kimkoke... شابة مصرية توثّق الحياة في كوريا الجنوبية بكل اختلافاتها وصعوباتها وجمالها
في عالم أصبحت فيه المسافات بين الدول والقارات صفراً، بات السفر والزواج بأجنبي من الأمور المألوفة وسهلة التطبيق بالنسبة الى قسم كبير من الفتيات في الوطن العربي، إذ إن اختلاف الدولة والجنسية والدين لم يعُد عائقاً أمام أحلامهن وبحثهن المستمر عن راحتهن العملية والزوجية. وهذه هي حال الشابة المصرية إسراء التي اختارت أن تُكمل حياتها مع الشاب الكوري كيم جونغ اين، واستطاعت من خلال عملها كمترجمة في كوريا الجنوبية التأقلم مع تقاليدها والاختلافات الموجودة فيها، ونجحت ليس فقط في حياتها الشخصية وعملها الخاص، إنما أيضاً في نقل المعلومات الصحيحة عن تلك البلاد البعيدة والمختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
بدأت السيدة المصرية من خلال قناتها التي تحمل اسمها الكوري kimkoke، بتوثيق حياتها الشخصية في كوريا والاختلافات والعادات المتشابهة والبعيدة عن المجتمع العربي عبر مقاطع فيديو قصيرة توصل من خلالها الفكرة بسلاسة وعفوية من داخل منزلها أو في الشوارع أو في الأماكن العامة... وتقول إسراء: "كانت أمي السبب الأول في دخولي عالم الـ"يوتيوب"، فهي لم تكتفِ بالتواصل الهاتفي معي يومياً، بل قررتْ أن أفتح القناة لتطمئن عليّ دائماً وتتابع تفاصيل حياتي اليومية وعملي، وترى كيف أعيش بسعادة مع زوجي، وأسلوبه الجيد في التعامل معي، ونمط حياتنا في كوريا، ولكن بعد ذلك أصبح من هواياتي أن أشارك المتابعين الداعمين لي صورة كوريا الحقيقية والمتكاملة من دون تزييف أو خداع".
محتوى ينقل معلومات صحيحة عن كوريا
وتوثّق الشابة نحو 50 في المئة من حياتها الشخصية مع زوجها كي تحافظ على الخصوصية بينهما، أما باقي محتواها على القناة فهو توجيهي وتثقيفي يعتمد على تقديم المعلومة الصحيحة لمتابعيها عن الجامعات والتعليم في كوريا أو الطعام والشراب والردّ على أسئلة الراغبين في خوض تجربة السفر والإقامة في كوريا، والكثير من التجارب المختلفة التي تثير اهتمام المشاهد العربي وفضوله، وتستمر في توثيق هذه الأمور رغم الصعوبات التي تواجهها في التوفيق بين عملها كمترجمة والعمل كباقي اليوتيوبرز على الفيديوهات والمونتاج.
وتمكنت إسراء من أن تصبح عنصراً مفيداً لعدد كبير من المتابعين من خلال محتواها التعليمي الهادف، وتقول: "أنا لا أفكر في موضوع الإعلانات، بل أشارك يومياتي كهواية ولا أرى أنني عنصر مؤثر، بل شخص عادي أحب أن أكون وسط عائلتي الثانية من المتابعين".
عادات الزواج والإنجاب مختلفة تماماً
وعن الزواج والتحديات التي تواجهها الشابة العربية مع مجتمع زوجها وبيئته وعائلته، نقلت كيم كوكي من خلال مقاطع فيديو تفصيلية كل المراحل والتحضيرات التي ترافق الزواج الكوري واستعرضت اللباس التقليدي الخاص بالعروسين والعادات والخطوات التي ستمرّ بها أي شابة تقرر الارتباط بكوري والانتقال للإقامة في دولته، وتوضح: "في حالتي، لم يكن هناك أي صعوبات أو اعتراض من العائلتين، لأن أهلي توسّموا الخير في ريان (الاسم العربي لزوجي)، ووجدوه رجلاً مسؤولاً ويناسبني، والأمر نفسه بالنسبة الى أهل زوجي الذين أُعجبوا بشخصيتي وبقبوله لي واستعداده للزواج مني بجدّ".
وقبل فترة قصيرة، رُزق الثنائي الكوري- المصري بطفلتهما الأولى، واستعرضت إسراء طوال فترة حملها الاختلافات والتفاوت في التحضيرات المفروضة على كل أمّ لناحية احتياجاتها ومستلزمات الطفل، إضافة إلى القوانين التي تسهّل على الحامل التنقّل في المواصلات والأهمية التي تحظى بها من الدولة. كما وثّقت إسراء طريقة الاعتناء بالحامل وغرفة الولادة في المستشفى، وكذلك الاختلاف الأساس الذي يكمن في فترة ما بعد الولادة، إذ يفرض القانون الكوري على أغلب الأمهات بعد الولادة مغادرة المستشفى والانتقال إلى مركز رعاية لمدة أسبوعين، بغية الاعتناء بصحة الطفل والأمّ معاً وتعليمها كيفية الاهتمام بمولودها، إلى أن تتجدّد طاقتها وتتمكن من العودة إلى منزلها لرعاية طفلها بمفردها.
