معلومات خاطئة عن الهند تصحّحها "نهلة" في قناتها على "يوتيوب"
رغم أنها ليست الأولى التي تنقل فيها الثقافة الهندية الى العالم العربي عبر قناتها في "يوتيوب"، تمكّنت الشابة المصرية نهلة معاطي في أصعب ظروف وباء كورونا من العمل وتصوير الـVlogs والاستمرارية، ونجحت بأن تصبح عيون المتابعين في الغُربة من خلال مقاطع عفوية تعتمد على المعلومة الصحيحة والكاملة عن المجتمع الهندي بكامل تشابهه واختلافاته عن مجتمعاتنا العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص. وفي أقل من عامين، استطاعت نهلة الإجابة على عشرات الأسئلة التي تُطرَح في الوطن العربي، وتصحيح الكثير من المعتقدات الشائعة والخاطئة عن الهنود، لناحية طبيعة المجتمع والعادات والتقاليد واختلاف الأديان واللهجات، ونقلها بقالب عفوي وبمعلومات دقيقة وصحيحة من خلال قناة NOONSWAY.
كان الدافع الأول لنهلة للعمل على "يوتيوب"، هو نقل الصورة الواقعية لا تلك التي تُظهرها وسائل الإعلام، وتصحيح الأفكار السائدة عن المجتمع الهندي والتي تبدو في غالبيتها سلبية، حيث يظنّ الكثير من الأشخاص في عالمنا العربي أن الهند دولة فقيرة، وأن نحو مليار و300 مليون نسمة يعيشون في أجواء يسودها الجهل والفقر والأمراض ويعبدون الأبقار، وهو ما لاحظته الشابة بعد سفرها للإقامة والعيش في الهند، واكتشفت أن الحقيقة مختلفة تماماً عن الصورة التي رسمها البعض، فقررت أن تخوض تجربة الـ"يوتيوب" وتوثّق الحقيقة كاملة من دون تزيين أو إضافات تجميلية للمجتمع الهندي.
ولتحقيق هذا الهدف، تحاول الشابة المصرية إبعاد حياتها الشخصية عن السوشيال ميديا، وتصرّ بذكاء على إبقاء بعض التفاصيل التي ترتبط بعائلتها ومنزلها بعيدة من ضوضاء مواقع التواصل الاجتماعي... وتقول: "أنقل أكثر من 80 في المئة من حياتي في الهند لإيصال الفكرة عبر القناة، وأحرص على أن يكون المحتوى غنياً بقصص إيجابية تمدّ المتابعين بالطاقة والحيوية، كما أني لا أصوّر أوقاتي الصعبة ومشاكلي، أو ساعات الإحباط والحزن بسبب وجودي بعيدة عن عائلتي وأصدقائي". ولفتت اليوتيوبر المصرية إلى أنها تحرص دائماً على الانتباه للمحتوى بسبب متابعيها من المراهقين، أي مَن هم دون سنّ الـ 18، وتقول: "أنتبه للمعلومات وطريقة نقل الأفكار الحقيقية عن الهند بسبب المراهقين، كي لا أنقل لهم فكرة خاطئة، وأسعى لإيصال فكرة ثابتة عن المجتمع دون ان أسوّق لفكرة الحياة الوردية في الغربة، على ما يعتقد أغلب الأشخاص".
صعوبات العمل في القناة
أما عن الصعوبات التي واجهتها مع بدء العمل في القناة، فتقول نهلة: "الانتقادات كانت من أكثر الصعوبات التي واجهتني مع بداية انضمامي بشكل رسمي الى السوشيال ميديا، وكنت أتلقّى الكثير من التعليقات الساخرة التي تصل الى حدّ الإهانة والشتيمة، ولكن مع الوقت اختفت هذه التعليقات حيث باتت القناة صلبة وتنقل معلومات مفيدة وتناقش مواضيع وقضايا مهمة في الوطن العربي عن الهند".
وتسعى نهلة إلى تطوير القناة مع الحفاظ على مستوى المحتوى المليء بالمعلومات والأفكار الجديدة والعفوية، وتقول: "بدأت العمل في وقت الحظر ومنع السفر بسبب وباء كورونا قبل نحو عامين، وما زلتُ مستمرة وأعتبر قناتي عيون الناس الذين لا يملكون القدرة على السفر، لذلك أريد أن يعيشوا هذه التجارب سواء أكان في الهند أم في مصر، ويشعروا بالسعادة وكأني أعيش معهم".
