تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

إتهام روتانا بالتطبيع مع إسرائيل

تحت عنوان "روتانا تبيع التراث الغنائي العربي لإسرائيل"، نُشرت مقالات عديدة في الصحف والمجلات العربية تطرّقت إلى هذه المسألة، بعد صدور أغنية "ع بالي حبيبي" لإليسا مغنّاة بصوت مطربة إسرائيلية، أي اللحن ذاته ولكن بكلام عبري.
اللافت أن الأغنية صدرت ضمن ألبوم رسمي للمغنية الإسرائيلية سارييت حداد، كما يذُكر على غلاف الألبوم إسم الملحن سليم سلامة (ملحن أغنية "ع بالي حبيبي")، الأمر الذي عزّز الشكوك في أن تكون شركة روتانا المنتجة لأعمال إليسا، قد منحت بالفعل حقوق نشر هذا اللحن للمغنية الإسرائيلية.
الشكوك التي حامت حول روتانا ليست جديدة طبعاً، ولا تقتصر على أغنية "ع بالي حبيبي" فقط، بل تعود إلى عامين تقريباً ومنذ لحظة انتشار أخبار الشراكة بين الأمير الوليد بن طلال صاحب شركة روتانا، وروبرت مردوخ صاحب شركة "فوكس" العالمية التي يُقال إنها تدعم إسرائيل في شكل كبير وتقدم مساعدات للجيش الإسرائيلي تقتطعها كنسبة من أرباحها حول العالم. كما برز أيضاً هذا الاتهام لشركة روتانا على خلفية "عقود التفرّغ" الجديدة التي اعتمدتها روتانا أخيراً مع الملحنين والشعراء الذين يتعاونون معها.


عقود التفرّغ تؤخّر ألبومات وردة وفضل شاكر ووائل كفوري

هذه العقود طرحت إشكالية جديدة في مسألة حقوق النشر والملكية الفكرية والأدبية الخاصة بالملحنين والشعراء، وقد رفض عدد منهم إبرام هذه العقود مع شركة روتانا معتبرين أن فيها تنازلاً كاملاً عن حقوق الملحن والشاعر كلّها لمدة خمسين سنة، إذ يحق لروتانا أن تبيع الأغنية مجدداً لأي جهة تريدها سواء شركة أو مطرب، كما لا يحق للملحن أو الشاعر المطالبة بأي حقوق له جراء إعادة البيع. هذا ما قاله الملحنون الذين رفضوا ما سُمّي "عقود التفرّغ" ومنهم على سبيل المثال الملحن بلال الزين الذي سحب الأغنيات التي لحّنها للفنانة وردة والتي كان يفترض أن تصدر في ألبومها الجديد مع روتانا، إذ قال حينها الزين: "رفضت إبرام العقد وكتابة التنازلات الخاصة بالأغنيات لشركة روتانا، فما الذي يضمن عدم إعطاء حقوق هذه الأغنيات لإسرائيل بما أن روتانا متعاقدة مع "فوكس"!".

وبدوره رفض الملحن المصري وليد سعد هذه العقود ما أخّر صدور ألبوم الفنان فضل شاكر. فوليد يرفض إعطاء التنازلات لروتانا، وروتانا لا تستطيع إصدار أي ألبوم لفضل أو لسواه دون تنازلات الملحن.... كما أن الفنان وائل كفوري بدوره يواجه مشكلة في تجديد العقد مع شركة روتانا لهذا السبب، كون أغلب أغنيات ألبومه الجديد من ألحان بلال الزين، فإما عليه أن يختار أغنيات أخرى من ملحن آخر أو ينتظر ريثما يقتنع بلال الزين أو تغير روتانا هذه السياسة...

