محمد هنيدي: 'رمضان مبروك' يشبهني...
عندما أعلن النجم الكوميدي محمد هنيدي نيته تقديم شخصية «رمضان مبروك أبو العلمين» في مسلسل تلفزيوني، بعدما قدمها سينمائياً، اتهمه البعض بأنه يستغل نجاحه، ووقتها ضحك هنيدي وتساءل: ما العيب؟ وهل المطلوب مني أن أستغل الفشل؟ فالطبيعي أن يستغل الفنان نجاحه.
وعندما التقينا هنيدي أكد أنه راضٍ عن نجاح المسلسل، وكشف حقيقة ما تردد عن استبعاده لسيرين عبد النور التي شاركته بطولة الفيلم، واستعانته بنسرين الإمام، وتكلم عن الشبه بينه وبين رمضان مبروك، وموقفه من فكرة تقديم جزء ثانٍ منه، وعلاقته بأولاده، ورفضه الانضمام إلى أي حزب سياسي.
- هل تشعر بالرضا عن المستوى الذي ظهر به مسلسلك «مسيو رمضان مبروك»؟
الحمد لله، راضٍ جداً بل ولم أتوقع هذا النجاح الكبير، ولكني كنت أثق طوال الوقت بتوفيق الله، وكان يطمئنني دائماً «التعب» الذي أشعر به طوال الوقت، والمجهود الكبير الذي بذلته على مدار أشهر عدة حتى يخرج هذا المسلسل في شكل يحترم عقل الجمهور الكبير الذي يتابع الدراما التلفزيونية في رمضان، وينتظر من كل فنان أن يقدم له عملاً جيداً يستحق منه المتابعة. وفي النهاية الحمد لله فهي مرحلة جديدة من النجاح.
- ألم تشعر بقلق من تقبل الجمهور لشخصية «رمضان مبروك» في التلفزيون بعدما شاهده في السينما؟
بالفعل هذه الخطوة تطلبت مني تفكيراً طويلاً ومناقشات وجلسات عمل، لأنها بالفعل لا بد أن تكون محسوبة جيداً، ولا بد أن يقدم المسلسل هذا الرجل الذي أحبه جمهور السينما، ولكن بشكل جديد، وهنا كان مكمن الصعوبة، لأننا أردنا أن نحافظ على ملامح مبروك التي أحبها الجمهور، ولكن في الوقت نفسه نقدم مواضيع هادفة وممتعة بشكل كوميدي يحترم عقلية الجمهور وتفكيره.
ولهذا اجتهد فريق عمل كامل لكي يخرج مبروك بهذا الشكل، من حيث اختيار فريق العمل والأبطال وأماكن التصوير وكل صغيرة وكبيرة.
- هل شعرت باختلاف في العمل في الدراما التلفزيونية بعد غياب طويل عنها؟
بالطبع هناك اختلاف وتطور، ولكن أنا لا أعتبر نفسي غريباً عن التلفزيون، ولله الحمد قدمت العديد من الأعمال التلفزيونية الناجحة التي ما زال يتابعها الجمهور حتى الآن، وكنت أواجه عتاباَ ولوماً طوال الوقت بسبب غيابي عن التلفزيون.
ولهذا، رغم انشغالي بالعمل في السينما، كنت دائماً أتمنى العودة إلى التلفزيون، ولكن دائماً كان يعوقني عدم العثور على العمل الجيد الذي يشجعني على هذه العودة.
- لماذا قررت العودة إلى التلفزيون بشخصية «رمضان مبروك» تحديداً؟
كنت طوال الوقت في بحث دائم عن عمل مميز أعود به إلى جمهور التلفزيون، لأني من عشاق التلفزيون وجمهوره، وكنت دائماً أواجه مشكلة في العثور على سيناريو بالشكل الذي يجعلني مطمئناً الى العودة من خلاله.
ولكن فكرة العودة بمسلسل «رمضان مبروك» كانت الأكثر أماناً، لأن الجمهور أحب الشخصية جداً عندما قدمتها في السينما وتفاعل معها، لأنها تجمع كثيراً من الصفات والملامح المصرية التي تمتزج بروح الفُكاهة، هذا الى جانب أني أيضاً أحببته، وقلت: لمَ لا؟ فالشخصية فيها مساحة كبيرة تصلح لأن نقدمها كعمل تلفزيوني ناجح، وهذا ما حدث بالفعل والحمد لله.
- لكن البعض يخشى أن تحصر نفسك في شخصية مبروك الرجل الفلاح الفصيح؟
هذا لن يحدث، فالجمهور اعتاد مني التنوع في اختياراتي، والحمد لله أصبحت أمتلك من الخبرة ما يجعلني أتجنب الوقوع في هذا الخطأ.
