مبنى "آرت ديكو" الأيقوني - مركز سكني خلاّب وسط مانهاتن
شكّل وسط مانهاتن في ما مضى بؤرة المؤسّسات المالية في نيويورك، بَيد أنّه تحوّل في ما بعد إلى وجهة ثقافية مزدهرة. فبعدما تمّ استثمار أكثر من 30 مليار دولار في العقارات والبنية التحتية خلال العقد الماضي، نجحت هذه المنطقة التاريخية في استقطاب مجموعة من الصناعات المبتكرة، ما أسفر بدوره عن ازدياد عدد سكانها بثلاثة أضعاف.
موقع استراتيجي
يشتهر وسط مدينة نيويورك بأفق بديع، ومؤسّسات تعليمية مرموقة، وأماكن عالمية الطراز للتسوّق وتناول الطعام، ووفرة من المساحات الخضراء في الهواء الطلق مع 84 فداناً من الحدائق والمساحات المفتوحة. وبعدما أُجري تغيير وجه استخدام المباني الإدارية وناطحات السحاب على طول "وول ستريت" و"برودواي" لتصبح أبراجاً سكنية، باتت المنطقة تؤوي الآن 62 ألف نسمة.
"ون وول ستريت" One Wall Street من أبرز المباني التي طاولها التغيير، وهو المبنى السابق لمصرف "إيرفينغ ترست" الكائن غرب بورصة نيويورك وبرودواي، ويخضع حالياً لأكبر عملية تحويل من مبنى إداري إلى مبنى سكني في تاريخ مدينة نيويورك. أعادت "ماكلوي بروبرتيز" تطوير هذا المبنى المؤلف من 56 طابقاً ليضمّ 566 منزلاً تتراوح بين شقق استوديو وشقق مؤلفة من أربع غرف نوم، إلى جانب مسكن بنتهاوس مذهل. تقع كل هذه الشقق في مبنى أسطوري من وحي الـ"آرت ديكو" يعود للقرن العشرين من تصميم رالف ووكر، المهندس المعماري الحائز لقب "مهندس القرن" من "نيويورك تايمز".
صُمِّم "ون وول ستريت" ليلبّي حاجات قاعدة سكانية متنامية وميسورة في وسط المدينة، حيث سيقدّم مساحة تجزئة ممتدة على 174 ألف قدم مربعة تتّسع لثمانية متاجر، من أجل إضافة مركز تسوّق جديد إلى أحد أشهر شوارع المدينة، "وول ستريت". تمّ الإعلان عن أول مستأجر في "ون وول ستريت" عام 2018، ألا وهو سوبرماركت "هول فود" التي استأجرت متجر بقالة يمتدّ على مساحة 44 ألف قدم مربّعة ويشغل الطابق السفلي من القسم التجاري في المبنى. كما أعلنت ماكلوي في مطلع العام 2019 أنّ شركة "لايف تايم" ستحتلّ 74 ألف قدم مربّعة من مساحة التجزئة لتقديم تجربة عيش قائمة على العافية.
قال هاري ماكلوي، مؤسِّس ورئيس مجلس إدارة "ماكلوي بروبرتيز": "تسعى شركة ماكلوي في تنفيذ مشروع "ون وول ستريت" إلى إضفاء روح جديدة على هذا المبنى المعماري المميّز بهدف تلبية حاجات فئة جديدة من السكان الذين ينوون الانتقال إلى وسط المدينة. سوف يصبح "ون وول ستريت" عنوان السكن الأكثر جاذبيةً في نيويورك، إذ إنّه سيساهم في دخول الحيّ حقبةً جديدة من النهضة المعمارية والثقافية".
نهضة ثقافية
هبّت رياح التغيير في السبعينيات حين راحت المؤسّسات المالية تنقل مقارّها إلى وسط مدينة مانهاتن، ومن ثم تسارعت وتيرة الانتقال بُعيد أحداث 11 أيلول (سبتمبر). وقد أمست المنطقة تحتضن الآن أكثر من 800 شركة تكنولوجيا، وإعلام، وإعلان ومعلومات على غرار "سبوتيفاي"، و"كوندي ناست ووي وورك"، ما عزّز بشكل واضح من جاذبية المنطقة بالنسبة إلى الصناعات في القطاع غير المالي. كما واصل الحيّ استقطاب علامات تجارية شهيرة عالمياً مثل "إي أس بي أن"، "نايكي" و"جي كرو" على الرغم من المنافسة الشديدة الآتية من أجزاء أخرى في المدينة، ما يشكّل دليلاً حياً على التنوّع الذي يشهده وسط المدينة.
