تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

المديرة الإقليمية لمعرض "آرت دبي" هالة خيّاط: المرأة العربية فنانة مبدعة ودورها في الصناعة الفنّية لا ينتهي!

هالة خيّاط

هالة خيّاط

الفنون شغفها واختصاصها وموطنها… هالة خيّاط المديرة الإقليمية لمعرض "آرت دبي"، شخصية رائدة في المشهد الفنّي والثقافي العربي، عُرفت في تطوير برنامج "كريستيز" الشرق الأوسط، وتستعدّ اليوم لتترك بصمتها النسائية الخاصّة في معرض "آرت دبي". في هذه المقابلة، نتعرّف أكثر إلى امرأة استثنائية عاشقة للفنّ لعبت دوراً كبيراً في تأسيس سوق الفنون العربية وعولمتها.


- من هي هالة خيّاط؟ كيف تعرّفين عن نفسك؟

هالة خياط هي مؤرخة فن عربي حديث ومعاصر ورائدة في المشهد الفني والثقافي في الشرق الأوسط. كرّستُ السنوات العشرين الأخيرة من حياتي لخدمة الفنون وتسليط الضوء على الإنتاج الفني الحديث والمعاصر في منطقتنا الغنية بإرثها الفنّي… لعبتُ دوراً مهماً في تأسيس سوق الفنون العربية والإيرانية والتركية وعولمتها منذ عام 2007 من الخليج العربي، وتحديداً من دبي إلى العالم.

- الفنّ مهنتك وشغفك، أخبرينا كيف تكوّن حبّك للفنّ؟

أنا سوريّة من دمشق. ووطني الأم هو وطن الفن والجمال. في صغري، كنت أمشي في حارات دمشق القديمة وأتأمّل المنمنمات والمقرنصات المعمارية دائماً. استهواني هذا العالم... الحِرفيون والنحّاسون والنجّارون والخزّافون كان لهم أثر كبير في تكوين هويتي الفنية. درستُ الاتصالات البصرية في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، وحصلت على الماجيستير من معهد "سانت مارتن" الشهير لدراسات الفنون في لندن، وخضعتُ لدورات فنّية متخصّصة في مدارس متحف اللوفر في فرنسا. الدراسة كانت مهمة في صقل معرفتي، ولكن الشغف والإحساس بالمسؤولية للحفاظ على إرث حضاري كانا دائماً الدافع المسيّر لي.

- هل تتحدّرين من عائلة عاشقة للفنّ؟

عائلتي هي عائلة متّزنة تشجّع الفنّ والعلم والثقافة والعطاء. الأهل بمحبتهم وتوجيهاتهم دائماً لهم الأثر الأهم في حياتنا. والدي، رحمه الله، عرّفني إلى الفنانين المعاصرين السوريين، وأدين له باختياري هذا الطريق الراقي.

- هل شجّعك أهلك على احتراف الفنّ أم عارضوك؟

كان نصيبي من العائلة التشجيع دائماً وأبداً.

- أخبرينا عن اختصاصك خبيرة بالفنّ العربي والإيراني والتركي؟

فنون المنطقة إلى حد ما متزامنة ومتشابهة وغنية جداً وتُدهشنا باكتشافات جديدة كل يوم. ورغم تخصّصي بتاريخ الفن ضمن دراستي للفنون الجميلة، فإن الدراسات لا تغطي كل أجزاء الفن الحديث من حيث العلم. ولكن هذا الموضوع في تطور، والآن أصبحت هناك برامج تخصّصية لذلك. 

سلّحت نفسي بالقراءات الدائمة وإجراء حوارات ثرية مع شهود على الحقبات القديمة، وأصرّ دائماً على الشغف الذي هو أساس كل اختصاص.


