مي التي أعرفها
اخترتُ أن أكتب هذه المرّة أيضاً حكاية امرأة عرفتها. فكلّ امرأة لي، عالم قائم في حدّ ذاته. عالم بأفراحه، وأحلامه، وأوجاعه، وهمومه، ومآسيه. مي زميلة خدوم، صموت، كتوم، مُحبّة، مبتسمة بخفر. امرأة تتفيأ ظلّها، وتتنقّل لا بل تطير كريشة، خوفاً من أن تُسمع الأرض وقع خطواتها. كرّست حياتها في خدمة ابنتها المتزوّجة وعائلتها الصغيرة، بعدما تركها زوجها، ورحل... لم يَسبق لها أن تحدّثت عنه، أو ذكرته بخير أو بسوء. لم تكن تريد أن تلفت النظر الى أنها وحيدة. عاشت وحدتها ولم تتذمّر. سكتت وسكتت، حتى صارت بلا صوت. استعاضت عن الكلام بالسيجارة. والسيجارة، أطفأت ما بقي من نَفَس في رئتيها. لم تتذمّر. أخذَت نصفَ نَفَس، وأكملت مشوارها الموجع. بجسد هزيل ووجه شاحب، تحيا. بهواء قليل، وكلمات أقلّ، تحيا، والسيجارة رفيقتها. لم تتحدَّ أحداً، لم تتحدَّ المجتمع، لم تنتفض عليه. تركته يغرق في أفكاره البالية وأحكامه المُسبقة، وعاشت في زاويتها مع السيجارة رفيقتها. مي اليوم بين الحياة والموت، بعدما تعرّضت لحادث أليم. أكتبُ حكايتها في سطور، متمنّيةً شفاءها العاجل، وعودتها الرقيقة الى حياتها، وحياتنا.
نسائم
وردة قطفتها نديّة
وأسكنتها أوراقي
بين دمعة وقصيدة
يمتزج عطرها بعطر أيامي
وما دوّنته من أحلام غَضّة
لم يكحّلها النور.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024