استعيدوا العافية وسط الطبيعة في المـالـديف
شهر رمضان المبارك على الأبواب. وخلال هذا الشهر الفضيل، يعتاد الجسم على أسلوب حياة محدّد ونظام غذائي معين. وللصيام في شهر رمضان فوائد مختلفة لحماية الجهاز الهضمي، وتعزيز صحة القلب، وتقليل معدلات الكوليسترول، وتحسين الحالة المزاجية، وإزالة السموم من الجسم، والتخلص من العادات الصحية السيئة. ومع انتهاء الشهر الفضيل، لا بدّ من العودة إلى العادات السابقة تدريجاً، إلا أن تلك العودة قد تشكّل صدمة كبيرة لجسمك. ما رأيكم في تعلّم كيفية الحفاظ على أسلوب العيش الصحي، والتركيز على تناول الغذاء السليم، والسيطرة على ضغوط الحياة وتجنّب العادات غير الصحية؟
هيّا بنا ننطلق في رحلة إلى منتجع "جوالي بيينغ" في جزيرة بودوفوشي في المالديف، حيث يحظى الضيوف بتجربة عافية مميزة، وتُتاح لهم فرصة التواصل مجدداً مع أنفسهم ومع جمال الطبيعة. فالمنتجع يوفر لزوّاره الدعم الجسدي والعقلي والعاطفي للتقليل من حالات الإرهاق وزياد التوازن والإيجابية، لا سيما أنه يتم تصميم برنامج محدّد لكل ضيف لمنحه ما يحتاج إليه من حيث التغذية وإدارة الإجهاد وآليات التأقلم.
الرحلة من دبي إلى البحرين ومنها إلى العاصمة المالديفية ماليه كانت في غاية الروعة على متن طائرة إيرباص 320نيو التابعة لطيران الخليج. فهذه الطائرة الجديدة تحتوي على أحدث التقنيات، وتعتبر صديقة للبيئة لإنتاجها انبعاثات منخفضة للوقود، وقد تم تزويدها بأحدث مزايا راحة المقصورة لضمان تسيير الرحلات الممتعة والمريحة. وعمدت شركة طيران الخليج إلى زيادة عدد رحلاتها إلى العاصمة المالديفية ماليه لتصبح يومية لأن ماليه هي إحدى وجهات طيران الخليج الرائجة بفضل قيود وقوانين السفر الميسرة لدخول المالديف، الأمر الذي جعلها من وجهات المحيط الهندي المفضلة لدى المسافرين من البحرين ودول مجلس التعاون وأوروبا.
وصلنا إلى مطار ماليه الدولي، ومنه انطلقنا في رحلة قصيرة مدتها 40 دقيقة بواسطة الطائرة المائية إلى منتجع "جُوالي بيينغ" في جزيرة بودوفوشي في را آتول. يضمّ المنتجع 33 فيلا شاطئية و35 فيلا مائية، أي ما مجموعه 68 فيلا فسيحة وأنيقة. تتوزّع الفيلات على ثلاث عشرة فئة مختلفة، علماً أنّ لكلٍ منها مساعداً شخصياً أو "جادغوار"، أي "الساحر الماهر" في اللغة الديفيهية.
الديكور الداخلي للفيلات مصمّم للتماهي مع المحيط الطبيعي، كوسيلة لتعزيز تجارب العافية في المنتجع، مع الحفاظ على جمال البيئة الطبيعية وتوازنها. فأماكن الإقامة الفسيحة مستوحاة من الشواطئ، وأمواج البحر، والأصداف والنباتات الخضراء، وتمتاز بديكور مريح يشكّل امتداداً للمحيط الهندي. تشتمل كل فيلا على مسبح خاص ومجموعة من المرافق المميزة، مثل تجهيزات مخصّصة للعافية، وآلات موسيقية للتأمل واستعادة التوازن، وألعاب خاصة بالعافية وغيرها. كما توجد في المنتجع فيلا مائية فريدة مع أربع غرف نوم مجهّزة بالكامل ذات إطلالات رائعة على المحيط، وغرفة خاصة بالعافية، وغرفة للتمارين الرياضية. يُذكر أن جزيرة بودوفوشي الخاصة في را آتول محاطة ببحيرات بلّورية، وشواطئ نقية، ومياه لازوردية صافية ومناظر طبيعية خلاّبة، مما يجعلها موقعاً مثالياً لمنتجع "جُوالي بيينغ".