- هل تتفق مع من يقولون إن أهم عامل في نجاح مسلسلك هو أنه كوميدي في وقت يبحث فيه الجمهور عن الكوميديا للهروب من الواقع السياسي الذي نعيشه؟
قد يكون هذا صحيحاً، ولكن ليس من السهل أن يقتنع الجمهور بعمل كوميدي ويصدقه ويحبه، لأن الكوميديا من أصعب الفنون، فأصبح من الصعب أن تجعل المشاهد يضحك من قلبه في ظل هذه الظروف التي نعيشها، والأمر لم يعد يقتصر على مشاكل الشعب المصري فقط، بل تجد نفسك منزعجاً وأحياناً مكتئباً، بسبب ما يحدث في العالم كله من حولك.
وبالفعل أكثر شيء أسعدني هو أن مسلسل «مسيو رمضان» استطاع أن يرسم بسمة حقيقية على وجوه المشاهدين، فهذا أهم هدف من وجهة نظري.
- هل صحيح أنك تستعد للجزء الثاني من «مسيو رمضان»؟
أفكر في هذا الأمر، خصوصاً بعدما وجدنا أن الأحداث تفتح لنا مجالاً كبيراً وملحاً لتقديم الجزء الثاني.
والمدهش أن الجمهور نفسه هو الذي اقترح الفكرة بعدما تابع الأحداث وصولاً إلى الحلقة الأخيرة التي يتسلم فيها رمضان عقداً للعمل في إحدى دول الخليج، فالجمهور أصبح متشوقاً لأن يتابع رحلة مبروك إلى هناك، مثلما تابع عمله في فرنسا وأماكن أخرى. لكن الأمر حتى الآن لم يتخط كونه مجرد فكرة.
- كيف ستقنع مؤلف العمل يوسف معاطي بكتابة جزء ثانٍ؟
يوسف معاطي متحمس حداً لتقديم جزء جديد من أحداث «رمضان مبروك»، وهو أيضاً الذي جعلني أفكر في الأمر بجدية. ولكن في النهاية الأمر كما قلت لا يزال مجرد فكرة في مرحلة المناقشة والتطوير، ولن أقبل على تنفيذها إلا بعد عقد جلسات مكثفة مع نفسي ومع المحيطين بي لاتّخاذ القرار النهائي.
- هل هذا معناه أنك قررت الوجود في دراما رمضان 2012 والأعوام المقبلة بشكل ثابت؟
بصراحة للنجاح في التلفزيون مذاق مختلف تماماً، فجمهور المنازل له طبيعة خاصة ولكنها قاسية جداً، فهو لا يعرف المجاملة، فإما أن يجعلك نجماً أو يعيدك إلى الصفر، لأنه صادق ولا يقبل سوى العمل الصادق الذي يجتهد فيه بطله بصدق حقيقي.
وهذا النجاح يضعني في موقف صعب جداً فأطمح إلى الوجود مع هذا الجمهور كل عام، ولكن في الوقت نفسه أفكر ألف مرة قبل اختيار أي عمل، حتى لا يفقد الجمهور ثقته التي منحني إياها، وحتى لا ينقلب الأمر بشكل عكسي بسبب الملل والاستهلاك.
ولهذا قررت أن أحصل على إجازة عام 2012 على أن أستعد جيداً للعودة عام 2013 إن شاء الله.
- هل بالفعل شخصية رمضان مبروك مأخوذة من الواقع وبالتحديد لأحد أقاربك؟
هي طبعاً ليست سيرة ذاتية لأحد، ولكن في الحقيقة استعنت بشخصية زوج إحدى شقيقاتي بعدما وجدت أنه قريب جداً من هذه الشخصية، من حيث خفة الظل والمثالية وأمور كثيرة.
وبالفعل كنت كثيراً ما أتذكره وأنا أجسد هذه الشخصية، ولكن كان هناك فريق عمل كبير لتخرج شخصية رمضان بهذا الشكل، فالأمر لم يقتصر على هنيدي وحده، لذلك أهدي هذا النجاح لفريق عمل كبير له كل التحية والتقدير.
- كيف أتقنت هذه الملامح الشكلية واللهجة حتى يشعر الجمهور بأنه يجلس معك في إحدى القرى المصرية؟
هذا توفيق من الله، الى جانب أني ذاكرت الشخصية بإتقان مثل كل الأدوار التي أقدمها، لكن رمضان كان يحتاج مني مجهوداً أكبر، وهذا ما حدث على مدار فترة طويلة من التحضير والضغط والسهر.
