«المنار» تدخل المنافسة الرمضانية...
في ظلّ هذا الوضع الصعب الذي تعانيه الدراما اللبنانية شبه الغائبة عن المنافسات العربية داخل وخارج حسابات شهر رمضان المبارك، قرّرت قناة «المنار» أن تدخل العمل الإنتاجي من خلال مسلسل ضخم يروي سيرة المقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي ما بين عامي 1982 و1985، من منظور إنساني اجتماعي.
«الغالبون»... عملٌ كثُر الحديث عنه منذ البدء في تصويره. كيف لا وهو الإنتاج الدرامي اللبناني الذي صرفت له قناة المنار ميزانية ضخمة جداً من أجل أن يظهر بمستوى الموضوع الذي يُقدّمه.
اختارت «المنار» المخرج السوري المعروف باسل الخطيب لإدارة المسلسل، وهو المتخصّص في هذا النوع من الأعمال الدرامية التي تُحاكي قضايا المقاومة في وجه الاحتلال. والكتابة تولاّها الدكتور المصري فتح الله عمر المتمرّس في هذا المجال.
أمّا الممثلون فهم من نخبة الممثلين اللبنانيين الذين قد يجدون في «الغالبون» فرصتهم لتقديم تحدّي فنّي جديد بعيداً عن الأعمال الضعيفة أو السطحية والتجارية التي تُسيطر على واقع الدراما في لبنان. فهل ستتمكّن قناة المنار من أن تأخذ هي المبادرة وتمضي بالدراما اللبنانية قُدُماً وتُعيد لها أمجادها السابقة من خلال مسلسلها المُزعم عرضه خلال شهر رمضان القادم؟
الإجابة قد تكون أوضح بعد عرض المسلسل، ولكن الأكيد أنّ المحاولة بحدّ ذاتها هي امتحان صعب خاضته «المنار» وجهدت في اجتيازه بنجاح. فهناك أكثر من 250 ممثل وممثلة من لبنان شاركوا في العمل تحت إدارة مخرج كبير لا بدّ أنّه سيترك بصمته على أدائهم، كما أنّ العمل الذي فرض نفسه قبل عرضه لا بدّ من أنّه سيَلقى متابعة، على الأقلّ من الجمهور اللبناني الذي سيحظى بفرصة متابعة ممثليهم المفضلين في أدوار مختلفة ضمن إطار عمل ضخم على المستوى الإنتاجي والإخراجي، وكذلك من المشاهدين العرب المهتمين بهذا النوع من الأعمال الدرامية التاريخية- الواقعية.
وباتصال مع قناة «المنار» للاستفسار عن مجريات العمل وتفاصيله، علمنا أنّه تمّ تصوير العمل وانتهت مرحلة المونتاج الأولى ووضع الموسيقى التصويرية التي نفذّها الفنان السوري رضوان نصري، وبدأت مرحلة الغرافيك ووضع المؤثرّات الصورية.
والمسلسل يمتدّ على 35 حلقة، يُعرض خلال شهر رمضان المبارك. وأُفدنا أن التصوير قد تمّ في أكثر من موقع في لبنان مثل بيروت وبعلبك، إلاّ أنّ القسم الأكبر من التصوير تمّ في الجنوب لكونه يُمثّل البيئة الحاضنة للعائلات التي نتابع سيَرَها في العمل ولأنّ الجنوب كان دائماً مسرح العمل المقاوم. وشدّدت لنا قناة المنار على أنّ المسلسل يُعطي البعد الوطني والاجتماعي والإنساني للعمل المقاوم وليس العسكري فحسب.
«الغالبون» يستعيد مرحلة زمنية مُعاصرة مازالت موجودة في ذاكرتنا إلى اليوم، والمعروف أنّ نقل فترة حاضرة في الوجدان والذاكرة إلى الشاشة ليس بالأمر السهل لكونه يُعرّضه للانتقاد في شكل أكبر وأعنف.
ولكنّ المخرج أخذ هذه النقطة الحساسة بعين الاعتبار واستند في معالجته الدرامية للأحداث على قصص واقعية مروية بألسنة أصحابها وأخرى موثقة بالصوت والصور، وهناك شخصيات حقيقية ستُجسّد على الشاشة، وأخرى موجودة في العمل وإنما بأسماء أخرى وهوية درامية تهدف إلى التلميح بدل التصريح من أجل الحفاظ على بعض الخصوصية أو تقديراً لظروف معينة تتعلّق بالشخصية الحقيقية.
والعمل استفاد من هذه البيئة الجنوبية والبقاعية الريفية بكلّ ما لديها من حكايات واتخذها نسيجاً من أجل حبك الموضوع الدرامي ورسم الشخصيات وتشابك العلاقات فيما بينها.
وقد يكون تولّي قناة المنار مسألة الإنتاج من الأمور التي تُشكّل علامة استفهام لدى البعض، إذ هناك اعتقاد بأنها سوف تُركّز بطبيعة الحال على فئة من الناس وليس على كلّ من ساهم في الحركة المقاومة خلال فترة ال82 التي شهدت نضالاً شعبياً تشكّل من مجموعات كبيرة من الشباب من مختلف الأحزاب والمذاهب والأطياف.
ولكن قناة «المنار» أكدّت أنّ «الغالبون» كعنوان لا يشمل غالب واحد بل مجموعة من الغالبين الذين تضافرت جهودهم على اختلافاتهم من أجل تكريس حركة المقاومة ضدّ المحتلّ الغاصب. وشدّدت على أنّ المرحلة الواقعة ما بين 82 و 85 عرفت الكثير من المقاومين المنتمين إلى أكثر من جهة وطائفة ممّن رفضوا الظلم والاحتلال وناضلوا عسكرياً وإنسانياً وعاطفياً من أجل دحر المستعمر عن أراضيهم.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024