أوجه الشبه والاختلاف بين المجتمعين العربي والكوري
وتلفت إسراء إلى أن هناك الكثير من أوجه الاختلاف بين المجتمعين العربي والكوري لناحية العادات والتقاليد والثقافة، ولكن طريقة التعامل بين الأهل والكنّة في كوريا هي نفسها عند العرب، فالعلاقة يجب أن تكون قائمة على الاحترام والتعامل مع زوجة الابن على أنها ابنة العائلة، كما أنهم يتشاركون معاً في المناسبات والأعياد ويجتمعون في منزل العائلة على طاولة الطعام وتكون الأجواء عائلية لطيفة كما في المجتمعات العربية.
أما عن أصعب الأمور التي يمكن مواجهتها مع العادات الكورية، فتقول إسراء: "في البداية تكمن الصعوبة بالتعوّد على نوعية الطعام المختلف، وحُسن اختياره ليكون حلالاً وخالياً من المشروبات الكحولية، ولكن بعد فترة تصبح المسألة سهلة. وأهل زوجي يتفهّمون جيداً أنني وزوجي مسلمان، لذا فهم يحترمون ديانتنا كثيراً ويقدّمون لنا دائماً الطعام المناسب لنا".
نصائح للفتيات المُقدمات على الزواج من كوري
وتسدي المترجمة بعض النصائح الى كل فتاة تنوي السفر والزواج من كوري لمساعدتها على التأقلم بسهولة مع الحياة الجديدة، وذلك من خلال "تعلّم اللغة والثقافة الكورية جيداً، واحترام الدين والثقافة لتتمكن من الاندماج بسهولة واختيار ما يناسبها دينياً وثقافياً، كما من المهم وكباقي الزيجات أن يكون هناك تفاهم بين الطرفين وأن يحترما الاختلاف بينهما ليصلا إلى حلّ وسطي يناسب الطرفين".
وتذكر إسراء مجموعة من أوجه الشبه والاختلاف بين المجتمعين العربي والكوري، مؤكدة أن "البيئتين محافظتان ولو بنِسب مختلفة، وهناك عادة احترام الكبار في السنّ والأسرة وبأنها تأتي دائماً في المرتبة الأولى، أما الاختلاف فيتمثّل طبعاً في الدين حيث لا دين رسمياً في كوريا، إضافة إلى عادات الطعام والشراب المختلفة تماماً عن المجتمع العربي".
وتشير إلى أن "الاختلاف الديني لا يتقبّله العرب بسهولة، والكثير منهم لا يحترمون هذا الأمر، لذا يجب أن يتعلّم هؤلاء تقبّل هذا التنوع واحترامه ليصار إلى احترامهم وتقبّل دينهم في المقابل"، مشددةً على أن أساسيات الزواج لا تختلف كثيراً عنها في البلاد العربية، فمن المهم "أن يتفاهم الزوجان حول الاختلافات بين مجتمعيهما تجنّباً لأي مشاكل قد تحدث بينهما، كما على الزوجة أن تحترم أهل زوجها وتتقبّل اختلافهم عنها، وألاّ تحاول تغيير عاداتهم وتقاليدهم أو تفرض عليهم ثقافتها بالقوة، بل عليها أن تحترمهم وتحترم ثقافتهم، وتفتخر أيضاً بدينها وثقافتها وبلدها وأن تقدّم لعائلة زوجها وأصدقائه كل المعلومات التي تعرفها عن بلدها، فمن الضروري أن تحافظ على أصلها العربي وتتمسك بعاداتها واحتفالاتها سواء الدينية او العادية، وتتشارك مع زوجها هذه المناسبات".
وتحاول إسراء الجمع بين عملها الخاص كمترجمة والعمل على "يوتيوب"، ولكنها تتخذ من الأخير هواية لها، لذلك تهتم به فقط أيام العطلة الأسبوعية وتحاول أن تقدّم كل شيء بصدق وتنقل الصورة الواقعية، سواء كانت سلبية أو إيجابية، لذلك يمكن تصنيفها بأنها مختلفة عن باقي اليوتيوبرز.
واللافت أن كيم تصوّر مقاطعها بحريّة تامة فتظهر في أغلبها بملابس بسيطة وبملامحها الطبيعية بدون مكياج وتتحدث مع متابعيها من دون تصنّع أو تمثيل وتتفاعل معهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعفوية كما لو أنهم من أفراد عائلتها، وعن ذلك تقول: "هم فعلاً عائلتي ومعي دائماً في الحزن قبل الفرح، وهذا يجعلني سعيدة ويوطّد علاقتي بهم، خاصة أنني لا أذهب الى كل شخص لأقنعه بشخصيتي وأجبره على مشاهدة ما أقدّمه، بل يدخل الى صفحتي كل مَن يرغب في التعرّف أكثر على المجتمع الكوري".
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024