وقد عاد موضوع اتهام روتانا بالتعاون مع إسرائيل بعد صدور أغنية إليسا "ع بالي حبيبي" بصوت مغنية إسرائيلية. الملحن سليم سلامة نفى نفياً قاطعاً أن يكون قد أعطى أي تنازلات مؤكداً أن هذه المسألة محسومة بالنسبة إليه، وهو شخص يستحيل أن يقبل أن تغني مطربة إسرائيلية لحناً ألّفه هو. وقد نُشرت مقالات أكّدت أن روتانا هي من باع اللحن للمغنية الإسرائيلية، بما أن سليم سلامة قد وافق على عقود التفرّغ تلك، بمعنى أن روتانا تملك الحق القانوني لهذا البيع. وما عزّز الشكوك هو أن اسم المحن سليم سلامة مُدرج على ألبوم المغنية الإسرائيلية، فقيل إن إدراج الاسم يعني بشكل حازم أن المغنية تملك تنازلات الأغنية، وبالتالي حصلت عليها من روتانا أو عبر وسيط، أي قد تكون روتانا باعتها لشركة، وهذه الشركة بدورها باعتها للمغنية الإسرائيلية.

بعد هذه البلبلة، خرجت روتانا عن صمتها للمرة الأولى وردّت ببيان قاسي اللهجة استنكرت فيه هذه الاتهامات رافضة أن يزايد أحد على وطنيتها أو وطنية مالكها الأمير الوليد بن طلال. وقد جاء في البيان:


بيان قاسي اللهجة

بالإشارة إلى موضوع التعدي على لحن أغنية "عا بالي حبيبي" من قبل المؤدية العبرية، ونظراً إلى خطورة الموضوع والغوغائية وعدم المسؤولية في طرحه وعدم تقصّي الحقائق الفعليّة الكامنة وراءه، ناهيكم عن الغايات المبيتة والمغرضة مؤخرا تجاه الشركة من قلة، وأسبابهم وغاياتهم معلومة، يهمّ شركة روتانا  ان تؤكد بادىء ذي بدء عدم صحة المعلومات المتداولة مؤخرا في هذا الموضوع والتأكيد بأن لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بهذا الموضوع بدليل أن كل الاخبار الملفقة والتي يتم تداولها إعلاميا دون مسؤولية ليست مبنية على اي دليل موثق لا بل أنها مبنية على أقوال بعض المتطفلين على الفن والإبداع والقانون وفي الأصل المجتمع الجدّي والرصين والموزون براء من أمثالهم. لذلك إن الشركة تؤكد على ما يلي:

1- أنها مستاءة جدا مما يشاع  دون ورع وكأنه بالامكان التعرّض لعروبتها ولانتمائها المعروف الهوية هكذا وبكل بساطة!

2- أن الكثير من الإعلام في لبنان أصبح يتعاطى بخفة مطلقة وبقلة مسؤولية في كافة المواضيع الفنية حتى تلك المتعلقة بالعدو الصهيوني وكأن الأمر مزحة: وهذا التعاطي غير المسؤول لا يساهم فقط في التعتيم على المعتدي على الحقوق ألا وهو الكيان الغاصب في الأراضي المحتلة لا بل إنه يساعد هذا الكيان على تشويه سمعة وصورة أكبر منتج وناشر عربي يستثمر ملايين الدولارات في الإقتصاد اللبناني وكأن المطلوب ان تقفل الشركة مكاتبها في لبنان...

3- تؤكد الشركة على أنها لا ترخص حق الآداء العلنيّ العائد لأصحاب حقوق المؤلف، لا بل إن أصحاب الحقوق هؤلاء إنما تنازلوا عند انضمامهم للساسيم عن هذا الحق لها، فأضحت الجهة الوحيدة المخولة قانونا ترخيص هذا الحق في العالم مباشرة و أو بصورة غير مباشرة عبر الشركات المحلية في كل دولة والمتعاقدة مع الساسيم من خلال منظمة السيساك، فإذا كان فعلا هنالك ترخيص آداء علني صدر عن الشركة العاملة في الأراضي المحتلّة (شركة عاكوم) فيكون أصحاب الحقوق أنفسهم المسؤولين الوحيدين عن إمكانية حصول هكذا أمر لكونهم انضموا الى الساسيم دون استثناء الأراضي المحتلة.
أما بعد، فإن الشركة تؤكد أنها كناشر لأعمال العديد من أصحاب الحقوق هؤلاء لم ولن تصدر أي ترخيص تكييف لأي من هذه الأعمال لأي مؤد في الأراضي المحتلة وعلى من يزعم العكس أن يقدم الدليل الموثق تحت طائلة الملاحقة القانونية والتي لن تتوانى الشركة في اتخاذها وضعا للأمور في نصابها القانوني السليم ومنعا للضرر المتفاقم.

