تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

قصة مطرب شعبي هدّد المشاهير بالقتل...

حلم الثراء دفع المطرب الشعبي المغمور «مصطفى» وشقيقه «محمد» إلى الخوض في مغامرة غير محسوبة العواقب، واعتقدا أن الاضطرابات التي تعيشها مصر ستساعدهما على تنفيذ خطتهما، وأن سلاح الخوف الذي استخدماه سيؤدي إلى استجابة الضحايا لتهديداتهما!


عاش المطرب وشقيقه في عالم خيالي، ظنا أن حلم الثروة اقترب منهما، حينما أبدى الضحايا من المشاهير مثل الشيخ محمد حسان والفنانة وفاء عامر والملحن حلمي بكر ومحسن جابر وآخرين، استجابة لمطالبهما بدفع مبالغ تقترب من المليون جنيه.
لكن المفاجأة كانت قاسية للمطرب الشعبي الشاب «مصطفى» وشقيقه «محمد» الطالب بالمعهد الفني، حينما اقتحمت الشرطة مسكنهما في الشقة المتواضعة التي استأجراها في أحد الأحياء الشعبية، فلم يصدق «مصطفى» ما يحدث، ظل لدقائق صامتاً حتى تأكد بالفعل أن الرجال الذين امتلأت بهم شقته هم رجال المباحث!

مشى معهم بهدوء متجهاً إلى قسم شرطة القاهرة الجديدة وهو صامت، ذرف الدمع وهو يشاهد حلمه ينهار أمامه، بعدما ظن أن خطته نجحت، بعدما جاء من الصعيد إلى القاهرة ليستغلّ حالة الفراغ الأمني التي تشهدها البلاد!
اعتقد المطرب الشاب أن أجهزة الأمن منهارة، ولن يستطيع أن يحاسبه أحد، فمن يتخيل أن الشرطة الآن تستطيع أن تراقب الهواتف المحمولة لتتمكن من ضبط المجرمين.
هذا ما لم يحسبه «مصطفى» مطلقاً، لم يضع في اعتباره وهو يجهز لخطة ابتزاز المشاهير أن هناك من يستطيع من رجال الأمن أن يتتبعه ويلقي القبض عليه، أغمض المطرب عينيه وهو يتذكر حواره الأخير مع ضحاياه، حينما أكدوا له أنهم موافقون على طلباته، وأنهم سيدفعون له الأموال التي طلبها، لكنه كان فقط يبتلع الطعم!

الحلم الوردي
لم تكن موافقة الضحايا من المشاهير على طلبات المطرب المغمور وشقيقه سوى جزء من خطة وضعها مدير الأمن العام، الذي طلب من الشيخ محمد حسان، والملحن حلمي بكر، والفنانة وفاء عامر، والمنتج محسن جابر، أن يسايروا المجهوليْن اللذين يهددانهم.
ظن «مصطفى» أن الملايين أصبحت قريبة جداً منه، وظل يتحدث مع شقيقه عن حلمه بشراء شقة وسيارة، وتنفيذ مشروع إنتاج شرائط كاسيت. لم يهتم المطرب الشاب بعلامات القلق التي ارتسمت على وجه شقيقه، الذي كان يتوقع في أي لحظة أن ينتهي الحلم بكارثة، وربما كان «محمد» على حق وكان أقرب بتفكيره إلى الواقع من شقيقه الحالم، الذي قاده طموحه إلى السجن بدلاً من أن يحقق الشهرة التي ظل يحلم بها.
الفكرة سيطرت على مصطفى بعد أيام قليلة من أحداث ثورة «25 يناير»، الجميع كانوا في وادٍ والمطرب الشعبي في وادٍ آخر، ماذا لو سافر إلى القاهرة وحصل على الأرقام الشخصية لهواتف المشاهير وبدأ يبتزهم، ويهددهم بالقتل مستغلاً حالة الرعب التي أسفر عنها الفراغ الأمني في بعض المناطق في مصر!

