماً والدوحة تبنّت المسألة غير المادية ولا التجاريّة. فهو أسلوب جديد لتقديم الفنان وحتى الاغنية بشكل مختلف تماماً عن الذي اعتدنا عليه، اذ كانت هناك فرقة ضخمة مؤلفة من عازفين كبار من مختلف دول العالم، إضافة إلى الإبهار في التصوير والإخراج.

- لماذا اختير الأمير بدر دون سواه من الأمراء الذين يكتبون الشعر؟
لأن تجربته طويلة وتاريخه حافل بالأغنيات المهمة جداً في العالم العربي وله تجارب مع عدد من كبار الفنانين، وهو محبوب جداً في الخليج. والتجربة لن تتوقف عند الأمير بدر، بل اعتقد ان الفكرة قابلة لأن تشمل شعراء وملحنين كباراً وحتى فنانين كباراً، فكل سنة سوف يكرّم اسم بارز في العالم العربي.

- عدد من الاسماء المهمة شاركت في الاحتفالية
صحيح، شارك 11 فناناً أبرزهم عبدلله الرويشد وأصالة وكاظم الساهر وماجد المهندس وآمال ماهر.

- بالعودة إلى طبيعة برامجك، كيف ترى هذا النقص في البرامج التي تهتم باظهار معاناة الناس؟
هناك نقص واضح، وللأسف هناك سوء تسويق لهذه البرامج الهادفة وبرامج المسابقات والمعلومات و"التوك شو" التي يمكن ان تكون هادفة أو له بعد إنساني.

- تقوم قناة "ام.بي.سي" بإنتاجات ضخمة لبرنامجين للهواة هما " ارابز غوت تالنت" و"اراب ايدول". هل تتابع هذا النوع من البرامج؟
للأسف لا، لكني متأكّد أن لديها جمهورا كبيرا سواءً من المشاركين أو من الجمهور، فالناس تحب هذا النوع من البرامج، لكني تابعت سابقاً برنامج "سوبر ستار" في موسمه الأول.

- هل لديك رغبة في تقديم مثل هذه البرامج؟
كلا، لأن الهامش المتاح للمقدّم محدود جدّا، ويقتصر على الربط والتعليق، برغم اكتسابه الشهرة والنجاح.

- يمكن أن تشارك في لجنة تحكيم مثلاً؟
لم أفكر في الموضوع أبداً، وحتى ان عُرضت عليّ الفكرة الآن سأرفض، فأنا انسان متردّد وآخذ وقتي في اتخاذ القرار.

- معظم أوقاتك تمضيها في بيروت، هل إن علاقاتك مع الوسط الإعلامي اللبناني أقرب إليك من الوسط السعودي؟
لي علاقات مع الوسطين وأعتقد أنها متوازية، لكن بحكم عملي وترددي المستمر إلى بيروت، قد ألتقي الزملاء في لبنان أكثر.

- من هو الصديق الأقرب من هذا الوسط؟
الأقرب إلى قلبي هو محمد المرزوقي طبعاً، وهو فنان أيضاً وفنان بأخلاقه.

- هل كشف لك معلومات جديدة عن مهرجان الدوحة المقبل؟
(يضحك) بصراحة كلا، لأنهم كانوا منشغلين كثيراً بالتحضير لأمسية تكريم الأمير بدر.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079