- عملتِ على تطوير "كريستيز" في الشرق الأوسط، ووضعتِ الكثير من الأُسس الفنّية التي باتت تُعلَّم ضمن برنامج "كريستيز". أخبرينا أكثر عن بصمتك هذه؟ 

كان دوري الأساسي كاختصاصية فنية أولى في الفن العربي والإيراني والتركي، هو تنظيم المزادات وإدارتها، بدءاً من العثور على أعمال فنية رائعة في العديد من المدن والمجموعات على المستوى الإقليمي ومع تقنيين فنيين إلى الإشراف على إنتاج المجلّدات. في منطقة تندُر فيها البيانات المكتوبة، وضعتُ معايير البحث لأفضل فنّاني الحداثة العربية، ووضعت مع عائلاتهم أسس تنظيم الموروث الفني وفقاً للقوانين الغربية. كذلك أشرفت على البحث والتوثيق وإمكانية تتبّع الأعمال أثناء كتابة المقالات أيضاً. ثم وضعت بعضاً من أفضل الأعمال التي تم بيعها منذ عام 2007 في أهم المجموعات الخاصة والعامة، وكنت محورية في إجراء تقييمات كبيرة لمعظم المؤسسات الإقليمية والمتاحف وجامعي التحف... ونذكر من المجموعات، مجموعة محمد الفارسي ومعاذ الألوسي العراقي، ومجموعة فيفيان دباس وجوني مقبل من لبنان.

- أخبرينا عن جمعية "سفير" وما قامت به في سوريا قبل الحرب وخلالها؟

كوني مدافعةً عن مجتمع الفنون في سوريا، فقد شاركتُ في تأسيس منظّمة غير حكومية اسمها SAFIR في عام 2014، بهدف مساعدة الفنانين السوريين الشباب على إيصال أعمالهم الى المجتمع الدولي وبناء قدراتهم. "سفير" حلم كبير، وهي جمعية قائمة على حب سوريا والفنانين الشباب الذين هم في أمسّ الحاجة إلى الرعاية الثقافية والفكرية.  نحن نرصد فنانين يعيشون ويعملون داخل سوريا وخارجها. ونحاول ذلك بقدرات صغيرة غير مادية، أيّ بالدعم والتعريف الى برامج إقليمية، أو بالمساعدة في التوجيه والتخطيط.

- ماذا عن تعيينك مديرةً إقليميةً لمعرض "آرت دبي"؟ 

أنا ممتنة كل الامتنان للإدارة الحكيمة لمعرض "آرت دبي" على ثقتها فيّ لأكون في هذا المنصب وهذه المسؤولية. إنها شركة نشيطة شابة توفّر العمل لعدد هائل من الشباب المبدع. واستطاعت على مدار ١٥ سنة أن تسحر العالم بواحد من أنجح المعارض الفنية في العالم. أن أكون جزءاً صغيراً من هذا الفريق الممتع الذي أتعلّم منه كل يوم، هو حقاً أمر رائع.

- امرأة في هذا المنصب، هل ستغيّر في المنحى العام لـ"آرت دبي"؟ وما هي مشاريعك لهذا المعرض؟

برنامج "آرت دبي" لهذا العام غني جداً، وهو حصيلة مجهود كبير لفريق عمل متمرّس وقادر. ولكنْ ثمة مشروع صغير ضمن البرنامج المكثّف وهو محاضرات عن الفن العربي الحديث. هو مشروع قريب إلى قلبي ومشروعي الأكبر في الحفاظ على هذا الفن الغني. وسيكون هنالك للمرة الأولى في المنطقة، حوار ثقافي على شكل جلسات مُغلقة للعاملين على أُسس الفن العربي الحديث للعمل ووضع آلية مهمة للمستقبل.


- أيّ لمسة نسائية تضيفينها الى "آرت دبي"؟

كوني واحدة من المسؤولين عن توسّع جماهيرية المعرض، أسعى الى التفاعل مع جميع النساء من كل الأعمار، من خلال تأمين زيارات الى المعرض لمجموعات نسائية مُحبّة للفنّ. أشجّع الأمهات على أن يحضرن مع بناتهن ويشاركن في ورشات العمل الخاصّة بالمعرض. وكوني مديرة المعرض فقد حرصت على مشاركة فنانات كثيرات في هذه الدورة من المعرض من خلال أعمالهنّ الفنّية المختلفة.

- وماذا ينتظرنا هذا العام من مفاجآت؟ 

هذا العام، يُسعدنا أن نقدّم النسخة الأكبر من معرض "آرت دبي"، بأكثر من 100 صالة عرض لأكثر من 40 دولة تشارك في أربعة أقسام رئيسية.

