النجم جمال سليمان: أناصر حق الناس...
يختار أدواره بعناية شديدة، ويؤمن بأن للفن رسالة، وبأن الفنان يجب أن يكون مسؤولاً عن تلك الرسالة، ولذلك فهو أحد النجوم القلائل الذين يثق الجمهور بما يقدمه. هذا العام يتقمص بإتقان شخصية الضابط شكري في مسلسل «الشوارع الخلفية» الذي يجمعه بالفنانة ليلى علوي. النجم السوري جمال سليمان، يتحدث عن أسباب حماسته لهذا العمل، ويكشف أسرار الشخصية التي لعبها، ويتكلم عن رأيه في ليلى علوى. كما يتحدث عن الثورات العربية وموقفه مما يجري في بلاده تحديداً، والهجوم غير العادل الذي تعرض له، واعترافات أخرى تحمل صفات الصدق والجرأة والصراحة في حوارنا معه.
- بدايةً نتحدث عن مسلسل «الشوارع الخلفية». ما الذي حمسك له؟
«الشوارع الخلفية» واحدة من أجمل القصص الاجتماعية المصرية التي تتكلم عن المجتمع المصري في مرحلة معينة والحكومة الموجودة آنذاك، من خلال سكان شارع عزيز الذي تحول من منطقة مهجورة الى حي سكني بسيط يضم مجموعة مختلفة من الثقافات والطوائف الاجتماعية، ومن بينهم ضابط مصري هو «شكري عبد العال»، توفي ابنه في تظاهرة سلمية نتيجة استخدام الأمن الرصاص الحي ضد المتظاهرين. ثم تتوفى زوجته حزناً على ابنها، ويأتي القدر في غير صالحه، وذلك حين طالبته القوات الإنكليزية باستخدام الرصاص الحي لقمع المتظاهرين، فيرفض ويتسبب ذلك بإحالته مبكراً على التقاعد.
- نستشف من الأحداث أنه يعيش وحيداً بلا أسرة ولا عمل؟
لديه ابنتان إحداهما طالبة، والأخرى تأخذ مكان والدتها ولا يحب أن يغضبها، ويعاملها برفق في أصعب الظروف، حتى في الوقت الذي يشعر فيه بالحب، ولا يستطيع ذلك لاعتبارات كثيرة من ضمنها ابنته.
- كيف يصبح حاله بعد ذلك؟
حين يُطلب منه قمع التظاهرات بالسلاح يرفض وينفجر غضباً، يحال على التقاعد، الأمر الذي يسبب له أزمة نفسية حقيقية. ولكن يعوضه احترام الناس ويصبح بطلاً في نظر أهل الحي، حتى أن بعض الرجال يغارون منه بسبب إعجاب النساء به، أما الشباب الأصغر سنا فيرونه مثلاً أعلى قبل أن يعود إلى الخدمة العسكرية، فيبدأ هجومهم عليه. ولكنه يبحث عن حياة كريمة لابنتيه لأن أحداً لن يتقدم لابنته وهو عاطل عن العمل.
-هل يضطر للعمل الثوري؟
سنه لا تسمح بذلك، لكن يدور صراع بينه وبين نفسه حين تُعرض عليه العودة إلى الخدمة، ويصبح حاله سؤالاً واحداً هو: هل يقبل العودة أم لا؟ يحصر مشاعر أهل المنطقة ومشاعر ابنتيه ويفاضل بين الكفتين إلى أن ترجح إحداهما.
- ما وجه الشبه بينك وبين شكري عبد العال؟
أنا تعاطفت معه بشكل كبير فعلاً، لكن ليس بالضرورة أن يشبهني، لأن الأدب يتعامل على أساس أن البشر ليسوا أرقاماً، ولكن حياة. ومن هنا لابد أن يعيش الناس داخل الإطار الدرامي، ويتفاعلوا مع الشخصيات والأحداث، ويحدث التأثير المتبادل ليكون أدباً ناجحاً.
