قصتي مع الحجاب مع عفاف شعيب...
لم تكن تفكر في الحجاب، لكن رؤيا جاءتها من شقيقها المتوفى ونصيحة قدمتها لها ياسمين الخيام كانتا وراء تفكيرها فيه، حتى جاءت لحظة الحجاب التي تمسكت بها ورفضت التراجع عنها. إنها الفنانة عفاف شعيب التي تعترف أنها فكرت في اعتزال التمثيل، لكنَّ لقاءها بالشيخ الشعراوي جعلها تتراجع عن هذا التفكير، وتتكلم عن هذا اللقاء، وكلمات شادية التي لا تنساها، وحجاب نورا الذي تم في بيتها، كما تتحدث عن حياتها بعد الحجاب، والجلسات الدينية، وموقفها من أدوارها السابقة للحجاب، واعترافات أخرى كثيرة تكشف فيها الكثير من أسرار قصتها مع الحجاب.
- كيف بدأت قصتك مع الحجاب؟
بعد أن توفي أخي جاءتني رؤيا له وهو يقول لي «الدنيا فانية ولا تجري وراءها لأنها كلها متع زائلة ولا تستحق أن نخسر الآخرة من أجلها ولا ينفع إلا طاعة الله». وبعدها وجدت صديقتي ياسمين الخيام تضع الحجاب وتنصحني أيضاً بفعل ذلك، ووقتها كان معروضاً عليَّ أعمال فنية كثيرة جداً من أفلام سينمائية ومسلسلات، ولذلك لم أفكر أبداً في خطوة ارتداء الحجاب، ولكنني كنت أفكر وبشكل دائم في الرؤيا وكلام أخي المتوفى، وكان هذا الحديث يتردد في أذني في كل مكان أذهب إليه ولا يبتعد عني أبداً. شعرت بأن هناك شيئاً ينقصني ولابد أن أفعله، وفي يوم جمعة، وكنت جالسة في المنزل، دعوت لله أن يقودني إلى فعل الخير لنفسي، وبحركة لا إرادية وجدت نفسي أذهب إلى دولاب الملابس وأخرج منه طرحة كنت أحضرتها من مكة وأرتديها، وهي كانت الطرحة الوحيدة المتبقية عندي من أصل 12 طرحة أحضرتها ووزعتها هدايا بعد عودتي من العمرة.
- هل كنت تفكرين في تلك الخطوة قبلها؟
بصراحة شديدة، لم أكن أفكر في الحجاب نهائياً، ولكنني كنت متدينة بالفطرة، فكنت أصلي وأصوم وأقوم بكل الفروض المطلوبة مني إلى الله باستثناء الحجاب. فأنا مولودة في أسرة متدينة، وأمي وأخواتي البنات كن يرتدين الحجاب. إلا أني، وبحكم مهنتي كفنانة، لم أكن أستطيع ارتداء الحجاب، خصوصاً في ذلك التوقيت، لأن شهرتي كانت ترتفع، وكان لديَّ عروض سينمائية وتلفزيونية عديدة. ولكن عندما جاءت لحظة حجابي قررت استغلالها وعدم التفريط بها، لأن تلك اللحظة تأتي مرة واحدة ويجب الحفاظ عليها على حساب أي شيء آخر.
- هل أثر ارتداؤك للحجاب على عملك الفني؟
طبعاً، ووقتها بدأت شهرتي تقل، وأيضاً الأعمال المعروضة عليَّ أصبحت أقل بكثير، بل رفضت العديد من الأعمال الفنية لأنها لم تكن تناسب حجابي، حتى لو كانت أدواراً بالحجاب، بمعنى أنني كنت أرفض دوراً فيه مشهد زواج عرفي مثلاً، أو دوراً آخر أقوم فيه بإجراء عملية إجهاض لابنتي، فهذا لا يناسب الحجاب، لأن مثل تلك الأفعال محرمة في الدين، فكيف أكون امرأة مرتدية الحجاب وأقوم بها؟ وبدأت إعادة حساباتي، وقررت أن أقدم الأعمال الفنية ذات القيمة الفنية فقط، والتي تفيد المشاهدين وتزيد وعيهم في الحياة. والحمد لله أنني وفقت في عمل ذلك، وعدت من جديد بعد الحجاب فنانة جيدة لها اسمها وشهرتها وقيمتها عند الناس وفي الوسط الفني أيضاً.