وبقدر حبي لهذا الرجل اجتهدت في أن أتعمق داخل شخصيته الثرية، هذا الى جانب استعانتي بستايلست مبدعة اسمها داليا، كانت حريصة ودقيقة جداً في كل كبيرة وصغيرة في تفاصيل الشخصية، من حيث الشكل الخارجي لهذا الرجل الذي كان له عامل كبير في إنجاح الشخصية، فهو كان مميزاً بتسريحة شعره ونظارتيه وشاربه.
أما طريقة أداء الشخصية وأسلوبها فنتيجة مذاكرة الشخصية التي رسمها السيناريست يوسف معاطي، وخبرتي الناتجة من تعاملي مع كل الناس، وخصوصاً البسطاء الذين أشعر بحبهم لأنهم يجدونني واحداً منهم.
- هل توافق على تصنيف البعض لشخصية مبروك على أنها مثالية بشكل مبالغ فيه؟
لا على العكس هو ليس مثالياً بشكل مبالغ كما يدعي البعض، بل نموذج صادق للمواطن المصري الذي يحب بلده ويتميز بضميره اليقظ، يفهم جيداً في الأصول، ولديه شهامة المصريين الحقيقيين.
- هل يشبهك هذا الرجل في شيء؟
اكتشفت وجود ملامح كثيرة مشتركة بيننا، لأن مسيو رمضان كما قلت يشبه الكثيرين من المصريين حولنا، وهذا من أهم أسرار نجاحه لأنه قريب من الناس، والكل يشعر بأنه تعامل معه ذات مرة. وبالفعل هو يشبهني في ملامح كثيرة، وهذا ما شهد به من حولي ومن يعرفونني جيداً.
- البعض توقع أن تجري تعديلات على السيناريو ليضم مشاهد من ثورة «25 يناير»، لكن هذا لم يحدث، لماذا؟
يوسف معاطي لم يدخل أي تعديلات على السيناريو، لأننا بالفعل كنا انتهينا من كتابة أحداثه قبل الثورة بفترة طويلة، ولم نجد مبرراً لأن نقحم مشاهد من الثورة أو الحديث عنها بشكل مباشر في الأحداث، خصوصاً أن رمضان مبروك يتحلى بروح الثورة والثوار، حتى عندما تم تقديمه في صورة فيلم سينمائي.
فهو يحارب الجهل والفساد، ويقضي على الأمية، ويطالب بوضعها على قائمة المطالب، ويحرض على التغيير في حياتنا في كل شيء، وهذا ما يدعو إليه الثوار.
- لماذا استبعدت الفنانة اللبنانية سيرين عبد النور من بطولة المسلسل؟
سيرين عبد النور كانت مفاجأة كبيرة في فيلم «رمضان مبروك أبو العلمين»، وكانت إضافة حقيقية وأحبها الجمهور جداً في أحداث الفيلم، ولم أستبعدها وإنما بالعكس كنت أتمنى أن تشارك في أحداث المسلسل ولكن للأسف وقت التصوير وظروفه لم تتناسب مع ظروفها الشخصية، فكانت لديها مسؤوليات واهتمامات كثيرة تجعل من الصعب عليها أن تشارك في المسلسل.
- وهل ترى أن نسرين الإمام استطاعت أن تحقق نجاحاً في المسلسل يضاهي نجاح سيرين في الفيلم؟
نسرين الإمام ممثلة مميزة جداً، ولديها ملامح وموهبة جعلت الجمهور يحبها ويصدقها، وفي الحقيقة قدمت دورها على أكمل وجه، وأثبتت التزاماً كبيراً وقدرة على تحمل المسؤولية.
- ما هي أصعب المشاهد التي واجهتك أثناء التصوير؟
لم تكن هناك مشاهد صعبة في أدائها، لكن الظروف المحيطة بالتصوير هي التي كانت أكثر صعوبة. وللأسف عانيت من درجات الحرارة المرتفعة أثناء تصوير كثير من المشاهد داخل مصر، ومن بينها المشاهد التي كانت تستغرق وقتاً طويلاً وخصوصاً في المدرسة.
وأثناء التصوير في فرنسا كانت درجات الحرارة منخفضة جداً. ولكن في النهاية كل الصعاب كانت ممتعة لأننا عملنا بحب وإخلاص.
- تتحدث كثيراً عن الفنان إسماعيل ياسين، فهل وضعته مثلاً أعلى أمامك في بداية مشوارك الفني؟
إسماعيل ياسين من أهم نجوم الكوميديا في العالم العربي بل العالم كله، وهو نموذج نادر جداً، ولكن من الصعب أن نقارنه بأحد أو تصف أحداً بأنه امتداد له، ولهذا لن أوافق على أن يصفني أحد بأني امتداد له، فهو فنان غير عادي استطاع أن يجعل كل الأجيال تتعلق بأفلامه وتتفق على قدرته على الإضحاك دون ابتذال أو إزعاج، وأحبه كثيراً وأعتبر نفسي من جمهوره.
