رولا حمادة: لا بد أن يدرس المنتجون والكتّاب العرب...
من أهم من رولا حمادة؟ لا يمكن لعناوين هذا الحوار إلاّ أن تكون سلبية غالباً كون الدراما اللبنانية غير منصفة لها و'غير مصنّفة ضمن تراتبية نظيراتها المصرية والسورية والخليجية'. كان مصير فيلمها اللبناني الرابع -بعد أن انقطعت عن الفن السابع منذ الثمانينات بثلاثية 'الغجرية والأبطال' و'الفاتنة والمغامر' و'الصفقة'-البقاء في الدُّرج، ومسلسلها 'فارس الأحلام' العرض المتقطّع. مزيد من الدراما في هذا الحوار مع نجمة تستحق أن تسطع.
- كيف حال 'زمن' (ابنها الوحيد)؟
رائع. الأمومة متعبة، هي لحظة بلحظة دون استراحة. بات عمره 7 سنوات.
- من يشبه (ترفض ظهوره الإعلامي)؟
يشبهني أنا بالتأكيد.
- لمَ اخترت هذا الإسم؟
أحب اللغة العربية، بحثت عن اسم جديد يليق به. وقد اخترت هذا الإسم لأن أحرفه سهلة اللفظ في اللغة الأجنبية، فوالده كندي.
تعيش الدراما اللبنانية في حالة فقدان وعي عميقة
- لبنانياً نقول بلهجة تهكّمية: 'زمن!' علامَ تقولها رولا حمادة؟
(يقبرني!) عدا إبني... في لبنان لا أستطيع أن أقول: زمن! لأنني منذ أن وعيت والزمن هو نفسه. ينتظر اللبنانيون دورهم اليوم للحصول على البنزين في المحطات. ما الذي تغيّر عدا بروز المباني؟ المجتمع والشارع والمواطن في حالة تراجع، ولا أجد أي تفاصيل أقول عنها: 'زمن!'. فأنا أحب هذا البلد رغم كل شيء ومجبرة على الإقتناع به رغم عدم سعي أي مواطن فاعل إلى تحسين وضعه. يتّجه لبنان خطوة خطوة ليصبح بلد النخبة الغنية.
- لمَ لا تعكس الدراما اللبنانية الواقع؟
تعيش الدراما اللبنانية في حالة فقدان وعي عميقة، وهي لا تعالج الواقع اللبناني. ولا أعتقد أن هذه إرادة كّتابها بل الشاشات.
- إلى ماذا تتطلع الشاشات؟
تريد أن تعكس صورة لا تشبه الواقع، كما لو أنها تريد بيع لبنان للسائح. الإعلام المرئي غير موجه إلى المواطن اللبناني بل لإستقطاب الخارج.
- كم تبلغ نسبة هذه الأعمال؟
غالبية الأعمال، أشمل الدراما والترفيه.
- كيف تنظرين إلى موقعك كممثلة برزت في الثمانينات؟
غير راضية، أن يولد المرء ممثلاً لبنانياً هو أكبر عقاب.
- أنجزت أخيراً فيلم 'قميص الصوف' بعد انقطاع سينمائي تجاوز 25 عاماً. كيف تقومين هذه التجربة المستندة إلى قصة لا تتجاوز 28 صفحة؟
هذا الفيلم هو حالة بحد ذاته. لكن للأسف لم يتمكن أحد من مشاهدته كونه عرض مرة واحدة في قصر الأونيسكو في بيروت. بسبب خلافات مرتبطة بإنتاجه وكان مصيره الدُّرج.
- بهذه البساطة؟
نعم رغم أن مدّته ساعة ونصف الساعة تقريباً. هو طبعاً قصة طالعها كثير من اللبنانيين للأديب توفيق يوسف عوّاد، وقد صيغ السيناريو وكأنه 'مونولوج' في بال امرأة. أحببت هذه التجربة كونها قدّمتني بوجه جديد، كما أنها نفّذت بتقنية عالية من المخرج إيلي الياس.