- بعد ارتدائك الحجاب ألم تفكري في اعتزال الفن؟
في البداية فكرت في ذلك، لأنني كنت لا أريد أن يشاهدني الجمهور بالحجاب، خصوصاً بعد أن تعود عليَّ بدونه، لكنني في إحدى الجلسات الدينية مع فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي عرضت عليه هذا الأمر، فقال لي: «اعملي بحجابك هذا ولكن عليك أن تحترميه»، وكان يقصد من ذلك أن الحجاب ليس مظهراً فقط ولكن فعل أيضاً. ولذلك قررت أن أعود إلى الفن ولكن بالمحافظة على احترام حجابي، أي ان أقدم أعمالاً فنية هادفة تفيد من يشاهدها، وبعدها عدت إلى الفن وأنا سعيدة، وشاركت في مسلسل «إمام الدعاة» الذي كان يحكي قصة حياة الشيخ متولي الشعراوي.
- كيف كانت ردود فعل مَن حولك على حجابك؟
كل من حولي كان سعيداً بالخبر، فبمجرد وضعي الحجاب توجهت إلى والدتي، رحمها الله، وبالطبع فوجئت بالحجاب الموجود على رأسي، ولكنها باركت لي وأيضاً إخوتي. أخي مجدي قال لي لابد أن تفكري في هذا القرار قبل إعلانه، لأنه قرار صعب ولا يمكن الرجعة فيه مهما حدث، فقلت له إنني مقتنعة تماماً بما أفعل ولا يمكن أن أخلع الحجاب في يوم من الأيام.
- من أول الفنانين الذي أبلغته الخبر؟
شمس البارودي هي أول من اتصلت بها لإبلاغها خبر حجابي، وهي التي طلبت مني أن تكون أول من يعرف الخبر، ولكنني لم أجدها في المنزل في ذلك الوقت، فاتصلت بالفنانة ياسمين الخيام، وكانت في غاية الفرح والسعادة وباركت لي على ذلك. وبعد حجابي بثلاثة أيام وقع زلزال 12/10/1992 في مصر، فاتصلت بي الفنانة شادية لتبارك لي الحجاب وقالت: «مبروك يا عفاف حجابك زلزل الدنيا»، وكانت جملة جميلة جداً منها لم أنسها حتى وقتنا هذا.
- هل كنت تواظبين على حضور جلسات دينية؟
قبل حجابي لم أكن أحضر الجلسات الدينية، لأنني كنت مشغولة بأمور الدنيا أكثر، فقد حضرت جلستين أو ثلاثاً فقط قبل الحجاب، ولكن بعد حجابي كنت مواظبة على حضور الجلسات الدينية. ولكن قبل قيام ثورة «25 يناير» في مصر منعنا أمن الدولة من عقد تلك الجلسات فأوقفتها ولم أعد أحضرها.
- كيف كنت تزيدين علمك في الدين بعد انقطاعك عن الجلسات الدينية؟
بدأت شراء الكتب الدينية لكبار الشيوخ وعلماء الدين أمثال الشيخ متولي الشعراوي والشيخ عمر عبد الكافي، ومعظمها يتحدث عن الترغيب والترهيب وصفوة التفاسير وفقه السنة، وهناك كتاب أعجبني جداً وهو «إحياء علوم الدين» للإمام أبو حامد الغزالي. ووجدت أن الكتب عوضتني كثيراً عن الجلسات الدينية، فكل ما يقال في الجلسة مكتوب في الكتب وبشكل أوضح ومفسر، كما أن الكتاب أفضل لأنه مرجع للفرد يمكن أن تعود إليه في أي وقت.
- ومن كان يحضر معك من الفنانين الجلسات الدينية؟
هناك العديد من الفنانين الذين كانوا يحضرون معي الجلسات الدينية، مثل ياسمين الخيام وشمس البارودي، بل وهناك موقف لن أنساه أبداً، وهو أنني كنت أعقد جلسة دينية في منزلي قبل ارتدائي الحجاب، وكان الدرس الديني عن «عذاب القبر»، وحضرت الفنانة نورا وقتها الجلسة وقد دخلت على تلاوة سورة مريم، وبعد انتهاء الجلسة والتي كانت مؤثرة جداً، وجدت نورا تقول لي «أنا قررت ارتداء الحجاب»، ففوجئت بحديثها، ولكنني وجدتها جادة في ما تقول، فذهبت وأحضرت لها «طرحة». ومنذ حدوث ذلك لم تخلع نورا الحجاب حتى الآن، وأنا فخورة أنها اهتدت إلى الله في منزلي.
- من هم الدعاة الذين كنت تتابعينهم؟
هناك العديد من الشيوخ والدعاة الذين أحب أن أستمع اليهم، ومنهم الشيخ عطية صقر، والشيخ ياسين رشدي، والشيخ محمد الراوي، والشيخ عمر عبد الكافي، والشيخ محمد متولي الشعراوي، والشيخ محمد حسان، والشيخ عمر هاشم.
