تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

رانيا فريد شوقي: ابنتي موهوبة ولا أمانع في دخولها عالم الفن... لكن بشرط

رانيا فريد شرقي

رانيا فريد شرقي

تتحدّر من أسرة فنية عريقة، فهي ابنة "وحش الشاشة" الفنان الراحل فريد شوقي، وشقيقة المنتجة ناهد فريد شوقي، وأخت زوجة المخرج الراحل مدحت السباعي، وخالة الفنانة ناهد السباعي والفنان أحمد جمال سعيد. منذ ظهورها على الشاشة الكبيرة في فيلم "آه من شربات" بدت كفنانة مميزة تنبئ بمستقبل واعد، وصعدت سُلّم النجومية في هدوء حتى وصلت إلى القمة. "لها" التقت رانيا فريد شوقي لتتحدث عن دورها في حكاية "أم العيال"، وهي الحكاية التاسعة ضمن أحداث مسلسل "زي القمر"، ولتكشف أسباب ابتعادها عن السينما والمسرح، وموقفها من دخول ابنتها "ملك" عالم التمثيل.


- في البداية، حدّثينا عن تفاصيل دورك في حكاية "أم العيال".

أجسّد في الحكاية دور أم لسبعة أطفال، تعيش تحت خط الفقر، بحيث تنتمي إلى الطبقة الكادحة وتعمل هي وابنتها في تنظيف منازل الأغنياء لتتمكّن من إعالة أبنائها وتجهيز بناتها للزواج. وطوال الحكاية نراها تعاني الكثير في تربية أبنائها، وتعمل على إيجاد حلول لمشكلاتهم التي يتسبّب فيها الفقر والجهل والأمّية، فالابن الأكبر يفقد الأمل في حياة كريمة بعد أن أصابه الإحباط في رحلة البحث عن عمل، فيضطر إلى التفكير في السفر خارج البلاد. وما يزيد من معاناة هذه الأم، زوجها العاطل من العمل، الذي يستغلّها ويستولي بالقوة على ما تجنيه من أموال زهيدة، فيضربها ويعاملها بصفته سيّدها وهي خادمته وليست زوجته.

- قلتِ في أحد تصريحاتك إنك غير راضية عن هذا الدور لما فيه من إهانة للمرأة.

لم يكن تصريحي بهذا المعنى، فما قلته هو أنني عشت حالة من الغضب والحزن والمشاعر المتضاربة في الشخصية التي قدّمتها ضمن الأحداث... فطوال الحلقات كنت أتساءل ما الذي يُجبر إنساناً على أن يظلم نفسه؟ ولماذا أنجبت هذه الأم سبعة أبناء رغم ظروفها المادية الصعبة؟

- إذاً، ما الذي حمّسك لهذا العمل ما دمت من البداية غير راضية عنه؟

لأن قصة العمل مأخوذة من واقع المجتمع، وتعكس حال الكثير من الناس، ورأيت أنني إذا قدّمتها فقد أُفيد عدداً من الأسر بتوجيههم لعدم ظلم أنفسهم وقهر أبنائهم، وذلك بضرورة الحد من الإنجاب، وهذا بمثابة رفع البلاء عن الناس، وهو دور يشجّع أي فنان على قبوله، والله سبحانه وتعالى أعطانا حرية الاختيار وإعمال العقل، فلماذا ننجب الأطفال بكثرة ونحرمهم من أن يعيشوا طفولة طبيعية وصحية؟ ولماذا نحمّلهم هموماً وهم لا يزالون أطفالاً صغاراً؟ فأنا أقدّم رسالة بأن من حق أي طفل أن يعيش طفولته ويحظى بحياة كريمة ومرهّفة، وأن يحرص أهله على رعايته وتعليمه وتربيته تربية سليمة، بما يضمن له مستقبلاً واعداً.