- تقصدين أنك تخلّيت هذه المرة عن دور المرأة المتسلطة والمتأنقة؟
نعم، كانت أجواء التصوير منسجمة مع أجواء الضيعة، ودوري امرأة عجوز. كان الماكياج مخصصاً لمنحي سنوات إضافية. راقتني التجربة دون المساحيق.
- متصالحة مع المرآة في الصباح؟
ليس على الدوام. يعتمد الأمر على كيفية النهوض، لا يمكنني أن أكذب على نفسي.
هذا حقّ يقرّه قانون نقابة الممثلين دون تنفيذ!
- انتهى عرض مسلسل 'نساء في العاصفة' على تلفزيون لبنان أخيراً. هل تحصّلين حقوقاً مادية من خلال إعادة العرض؟
هذا حقّ يقرّه قانون نقابة الممثلين دون تنفيذ.لم أحصل على ليرة واحدة رغم أن الإعادة تكرّرت. لكنني راضية خصوصاً أن الجيل الجديد يتابعه، وأتلقى الكثير من التعليقات الإيجابية على صفحتي الخاصة في 'الفيسبوك'. أدرك جيداً لماذا تعلق الجمهور بهذا المسلسل وب'العاصفة تهب مرتين'، لأنني أنا تعلقت بهما.
- صورتك الرئيسية على موقع 'فيسبوك' عنوانها 'كلنا متضامنون لتأمين حقوق الطفل' ...
نعم، هذه صورة لتقويم عام 2011 من إعداد مؤسسة الخدمة الإجتماعية لسلامة الطفولة في لبنان Sesobel. وهو يجمع شخصيات لبنانية حول قضية الطفل المصاب بالإعاقة، وضعتها قبل بدء العام الجديد لتشجيع كل من يدخل صفحتي على المساهمة، ثمة من هو في حاجة إلى اهتمامنا ولو للحظات.
- ما هو موقفك من الدراما التركية التي تتقارب عدد حلقاتها مسلسليك اللذين ذكرناهما سابقاً؟
تابعت حلقات عدة من الدراما التركية، ولا يمكن إنكار كونها شكّلت حالة لا بد أن يطرح أسبابها المنتجون والكتّاب العرب. لا يعقل إلاّ أن يكون السبب وجيهاً، قصة الحب والخيال... يبدو أننا لا نمنح المشاهد كمية الحب والرومانسية المطلوبة، كما أن امتداد الحلقات يوّلد التعلّق. تلازم الجمال والأداء العالي أيضاً من الأسباب المحتملة ...
- كيف تقوّمين تجربة كاتبات السيناريو اللبنانيات ومثل منى طايع وكلوديا مارشيليان والسورية يم مشهدي .
لقد وضعن الدراما في قالب جديد يجسد وجهة نظر المرأة في المجتمع والأحداث المحيطة بها، بعدما احتكرت وجهة نظر الرجل الدراما. لقد اختلفت أدوار المرأة وباتت أكثر أهمية وغنى.
أما بالنسبة إلى يم مشهدي، فمسلسل 'التخت الشرقي' هو أحد المسلسلات الثلاثة ('وراء الشمس' و'ما ملكت أيمانكم') التي تابعتها في شهر رمضان المنصرم. حوارها ذكي ذكي ذكي !
- تراتبياً، أين موقع الدراما اللبنانية بين نظيراتها السورية والخليجية والمصرية؟
غير موجودة ولو تراتبياً.
(تتلقى اتصالاً مرتبطاً بدروس مسرحية خاصة بابنها)
- تشجعين زمن على التمثيل؟
لا أشجعه على شيء، بل أفتح أمامه آفاقاً لكي يتّسع أمامه الخيار. أود فقط أن يكون سعيداً في حياته ويمتهن ما يحبه. لا أدفعه تجاه مجال محدّد.
