أنغيلا ميركل... أهم المحطات السياسية والمواقف المحرجة في مسيرة المستشارة الألمانية
"المرأة الحديدية"، لقب يكفي لمعرفة أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هي المقصودة، إذ لطالما إرتبط إسمها بمواقفها الصارمة وصلابة خياراتها على مدار 16 عاماً من توليها منصبها المهم ودورها السياسي القوي في البلاد. ورغم الألقاب القوية التي تطلقها الصحف ووسائل الإعلام على ميركل إلا أن الألمان اعتادوا لسنوات على تسميتها بـ"الأم"، ربما لعاطفتها ووطنيتها وقدرتها على التفاعل بسرعة مع مطالبهم الاجتماعية والسعي لمعالجتها.
وبعد سنوات طويلة في السلطة، باتت أقوى امرأة في العالم، في المرحلة الأخيرة من حقبتها، حيث تنتهي ولايتها عام 2021 وذلك بعدما تنازلت عن الترشح لمنصب رئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي، ويدير الحديث في الكواليس أن السيدة أنغريت كرامب كارنباور قد تتولى منصب المستشارة خلفاً لها بعد أن تولت رئاسة الحزب خلفاً لها.
مسيرة أنغيلا ميركل السياسية
دخلت أنغيلا دوروثيا كاسنر عالم السياسة عام 1989، بعد سقوط جدار برلين، وتقدمت في المسؤوليات السياسية بفعل قدراتها وجديتها في العمل لتصل إلى منصب زعيمة الحزب الديمقراطي المسيحي، ثم تصبح عام 2005، أول امرأة تتولى منصب المستشارة الألمانية.
وعُينت ميركل في حكومة هلموت كول وزيرة للمرأة والشباب، ثم وزيرة للبيئة والسلامة النووية. وبعد هزيمة كول في الانتخابات البرلمانية بسبب إتهامات بفساد مالي قامت ميركل بإزاحته من الحزب لمنعه من الإنهيار وعُينت أمينة عامة للحزب، ثم زعيمة للحزب عام 2000، ولكنها خسرت المنافسة لتولي منصب المستشار، أمام إدموند ستويبر عام 2002.
وفي انتخابات عام 2005، فازت ميركل بفارق ضئيل على المستشار غيرهارت شرويدر، وبعد التحالف بين "المسيحي الديمقراطي" و"الاجتماعي الديمقراطي"، عُينت ميركل أول مستشارة في تاريخ ألمانيا، وهي أيضا أول مواطنة من ألمانيا الشرقية تقود البلاد بعد الوحدة. وأعيد انتخابها لفترة ثانية عام 2009، ثم لفترة ثالثة عام 2013.
ونجحت المستشارة في الحصول على لقب "أقوى امرأة في العالم"، بحسب تصنيف مجلة "فوربس" الأميركية، نظراً لبقائها في الحكم مدة طويلة ولنجاحها في معالجة الكثير من المشاكل خلال الأزمة الاقتصادية العالمية، ما ساهم في صمود ألمانيا بقوة وصلابة بعدما أصابت الأزمة أغلب الدول الأوروبية بالركود، وكادت أن تودي ببعضها إلى الإفلاس.
وتعرف أنغيلا بأنها قليلة الكلام وتركز خلال اللقاءات والمؤثمرات على الايماءات والحركات الجديّة التي تعبر من خلالها عن امتعاضها أو سعادتها، وكذلك الأمر بالنسبة لمساعديها والمسؤولين في حكومتها فهي لا تحب الكلام بل تتواصل معهم طوال الوقت من خلال الرسائل النصية. وميركل امرأة شغوفة بالتكنولوجيا المتطورة، ونشطة على مواقع التواصل الاجتماعي.
مواقف محرجة خلال مسيرتها السياسية
منذ تولي ميركل لمنصب المستشارة الألمانية وهي محط أنظار وسائل الإعلام العالمية، بسبب شخصيتها المتميزة ومنصبها المهم في الساحة الدولية، ما جعلها تمرّ بمحطات عدّة محرجة خلال مسيرتها السياسية والتي نجحت في تجاوزتها بحنكتها السياسية وتفكيرها البراجماتي الصلب.
