جيني أسبر: أصعد السلّم خطوة خطوة
أحبت الفن فأبحرت في عالمه بكل ثقة وتأنٍ وحركت مجاذيف سفينتها لتشق عبابه وترسم خطوطاً واضحة الأهداف لمسيرتها الفنية، فانطلقت لتحقق ذاتها من خلال أعمال تركت بصمة... إنها الفنانة السورية جيني أسبر التي كان لنا معها هذا اللقاء.
- كيف تصفين تجربتك في برنامج «ديو المشاهير»؟
لم تكن تجربة سهلة لأني بعيدة عن ثقافة الغناء الشرقي فأنا قليلاً ما أسمع غناء عربياً، لكني استمتعت لأنه كان حدثاً جديداً بالنسبة إليّ وشعرت إلى أي مدى الموسيقى العربية جميلة، وفي الوقت ذاته تعرفت على أشخاص جدد وكانت علاقتنا وكأننا أسرة واحدة، وما شجعني أكثر أن القصد من العمل بالنتيجة هو العمل الخيري.
عموماً حاولت أن أقدم ما أستطيع وقد استفدت من خبرتي في الوقوف على المسرح والتمثيل والرقص، فذلك كله عوّض قليلاً مسألة أن صوتي غربي، فالأستاذ الذي أشرف على أصواتنا قال لي إن صوتي يختلف تماماً ما بين الغناء الشرقي والغناء الغربي، فصوتي جميل في الغربي ولكن ليس لدي خبرة في الغناء العربي، لأن صوتي ليس طربياً.
- هل يمكن أن تصبحي مطربة؟
بالطبع لا ولكن يمكن أن أجسد دوراً يحتاج إلى غناء أو أن أقدم استعراضاً أو فوازير.
أول تجربة بالمصري
- كيف تنظرين إلى تجربة التمثيل في المسلسل المصري «عابد كرمان»؟
أديت في العمل شخصية جاكلين، وهي فتاة فرنسية تعيش في فرنسا يقع في غرامها عابد بطل العمل وتتسبب بطريقة غير مباشرة بدفعه إلى العمل جاسوساً. وأعتبر أنني كنت محظوظة لمشاركتي في هذا المسلسل، فهو تجربة متميزة خاصة أنه من إخراج الأستاذ نادر جلال المخرج الذي له أهميته على صعيد العمل الراقي.
وهي المرة الأولى التي أشارك فيها في مسلسل مصري لا بل وإن أغلب مشاهد دوري صُوّرت في فرنسا، وبالتالي لم يشعرني أفراد فريق العمل بأنني غريبة عنهم، كما شعرت بالسرور لأنني صورت شخصيتي مع النجم تيم حسن فهو زوج صديقتي الفنانة ديمة بياعة.
ومن الناحية الفنية أعتبر أن ما قدمته كان مهماً، فالشخصية التي أديتها كانت تتكلم اللهجة المصرية واللغة الفرنسية، كما أن واحدة من أهم سمات الدور رومانسيته.
- كيف تم ترشيحك للمشاركة في العمل؟
سمعت أن الفنان تيم حسن رشح أكثر من اسم من سورية وفي النهاية وقع اختيار المخرج نادر جلال علي لأجسد الدور، وقد يكون شكلي الأوروبي ساعد في اختياري للدور.
- هل تعتبرين أن هذا المسلسل هو بوابتك إلى مصر؟ وهل تسعين للعمل فيها؟
أسعى نحو العمل الجيد والتجارب المميزة إن كانت في مصر أو في بلدي أو في أي مكان آخر. فما يهمني أن أقدم عملاً مُتقناً، وعندما اشتغله من قلبي من المؤكد أن النتائج ستكون إيجابية. وأرى أن الفنان ينبغي أن يكون عالمياً وغير محدود، فأينما عمل عليه أن يؤدي دوره بشكل مُتقن إن كان في مصر أو الخليج أو المغرب.
«صبايا» في مرمى الانتقادات
- إلى أي مدى وجدت أن هناك تسلسلاً منطقياً في الأحداث وتفاصيل شخصية ميديا بين الجزئين الأول والثاني من «صبايا»؟
الجزء الأول كان البداية والتحضير لانطلاق مسلسل «صبايا»، بينما شكّل الجزء الثاني الانطلاقة الحقيقية له. وقد نجح العمل بشكل كبير، ومع احترامي لما كتبه النقاد حول الهفوات الصغيرة في الجزء الأول منه، فقد حصد محبة كبيرة من الناس، وهذه المحبة هي التي أعطت الجزء الثاني القوة، علماً أننا راعينا ملاحظات النقاد في الجزء الثاني.
