محمد المجالي: لن أعتزل بعد 'الحسين'...
كان أداؤه لشخصية الإمام الحسين فرصة لانطلاقته عربياً والدخول إلى عالم البطولة من أوسع أبوابها، ورغم ذلك يرى أن البطولة الحقيقية للممثل قد تأتي من خلال مشهد واحد فقط في أي عمل عن طريق اجتهاد الممثل نفسه.
وفي هذا الحوار يتحدث النجم الأردني محمد المجالي عن الجدل حول دوره في مسلسل 'الحسن والحسين'، والانتقادات التي وجهها إلى المسلسل بعض علماء الدين، كما يتحدث عن النجم رشيد عساف وما تردد عن نجاح الأخير في خطف البطولة منه في المسلسل، كما يروي لنا تفاصيل الفتاوى التي سعى للتأكد من صحتها قبل تجسيده لهذا الدور، ويبدي رأيه في الدراما المصرية والفنانين المصريين، ولم ينس أن يبرئ ابن بلده إياد نصار من خطأ ألصقه به البعض.
- هل يمكن أن نعتبر أداءك لشخصية الإمام الحسين امتداداً طبيعياً لبعض الأعمال التي تناولت قصص حياة الأنبياء والصحابة أخيراً مثل مسلسل 'يوسف عليه السلام'؟
تقديم شخصيات من أهل البيت على الشاشة لم يكن بالشيء الجديد علينا، سواءً كان ذلك محلياً أوعالمياً، وكلنا نذكر فيلم 'الرسالة' على سبيل المثال الذي تم فيه تقديم أربع شخصيات من آل البيت، مثل حمزة عم الرسول، والذي قام بدوره في النسخة الأميركية أنطوني كوين، وكذلك شخصية 'جعفر الطيار' شقيق الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، وقد كان هذا الفيلم من أقوى الأفلام التي أوضحت الرسالة الحقيقية للإسلام في الغرب.
إذن نحن هنا أمام عمل جديد يعرض لحياة بعض من تعاملوا مع الرسول، لكن الفرق أننا لم نتطرق الى شخصيات الأنبياء كما في مسلسل 'يوسف عليه السلام'.
- لكن ما تقوله لم يمنع بعض أئمة المسلمين من انتقاد تجسيد شخصيتي الحسن والحسين على الشاشة؟
أولاً، أريد أن أوضح شيئاً مهماً في هذه النقطة، وهي أن فريق العمل اهتم بشدة بالاستماع إلى الفتاوى الدينية من أهم علماء الدين في الوطن العربي أجمع، ليطمئن إلى عدم وجود ما يمنع من تجسيد شخصيتي الحسن والحسين على الشاشة، وقد وصلت هذه الفتاوى إلى ثلاث وثلاثين، منها ما أتى من الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ نصر فريد واصل.
ثانياً، يبدو أننا نربط بشكل مباشر بين الحسن والحسين والفتن والخلافات، ومن هنا يأتي الخوف من إثارة المسلسل للجدل بين المسلمين، وللأسف هذا خطأ كبير، فهما غير محسوبين على طائفة محددة، ولذلك كان اهتمامنا منذ بداية المسلسل بتقديم كل الجوانب الجيدة في شخصيتيهما، سواء من جانب العبادة، أو الأخلاق الكريمة، وحسن التصرف، لكن للأسف أصبحت الشعوب العربية مصابة بـ 'فوبيا' مع كل مرة يتطرق فيها أحد إلى آل البيت.
- مجمع البحوث بالأزهر الشريف رفض عرض المسلسل واتخذ بعض المواقف ضده.
أعتقد أن قرار مجمع البحوث يعود إلى التخوف السائد من تمويل إيران لبعض المسلسلات التاريخية، رغم أننا أكدنا لهم أن إيران ليس لها علاقة من قريب أو من بعيد بالمسلسل، باستثناء الاستعانة ببعض خبراء الماكياج.