أوجه الشبه بين المجتمعَين العربي والهندي
وبحكم تجربتها، تتحدث نهلة عن أوجه الشبه بين المجتمعَين العربي والهندي، فتؤكد أنها كثيرة، إذ تقول: "الاحترام بين أفراد العائلة، وتقدير الكبير في السنّ داخل المنزل من الأمور المشتركة بين المجتمعَين، كما أن طريقة التعامل مع الأجانب أو الضيوف تبدو قريبة، حيث نرى حُسن الضيافة واحترام العادات والتقاليد في الهند هي نفسها في الدول العربية. هذا بالإضافة الى دور الأمّ المهم في كل عائلة هندية، فهي الأساس كما في مجتمعنا، إذ إنها المسؤولة عن تربية الأبناء وإدارة شؤون المنزل".
صعوبة الاختلاف بين الهنود والعرب
تؤكد نهلة أن معاناة المرأة العربية المنتقلة للعيش في الهند تكمن في البداية بالتواصل، وتضيف: "اللغة الهندية متعددة وتختلف من ولاية إلى أخرى، لذا يعتمد أغلب الهنود على اللغة الإنكليزية، وحتماً إذا كانت الشابة لا تجيد التحدث بهذه اللغة فستواجه مشكلة كبيرة. وهناك أيضاً الاختلاف في الطعام، فمعظم الأكلات الهندية بعيدة عن الأكلات العربية، وبالتالي تعاني المرأة العربية من عدم توافر الكثير من المكوّنات والمنتجات العربية، فهي لن تجدها بسهولة في السوبر ماركت، وإذا وجدتها فستكون باهظة الثمن".
وتتابع نهلة: "أما الصعوبة الثالثة فتكمن في التكيّف مع نمط عيش الهنود وطريقة تصرفهم التي تختلف عنا، فنحن في الغالب اجتماعيون ونتبادل الزيارات دائماً في ما بيننا، ونحب المشاوير والاجتماعات والسهر مع الأصدقاء، وهذا نقيض الحال في الهند، فالمجتمع هنا "بيتوتي" جداً، والناس يبقون أغلب أوقاتهم في البيوت ولا يندمجون مع الآخرين بسهولة، إضافة إلى أن العادات والديانات المتنوعة في الهند مثل الهندوسية والسيخية والبوذية وغيرها بعيدة كل البُعد عن تلك السائدة في مجتمعاتنا العربية".
نصائح لضمان اندماج الشابات العربيات في الغربة
وتُسدي نهلة بعض النصائح للسيدات العربيات لتسهيل اندماجهن في الغربة، لافتةً إلى أن "الأمر يبدأ بالعمل حتى وإن كان بمدخول بسيط أو مجرد عمل تطوعي. على الفتاة أن ترمي نفسها وسط المجتمع الجديد كي تندمج مع أفراده بسرعة، ومن الضروري أيضاً أن تتجاهل كل ما تراه مغايراً لمبادئها وتربيتها، لأن كل ما تجده غير عادي في مجتمع غريب عنها لن يتغيّر، وبالتالي فإن رفضها لمحيطها الجديد لن يُتعب أحداً سواها".
وتوضح الشابة: "مقاطع الفيديو ساعدتني على التأقلم وفهم الثقافة الهندية، حيث كان من الضروري قبل نشر أي فيديو أن أتعلّم ما أريد نقله للناس، مثل الكلمات المشتركة بين اللغتين العربية والهندية، أو أسماء البضاعة في السوق... كل ذلك ساعدني في الاندماج".
نصائح قبل الدخول إلى عالم الـ"يوتيوب"
وفي الختام، تقدّم نهلة نصائح لكل شابة ترغب في دخول عالم الـ"يوتيوب"، وهي: "إذا كنت تنوين القيام بذلك بهدف الربح، فأنا أنصحك بالتوقف عن ذلك لأنك ستتعبين كثيراً و"اليوتيوب" يتطلب الكثير من الجهد والوقت قبل أن تستفيدي منه، إذ تحتاجين لأكثر من سنة حتى تبدئي الاستفادة بمبلغ بسيط جداً لا يكفي حتى التصوير، ولكن إذا كنتِ ترغبين بخوض تجربة التصوير والفيديوهات، فيمكنك القيام بذلك كهواية إلى جانب عملك الشخصي. كما أُشدّد على الصدقية وتقديم محتوى مفيد، وغني بمعلومات جديدة وأفكار متنوعة، ومن المهم أن يكون لديكِ هدف من الفيديو، حتى وإن كان الاستمتاع أو الكوميديا والضحك، وأن تختاري المجال الذي تبرعين فيه لتقدّمي الأفضل، إلى جانب الإصرار والاستمرار في التواصل مع المتابعين".
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024