تواصل مع الطبيعة
فور وصولي إلى المنتجع، لاحظتُ أن المكان مثالي للانعزال واستعادة العافية وسط الطبيعة، علماً أن المنتجع هو الأول من نوعه في جزر المالديف، بحيث يقدّم برامج مخصّصة ومضمونة النتائج، ليشعر الضيوف بالتجدّد والفرح والنشاط، مع إحساس رائع بالخفّة. فالمنتجع يضمّ مجموعة من مرافق العافية الراقية والمساحات العلاجية الفريدة، مثل تجارب العلاج المائي، والحركة، والعلاج بالصوت.
منتجع "جُوالي بيينغ" لا يشبه أي منتجع عافية آخر في العالم. فهو مخصّص لإيقاظ أعمق الروابط مع الذات والآخرين والبيئة من خلال تعزيز علاقتنا بالعالم الطبيعي المحيط وأجسادنا وعقولنا. ولعلّ سحر "جُوالي بيينغ" يكمن في عدم التزامه برواية مكتوبة مسبقاً أو مسار محدّد قبلاً، لأنه يرحّب بجميع الزوّار ويشجّعهم على تمهيد الطريق لرحلتهم الخاصة لاكتشاف الذات والتجدّد، مما يتيح لهم العودة إلى ديارهم وهم يشعرون بالفرح والنشاط.
لم يُمَسّ أبداً بالغابة الطبيعية في الجزيرة، وتم تشييد "جُوالي بيينغ" باستخدام مبادئ التصميم البيولوجي، ذلك المفهوم العلمي القائم على دمج الهندسة المعمارية والتصميم مع الطبيعة، بهدف تحقيق الانسجام والقضاء على الذبذبات السلبية وتعزيز تدفّق الطاقة في الجزيرة.
ركائز العافية
يهدف منتجع "جُوالي بيينغ" إلى منح الضيوف تجربة عافية مميزة متمحورة على أربع ركائز رئيسة هي: العقل، البشرة، الميكروبات البشرية والطاقة. لذا، تولّت اختصاصية العافية "براناثي" إجراء استشارة متعمّقة لكلٍ واحد منا، تلى ذلك تقديم برنامج مخصّص يجمع بين الأساليب التقليدية والحديثة لاصطحاب الشخص في رحلة مذهلة لاكتشاف الذات والتجدّد. والبرنامج الذي حصلتُ عليه كان بمثابة المنقذ بالنسبة إليّ، لأنني استطعتُ التخلص من كل أوجاع البطن والمعدة بعد الالتزام بالتوصيات المذكورة فيه، من دون اللجوء إلى أية أدوية. بالفعل، أوصتني اختصاصية العافية "براناثي" بالابتعاد عن مجموعة من الأطعمة والمشروبات، والتركيز في المقابل على مأكولات معينة وتناولها في أوقات محدّدة. بهذه البساطة، استطعت التخلص من أوجاع رافقتني لسنوات طويلة عجز الأطباء عن مداواتها.
يُذكر أن المنتجع يضمّ فريقاً متمرّساً من الاختصاصيين في المداواة الطبيعية، والعلاج الفيزيائي، والحركة والتغذية، بحيث يتعاون كل ضيف مع مستشار العافية الشخصي لبلوغ الهدف المنشود. يمكن تصميم برامج العافية للتركيز على أمور معينة، مثل القوة والحيوية، والصفاء الذهني والرفاهية، والتوازن الهورموني، وصحة النساء، وإعادة التوازن الى الجهاز الهضمي والوزن، والنوم العميق، وغيرها. اخترتُ شخصياً برنامج إعادة التوازن للجهاز الهضمي وكانت النتائج أكثر من مبهرة.
برنامج العافية الذي يركز على العقل يهدف إلى تعزيز القناعة وراحة البال من خلال العلاج بالصوت وتمارين للعقل والجسم. أما برنامج الميكروبات البشرية فيسعى إلى فهم العلاقة بين الجسم والعقل والغذاء بصورة أفضل، واعتماد أنماط أكل مرتكزة على إيقاع الجسم اليومي. من جهته، يهدف برنامج البشرة إلى تعزيز إشراق البشرة من خلال علاجات مجدِّدة للحيوية مستمدَّة من الطقوس الخالدة والأبحاث الأكثر تطوراً في العالم. أما برنامج الطاقة فيهدف إلى إعادة التوازن إلى الجهاز العصبي وتحسين تدفق الطاقة من خلال حركات ذكية وعلاجات تصالحية.