- لكن ألا ترى أن المسلسل كان من الممكن أن يثير حساسيات؟
تدور أحداث المسلسل خلال أهم فترات الخلافة المبكرة، وعرضه في هذا التوقيت يجعلنا جميعاً نستفيد من طريقة التعامل مع الفتن في عصرنا الحالي بين الأقطار العربية، ونحن لم نشاهد الفتنة إلا من خلال كتابات المعترضين عن العمل في الصحف.
- هل صحيح أن فتوى شرعية تشترط اعتزالك العمل الفني بعد تجسيدك لشخصية الحسين؟
هذا لم يحدث، ولم أتلق أي فتاوى شرعية تفيد بذلك، لكن تجسيدي لشخصية الحسين سيجبرني على الحرص في اختيار أدواري المقبلة بدقة شديدة، فلقد حملت أمانة أثقل من كل الجبال، وتجسيدي لهذه الشخصية سيفرض عليَّ مستقبلاً اختيار الأدوار الفنية التي لا تخدش عظمة ما قدمته دون أن يحتاج الأمر إلى فتوى شرعية.
- لكن بعض الشركات التي أنتجت مسلسلات عن بعض الأنبياء والصحابة اشترطت على أبطال العمل عدم الوقوف مرة أخرى أمام الكاميرات كما حدث مع الممثل الذي جسد شخصية يوسف عليه السلام؟
لم يكن هناك مثل هذه الشروط بل التزام أدبي مني شخصياً للجميع باختيار ما سأقدمه في ما بعد، لأنه لا يجوز أن أقدم شخصية زير نساء مثلاً بعد تجسيدي لهذه الشخصية الجليلة.
- وهل كنت ستقبل تجسيد الشخصية لو اشترطت عليك الشركة عدم الوقوف أمام الكاميرا مرة أخرى؟
كنت سأدرس الموضوع بطريقة مختلفة، والحسابات كانت ستكون معقدة في هذه الحالة، لكنني قطعت وعداً أخلاقياً بعدم المشاركة في أي عمل يشوه تجسيدي للإمام الحسين.
وأنا أفكر فعلياً في عدم تقديم شخصيات تاريخية مرة أخرى، لأني أعتقد أن هذا الدور أهم دور تاريخي يمكن ممثلا أن يجسّده.
- البعض ردد أن هدف المسلسل الحقيقي هو توجيه رسالة إلى الشعوب العربية بعدم الخروج على الحاكم تحت أي ظرف منعاً لإثارة الفتن؟
كل شخص تابع المسلسل انتهى إلى وجهة نظر معينة، لكن هذه النقطة تحديداً لم تكن هدفاً، لأننا بدأنا تصوير المسلسل في العام 2009، وحينها لم يكن هناك وجود لاضطرابات سياسية أو ما شابه.
- لماذا تم تغيير اسم العمل من 'الحسن والحسين ومعاوية' إلى 'الحسن والحسين' فقط؟
كنا ننوي في البداية أن نطلق على المسلسل اسم 'الأسباط'، لكننا قررنا تغيير الاسم بعد تأكدنا أنها كلمة عبرية قد تثير الجدل، فاقترح النجم الكبير رشيد عساف على المنتج أن يكون اسم العمل 'الحسن والحسين ومعاوية' نظراً للدور المهم الذي لعبه معاوية بن أبي سفيان في تلك الأحداث، لكن بعض القنوات التي تعاقدت على عرض العمل اعترضت على التسمية من باب أنه لا يجوز ربط شخصية الحسن والحسين بشخصية معاوية، لأنهما حفيدا الرسول عليه الصلاة والسلام، لذا قرر المنتج الاكتفاء باسم 'الحسن والحسين' وتحدث إلى الفنان رشيد عساف الذي لم يعترض أبداً بل أيد هذا الرأي.
- البعض ردد أن رشيد عساف نجح في خطف البريق والنجومية منك في العمل، فما تعليقك؟
شرف كبير لي أن يقال هذا الكلام، وشرف أكبر وضع اسمي بجوار اسم رشيد عساف. وأعتقد أن العمل نجح لوجود نجم كبير بحجم رشيد عساف، ويكفي أن أقول إن عمره الفني يساوي عمري في الحياة. وأنا شخصياً لا أهتم بنجوميتي أو باسمي في أي عمل، بل أهتم بنجاح العمل في النهاية.