إضافة إلى أنه كانت هناك روح جديدة من خلال الكاتبين مازن طه ونور شيشكلي، وقد أبقيا كل شخصية بروحها ولكن أضافا مواقف طريفة واجتماعية تحدث كل يوم بروح الفكاهة الكوميديا. وهذه خصوصية ميديا الشخصية التي جسدتها، فرغم المشكلات التي تتعرض لها يبقى لديها روح الفكاهة والتفاؤل ولا تيأس. وقد أضاف المخرج فراس دهني نظرته إلى المسلسل وتعب كثيراً على تفاصيل الشخصيات.
وأرى أن مثل هذا العمل هو خارج نطاق الأجزاء، فنحن نعيش مع شخصياته، وطالما أن هناك أحداثاً جديدة فيمكن إنجاز العديد من الأجزاء، ونحن الآن بصدد إنجاز الجزء الثالث من العمل مع حدوث بعض التغييرات.
- ولكن هناك من وجه سهام النقد للأزياء والمكياج؟
عندما نتناول مسلسلاً يضم مجموعة من الصبايا سيكون فيه أزياء أنيقة، لأنه من غير المعقول أن نرتدي ثياباً غير جميلة. وقد أتتني آراء مشجعة من مشاهدين في المغترب أثنوا على ما تم تقديمه، فقد عكسنا صورة واقع الفتيات في عام 2010 . ونحن حصلنا على ملابسنا من الأسواق السورية وبالتالي ارتدينا ما ترتديه فتيات الطبقة الوسطى عندنا، وأعتقد أن تقديمنا لما هو جميل ليس عيباً!
- في الجزء الأول من المسلسل مرت الكثير من المشاهد التي حصل فيها شد حبال بين الصبايا وكأن هناك مباراة بين الممثلات ومحاولات لسرقة الكاميرا... فإلى أي مدى شعرت بوجود هذه المباراة في الجزء الثاني؟
(ضاحكة) شو بدك تحكي عن مسلسل فيه صبايا... فأقل ما يمكن أن يحدث فيه شد حبال!
ولكن العلاقات بيننا كصبايا تبلورت أكثر في الجزء الثاني، وبالنسبة إلي فلدي ثقة بنفسي ولا أفكر في هذه المسائل (شد الحبل أو سرقة الكاميرا من شخص آخر)، ففي النهاية مسلسل «صبايا» هو فريق عمل ولو لم نلعب كلنا بشكل صحيح لخسرنا كلنا. والحقيقة شعرت بأننا في هذا العمل حاولنا مساعدة بعضنا البعض ليظهر بشكل متكامل.
- ما الذي ميّز الكوميديا في الجزء الثاني؟
إنها كوميديا نابعة من الواقع وتعتمد الموقف، هناك حلقات يزيد فيها عيار الكوميديا، وحلقات أخرى تشعر بأنها من الواقع، وكان يتوقف ذلك على الضيوف. فعلى سبيل المثال في الحلقة التي كانت الضيفة فيها الفنان شكران مرتجى كانت جرعة كوميدية كبيرة، بينما كانت هناك شخصيات أضفت على حلقات الجو الرومانسي... فكل حلقة تشعر بأن فيها نوع كوميديا مختلفاً.
- وماذا عن مشاركتك في مسلسل «أبو جانتي»؟
كنت ضيفة في «أبو جانتي ملك التاكسي» وجسدت فيه شخصية أم ليلى زوجة الفنان أيمن رضا (أبو ليلى)، وهي زوجة متسلطة تملك المال وتحاول أن تبقي زوجها تحت جناحها. لقد أحببت هذه الشخصية الشعبية التي نراها على النقيض من شخصية ميديا في «صبايا».
- ما سبب الجرعة الكوميدية الواضحة في الموسم الدرامي الأخير مقابل شح الكوميديا في الموسم الذي سبقه؟
ربما شعر المنتجون والكتاب بأننا في الحاجة ألى الكوميديا، فكثير من المشاهدين اشتكوا في مواسم ماضية أن الكوميديا غير موجودة وأن الدراما أصبحت كئيبة فيما حياتنا تحتاج إلى ابتسامة، وأرى أننا في هذا الوقت في حاجة إلى هذه الأعمال وإلى التفاؤل.
التنوع والتباين
- قدمت شخصيات مختلفة وأحياناً متباينة إلى درجة كبيرة، فعلى سبيل المثال جسدت ليلى بنت المنهال في «رايات الحق» وأم ليلى في «أبو جانتي». ألم تخشِي أن يضيع المشاهد بين هذه الأدوار؟
بالنسبة إلي لم أضع بينهما لأنهما شخصيتان مختلفتان عن بعضهما البعض، خاصة أن لدي مقدرة التنويع في الشكل الذي يجب أن يكون مثل المعجون)كيفما أظهرت شكله يكون مقنعاً. وقد بذلت مقداراً كبيراً من الجهد والطاقة عبر الصوت والأداء والشكل ليكون كل دور مختلفاً عن الآخر.
