هند العمري: أساهم في رفع الوعي والإدراك الذاتي عند المرأة العربية
تفتّحت رؤاها على الحرية الفكرية والاستقلال المادي حين بحثت عما تريد خارج الصندوق لتنقش على جسد ذاكرتها "سأكون سيدة أعمال ومدرّبة وكاتبة من طراز رفيع"... هكذا أرادت أن تصبح منذ نعومة أحلامها ثلاثية الأبعاد، قلباً ينعم بالأمومة والعطاء الدائم، وكاتبة لها كينونتها في الحياة الاجتماعية والفكرية، وحققت الإنجاز الثالث لتكون المدير التنفيذي لشركة "جورني" your journey for training and tours. "لها" التقت هند العمري المدرّبة الدولية المعتمدة في التنمية البشرية وتطوير الذات وفلسفة علم النجاح PMA والمعتمد من مؤسسة "نابيلون هيل"، لتغوص في رحلتها الساحرة في عوالم ثلاثة: عالم الأعمال، عالم التدريب وعالم الكتابة، وتطّلع منها على أوراق نجاحها، التي جعلتها متمرّدة لصنع المستحيل حتى استقرت في ذهنها حالة العشق للكتابة كنتيجة حتمية لقراءات متعددة ومتنوعة جعلتها تحلّق في فضاءات العلم والمعرفة.
- الفرس الجامحة بدأت تطلعاتها في عمرٍ صغير، ما الذي كان يدور في خيال هند؟
خيالي الواسع كان سمة طفولية، فرغم كوني طفلة مدلّلة، إلا أنني لم ألعب مثل رفيقاتي الفتيات الصغيرات، بل كنت فضولية مشاكسة أهتم بما يدور حولي من أحاديث الكبار، وذات أذنٍ واعية فاكتسبت الكثير من المفاهيم في سنّ صغيرة، ثم صادقتُ الكتاب، فهو "خير جليس في الأنام"... وتنوّعت قراءاتي حتى أصبحت الكتب عشقي ورفيقة دربي، وسمحت لي بالسفر حول كوكب الأرض مرات عدة. ومع مرور الوقت، صرتُ وفيّة للقراءة التي شكّلت فكري، وبتُّ شغوفة بالتعرّف إلى الآخرين ومشاركتهم.
- وضعتِ خطواتٍ مدروسة لتكوني اليوم سيدة أعمال مميزة، فما الهدف من ذلك؟
أتمتع بفكرٍ واعٍ منذ نعومة أحلامي، فكنت أضع خططاً لكي أنفّذ مشاريعي الصغيرة. ومع مرور الأيام، واستمراري في البحث عن كل ما هو جديد ومفيد، تطوّرت هذه الخطط لتجتمع في بوتقةٍ واحدة تجلّت في إنشاء شركة تدريب عالمية مقرها كوالالمبور في ماليزيا، وهدفها المساهمة في رفع مستوى الوعي التطويري في كل مجالات العمل، ودعم الحسّ القيادي لدى المرأة العربية.
- طموحك لا حدود له...
لو سألت "لها" كل المقرّبين عن طموحي لكانت الإجابة: "لا حدود لطموحات هند"... لأنني أؤمن بقوة بمعتقدين مهمّين في الحياة، الأول: من حق أي إنسان الحصول على ما يرغب. والثاني: قدرة الإنسان الكاملة في الحصول على ما يرغب. وهذا ما أحاول أن أعلّمه للآخرين من خلال دوري كمدرّبة دولية معتمدة، لأن كل مناهجي التدريبية تدور حول هذين المعتقدين.
- نعلم جميعاً أن النجاح يأتي من الفعل "نجح"، لكن مفهوم "علم النجاح وتطويره" واسع وله مفاهيم عدة، فما هو مفهومه بالنسبة إليك؟
النجاح هو الميراث الذي سأتركه للبشرية... لأن النجاح هو علم مثل أي علم آخر، وعلى سبيل المثال لا الحصر علم الهندسة وعلم الرياضيات وعلم الفيزياء وغيرها الكثير من العلوم. فالنجاح علم يختار أن يدرسه الإنسان حتى يفهمه ثم يبدأ بتطبيقه على أرض الواقع. ولا علاقة للنجاح بالأسباب الخارجية، بل هو يعتمد على مهارات الإنسان العقلية باستخدام موارده الثمينة والتي هي المال والوقت والجهد المبذول.
هذا هو النجاح الحقيقي الذي يمنح الإنسان متعة الإنجاز وراحة البال والعلاقات الجيدة، باعتباره القدرة الكامنة على استثمار العقل بأسلوب جيد.
- لكل شيء مفتاحه، ما هي مفاتيح النجاح التي يجب على الإنسان امتلاكها ليحقق ما يريد؟
المفتاح الأول والأخير هو تحديد رغبة الإنسان في أن يكون واضحاً مع نفسه، ويعرف ماذا يريد بالضبط، ولماذا يوفر الكثير من الوقت، كي يساهم بسرعة في إنجاز الأمور بطريقة مؤكدة.
- من مفاتيح النجاح تقبُّل الأفكار، هل في وسع كل شخص أن يتقبّل الأفكار الجديدة، أم سيمر في معالجة فكرية قطعاً أثناء التدريب؟
المرونة الفكرية أساسية في نجاح الأعمال واستمرارها، لذا أشجّع متدرّبي الشركة لأن يكونوا على مقدار كبير من الانفتاح والتكيّف مع متغيرات العصر الحديث، خصوصاً أن عصرنا الحالي يتميز بالغموض والتعقيد وسرعة التقلّب والأمور غير المتوقعة. لذا فإن المواكبة اللحظية هي من سمات رواد الأعمال، وستضمن لهم تطوير الجودة والاستمرار في سوق العمل.