- هل هناك تشابه بين الوضع الحالي في الوطن العربي وأحداث المسلسل؟
بالطبع القصة للكاتب العبقري عبد الرحمن الشرقاوي، والسيناريو كتبه الدكتور مدحت العدل. ونلاحظ رغم اختلاف توقيت كتابة القصة، أنها معاصرة وتناسب عصراً مختلفاً، وذلك يدل على أن الأدب الذي يتكلم عن هذه الأحداث أدب خالد لا يموت، فنجد القصة ترتبط بالواقع السياسي الحالي بشكل غير مباشر، وهذا هو السبب الذي جعل شكسبير وغيره من كبار المفكرين يعيشون بأعمالهم حتى الآن.
- هل اختيار القصة كان مقصوداً؟
اختيار الموضوع مصادفة بحتة لأننا اخترناه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ولم يكن هناك ثورات، ولكنها كانت مصادفة جيدة وتناسب الأحداث بشكل غير مباشر.
- هل أصبح الصراع الدائر في الدول العربية الشغل الشاغل لكل الأعمال الفنية؟
كلنا نحمل بداخلنا هذا الصراع، لكن لكل اتجاهه، فهناك من يبحث عن الصراع من أجل أسباب خاصة، أو للشهرة أو هو أداة تستخدمها يد أخرى، وفي رأيي أن أي مواطن لا يخاف على أولاده أو زوجته، أو حتى شجرة زرعها أمام منزله ويدافع عنها بعيداً عن الأهواء الشخصية لا يستحق صفة إنسان.
- كيف تصف الوضع العربي الحالي؟
المجتمع العربي أمضى وقتاً طويلاً يبحث عن الحرية من المستعمر الأجنبي، وبعد التخلص منه اعتقدت بعض الشعوب أنها حصلت على الحرية كاملة لكن الحقيقة أنهم في ما بعد حُكموا من خلال الأنظمة الحكومية ذات الطابع العسكري أو القبلي، والتي مارست أساليب القمع والديكتاتورية، فلم تصل هذه الشعوب إلى الدولة المدنية الحقيقية المعاصرة القائمة على الحرية. لذلك تشكّل الثورات امتداداً للحلم القديم بإقامة دولة معاصرة، وهذا الحلم لم ولن ينقطع لكنه أخذ أكثر من شكل وتيار، فالتاريخ يكرر نفسه.
- التحرر من الأنظمة هل يكفي لتنجح ثورة؟
فكرة التحرر موجودة في الضمير والعقل العربيين منذ وقت طويل، والثورات بلورت الفكرة وهي دليل على أن العودة إلى الأنظمة القديمة مستحيلة، وأن التغيير في أسلوب حكم الشعوب ضرورة.
- صورت الروايات على مر العصور الأبطال بلا خوف، فهل شخصية شكري في مسلسل «الشوارع الخلفية» أحد هؤلاء الأبطال؟
الأبطال الذين لا يعرفون الخوف هي الصورة التي رسمها الأدباء على مر العصور منذ زمن طويل، ولكن الحقيقة أنه ليس هناك شخص لا يعرف الخوف. الفرق أن هؤلاء الأبطال استطاعوا التغلب على خوفهم، لهذا نراهم عظماء. وشكري عبد العال في «الشوارع الخلفية» يريد أن يقدم لعائلته وبلده كل ما يستطيع أن يقدمه إلى أن وصل إلى نموذج مثالي غير ما هو عليه، حتى اختار العودة للخدمة العسكرية فتتغير نظرة من حوله إليه.
- وماذا عن موقفك شخصياً؟
نحن كفنانين إلى جانب الناس، وأرجح الانتقال المعقول عبر أي طريق حتى لو كان بالثورة. ولنأخذ العراق مثالاً، فبالتأكيد كل العالم العربي كان يتمنى للشعب العراقي حكماً غير حكم صدام، ورغم أن هناك من تعاطف معه إلا أنهم تعاطفوا معه لأنهم ضد أميركا، ويعرفون نيتها أن يكون لها موطئ قدم في المنطقة، خاصة أن العراق أحد أهم منابع النفط في العالم. اليوم العراق رغم تحرره من صدَّام، فإن هناك تقريباً سبع مدن فيه بلا كهرباء، كما أن السجون هناك ما زالت مكتظة، هذا يعني أن الناس طفح بهم الكيل ولن يستمر قمعهم إلى الأبد.