ومنذ العام 2005، تمّ استثمار 6.4 مليار دولار في البنية التحتية للمواصلات في المنطقة، ما أفضى إلى إضافة 12 خطاً جديداً لمترو الأنفاق، و30 مساراً للحافلات، و20 مساراً للعبّارات، و28 محطة للدرّاجات الهوائية، فضلاً عن مشروع "أوكولوس" من تصميم المهندس المعماري الإسباني سانتياغو كالاترافا بقيمة 4 مليارات دولار، وهو محطة سكة حديد تحت الأرض ومركز تسوّق مغمور بالضوء. علاوةً على ذلك، ما من مؤشرات واضحة على تراجع الطلب في وسط مدينة نيويورك، بدليل إعادة افتتاح محطة القطار "دبليو تي سي كورتلاند 1" في العام 2018 بعدما أغلقت أبوابها لنحو عقدين من الزمن. وها هي الآن تفتح مجدداً إلى الجهة الغربية من أوكولوس.
تجدر الإشارة إلى أنّ المطوّرين ليسوا الوحيدين الذين يقتنصون الفرص في المنطقة. فثمّة عدد لا يُستهان به من الطهاة وأصحاب المطاعم المشهورين من أمثال ديفيد تشانغ، وجان جورج فونجريتشن، وليديا باستيانيتش ممّن اختاروا إنجاز أروع مشاريعهم حتى الآن في وسط مدينة نيويورك. كما تضمّ المنطقة مؤسسات ترفيهية رائعة مثل مركز بيرلمان للفنون المسرحية في مركز التجارة العالمي، ومركز إقامة الحفلات الجديد فوق بيير 17 الذي تم افتتاحه في 2018 في منطقة الميناء بوسط المدينة، ما يساهم في حجز مكانة بارزة لوسط المدينة كوجهة متميّزة تنبض بالحياة على مدار الساعة.
شهد العام 2018 طرح ما مجموعه 1300 وحدة سكنية جديدة وسط نمو سكاني متزايد وتهافُت الطلب على الاستئجار. ويضمّ مجمّع "وول ستريت 19" مبنى سكنياً قيد البناء في هذه المنطقة من نيويورك. تبدأ عملية البيع في وقت لاحق من هذا العام بأسعار تبدأ من 1.5 مليون دولار.
للحصول على المزيد من المعلومات، يُرجى زيارة www.onewallstreet.com.
إعادة إحياء "ريد روم"
تم بناء "ون وول ستريت" عام 1931 لصالح مصرف "إيرفينغ ترست"، ويخضع المبنى حالياً لعملية ترميم دقيقة من جانب "ماكلوي بروبرتيز". وقد سعى مطوّر المشروع إلى الحفاظ على سلامة البنية المعمارية لــ"ون وول ستريت" خلال عملية ترميم المبنى، مع الإبقاء على العناصر الأساسية مثل الجدران الأصلية و"ريد روم" الشهيرة عالمياً.
يعود تاريخ "ريد روم" إلى عام 1929، عندما كلفت شركة "إيرفينغ ترست هيلدريث ماير"، التي وصفتها صحيفة "نيويورك تايمز" بأنها "أبرز مصمّمة جدارية في عصرها"، بمهمة تصميم غرفة استقبال "جذابة وودية" لعملائها. وكانت النتيجة مساحة الـ"آرت ديكو" التي تبلغ 5000 قدم مربعة من الفسيْفِساء، والتي تغطي الأرضيات والجدران ثلاثية الارتفاع.
يقال إن أعمال هيلدريث ماير ساعدت في تعريف أميركا على حداثة الـ"آرت ديكو". وتم الاستيلاء على مبنى "ون وول ستريت" من جانب "ماكلوي بروبرتيز" في عام 2014، فتمّ إحياء "ريد روم" التي ستُفتح أبوابها قريباً للجمهور لأول مرة منذ عام 2001 كمساحة تجارية فريدة من نوعها. والمتوقع أن يكون المبنى من أجمل مساحات البيع بالتجزئة في منطقة نيويورك.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024