- للنجاح أهداف كثيرة، ما الهدف الذي تسعى إليه هند، وأي نجاح تريد؟
هدفي الأساس في الحياة هو المساهمة ولو بدور صغير جداً في رفع مستوى الوعي والإدراك الذاتي عند المرأة العربية، لأن نجاح أي امرأة عربية في إدارة شؤونها وتمكّنها من عيش حياة كريمة تليق بها، هما ضمناً نجاح لهند العمري. لذا أركّز في تقديم برامج تدريبية خاصة لتنمية الشخصية القيادية لدى المرأة على أمل أن أكون سنداً لها وإن بدور متواضع.
- التعليم من أهم عوامل النجاح عند الإنسان حتى وإن لم يقترن بالثقافة العامة، فما رأيك؟
لي مفهوم خاص عن التعليم أحب أن أتشاركه معكم. المفهوم العلمي عندي لا ينتهي ولا يبدأ بالتعليم الأكاديمي، لأن التعليم الأكاديمي جزء من عملية التعليم الكاملة بالنسبة الى الإنسان، والدليل على ذلك مناهج المدرسة والجامعة التي تمدّنا بالمعرفة النظرية فقط، وبالتالي يجب على الإنسان أن يبحث بنفسه عن المكان المناسب لتطبيق ما تعلّم. ومن هنا يبدأ التعليم العملي، والذي يتضمن تلقّي الدورات التدريبية، والعمل بإرشادات المختصين، والبدء الفوري بتنفيذ مشاريع صغيرة لاكتساب بعض الخبرات الضرورية، وبهذه الطريقة يمكننا القول إن عملية التعليم متوازنة بين شق نظري معلوماتي وآخر عملي تطبيقي.
- برنامج "نابيلون هيل" لفلسفة النجاح والإنجاز الشخصي، ما هي هذه الفلسفة وماذا تخدم؟
الدكتور نابيلون هيل شخصية معروفة في الشرق الأوسط من خلال كتبه المتنوعة. قرأت كتبه في سنّ صغيرة جداً، وكانت قريبة لفكري وتفكيري كبرعم صغير يتفتح على الحياة التي علّمتني الكثير حتى أصبحتُ مدرّبة دولية معتمدة في التنمية البشرية. إضافة الى ذلك، درست الفلسفات القديمة والحديثة والتي ساعدتني في بلوغ أهدافي. وكنتيجة حتمية، وصلت أخيراً لدراسة المنهج الأصلي في مؤسّسة "نابيلون هيل" في شيكاغو، وحصلت على شهادة مدرّب معتمد. أما فلسفة نابيلون هيل فتعتمد على ربط مبادئ عقلية محدّدة كوصفة، بمجرد أن يبدأ الإنسان بتطبيقها واحدة تلو الأخرى، يتمكن من ممارستها بالكامل، وتبدأ معها حياته بالتغيّر الى الأفضل. ومن العناصر المهمة لتفعيل هذه الفلسفة: تحديد الهدف، المبادرة، الشخصية المحبوبة، وغيرها من العناصر التي أضيفها سرّاً إلى كل دوراتي التدريبية.
- أنتِ شغوفة بدراسة العقل البشري بكل تفاصيله الظاهرية والباطنية، كيف يتحقق لكِ ذلك؟
لطالما أردت معرفة ما الذي يمكن العقل أن يفعله، وسعيت لتحقيق ذلك وبحثت عن تلك النعمة الخفية والجبّارة في الوقت نفسه. هذا الهوس الطفولي كبُر معي ولم يتغير أبداً، فطرقت كل أبواب العلوم التي تخبرني عن إمكانياته وقواه، ولم يتوقف بحثي الدؤوب يوماً، لأن للعقل إمكانيات كامنة تتفتح فقط عند الغوص بين تلافيفها، لذا حاولت في كتابي "مهاراتك العقلية نقطة الانطلاق لمعرفة الذات" أن أطرح مفاهيم بسيطة وميسّرة للقارئ عن بعض المهارات العقلية وكيفية تنميتها.
- رحلة طويلة ومميزة... ما هي استراتيجيتك في الحياة؟
الكاتب توفيق الحكيم يقول في إحدى مقالاته "أكون أو لا أكون"... حياتي كلها هنا، وأسعى لتقديم الأفضل لبنات جيلي.
- ما هي النصائح التي تسدينها لبنات جيلك؟
أنا لا أقدّم نصائح، بل رؤية أحب أن أتشاركها مع كل نساء الأرض. كوني امرأة تغار الفراشات من فكرك وبهجتك وجمالك.
- مَن هي هند الإنسانة والأم؟
هند الإنسانة امرأة بسيطة جداً يسعدها فنجان قهوة، أما هند الأم فتحاول أن تكون منارة لأطفالها حتى يكبروا ويختار كل منهم طريقه الخاص.
- كلمة أخيرة...
الحياة رحلة جميلة، مغامَرة شيّقة، تجارب متنوعة، علاقات بنّاءة، علوم ومعارف، أعمال ونشاطات، أسباب ونتائج، لعب ومرح، محبّة واحترام... وهذا متاح لنا جميعاً، إذا قررنا النجاح.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024