- هل بدأت ميوله الظهور؟
أحياناً يظن نفسه عازف بيانو وأحياناً لاعب كرة قدم. لديه رغبة في التمثيل وأن يعرفه الناس وهو يملك الموهبة.
- لمَ يبخل المنتجون على الدراما اللبنانية؟
لأنهم لن يتمكّنوا من بيع العمل، وهي حلقة مقفلة. عليهم دفع المستحقات قبل البيع. ولذلك يصوّر المخرج العمل رهن 'كادرين ونصف' دون التمكّن من توسيع عدسته. هذا ما يسمى الحد الأدنى الممكن. (تقولها بالفرنسية Le minimum possible)
- مسلسلك الجديد 'الأرملة والشيطان' يحمل عنوان فيلم في الثمانينات للمخرج هنري بركات. هل بدأتم التصوير؟
حقاً، لا بد من مراجعة الأمر. سنبدأ التصوير خلال أيام، هو من كتابة مروان العبد وإخراج إيلي معلوف وبطولة يورغو شلهوب.
- لماذا أنت 'أرملة' على الدوام في غالبية أدوارك ('الأرملة والشيطان' و'نساء في العاصفة' و'فاميليا' و'قميص الصوف' ...)؟
فعلاً، لكن هذه المرة دون أولاد وأتزوج لاحقاً، وفي مسلسل'فارس الأحلام' 'كنت تحت نصيبي'...
- كيف تقوّمين تجربة 'فارس الأحلام'؟
للأسف، تمّ عرضه بشكل متقطّع لأسباب متعدّدة، شهر رمضان والإنتخابات البلدية وكأس العالم لكرة القدم...
- كيف تقومين تجربة جورج شلهوب الإخراجية في السداسية الدرامية 'فارس الأحلام' كونك شاركته التمثيل في أعمال عدة؟
ليست تجربة جورج شلهوب الإخراجية الأولى ورغم أنني لم أشاهد أعماله السابقة إلاّ أنني بالنظر إلى تجربة 'فارس الأحلام' أفضله أمام الكاميرا لا وراءها.
- عندما نمعن في أرشيف رولا حمادة نشعر بخطأ ما. هذه القدرات التمثيلية الهائلة غير المستثمرة...
لم تنصفني الدراما لأن عدد المخرجين اللبنانيين لا يتعدى الإثنين.
- هل الأعلى أجراً هو الأعلى أداء...
لا مقاييس في لبنان، ورغم ذلك أقول إن موجة ملكات الجمال انتهت. ثمة ممثلات موهوبات.
- هل تستحق ملكة جمال لبنان السابقة نادين نجيم جائزة Murex D'or عن أدائها؟
تملك موهبة تمثيلية لكن نيلها الجائزة مبكر.
- هل لا تزال نظرتك إلى المسرح سلبية؟
بات المسرح متاحاً للشباب. صحيح أنه 'كان في ذمة الله' لكن لا يمكن إنكار الفرص التي يمنحها اليوم للشباب.
- ما كان رأيك في تجربة 'حكي نسوان' (تأليف وإخراج لينا خوري) التي عرضت على مسرح المدينة في بيروت خصوصاً أن إحدى الممثلات هي ندى أبو فرحات؟
تتطلع ندى إلى تنويع خياراتها التمثيلية، وهذا عامل جيد. فالإقدام على أداء دور في مرحلة معينة يؤدي إلى اكتشاف النفس ويرضي طموحاً موقتاً. أحترم موهبة ندى أبو فرحات.
لكنني كمشاهدة للمسرحية -المستندة إلى المسرحية عالمية The Vagina Monologues-أكذب إن قلت أنني أعجبت بهذه المسرحية من البداية حتى النهاية.