هذا من جهة، أما من جهة أخرى فأرى أن التشابه يجعل الممثل يحرق نفسه وعندها سيعجز عن تقديم الجديد. وقد سرت خلال حياتي الفنية بخطة «خطوة... خطوة» حتى وصلت إلى ما أنا عليه اليوم. وفي هذه المرحلة يهمني أن يرى الناس مقدرتي الحقيقية وحرفية عملي من خلال تنوع الأدوار التي أجسدها، وفي ما بعد عندما يصل الممثل إلى مرتبة معينة يكفيه تأدية دور واحد في العام رغم أن أجر الممثل السوري لا يسمح له بتأدية دور واحد في السنة فقط.
- ما سبب اعتذارك عن عدم المشاركة في «ما ملكت أيمانكم»؟
اعتذرت نتيجة ضيق الوقت فكنت أشارك في العديد من الأعمال، وأنا يشرفني أن أعمل مع المخرج نجدة أنزور ولكن لسوء حظي لم نستطع التنسيق في مواعيد التصوير.
- ولكن هناك من قال إن دعوتك للعمل كانت بصفة ضيفة شرف لحلقة واحدة؟
لا بل كانت لدور طويل.
- أي الأنواع الدرامية الأقرب إليك الكوميدية أم التاريخية أم المعاصرة؟
قد تكون الكوميدية هي الأقرب، فبشكل عام أنا إنسانة متفائلة بطبيعتي وأحب المرح. وحتى في حياتي الطبيعية مع صديقاتي روح النكتة حاضرة بيننا، وأشعر بأن الكوميديا تخرج مني بشكل عفوي.
- هل تتمنين المشاركة في أعمال البيئة الشامية؟
بالطبع أتمنى المشاركة في أعمال البيئة الشامية لا بل إنني متعطشة لتقديم الأدوار الشامية، فأنا ممثلة وأسعى للتنوع خاصة أن أكثر المشاهدين في الوطن العربي أحبوا مسلسلات البيئة الشامية.
المرأة المخرجة
- أين تكمن خصوصية مشاركتك في مسلسل «تخت شرقي»؟
جسدت في المسلسل دور امرأة مطلّقة وتشعر بأن أخاها إنسان غير سوي، أما أمها فهي إنسانة متسلطة ومُتصابية الأمر الذي دفعها لئلا تثق بنفسها وتحاول أن تتعلق بأي جديد دون تفكير في تغيير وضعها وتبديل نمط حياتها ولكن دائماً يكون هذا الجديد أسوأ من الذي كان قبله.
وأرى أن الدور نابع من الواقع وهنا مكمن أهميته. وقد شعرت بالسعادة لأنني عملت مع المخرجة رشا شربتجي، فهي تهتم بتفاصيل عمل الممثل وأنا أحتاج إلى مخرج يُظهر لي تفاصيل عملي، ومسلسل «تخت شرقي» رغم بساطته معقّد كما الحياة، فحياتنا عبارة عن مجموعة من التفاصيل ولكن مع التفاصيل ينشأ التعقيد.
- هل تشعرين بأن المخرجة رشا شربتجي رأت فيك ما لم يره غيرها من المخرجين الرجال؟
بغض النظر عن موضوع رجل وامرأة، فالمخرجة رشا شربتجي متميزة وإنسانة تدقق في التفاصيل كثيراً وتعرف ما الذي تريد أن تأخذه من الفنان من أداء وتعابير وإحساس وتُظهر منه الجانب الذي يخدم الشخصية على الكاميرا، ونرى أنه كل عام يظهر معها نجم جديد، فهي من المخرجين القلائل الذين يعرفون كيف يصنعون النجم، وهذا دليل على أن كل ممثل مجتهد إن رآه المخرج بعين صحيحة يمكن أن يصبح نجماً.
الجرأة الحقيقية والوهمية
- هل للجمهور أن يفرق بين جرأة «البيزنس» الساعية للتسويق والجرأة الحقيقية التي تغوص في عمق الواقع؟
الجرأة التي يتم طرحها في مسلسلاتنا جرأة طبيعية ومتماشية مع عصرنا الحالي، ولم أرَ أن هناك جرأة غير منطقية. فنحن نعتمد الإيحاء أكثر من الجرأة المباشرة، وأنا أؤيد الجرأة الموجودة في المسلسلات السورية، لأن الوقت يسبقنا والحياة تتطور ومن الجيد أن يميّز المشاهد بين الخطأ والصواب من خلال ما يتم تقديمه.