- علماً أن هذه الفكرة نوقشت في الكثير من الأفلام والمسلسلات مثل "أفواه وأرانب"، فما الجديد الذي تقدّمينه؟

الشعب المصري بطبيعته يحتاج دائماً الى التنبيه والتوجيه، وهناك مثل شعبي يقول "الزن على الودان أمر من السحر"، فما المانع في تكرار تقديم هذه الفكرة ما دامت المشكلة قائمة إلى يومنا هذا؟ ودائماً هناك أمور جديدة تحدث في المجتمع، وحين قُدّمت القصة منذ عقود من خلال "أفواه وأرانب"، لم يكن هناك أزمات كبيرة في الطعام مثل اليوم، وكذلك الأمر بالنسبة الى فرص العمل، لذا يجب تقديم القصص نفسها لكن بمضمون جديد ومتطور.

- وماذا يمثّل هذا الدور في مشوارك الفني؟

في هذا الدور دخلت في تحدٍ مع نفسي، فأي دور جديد أختار أن أقدّمه، خصوصاً إذا كانت تركيبته بعيدة من شكلي وشخصيتي الحقيقية، يكون تحدياً كبيراً لي، خاصة أنني أظهر في هذا الدور بشكل جديد ومختلف، وأرتدي الجلباب والحجاب طوال حلقات العمل.

- ألا ترين أن تجسيدك دورَ أمٍ لسبعة أبناء لا يتناسب مع عمرك؟

معظم الأسر في هذه البيئات يزوّجون بناتهم في سنّ صغيرة، فيكون الزواج مبكّراً وقد يصل الى 20 عاماً على أقصى تقدير، ومع الجهل الذي تعيشه الفتاة في هذه الحالة يتكرر الحمل والولادة بدون وعي لمخاطرهما على صحتها الجسدية والنفسية، كما تكون المدد الزمنية بين الولادات متقاربة فتُنجب الفتاة خمسة أبناء أو ستة وهي لم تتخطّ بعد سنّ الثلاثين.

- بعد نجاحك في تجسيد دور الأم، ألا تخشين أن يحصرك المنتجون في هذه النوعية من الأدوار؟

كل فنان متمكّن من أدواته لا يخاف من تقديم أي دور، وأنا لا أخشى في الفن شيئاً، فقد قدّمت دور الأم مراراً، وعدت لتجسيد دور الحبيبة والشريرة... فالأهم في الفن هو التنوّع، وإذا خفت من أي دور فستفوتني أدوار وشخصيات مهمّة. وشرطي الأول قبل الاستقرار على أي دور، أن يناقش قضية اجتماعية مهمة أستطيع تقديمها بشكل لائق يفيد الجمهور ويمتّعهم في الوقت نفسه.

- ما الصعوبات التي واجهتك أثناء تقديمك للشخصية؟

الشخصية فيها انفعالات كثيرة، وهي لذلك كانت صعبة ومُرهقة.

- يلاحظ المشاهِد أن هناك أكثر من مسلسل تعتمد فكرته على الحواديت، فهل هذا دافع للمنافسة؟

من الطبيعي أن يفتح تعدّد مسلسلات الحواديت الباب واسعاً للمنافسة القوية بينها، خصوصاً أن كل حدوتة تُطرح في حلقات قليلة لا يتخطّى عددها العشر، وهذا ما يجعل مضمونها قوياً، بحيث تتم مناقشة كل الجوانب الخاصة بالحبكة أو المشكلة المجتمعية بالتسلسل قبل انتهاء الحلقات. لذا تقدّم كل حدوتة للجمهور جرعة فنية مكثّفة ورسائل مهمة وسريعة، وأرى أن المنافسة تجعل كل الأعمال ناجحة.

- لكن لماذا تناقش أغلب الحواديت قضايا المرأة؟

لأن المرأة المصرية باتت اليوم تلعب دوراً مهماً للغاية في المجتمع، وتتفوق على الرجل في الكثير من مجالات العمل، وهذا ما نناقشه من خلال حدوتة "أم العيال" بحيث نرفع شعار "أين أنت أيها الرجل؟"، وبالطبع لا يمكن تعميم هذا الأمر، بل نراه فقط في الحالات المشابهة للقضية.