- ماذا عن تجربتك المسرحية؟
أعتبر خطواتي المسرحية ناقصة دون ريمون جبارة وتكرار العمل مع يعقوب الشدراوي، وقد حاولت.
- هل كان الفن خيارك الأمثل رغم أنك متخصصة في إدارة الأعمال؟
خياري كان الفن وخيار أمي كان أي شيء آخر. عملت في مجال دراستي لفترة وجيزة في كندا. خبرت هجرتين كنديتين، الأولى طبيعية كأي لبناني أما الثانية فللزواج والإنجاب. لم يكن خياري إلاّ التمثيل، وأنا متفرغة له تماماً.
- لمَ لم تحضر رولا حمادة في التجارب السينمائية التي تكاثرت في الأعوام القليلة الماضية؟
بكل بساطة لم يعرض عليّ أي عمل. كما أن مخرجينا ينتزعون فرصهم من 'فم السبع'. يؤمّنون التمويل ويحلمون وأحياناً يتركون أحلامهم معلّقة حتى إشعار آخر.
لا يمكن إلاّ أن نؤدي التحية لكل التجارب لكنها للأسف تخلو من الإبداع، وذلك بالنظر إلى البلدان المجروحة والمقموعة ومردّ ذلك على السينما الفلسطينية والإيرانية. المشاكسة والإبداع مفقودان في السينما اللبنانية رغم الأحداث التي خبرها الشعب اللبناني، ثمة خلل في نظرتنا إلى الوطن وهويتنا الوطنية. نحن مجتمع زعيمي.
- سؤال أخير، لمَ رولا حمادة متهمة بالقسوة وهذا بدا واضحاً من خلال تجربتك في التقديم؟
فرضت أدواري هذا الإتهام. كما أنني أؤمن بالتكلف وعدم رفعه مع الآخر. أضع مسافة بيني وبين نفسي لأتطلع إلى أدائي بموضوعية فما بالك بالآخر.
ولذلك لا أحب متابعة البرامج العربية التي تطرح سؤالاً في أول الحلقة ولا تجيب عنه. وهذا لاحظه 'زمن' الذي بات يدرك أي برامج هي الأكثر فائدة ويطلب مني تغيير القناة أحياناً... فأنا ضد وضع التلفزيون في غرف النوم، حرصاً على إبقاء العائلة مجتمعة على الدوام.
ماذا حلّ بقصة 'قميص الصوف' المصورة لتوفيق يوسف عوّاد؟
قرن على ولادة رائد في تطوير فن السرد العربي الحديث (1911-1988) وأجيال طالعت قصة 'قميص الصوف' للأديب اللبناني توفيق يوسف عوّاد على مقاعد الدراسة والممثلة اللبنانية رولا حمادة، لم تكن أسباباً كافية لمنح فيلم 'قميص الصوف' فرصة عرض ثانٍ وثالث في الصالات اللبنانية. فـ'هذا الفيلم نفّذ خصيصاً ليعرض مرة واحدة فقط في مناسبة ثقافية برعاية وتمويل وزارة الثقافة اللبنانية وشركة Evolution eight'، هذا ما يقوله الممثل جيل يوسف بطل الفيلم الذي شارك في الإنتاج.
ويلفت:'هذا الفيلم لم يكن موجهاً إلى كل اللبنانيين بل لفئة معينة. فأجواؤه غير واقعية ويصعب على المشاهد فهمها'. ولكن ألا يقبل المشاهد اللبناني على عروض هوليوود غير الواقعية؟ يجيب جيل: 'أسباب كثيرة
حالت دون العرض، مطالبة نجل الأديب بحقوق الملكية الفكرية وكلفة العرض الباهظة...'.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024
مقابلات
بسنت شوقي تتحدّث عن الفن وعلاقتها بزوجها محمد فراج وأسرار رشاقتها
مقابلات
بسنت أبو باشا: أنا محظوظة وأقتدي بالكثير من النجوم
مقابلات