- إلى أي مدى يعتبر دور المرأة القوية أو الشريرة حافزاً لك مع أن هذه الأدوار يمكن أن يكرهها الناس؟
لقد تأذيت من هذه الحالة، ففي بداياتي كانوا بسبب شكلي وماكياجي يسندون إلي أدوار الفتاة المغرورة، حتى أن هناك من كوّن عني فكرة أنني مغرورة فعلاً، الأمر الذي أزعجني من جهة ولكنه أسعدني من جهة أخرى
. فلو لم أقنع الناس بهذه الأدوار لما ظنوا أنني مغرورة. ولكن بشكل عام أفضّل التنوع في الأدوار، فقد أظهر شريرة في مسلسل وطيبة في مسلسل آخر، وعندها لن يكرهني الناس.
الجديد الدرامي
- ما جديدك في المسلسل اللبناني «خيوط في الهواء»؟
«خيوط في الهواء» مسلسل لبناني عربي مشترك من إخراج إيلي معلوف وتأليف طوني شمعون، وأجسد فيه شخصية لبنانية هي زوجة رجل ضرير لكنه غني، وتحدث جريمة قتل فتتشابك الأحداث وتحصل صراعات مشوقة.
- وماذا عن «تعب المشوار»؟
إنه من تأليف فادي قوشقجي وإخراج سيف الدين سبيعي، وإنتاج شركة بانا للإنتاج والتوزيع الفني. وأؤدي فيه شخصية سوزان الممثلة الموهوبة التي تحب عملها وأصدقاءها، وهي ممثلة حصلت على العديد من الأدوار الصغيرة ولكن يُعرض عليها دور كبير ويتطلب الجرأة لأدائه.
والدور جميل وهو جزء من نص يبدو لها مهماً جداً فتقع في حيرة من أمرها هل توافق عليه أم ترفضه؟ وهناك العديد من الخيوط التي ترتبط بسوزان حيث تتشعب الأحداث في العمل لتظهر العديد من الجوانب التي لديها.
عروض الأزياء والكليب
- أين أنت اليوم من عروض الأزياء؟
توقفت لفترة ، ولكني أحب عروض الأزياء ولست ضدها إن كان هناك عرض أزياء على مستوى جيد.
- وماذا عن الفيديو كليب؟ كيف تنظرين إليه اليوم؟
كنت أقف ضد المشاركة في فيديو كليب ولكن عندما تُقدم إلي فرصة جيدة أشارك فيها. فعلى سبيل المثال فيديو كليب الذي صورته مع المطرب عاصي الحلاني كان فرصة جيدة لي فقد كانت مع فارس الغناء العربي، كما أن مخرج الكليب سيف الشيخ نجيب صور الأغنية ضمن إطار درامي وكأنها فيلم قصير.
خطوة... خطوة
- إلى أي مدى يتدخل زوجك المنتج عماد ضحية في خياراتك الفنية؟ وهل تتدخلين في مشاريعه الفنية؟
أعتمد على رأيه وملاحظاته كثيراً واسأله دائماً عن كل كبيرة وصغيرة في عملي لأن له خبرة كبيرة في الحياة ولديه نظرة صحيحة إلى الأمور. وقد ساعدني في كيفية الاختيار وأين أضع قدميّ، خاصة أن خطواتي في مرحلة سابقة كانت بطيئة بسبب بعض الهفوات في اختيار الخطوة الصحيحة.
أما بالنسبة إلى عمله فإن سألني أبدي رأياً دون أن أفرضه، ولا أتدخل في عمله لأني أفضل ألا تكون حياتنا الشخصية كلها عمل، فأحاول الفصل بين العمل والحياة الشخصية.
- هل صادف أن هناك أدواراً أحببت تقديمها لكنه نصحك بألا تؤديها؟
يقول لي دائماً انني بدأت خطوة خطوة وينبغي أن أكمل مسيرتي بالطريقة نفسها أي أن أصعد السلم خطوة خطوة كي لا أحرق نفسي، حتى أنه منذ ارتباطي به لم يسند إلي دوراً أكبر من حجمي ولم يحرقني. وهذا يساعدني لكي أعتمد على نفسي واجتهد وأطور أدواتي وأشعر بقيمة كل ما أقوم به. وفي السنوات الثلاث الأخيرة شعرت بأنني حققت قفزة جيدة على صعيد العمل...
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024
مقابلات
بسنت شوقي تتحدّث عن الفن وعلاقتها بزوجها محمد فراج وأسرار رشاقتها
مقابلات
بسنت أبو باشا: أنا محظوظة وأقتدي بالكثير من النجوم
مقابلات