- كان هناك مشروع مسلسل لتقديم سيرة حياة الراقصة الراحلة سامية جمال، فأين أصبح؟

بعد مضي فترة زمنية طويلة على مشروع عمل يقدّم قصة حياة الراقصة المصرية الشهيرة سامية جمال، وكنت أنا وقتذاك المرشحة الأولى له، أعتقد أن هذا المشروع-الحلم بدأ يتلاشى، خاصة مع التقدّم في العمر، وصعوبة تجسيد المرحلة الأولى من حياتها، فتقديم سيرة حياة سامية جمال كان عرضاً قديماً وانتهى، ولكن إذا تجدّد المشروع ففي إمكاني تقديم المرحلة العمرية المتوسطة لأنها تتلاءم مع سنّي الحالية، ولا بد من وجود فنانات أخريات يقدّمن المرحلتين الأولى والأخيرة من عمر الشخصية.

- بعيداً من الدراما، لماذا ابتعدت في الفترة الأخيرة عن السينما والمسرح؟

لم أبتعد عن المسرح فهو عشقي الأبدي. لقد قدّمت مسرحية "الملك لير" واستمر عرضها عاماً كاملاً، وفي المسرح لا يفترض بي أن أقدم مسرحية كل فترة قصيرة، خصوصاً في ظل الظروف التي نمر بها، فمنذ عام 2011 كانت هناك تظاهرات وأحداث أمنية وغيرها، وبالطبع أثّر كل هذا في المسرح بشكل عام، ورغم ذلك قدّمت في 2015 مسرحية "بابا جاب موز" ثم في 2018 قدّمنا "الملك لير"، أما السينما فبالتأكيد أحب العمل فيها، وفي انتظار أن يُعرض عليَّ دور جيد ومؤثر في أحداث الفيلم، ولا أشترط أن يكون دور بطولة.

- لماذا في رأيك تراجع الإنتاج السينمائي في الفترة الأخيرة؟

في الماضي كان الفنانون ينتجون أعمالهم بأنفسهم، لأنه كان لديهم حلم، ولم ينتجوا من أجل المال فقط، بل كانوا يؤمنون بصناعة السينما ودور الفن ورسالته، وذلك بخلاف الجيل الحالي الذي لا يهمّه إلا الربح المادي والتركيز على عدد معين من نجوم الشباك.


- إذا طلبت منك ابنتاك السماح لهما بالعمل في الفن، هل توافقين؟

بالطبع لن أمانع في ذلك، فابنتي "ملك" تحب التمثيل، وتحلم بالذهاب إلى هوليوود لأنها ترى أن المناخ العام في السينما المصرية لا يناسبها. وأنا أشجّعها على دخول عالم الفن، لكن بعد أن تُنهي دراستها الجامعية، فلا يمكن أحداً أن يعترض طريق إنسان موهوب بالتمثيل، وإذا كانت "ملك" موهوبة بالفعل فسوف تنجح في إثبات موهبتها في الدراما والسينما مستقبلاً، وسأترك لها حرية الاختيار ولن أقف في طريقها إذا رغبت في الاتجاه الى التمثيل، وأؤكد أن علاقتي بابنتيَّ قوية جداً، وهما بالنسبة إليّ صديقتان مقرّبتان، والنقاش بيننا دائماً ما يكون مفتوحاً، لكن هذا الجيل صعب المراس.

- وبمَ تنصحينها إذا قررت دخول مجال الفن؟

أن تكون فنانة مريحة في التعامل حتى تتمكن من الاستمرار في هذا المجال، كما سأنصحها بالالتزام، فما يتبقى للفنان هو السيرة الحسنة، وعندما يكون الشخص ملتزماً فالجميع يحبّه ويحترمه، وهذه كانت نصيحة والدي لي قبل دخولي مجال الفن.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080