- ما السؤال الذي يثير قلق جمال سليمان في الوقت الحالي حول الموقف العربي؟
السؤال الذي يقلقني أنا شخصياً: ماذا بعد؟ ومن سيجني ثمار هذه الثورات؟
- بعض الأقلام اتهمتك بالصمت!
أنا اقرأ الكثير من المقالات، منها أخيراً مقال للناقد طارق الشناوي عنوانه «حنجرة قاشوش المطرب السوري الذي وجد مقتولاً على نهر العاصي وصمت جمال سليمان». الأستاذ طارق تحدث فيه وكأنه كان مقيماً في ميدان التحرير من أول يوم للثورة، ورغم أني لم أسمع من أي شخص كان هناك عن وجود طارق الشناوي بينهم، ولم أسمع عن وجوده في موقعة الجمل مثلاً، ولم يره أي من الأصدقاء الذين كانوا هناك وقتها، كتب المقال وكأنه كان من حراس المتحف المصري حين حاول البلطجية سرقته. في رأيي كان لابد أن يكون على وعي عام بأدوار الفنانين والأدباء قبل أن يهاجمهم، لأن الثورة نتيجة مجهود قامت به أجيال من الكتاب والأدباء، وكان لابد أن يتحرى الدقة في كتاباته.
- ماذا أغضبك بالتحديد؟
أغضبني أنه لم يكلف نفسه البحث عبر الإنترنت ليشاهد أحد لقاءاتي التلفزيونية التي كانت على قناة «الحرة» عام 2006، وقد بُث على حلقتين واعيد أكثر من مرة، وتكلمت فيه عن ضرورة تعديل بعض مواد الدستور في سورية، ولم تكن وقتها هناك أي ثورة أو تظاهرات أو حتى بادرة نحوها. لكن الاسترسال في تجريح الناس بهذا الشكل غير مقبول طبعاً.
- هل تحدث المقال عنك فقط؟
ليته توقف عند هذا الحد، بل قال إن المجتمعات العربية تشبه بعضها، وأن المجتمع المصري يشبه السوري، وتعجبت كيف يقع الأستاذ طارق الشناوي في هذا الخطأ الساذج! المجتمع المصري والسوري أكيد يختلفان كل الاختلاف، وكذلك سائر المجتمعات العربية، لأن لكل منها طابعاً خاصاً به لا يشبه الآخر. المجتمع الليبي على سبيل المثال تلعب فيه القبلية دوراَ مهماً جداً، وهو غير مماثل للمصري، بينما المجتمع العراقي بطوائفه المسيحية والمسلمة والأقليات والعرب، له طبيعة مختلفة، فكيف يكون شبيهاً بالمصري؟ أما المجتمع السوري فله تركيبة اجتماعية بقومياته المختلفة، التي لا تشبه على الإطلاق المجتمع المصري الذي ينقسم بين مسلم ومسيحي فقط دون أي انقسامات في الاتجاهات أو تعددية.
- هل سبق أن طالبت بحق الأكراد في الاستقلال؟
لم أطالب باستقلالهم بل قلت إني أؤيد حق الأكراد في الحرية، وأن يكون عندهم مدارس ومراكز تخصهم، ووقفت مع هذا الرأي في سورية رغم ما تعرضت له من هجوم، لكني رأيت صحة ذلك وعبرت عنه.
لن أساند أي أجندة سياسية لها أطماع في بلدي
- هل صحيح أنك لم تفصح عن رأيك صراحة في ما يحدث في سورية؟
بل فعلت في أكثر من مناسبة، لكن أنا شخصياً لن أساند أي أجندة سياسية لها أطماع في بلدي سورية، ولا أي بلد، وكيف أنضم الى ما لا أعرف احتمالاته؟ هناك اتجاهات في سورية لعمل فتنة، ولو حدث انقسام طائفي فيها لا أستطيع أن أعفي بعض المعارضين من المسؤولية.
- هل موقفك نابع من كونك فناناً أم مواطناً سورياً عربياً؟
أنا كفنان لا أنفصل عن المواطن، وأفكر كثيراً في كيفية المساهمة في أن تصل الأمور إلى بر الأمان، مع مراعاة المصلحة العامة ودون أن أبحث عن شهرة عبر الثورة مثلما فعل الكثيرون. أنا لا أريد أن تظل سورية في ما هي عليه أو كما كانت في السابق، لأن هذا إحساس ظالم جداً.