ولكن منذ بدايتي الفنية كان همي الأكبر هو التأثير في الناس بعمل محترم يمتعهم قبل أن يضحكهم، إلى جانب أني أريد دائماً أن يأخذ الكوميديان حقه في مجتمعنا.
الأطباء النفسيون يصفون الضحك لمرضاهم
- وهل في رأيك أن الكوميديان لم يحصل على المكانة التي يستحقها حتى الآن؟
هذا حقيقي رغم أن الكوميديا مثل الماء والهواء، فالضحك أصبح أغلى عملة في حياتنا، كما أنه علاج نادر لأغلب أمراض العصر التي عجز الأطباء عن التوصل إلى علاجات لها، بمن فيهم الطبيب النفسي الذي يصف لمرضاه الضحك.
فمن الغريب أن تجد البعض يقلل من الكوميديا ومن يقدمونها. وبالفعل هناك بعض الأعمال الأقل من المستوى المطلوب، ولكن هذا لا يعني أن كل الأعمال الكوميدية ليست درجة أولى.
وأتمنى في الفترة المقبلة أن تتطور الأعمال، وكذلك أن نجد نقاداً على المستوى المطلوب، قادرين على تحليل العمل بشكل جيد ومفيد، وأطالبهم بالتحلي بالموضوعية والتخلي عن الهجوم لمجرد الهجوم بدافع المجاملات والمصالح.
- وهل تفكر في تقديم نسخة أخرى من رمضان مبروك في السينما؟
لم نفكر في هذا الموضوع، فالفيلم من الصعب تقديم جزء ثانٍ له، خاصة أن الشخصية تم استغلالها في الدراما التلفزيونية.
وهناك أفكار أخرى كثيرة يمكن أن تقدمها في السينما، ومن بينها فكرة مبتكرة سوف تكون مفاجأة، وهو فيلم بعنوان «تيتة رهيبة»، وتشاركني بطولته الفنانة القديرة سميحة أيوب، وسوف نبدأ تصويره خلال الشهر المقبل.
- لماذا تكرر كثيراً تجربة التعاون مع السيناريست يوسف معاطي؟
معاطي صديق قريب جداً مني، وذلك على المستوى الشخصي والإنساني. أما على المستوى الفني فهو سيناريست مبدع استطاع أن يقدم أفلاماً تعتبر علامة حقيقية في تاريخ السينما المصرية.
- تمضي فترات طويلة في التصوير، ألا يضايق هذا أبناءك؟
أبنائي أهم شيء في حياتي، واستمد منهم قوتي وقدرتي على الإبداع والاستمرار. والعمل لا يبعدني عنهم أبداً وإذا شعرت بذلك فإني أعوضهم فوراً بإجازة خاصة معهم.
- وكيف تستطيع التوفيق بين ساعات التصوير الصعبة وعلاقتك بأبنائك؟
الحمد لله ربنا رزقني زوجة صالحة وأماً مدبرة بكل معنى الكلمة، فهي تساعدني في تربية أولادنا، وهي الأساس في كل شيء لأنها المسؤولة عن كل متطلباتهم ورعايتهم، كما أنها تساعد في كل شيء وهي صاحبة فضل كبير في كل شيء حدث لي في حياتي.
والحمد لله لديَّ أسرة جميلة أعتز بها جداً، وهي من أهم أسرار سعادتي في الحياة. هذا الى جانب أن وجود أولادي يدفعني دائماً لكي أدقق في اختياراتي حتى يظل اسم والدهم مصدر فخر لهم.
- هل تفكر في الانضمام الى الحياة السياسية على غرار الفنانين الذين انضموا إلى أحزاب سياسية أخيراً؟
عندي رأي سياسي وأحب أن أكون مواطناً له دور فعال في أوضاع بلاده ومستقبلها، وهذا ما أقوم به وأحاول تجسيده في كل أعمالي، لأني أخذت عهداً على نفسي بتقديم أعمال كوميدية هادفة.
لكن فكرة الانضمام إلى حزب سياسي ليست واردة لأني مؤمن بأن الفنان لا بد أن يكون مستقلاً عن كل من حوله ولا يكون محسوباً على حزب أو فصيل سياسي، لأنه لكل الناس. لذلك أترك العمل السياسي للسياسيين، ولكن أدعم وجود الشباب في الحياة السياسية، لأنهم يحملون على عاتقهم مسؤولية بناء الوطن وتطويره.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024