- ما هي البرامج الدينية التي تتابعينها باستمرار؟
لا أتابع البرامج أو القنوات الفضائية الدينية لأنني وجدت أنها تشتت من يشاهدها، كما أن أغلب مقدميها يبحثون عن الشهرة، فالدين لا يتجزأ، ولابد ممن يريد إيصال الرسالة ألا يبتغي إلا مرضاة الله، ولا يبحث عن أهداف أخرى من وراء ذلك.
- لماذا لم تفكري في تقديم برنامج ديني؟
قدمت برنامجا في قناة «اقرأ»، لكنه لم يستمر طويلا. وحتى أفكر مرة أخرى في تلك الخطوة أحتاج إلى أن أبحث عن جهة منتجة للبرنامج وراعية له. أيضاً هناك شيء آخر منعني من اتخاذ تلك الخطوة، وهو أنه عندما انتشرت القنوات الفضائية والبرامج الدينية أصبح الجميع يجري وراء المكسب، وقلة قليلة فقط هي التي تبحث عن توعية الجمهور وتثقيفه، فقررت ألا أفكر في تلك المسألة.
- هل هناك أعمال تندمين على تقديمها؟
ليس بالضبط، لكن هناك بعض الأعمال الفنية التي قدمتها إذا عرضت عليَّ في الوقت الحالي أرفضها، لأنها جميعاً أفلام كوميدية خفيفة ليس لها قيمة فنية عالية. وحتى عندما عرض عليَّ فيلم « خدعتني امرأة» بطولة حسين فهمي وكان به بعض مشاهد الإغراء رفضت القيام بالعمل على الفور دون تفكير، إلا أن المخرج سيد طنطاوي أصر على اشتراكي في العمل وتقديمي الشخصية، فقلت له: «إذا كنت تريدني في هذا الدور فلابد من حذف هذا المشهد». فاقترح تخفيف هذه المشاهد، وتم تقديمها بشكل محترم وخالٍ من التجاوزات. وأيضاً هناك فيلم آخر هو «المعتوه» بطولة محمود عبد العزيز، وقد فعلنا الامر نفسه.
- هل هناك أشخاص تعرضين عليهم أعمالك قبل أن توافقي على تقديمها؟
أخي الدكتور مجدي (صيدلي)، وأيضاً أخي الحاج محمود خريج الشريعة والقانون، هما دليلاي في تلك المسألة، فأعرض فكرة العمل عليهما.
- ما هي تفاصيل يومك في شهر رمضان؟
أبدأ يومي بصلاة الظهر ثم قراءة القرآن الكريم، وبعدها أبدأ تحضير وجبة الإفطار، ثم أقوم بالصلاة والتعبد حتى موعد الأذان، وبعد تناول الطعام أقوم بصلاة التراويح، ثم أشاهد بعض المسلسلات أو البرامج في التلفزيون، ولا أستطيع النوم قبل صلاة الفجر. وأيضاً أحرص على زيارة الأيتام والجلوس معهم.
- وهل تحرصين على الصلاة في المساجد؟
لا أهتم بالصلاة في المساجد، لكن لدي صومعتي الخاصة بي في منزلي، وفيها أصلي وأقرأ القرآن وأحفظه، وأحياناً يجلس معي فيها أفراد أسرتي، ونحتفل بالمناسبات الإسلامية، كذكرى ميلاد الرسول، صلى الله عليه وسلم، والهجرة النبوية الشريفة، وغيرها من المناسبات التي نحييها بالذكر وتلاوة القرآن الكريم.
- ما الذي تغير في حياتك بعد ارتداء الحجاب؟
لم تتغير أشياء كثيرة في حياتي، فمنذ دخولي المجال الفني وأنا معروفة بالالتزام والسلوكيات الجيدة، فأنا لا أحب السهرات أو الحفلات، ولم أفكر أن أحضرها في يوم من الأيام حتى قبل ارتدائي الحجاب، وكل ما أهتم به هو عملي واحترامي لنفسي وللأسرة التي خرجت منها. ولكن هناك بعض السلوكيات التي تعلمتها بعد الحجاب، ومنها الصبر على ما ابتلاني به الله، والدعاء له في أوقات الشدة وفي الحزن والفرح، وعدم ترك الانفعال يتملكني أو يسيطر عليَّ، بل أتذكر الله سريعاً حتى أعود الى طبيعتي، وأشياء أخرى كثيرة تعلمتها بعد تركيزي واهتمامي بديني، ولم أكن أعرفها من قبل.
- من هي الشخصية الدينية التي تتمنين تجسيدها؟
أتمنى تجسيد شخصية السيدة زينب، رضي الله عنها، ولكن الرقابة في مصر قبل ثورة «25 يناير» كان لها رأي آخر في تجسيد الشخصيات الإسلامية.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024