برامج العافية
تمتدّ برامج العافية في "جُوالي بيينغ" على فترة تُراوح بين خمس ليالٍ وثلاثة أسابيع، وهي مصمَّمة لإعادة التوازن إلى الركائز الأربع من خلال دعوة الضيوف للانطلاق في رحلة مخصّصة استناداً إلى تحليل ذكي للحركة وتقييم صحي متكامل. ويقدّم المنتجع مجموعة واسعة من البرامج المصمَّمة التي تشمل:
• الاكتشاف: برنامج يأخذ الضيوف في رحلة عافية مذهلة ويقدّم لهم مجموعة مختارة من الجلسات الخاصة بالعقل والجسم، والتوجيهات الغذائية، وممارسات الرعاية الذاتية وطقوس التركيز الذهني التي تضع الأُسس للركائز الأربع في "جُوالي بيينغ".
• الطاقة: برنامج مصمَّم لتحقيق الرفاهية الجسدية والعقلية. فمن خلال التحليل الذكي للحركة، وجلسات التمارين الإبداعية، وعلاجات موازنة الطاقة، يتم تعزيز التواصل بين العقل والجسم لدى المشاركين لزيادة المقاومة وإعادة الطاقة إلى كامل الكيان، مما يتيح للشخص بلوغ إحساس جديد من التوازن.
• البشرة: يجمع هذا البرنامج بين الإرشادات الغذائية وعلاجات الجسم والوجه المصمَّمة بعناية لتعزيز الثقة في النفس وتحسين الإشراق من خلال تنشيط الميكروبات البشرية عبر جلسات طهي وتجارب مخصّصة.
• العقل: يركز هذا البرنامج على تطوير ممارسات الصفاء الذهني لتعزيز الوعي بالمشاعر والأفكار والأحاسيس الجسدية والبيئة المحيط. ويحرص الخبراء في "جُوالي بيينغ" على إرشاد الشخص في تحسين اليقظة الذهنية بهدف تعزيز العافية، والتغلب على التوتر وتحسين الأداء والإنتاجية. كما تشمل البرامج توجيهات فكرية وممارسات تصالحية، مثل جلسات العلاج الصوتي، وعلاجات موازنة الطاقة، وتمارين الحركة الواعية المصمَّمة لتعزيز الحيوية والقوة الداخلية والمقاومة لمواجهة تحديات العالم الحديث.
• إعادة التوازن إلى الوزن: هذا البرنامج يساعد الضيوف على فهم الوزن الواجب الانطلاق منه عبر استشارة غذائية متكاملة ومتعمّقة، بحيث يستطيع كل فرد أن يحدّد رحلته الشخصية التي تشمل الطبخ الواعي وجلسات الحركة المخصّصة. ويؤدي ذلك إلى اكتشاف معلومات جديدة، مثل تكوين الجسم، وشكله، ووضعيته، وتوازنه ومعدل الأيض فيه للمساعدة على فهم الجسم وتقديره بشكل أعمق، ودمج العادات الجديدة بسهولة مع نمط حياة الشخص.
مساحات تحوّلية
يضمّ "جُوالي بيينغ" مساحات علاجية متنوعة تتميز بأسلوبها المبتكَر والملهِم لتعزيز رحلة العافية الشاملة للضيوف، والمساعدة في عمليات الشفاء والتجدّد، وتوفير فرص لا متناهية للتفكير والحركة والنمو.
• "أريكا" AREKA يقدّم تجارب عافية شاملة، وعلاجات علمية مفيدة وخدمات تشخيصية، وبرامج تعليمية، وعلاجات شفاء متخصّصة وبديلة، إضافة إلى مرافق لياقة بدنية ومنصة للتأمل فوق الماء.
• "كور" Core مساحات الحركة واللياقة البدنية: يتولى اختصاصيو الحركة إرشاد الضيوف في المرافق الخاصة بالعقل والجسم، بما في ذلك غرف التشخيص، وغرف التدريب الخاصة، والاستوديو متعدّد الاستعمالات، وغرفة اللياقة البدنية ومنصّة التأمل "أوشان سالا" Ocean Sala.
• "كاشي" Kaashi قاعة العلاج المائي: هذه القاعة تعتمد مبدأ الشفاء من خلال الماء، وتستخدم القوى المطهّرة للساونا الروسية، وساونا أوفغوس، وغرفة الحرمان من الحواس.
• "سيدا" Seda قاعة العلاج الصوتي: تتم استعادة التوازن الداخلي من خلال التناغم الشافي للموسيقى والذبذبات.
• مسار اكتشاف الصوت: واحة للعلاج الصوتي في الهواء الطلق تتناغم مع الإيقاعات الطبيعية للجزيرة.
