الفائزة بجائزة "لوريال-يونسكو للمرأة في العلوم" الدكتورة هند القادري: رغم التحدّيات... المرأة الخليجية عالِمة وحاصلة على براءات اختراع!
الدكتورة هند القادري، تخرّجت في كلية طب الأسنان في جامعة الإسكندرية، ثم عملت طبيبة أسنان في البرنامج الوطني لصحة الفم والأسنان في الكويت. ترقّت بعدها لتكون رئيسة مركز مبارك الكبير لصحة الفمّ والأسنان، وعندها بدأت مسؤولياتها ونظرتها للأمور تتغيّر، فشرعت في وضع برامج وقائية فعّالة للمجتمع تمنع حدوث أمراض الأسنان واللثة والفم. مع منصبها الإداري الجديد، أرادت القادري أن تكتسب خبرات جديدة تساعدها في تقييم مدى فعالية العلاجات المقدَّمة للمرضى، وبالتالي قررت أن تُكمل دراساتها العليا في مجال صحة المجتمع. اليوم، هي حاصلة على درجة الدكتوراه في صحة المجتمع من جامعة هارفرد، ومتخصّصة في الأبحاث والاقتصاد الصحّي في جامعة واشنطن، وتعمل حالياً باحثة في معهد دسمان للسكّري في الكويت، وتحاضر في جامعة هارفرد لطبّ الأسنان. وهي فخورة بكونها امرأة خليجية طبيبة، باحثة، وأكاديمية في الوقت نفسه. في هذا الحوار، نتعرّف أكثر إلى هذه الباحثة المميّزة التي نالت أخيراً جائزة L’Oréal-UNESCO For Women in Science.
- أخبرينا عن الاكتشاف الذي حققته وعلى أساسه استطعت أن تحصلي على الجائزة؟
لجامعة هارفرد باع طويل في مجال الدراسات والبحوث على أعلى مستوى. سمحت لي الفرصة بأن أعمل مع باحثين محترفين حيث تعلّمت منهم أهمية البحث العلمي في تطوير كل مجالات الحياة وتحسين جودتها. حرصت على أن يكون بحثي في مجال يهمّ مجتمعي في الخليج. آنذاك كان السكّري من أكثر الأمراض انتشاراً في منطقة الخليج. لذا يركز بحثي على تحديد المواد الحيوية في اللُّعاب التي تساعد على الاكتشاف المبكر لمرض السكري عند الأطفال، وبالتالي وضع هؤلاء الأطفال تحت نظام وقائي معيّن لمنع حدوث المرض. مع اكتسابي الخبرات البحثية في مجال المواد الحيوية في اللّعاب للاكتشاف المبكر للأمراض، قررت أيضاً أن أدرس المواد الحيوية والمحتوى البكتيري في اللّعاب لتحديد الاستجابة المناعية عند الأشخاص المصابين بفيروس كورونا. حالياً أعمل على بحث "كوفيد-19"، وتوصلت الى أن هناك فارقاً شاسعاً في المواد الحيوية بين لعاب الأشخاص الذين يصابون بأعراض خفيفة وأولئك الذين يصابون بأعراض شديدة، مما يعني الاستجابة المناعية للفئات المختلفة.
- ماذا تعني لك هذه الجائزة، وكيف ستحفزّك للسير قُدماً؟
هذه الجائزة مهمة لي مادياً ومعنوياً، حيث ستسهّل عملي على اختبارات مخبرية لتأكيد نتائج بحثي الجاري ولمزيد من العيّنات المخبرية، مما سيعزّز من قوة البحث. فخورة وسعيدة بأنني سأستطيع تسليط الضوء على نتائج بحثي لما له من أهمية في فهم طبيعة فيروس كورونا والاستجابة المناعية عند الفئات المختلفة، وبالتالي تقديم استراتيجيات علاجية ووقائية متقدّمة. كما أن عرض نتائج بحوثي من خلال "لوريال" سيساعدني في التواصل مع الباحثين العاملين في مجال دراسة المواد الحيوية في اللّعاب على مستوى العالم والاستفادة من خبرات بعضنا البعض.
- ما أبرز المصاعب التي تواجه المرأة في عالم الاكتشافات العلمية؟
أبرز المصاعب التي تواجه المرأة في عالم الاكتشافات العلمية هو الدعم المادي للأبحاث. كوني باحثة وامرأة من الشرق الأوسط، عانيت كثيراً حتى أحصل على دعم مادي لإجراء بحوثي واستكمالها، وأعرف الكثير من الزميلات اللواتي يعانين المشكلة نفسها. لدينا المهارات والخبرات والدرجات العلمية الكافية التي تمكّننا من إجراء دراسات مهمة على مستوى العالم، ولكن مجال البحث العلمي للمرأة لا يزال في خطواته الأولى.
نشكر "لوريال" على توفير الدعم للمرأة من طريق إبرازها إعلامياً ومساعدتها مادياً أيضاً. نتطلع للمزيد من المؤسسات التي تحذو حذو "لوريال" حتى يُفتح الطريق واسعاً أمام المرأة الخليجية في مجال البحوث والاكتشافات العلمية.
- كيف استطاعت المرأة الخليجية أن تثبت نفسها في المجال العلمي، وما هي الأثمان التي دفعتها لتحقيق ذلك؟
نفخر بأن هناك عدداً لا بأس به من النساء الخليجيات اللواتي أثبتن أنفسهن في المجال العلمي، ولكن نطمح الى المزيد منهنّ. على الرغم من التحدّيات والعوائق، استطاعت المرأة الخليجية أن تكون عالِمة، بروفسورة، ومديرة مختبر حاصلة على براءات اختراع. قد يكون ذلك على حساب الحياة الشخصية والاجتماعية، أو عدم وجود الوقت الكافي لممارسة الهوايات وغيرها من تمضية أوقات ممتعة في التسوّق أو مشاهدة التلفاز. ولكن كلّي ثقة بأن هذه المرأة الناجحة تستمع في عملها وتحقيق أهدافها، مما يجعلها لا تشعر بالندم على عدم تمضية الوقت في التسوّق ومشاهدة التلفاز، لأن النجاح والعمل الجاد الذي يوصلها الى هدفها، هما المتعة الحقيقية بالنسبة إليها.
- ما هي نصيحتك للمرأة المتخرّجة حديثاً وتودّ خوض هذا المجال اليوم؟
نصيحتي للمرأة المتخرّجة حديثاً والتي تودّ خوض مجال البحث العلمي، أن تستعين بخبرات الذين سبقوها في هذا المجال، فهذا سيساعدها على تفادي بعض الأخطاء من خلال نصائح وإرشادات ممن مرّوا بالتجربة نفسها. أنصحها أيضاً بأن تعمل بجد واجتهاد لتثبت نفسها في هذا المجال. صحيح أنه مجال مليء بالمصاعب والتحدّيات، لكن بعد تحقيق بعض الإنجازات، ستكتشف أن العمل مجزٍ، وستتوالى بعدها النتائج والاكتشافات. حينئذٍ ستحصل على التقدير والدعم من جهات داعمة مختلفة تهتمّ بهذا المجال. علينا أن نوصل رسالة الى الجميع بأن المرأة الخليجية تستطيع أن تنجح بجدارة في مجال البحث العلمي وأن تحقق إنجازات عظيمة، حتى وإن كان لديها أسرة وأطفال، فذلك لن يمنعها من صعود الدرج وبلوغ هدفها في مجال البحث العلمي لتحقيق إنجازات تهمّ البشرية.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024