- الباحثون عن الشهرة والأغراض الشخصية كيف يوجهون الثورة وإلى أي طريق؟
ما بعد الثورة إذا تم استغلاله بشكل سيِّئ فلن تكون ثورة، بل ستتحول البلاد إلى رماد، وتكون قضيتهم البحث عن رغيف العيش لصبي صغير في أحد الكهوف أو في الصحراء، وليس الثورة على نظام فاسد.
- كيف ترى الدراما السورية في السنوات الأخيرة؟
الفن السوري متواضع الإمكانات، ورغم ذلك استطاعت الدراما االسورية أن تترك بصمة جيدة، عن طريق استخدام تقنيات مختلفة ومتميزة بشكل أكثر احترافاً.
- اختيارك للأدوار وعملك عليها هل يحتاجان إلى وقت طويل كل مرة؟
طبعاً، فعلى سبيل المثال مسلسل «صلاح الدين» تطلّب مني استعداداً كبيراً، واكتشفت في قراءاتي أن كل المؤرخين الشيعة هاجموه، فهو من قضى على الدولة الفاطمية، وخاض حروباً مع طوائف أخرى مثل العلويين، لأنه قائد موحد، ولابد أن يكون هناك بعض الحروب من أجل التوحيد. وفي رأيي حروب الردة لم تكن إلا للتوحيد، لأنه لا يتفق أن يكون هناك دولة وعشائر تريد أن تنفصل بعيداً عن الدولة. الموضوع أخذ مني قراءات عديدة، والدكتور وليد سيف كان مُطلعاً بشكل كبير ومثقفاً مستنيراً مما سهل لي المهمة.
- وماذا عن الأدوار غير التاريخية؟
للوهلة الأولى قد لا تحتاج هذه الأدوار إلى التقصي والبحث، لكن الحقيقة أن تجسيد الشخصيات العادية أصعب، فكيف أعرفها بعمق من الداخل؟ لذلك تقع على الفنان مسؤولية كبيرة. وعلى سبيل المثال كنت أسترجع في ذاكرتي كل ما قرأته حين قدمت في مسلسل «قصة حب» شخصية ناظر مدرسة شريف ومخلص، وحينها اطلعت على كل مشاكل التعليم في الوطن العربي، وكانت هناك وقتها مشكلة في التعليم في مصر، ووزير التعليم مهتماً بها بشكل كبير، فتابعت كل ما كتب عنها وكذلك كل البرامج التي اهتمت بالموضوع. وبدأت أضع رؤية لأهمية وجود نظام تعليم يحمل بين طياته ما يضمن النهوض بتلك الأجيال، مع مراعاة الأعراف الاجتماعية والدينية، ولا يمكن أن نغفل البعد الديني لأننا مجتمعات متدينة رغم كل المعاصرة.
- هل ترى أن رسالة العمل الفني لم يعد لها المكانة التي كانت لها من قبل؟
المشكلة في الأعمال الفنية ووسائل الإعلام أن الإنسان النزيه في مجتمعنا المخلص في عمله أصبح شخصية مثالية نادرة الوجود ولم يعد هو الطبيعي، ليس لأنه لم يعد موجوداً ولكن صوته لم يعد مسموعاً بسبب وسائل الإعلام التي تركز على النماذج السيئة، ولا تركز على النماذج المخلصة التي تعمل في صمت، من مدير مدرسة أو موظف أو ما إلى ذلك من نماذج، والممثل هو المسؤول عن العمل ورسالته وليس مجرد مؤدٍ يأخذ أجراً ويذهب إلى بيته.
راضٍ عن مشواري وقادر على الدفاع عن أعمالي
- هل أنت راضٍ عن خطواتك الفنية؟
حين أنظر إلى مشواري حالياً أجدني أنظر بعين الرضا، لأني حافظت على إيقاع له رسالة وله خطوات واضحة، أنا راضٍ عنها وقادر أن أدافع عنها. صحيح هناك عيوب فنية لن أستطيع الدفاع عنها، فلكل عمل هفوات، ولكن من الناحيتين الاجتماعية والفكرية أنا قادر على الدفاع عنها جيداً، وسأظل مناصراً لحق الناس في الحرية والحياة.