- ما أسباب تفوق الدراما التاريخية السورية على الدراما المصرية؟
إذا قرر منتج مصري إنتاج عمل تاريخي كبير، ورصد له الأموال المطلوبة، واهتم باللغة العربية الفصحى، ستنجح الأعمال التاريخية المصرية. والمشكلة في الأعمال التاريخية المصرية هي عدم وجود مصحح لغوي بمعنى الكلمة يمنع أي ممثل من التكلم باللهجة المصرية.
جمال سليمان كان يحتاج الى مدقق لغوي
- ما رأيك في انتقاد البعض للفنان السوري جمال سليمان لخروج بعض الكلمات منه بلكنة سورية في مسلسل 'الشوارع الخلفية'؟
جمال سليمان نجم سوري كبير، وقد أجاد اللهجة 'الصعيدية' المصرية من قبل، وما تقوله عن مشاكل اللكنة وما تمت كتابته بخصوص هذه النقطة هو ما أتحدث عنه بالضبط. ويبدو أن المدقق اللغوي لم يقم بما عليه في المسلسل ولم يوجهه إلى الصواب. لكن وبشكل عام الفنان غير معصوم من الخطأ.
- هل ترى أن إياد نصار أخطأ عندما شارك في بطولة جماعية هذا العام من خلال 'المواطن إكس' بعد انفراده بالبطولة في مسلسل 'الجماعة' العام الماضي؟
لا لم يخطئ، وأنا ضد أي فنان يشترط أن يظل البطل الأول في كل عمل يشارك فيه، فيجب أن يكون هناك تبادل للأدوار حتى يأخذ كل فنان فرصته في إظهار موهبته.
وإياد فنان ذكي جداً، ومجتهد ولا يشارك في أي عمل قبل درسه لأنه يعشق التنافس الشريف، وهذا ما شعرت به في مسلسل 'الأمين والمأمون'، وكنا دائماً ما نتناقش للوصول إلى أفضل شكل لكل منا.
- وما الذي يمنع أن يظل الفنان بطلاً ما دام مستمراً في تحقيق النجاح؟
الفنان قد يكون بطلاً في عمل بمشهد واحد، ويملك أخلاقيات العمل. وقد تتعجب عندما أقول لك إنني لم أقم بدور البطولة في مسلسل 'الأمين والمأمون'، لكن اجتهادي في العمل، هو ما دفع منتج مسلسل 'الحسن والحسين' إلى الاتفاق معي على تجسيد شخصية الحسين، والموضوع ليس له علاقة بعدد المشاهد بقدر ما له علاقة بمضمون ما يقدم.
- ما شكل الشخصية التي يمكن أن تكون بداية عملك في مصر؟
أتمنى تقديم شخصية لها علاقة بأحداث الثورة، مثل شخصية الشاب الذي صعد إلى السفارة الإسرائيلية ونزع العلم ووضع مكانه العلم المصري، وأتمنى أيضاً تقديم شخصية شاب صعيدي، أو سواحلي.
- ما الأعمال الدرامية المصرية التي تابعتها هذا العام؟
تابعت 'الريان'، وأعجبت جداً بأداء خالد صالح الذي أرى أنه من أهم الممثلين في مصر، خاصة أن فرصته جاءت متأخرة نوعاً ما. كما تابعت مسلسل 'عابد كرمان'، وأعجبني جداً مسلسل 'راجل وست ستات'.
- وماذا عن الأعمال الدرامية بشكل عام؟
'الولادة من الخاصرة' من أفضل ما قُدّم هذا العام، وكل من شارك في هذا العمل قدم أروع ما عنده. وفي رأيي أن قصي خولي اجتهد للوصول إلى هذه المرحلة، وعابد فهد تفوق على نفسه.
- لا يزال فنانو الأردن الأقل حضوراً في الساحة الفنية المصرية مقارنة بغيرهم من النجوم العرب ما تفسيرك؟
الفنانون في الأردن عموماً عددهم ليس كبيراً مقارنة، وبالتالي لم يظهر في مصر سوى فنانين أردنيين يعدون على أصابع اليد.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024