اعترض شقيقه في البداية، وحذره من السجن، لكن «مصطفى» اتخذ قراره بحسم، ولم يكن عنده أي استعداد لتقبل الرأي الآخر، سافر إلى القاهرة، ومن خلال بعض العاملين في مجال الإعداد التلفزيوني، وبعض صغار الصحافيين، تمكّن «مصطفى» من الحصول على أرقام هواتف بعض المشاهير، ومنهم الشيخ محمد حسان، الداعية الشهير، وشقيقه محمود إبراهيم حسان مدير قناة الرحمة، وكذلك الفنانة وفاء عامر، والملحن حلمي بكر، وأشرف زكي نقيب الممثلين، والشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر!
بدأت رحلة الابتزاز بالشيخ محمد حسان وشقيقه، الذي طلب «مصطفى» منه 50 ألف دولار وإلا سيقتله، وقبل أن يبلغ الشيخ الشرطة، فوجئ بشخص مجهول يهشّم سيارته!
تأكد حسان من جدية التهديدات، وأسرع شقيقه محمود حسان، 45 سنة مدير قناة الرحمة، بإبلاغ الشرطة، وأكد أنه لا يوجد بينه وبين أي شخص خلافات، ولكنه تلقّى والداعية الشهير تهديدات بالقتل من مجهول إذا لم يدفعا المبلغ المطلوب!

رسائل تهديد
اهتمّت أجهزة الأمن بهذا البلاغ، وبدأت عملها لكشف المجرم الغامض صاحب التهديد نفسه، وأكد الفحص أن هناك بلاغات متزامنة تحمل مضمون رسائل التهديد، ويطالب صاحبها مشاهير آخرين بدفع مبالغ كبيرة!
شهدت عدة أقسام شرطة بلاغات مشابهة من المشاهير، لكن طريقة التهديد اختلفت، حيث تنوعت ما بين رسائل نصية تحمل تهديداً بالقتل والتشويه في حالة امتناع الضحية عن دفع 50 ألف دولار، وبين مكالمات مباشرة تحمل المفاوضات حول طريقة تسليم المبلغ، وزادت حالة الذعر التي وقع فيها الضحايا أثناء تلقيهم التهديدات، حيث أخذ الجميع هذه التهديدات مأخذ الجد!
وضعت أجهزة الأمن جميع هواتف الضحايا تحت المراقبة، وطلبوا من المجني عليهم مجاراة المجرمين، والتحدث معهم هاتفياً أطول فترة ممكنة!
ورصدت أجهزة الاتصالات الفنية في وزارة الداخلية استخدام المتهمين ثلاث شرائح للمحمول، يتم نقلها بين خمسة هواتف نقالة للتمويه، لكن رجال المباحث تمكنوا من تحديد الأماكن التي يتمركز فيها المطرب المتهم وشقيقه لإجراء المكالمات!

حصلت أجهزة الأمن على إذن من النيابة العامة لضبط «مصطفى» وشقيقه، وداهموا الشقة التي يسكنها المتهمان، وتم القبض عليهما وبحوزتهما شرائح المحمول، التي تم من خلالها إجراء المكالمات.
حاول المطرب في البداية أن ينكر صلته بالحادث، وأكد أنه ليس مسؤولاً عن تهديد الشيخ حسان ومشاهير الفنانين، لكن اكتشف أن أجهزة الأمن قامت بتسجيل بعض المكالمات الهاتفية التي تحمل صوته، وكذلك لم يستطع أن يفسر رسائل التهديد التي وصلت من هاتفه إلى وفاء عامر، وحلمي بكر وباقي المشاهير!
أمام النيابة لم يجد «مصطفى» مفراً من الاعتراف بجريمته، أكد أنه لم يكن ينوي إيذاء المشاهير، لكنه أراد ابتزازهم مستغلاً حالة الهلع التي تجتاح المجتمع، ظناً منه أن الشرطة غائبة تماماً!
قررت النيابة حبسه وشقيقه ووجهت لهما تهماً عدة، منها الابتزاز والتهديد والشروع في القتل.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079