- متى تشعر بالاستفزاز من نقد ما؟
أقبل أي نقد يتكلم عن إضاءة أو أكسسوارات أو أي شيء في المسلسل، لكن يستفزني أن يكتب أحدهم مقالاً مطولاً عن المسلسل وكأنه لم يشاهد بل سمع عنه فقط، فقرر الكتابة عن شيء لم يره. وهذا ما حدث معي في مسلسل «أولاد الليل»، حين قالوا اللهجة البورسعيدية لجمال سليمان ليست حقيقية، في الوقت الذي اكتشفت فيه عند السفر لبورسعيد أنه لا وجود هناك للهجة البورسعيدية، بل هناك لهجة أهل الصعيد واللهجة القاهرية، وهناك البمبوطية التي يعتبرونها تهكماً عليهم، لذلك يستحسن أن تكون اللهجة القاهرية. ولنفترض أن اللهجة كان فيها عيوب، لماذا أغفلوا كل المسلسل رغم المجهود الذي بذل فيه؟
- متى تصل إلى مرحلة الرد على النقد؟
عندما كنت أصغر سنّاً كان يسهل استفزازي، ولكن حالياً أشعر بالأسف، فأنا أحب أن أقرأ لناقد يُشعرني بأنه شاهد المسلسل، ورأيه نتيجة رؤية مع الرسالة التي يحملها المسلسل أو ضدها، ولكن أشعر بالأسف لمن لا ينظر إلى العمل إلا من خلال أغراض شخصية، حتى لو كان العمل ليس لي. لا أحب هذا النوع من النقد، ومع التقدم في السن أصبحت أعرف لمن أقرأ ومتى أقف عند رأي ناقد. إلى جانب أني أعلم ما هي المشاكل التي تعرض لها العمل، وبالتالي طبيعي أن أنتظر النقد فيها. على سبيل المثال، مسلسل «أولاد الليل» كان فيه مشكلة في أول ست حلقات في الإيقاع، وكنت أرى أنه من الأفضل أن يكون 30 حلقة فقط، بينما كتب في 36 حلقة، وبالتالي أصبح الإيقاع رتيباً، مهما كانت الأحداث عظيمة والأبطال نجوماً، ولكنني أعلم هذا العيب سواء قال عنه ناقد أو لم يقل.
- ماذا عن السينما؟
لا يوجد في سورية إلا فيلم أو فيلمان كل عام، ليس بالضرورة أن أعمل فيهما، إنما في مصر النوعية التي أفضلها قليلة، رغم غزارة الإنتاج. وتعرض عليَّ أدوار لا تناسبني، ولا أجد بين طياتها ما يضيف إلي.
- هل صحيح أنك ندمت على دورك في فيلم «حليم»؟
إطلاقاً لم أندم على المشاركة في فيلم حليم لأن له خصوصية تتعلق بشخصيات مثل أحمد زكي و«عبد الحليم حافظ»، ولو كنت سألقي جملة فيه كنت سأشارك، ولن أتخاذل عن الوجود بين نجومه، فقيمة العمل لا يختلف عليها اثنان.
لم أندم على «حليم» واتفقت مع نور الشريف على اختصار مشاهدنا في «ليلة البيبي دول»
- وماذا عن فيلم «ليلة البيبي دول»؟
أتذكر أنه حصل نقاش طويل بسبب رغبتي في اختصار أحداث الفيلم، حتى أني ونور الشريف قمنا بالاختصار في المشاهد التي جمعتنا بالفعل، لأن الفيلم كان فيه تفريعات تثقل على أحداثه، لذلك ظهر الفيلم أطول من اللازم، ولو حُذفت 45 دقيقة منه لكان أفضل.
- هل حققت أحلامك بالعمل مع أسماء معينة؟
عملت مع كل من أحبهم جداً، مثل إسماعيل عبد الحافظ ومحمد صفاء عامر، فأنا أفضل العمل مع أشخاص يمثل لهم العمل الفني رسالة وهدفاً وليس صناعة فقط. فالمخرج شريف عرفة في «حليم» كان على مستوى عالٍ، وكذلك ريم حداد في مسلسل «قصة حب» كانت أكثر من رائعة، وكانت تتحمل المسؤولية على أكمل وجه، حتى أن كواليس العمل كانت رائعة وهو ما ظهر على الشاشة.