تعتبر مشكلة اللاجئين من أصعب الأزمات المحرجة التي لا تزال ميركل تعيشها مع الشعب الألماني بعدما فاجأت العالم بإعلانها عن فتح حدود بلادها لجميع اللاجئين عندما اشتدت أزمة المهاجرين الهاربين من الحروب والمجاعة، ودخل بالفعل أكثر من مليون لاجئ أغلبهم سوريون، فواجهت أنغيلا معارضة كبيرة من جهات عدة في البلاد، ما أدى إلى تأثير هذا القرار على شعبيتها بشكل سلبي في الانتخابات، لكنها أصرت على التمسك بموقفها من اللاجئين فزادت نقمة الألمان عليها بشكل كبير وشنوا مظاهرات مناهضة لها ولسياسة الحدود المفتوحة التي فرضتها على الشعب.
وواجهت ميركل أيضاً موقفاً صعباً خلال أزمة الانهيار الاقتصادي الخطير في اليونان بعدما سعت بكامل قوتها إلى إخراج أثينا من الاتحاد الأوروبي ولكن مع الضغوط التي واجهتها أجبرت على التراجع وقررت دعم اليونان وإنقاذها تحت شعار "لا بديل" عن ذلك. وإزاء موقفها السلبي من أزمات بعض الدول الأوروبي، تصفها وسائل الإعلام مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا، بالشدّة والتجبر، بعدما فرضت عليهم إجراءات تقشف صارمة، عانت منها طبقات اجتماعية واسعة.
وتصدرت ميركل عناوين الصحف العالمية عام 2013، عندما اتهمت أجهزة المخابرات الأميركية بالتنصت على مكالماتها الهاتفية، وشنت هجوماً واسعاً على أميركا خلال مؤتمر لقادة الدول الأوروبية، واصفة قضية التجسس عليها بالأمر غير المقبول.
كذلك مرت ميركل بأزمة كبيرة بعدما رفعت شعار "لا للطاقة النووية"، وذلك بعد كارثة مفاعل فوكوشيما الياباني عام 2011، أحالت المستشارة المفاعلات الالمانية للتقاعد بحلول 2022 وجعلت ألمانيا من أكثر دول العالم استثماراً في الطاقة البديلة.
المستحقات الخاصة بميركل بعد التقاعد
ذكر حساب اتحاد دافعي الضرائب الألماني أن ميركل ستتلقى مزايا تقاعد شهرية تبلغ حوالي 15 ألف يورو بعد تركها لمنصبها. وهذه المستحقات ناتجة عن عضويتها طويلة الأمد في البرلمان الألماني "بوندستاغ" ووقت عملها كوزيرة ومستشارة اتحادية. وأوضح الاتحاد أنه بالنسبة لعضوية ميركل في البرلمان الألماني فإنها تحصل على هذا المعاش وفقاً لقانون مستحقات نواب البرلمان، ومستحقات أعضاء الحكومة الاتحادية وفق قانون الوزراء الاتحادي. ووفقا للمادة 20 من قانون أعضاء البرلمان يحق للمستشارة الألمانية الحصول على الحدّ الأقصى من بدلات الأعضاء لمدة 31 عاماً تقريباً، ويصل هذا الحدّ في حالتها إلى 65 % من راتبها كعضو في البرلمان. ومع ذلك يتم حساب استحقاقات التقاعد المختلفة المتوجبة عليها سنوياً.
ماذا ستفعل المستشارة الألمانية بعد رحيلها؟
مع اقتراب تخليها عن كرسي المستشارية الذي شغلته لمدة 16 عاماً، أكدت ميركل خلال زيارتها للولايات المتحدة الأميركية أخيراً أنها ستواصل الإهتمام ببعض المشاكل العالمية التي توليها أهمية كبيرة ومن بينها التغيّرات المناخية.
وأشارت المستشارة الألمانية إلى أنها بعد التقاعد ستعطي الوقت الكافي لنفسها لأنها تشعر بحاجتها للراحة، حيث ترغب في التمتع باستراحة طويلة للتفكير في الأمور التي تثير اهتمامها والاستمتاع بوقتها، لافتة إلى أنها لم يكن لديها خلال السنوات الماضية "الوقت الكافي للقيام بذلك".
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024