• "أكتار" AKTAR: مركز الأعشاب في "جُوالي بيينغ"، المستوحى من القوة الشافية للأعشاب. في "أكتار"، يستطيع الضيوف معالجة المشكلات المرتبطة بالعقل، والبشرة، والميكروبات البشرية والطاقة بمساعدة اختصاصي الأعشاب الخبير في تحضير علاجات طبيعية باستعمال الأعشاب والتوابل والزيوت العطرية. كما يضمّ هذا المركز مكتبة غنية وورش عمل تفاعلية، حيث يستطيع الضيوف التعرف على فوائد شايات الأعشاب وتعلّم كيفية إعداد كريمات طبيعية للجسم، وأقنعة للوجه، وزيوت للتدليك.
فنون الطهي
تركّز فنون الطهي في "جُوالي بيينغ" على مبدأ "من الأرض إلى الطاولة"، ليحصل الضيوف على مكوّنات طازجة محصودة محلياً تدعم المزارع الصغيرة والمصادر المستدامة. كما يتولى اختصاصيو التغذية في المنتجع الإشراف على الأطباق المطهوّة، بحيث يتم تقديم مجموعة منوّعة من النكهات والمطابخ مع خيارات صحية ولذيذة. وتُتاح للضيوف فرصة اختيار جلسات التغذية الشخصية، وقوائم الطعام، ودروس الطهي التفاعلية في مركز تعلم الطهي.
"فلو" Flow: مساحة تفاعلية مفتوحة لتناول الطعام تشمل ثلاثة مطابخ مميزة، هي: "بلانتاي" Plantae الذي يقدّم أطباقاً نباتية، و"سو" Su الذي يركز على أطباق الأسماك، و"بي ويل" B’Well الذي يقدّم أطباقاً استثنائية مع مجموعة مختارة من الوجبات القائمة على مبدأ "من الأرض إلى الطاولة".
"موجو" Mojo: مكان رائع في محاذاة الشاطئ ومثالي لمن يحبّون الاستمتاع بغروب الشمس المذهل في جزر المالديف. يقع "موجو" Mojo على ترّاس شمسي من ثلاث طبقات، وهو مثالي لتناول الغداء والجلوس في نهاية اليوم قرب المسبح. كما يضمّ صالة الشاي "ساي" SAI، حيث يستطيع الضيوف اكتشاف مجموعة مذهلة من المشروبات، والمشاركة في احتفالات الشاي، واكتساب المعلومات المفيدة من خبير الشاي المقيم في المنتجع.
أنشطة الاستجمام والتسلية
يوفر "جُوالي بيينغ" مغامرات مائية مثيرة ولحظات استرخاء مميزة، إضافة إلى برامج تغذية مخصّصة، وصفوف عافية وغيرها، بحيث يستمتع الضيوف بتجربتهم الفريدة في المنتجع بفضل المجموعة المنوعة من الأنشطة والفرص المتوافرة. يقدّم مركز التعلّم سلسلة من ورش العمل التعليمية والتجريبية، تتماشى مع مفهوم المنتجع القائم على أن فهم الاحتياجات أساسي لبلوغ العافية والحفاظ عليها. أما ورش عمل العافية فتلهم الضيوف وتثقّفهم وترفع من معنوياتهم، مما يسمح لهم باكتشاف مبادئ اليقظة، والتغذية، والصحة والعافية. وتسمح الرياضات المائية والبرية التي يوفرها "جُوالي بيينغ" للضيوف باستكشاف روعة الطبيعة والاستمتاع بها. يمكن مثلاً القيام برحلة على متن يخت خاص أو مركب "دوني"، والتعرف على المجتمعات المالديفية المحلية من خلال تجارب رائعة، وممارسة التمارين الرياضية في الهواء الطلق وسط الطبيعة الخلاّبة وملاعب التنس وغيرها. أما غرفة الإلهام فهي عبارة عن مكتبة غنية تتيح قضاء الوقت مع القصص أو توسيع المعرفة أثناء العزلة.
إلى اللقاء
خمسة أيام كاملة أمضيتها في منتجع "جوالي بيينغ" في المالديف، تعلمتُ فيها الكثير من الأمور المفيدة لصحتي ورفاهيتي. فقد اكتسبتُ مهارات كثيرة من شأنها أن تُحدث تغييراً إيجابياً في أسلوب عيشي وتعزّز إحساسي بالعافية والارتياح، ولذلك أوصي جميع الذين يواجهون مشكلات في الوزن، أو الطاقة، أو الحيوية، أو الصفاء العقلي والعافية، أو التوازن الهورموني، أو الجهاز الهضمي أو النوم أن يزوروا هذا المنتجع للتعرف على أنماط جديدة في أسلوب العيش الصحي. وكونوا على يقين بأن الالتزام بالإرشادات والتوصيات المكتسبة في "جوالي بيينغ" كفيل بتعزيز إحساس العافية والرفاهية بشكل ملحوظ.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024