- وهل دار نقاش بينك وبين المؤلف مدحت العدل حول شخصيتك في مسلسل «الشوارع الخلفية»؟
أخذ النقاش مساحة واسعة مع الدكتور مدحت العدل، وأراه مستنيراً وأنا أنسجم معه في القضايا والكتابة، فهو كاتب مهم ولديه أفلام مهمة وهو صاحب اسم كبير، ولكنه في غاية التواضع وبعيد عن العقد التي تصيب الكتاب الكبار.
- وماذا عن النجمات اللواتي عملت معهن؟
العمل مع عبلة كامل في «أفراح إبليس» تجربة لن أنساها، فهي نموذج لموهبة خلاقة، ولديها صدق في الأداء غير عادي، لأن الممثل الصادق يظهر في إلقاء الجمل البسيطة، وعبلة مثال ساطع على ذلك، ولهذا أعتبر هذا العمل من المسلسلات الجميلة والرائعة.
- وماذا عن التعاون مع ليلى علوي؟
بالطبع أنا سعيد بالتعاون معها، فهي فنانة لها خصوصية وتنتمي إلى فئة الممثلة الواعية، وتعرف مجتمعها جداً وتجسد الشخصيات باحتراف. والحقيقة أنها لا تحتاج إلى شهادتي، فهي صاحبة تجارب جيدة ومنتقاة وأحترم ذكاءها المهني، فكم من موهبة لم تجد طريقها لأنها لم تكن تملك العقل الذي يمكن أن يدير تلك الموهبة.
- هل تتابع الأعمال الأخرى؟
قدر المستطاع أنا مشاهد ومتابع جيد، فهناك أعمال لفنانين لابد من متابعتهم، مثل خالد الصاوي وخالد صالح، وجيل السينمائيين في الدراما المصرية. فدخول شباب السينما عالم الدراما خطوة مهمة جداً.
- هل ترى أن الدراما المصرية كانت تحتاج إلى تجديد الدماء؟
نعم، فقد آن الأوان لتغير الدراما التلفزيونية المصرية جلدها من الناحية الفنية، فيجب أن يكون هناك نقلة من الشكل التقليدي، أو قفزة إلى ما هو متجدد في الدراما ليقنع المشاهد على كل المستويات، مع الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، إذ لم يعد مقبولاً إلا ما يقنع المشاهد.
- وماذا عن المسرح؟
لا أحب أن أعمل في المسرح لمجرد أن أكون فناناً قدم كل الألوان، لكني قدمت مسرحية «المتنبي» مع الرحابنة، واعتذرت من أجلها عن مسلسلات عديدة، لكنني استمتعت بهذه التجربة، فقد كانت مثل حلم جميل وهذه النوعية من المسرحيات هي التي أبحث عنها.
- ما هي المخاطرة التي ينتظرها جمال سليمان ولم يخضها بعد؟
كل عمل جديد أعتبره مخاطرة، لأني لا أعلم أين سيذهب بي، فجمهور التلفزيون متنوع ومتعدد الأذواق والثقافات، ولا نستطيع أن نجزم بما هو آتٍ. فهناك أعمال نراها جيدة ولا تنجح خلال رمضان، وأخرى تنجح في رمضان ولا يراها أحد بعده. لذلك كل عمل مغامرة لأنه لا يوجد مقاييس لنجاح الأعمال مهما كانت تافهة أو عظيمة.
- ما هو الأمل الذي تحمله بين أفكارك حالياً؟
أملي ألا تكون الثورات العربية ضد أشخاص فقط، بل ضد أشكال الفساد والكذب والأجندات وعدم احترام الآخر، فلا يجوز ألا نغير سلوكنا بعد الثورة. الطالب لا بد أن يحترم المعلّم، والابن يحترم أباه وأمه كما ينبغي، ولا يجوز أن نقوم بثورات ونفتقد حقيقة التغيير نفسه، فلنبدأ بأنفسنا.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024
مقابلات
بسنت شوقي تتحدّث عن الفن وعلاقتها بزوجها محمد فراج وأسرار رشاقتها
مقابلات
بسنت أبو باشا: أنا محظوظة وأقتدي بالكثير من النجوم
مقابلات