ويسرّنا بشكل خاص إطلاق الإصدار الأول من قسم "آرت دبي ديجيتال"، وهو قسم جديد في المعرض سيقدّم عروضاً تقديمية للمعارض والمنصّات من كل أنحاء العالم، والتي تتخصّص في الفن الرقمي، بما في ذلك الرموز غير القابلة للاستبدال. ويُشرف على تنسيق هذا القسم كريس فوسنر، وهو متخصّص في تقنية Web3 حيث سيبني جسراً بين مجال التشفير العالمي سريع التطور وسوق الفن الدولي.

كما أننا نشعر بالحماسة لوجود فرناندو غارسيا دوري، ومتشوّقون أيضاً لرؤية العمل المكلَّف به من أجل المعرض. إنه فنان رفيع المستوى ومشهور عالمياً، ولديه رؤية خاصة حول مدينة دبي وتاريخها وحاضرها ومستقبلها. ومن المهم أيضاً إحضار هذا النوع من المواهب إلى دبي، ومن المثير للاهتمام حقاً رؤية رد فعله وتفاعلاته مع المدينة، والأكثر إثارةً هو تطلعه للظهور في المعرض.

كما ستُقام أنشطة في كل أنحاء دبي، والتي ستُمكّن زوّارنا وجمهورنا من تجربة عالم فرناندو خارج حدود المعرض، وحتى ضمن العالم الرقمي. نحن متحمّسون أيضاً للعمل مع شركة "إيه آر إم" القابضة بشأن التوسّع الكبير لبرنامج مدارسها، والذي سيطبّق في المدارس في كل أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة وعبر الإنترنت. وهذا العام، سيصل نشاطها إلى أكثر من 80 مدرسة وأكثر من 5000 طالب.

- هل دبي مدينة فنّية بمقدار ما هي مدينة أعمال؟

دبي أثبتت وبجدارة أنها القائدة في مجال الصناعات الفنية على مستوى المنطقة ككل. 

- ماذا عن مستقبل الفنّ في دبي؟

الفن في دبي مزدهر ومتفائل وضروري لكل المنطقة. 


- أيّ دور يمكن أن تلعبه المرأة في النهضة الفنّية في عالمنا العربي؟

هو ليس دوراً واحداً بل أدوار عدّة تلعبها المرأة إذا تسلّحت بالعلم والثقافة والقوة والحرّية للإنجاز. المرأة العربية فنانة متألقة منذ أكثر من قرن من الزمن في عالمنا العربي. انظري الى أعمال بيبي زغبي وهي من أهم الفنانات اللبنانيات على الساحة العالمية، ويمكن مشاهدة أعمالها في "آرت دبي". وطبعاً هذا مثال واحد عن أهمية المرأة الفنانة. المرأة العربية كاتبة وباحثة وناقدة فنّية ومديرة معارض فنية ومديرة متاحف ووزيرة ثقافة دورها في مجال الصناعة الفنية لا ينتهي وهو في تطور مستمر. دورها لا يُستهان به ونتمنى على كل خلايا المجتمع تشجيع المرأة على لعب دورها.

- كلمة أخيرة لعشّاق الفنّ في عالمنا العربي.

العشق بدون براهين للأسف ينتهي أحياناً ويذوب… العشق يبدأ بنظرة. وتذوّق الفن حالة مهمة جداً. المهم تدريب النظر على تقدير الفن الحقيقي الراقي والهادف ذي الرسالة السامية. و"آرت دبي" مكان أساسي لممارسة التعلّم، ولكن الفنان بحاجة الى أن يعيش ويتطوّر. وهذا لا يحصل بدون دعم مادي لشراء الأعمال. 

كلمتي الأخيرة، على التلامذة والجيل الناشئ أن يتذوّقوا الفن ويدرسوه… وعلى كلّ منّا أن يخصّص مبلغاً زهيداً من المال كل عام لاقتناء عمل فني جديد… وبعد بضع سنوات سيفرح الشاري بالمجموعة والاستثمارالذي قام به.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078