تحتفظ شركة روتانا بحق إتخاذ كافة التدابير القانونية في القريب العاجل ضدّ كل من سوّلته نفسه إتهامها في موضوع التعدّي على لحن الملحن سليم سلامة وتتمنى من كافة الوسائل الإعلامية توخي الحرص والدقة في ما تنقله من أخبار واختيار أشخاص مشهود لهم في مضمار الملكية الفكرية وليس مما له مصالح وحسابات ضيّقة ضد الشركة ويعتقد أن عبر زجّها في هكذا موضوع بإمكانه تصفية حساباته معها. على كل حال تطلب الشركة من كافة الوسائل الاعلامية عدم ذكر أي خبر عنها من الآن وصاعدا قبل إعلامها به وأخذ موافقتها الخطيّة عليها منعا للضرر وحرصا على الحقيقة. إنتهى البيان.

روتانا متعاقدة مع "ساسيم باريس" واستثنت في تنازلاتها الأراضي المحتلة" ولا علاقة لشركة "فوكس" بحقوق الملكية الفكرية في روتانا

أجرت "لها" اتصالات عديدة بجهات قانونية وحقوقية من داخل روتانا وخارجها، للاستفسار حول بعض النقاط، وقد قال مصدر في روتانا إنه لا يجوز التعدّي على حقوق روتانا المعنوية والأدبية وتوجيه هذا الاتهام الخطير إليها دون الحدّ الأدنى المطلوب من الموضوعية". أما المصادر الحقوقية المختصّة في مواضيع حقوق الملكية الفكرية والأدبية فقد ذكرت"أن الاستناد الوحيد لهذا الاتهام هو أن اسم الملحن سليم سلامة مكتوب على الألبوم، ولكن هل يستغرب أحد أن تكون جهات اسرائيلية قد اعتدت على حقوقنا الثقافية؟ وهل هذا أمر مستغرب عن إسرائيل؟".

كما أن القول بأن روتانا تبيع التراث بعد شراكتها مع روبرت مردوخ هو قول غير دقيق كما ذكر الحقوقيون، لأن روبرت مردوخ يملك 7 بالمئة فقط من أسهم شركة روتانا ولا علاقة له بالحقوق الملكية الفكرية والأدبية الخاصة بروتانا، بل إن كل ذلك منوط باسم شركة روتانا حصراً، أي هو تماماً كأي مساهم في أي شركة، وبالتالي لا يحق لكل المساهمين التدخل في إدارة الشركة وقراراتها أصلاً.

كما تبيّن أنه كي يحق للمغنية الإسرائيلية إصدار الأغنية في شكل شرعي، يجب أن تكون قد حصلت على أمرين، أولهما الحقوق الميكانيكية، أي التي تخوّل الشركة المنتجة طبع "السي دي" والكاسيت، وأيضاً أن تكون قد حصلت على حقوق النشر، والناشر هو روتانا، وطبعاً روتانا لم تمنح هذه الحقوق لأي طرف إسرائيلي بحسب ما ذكرت في بيانها. ولنفرض أن المغنية الإسرائيلية حصلت على الحقوق الميكانيكية من خلال إحدى الشركات التي اشترتها من روتانا أو من "ساسيم"، تبقى في حاجة إلى حقوق النشر من الناشر، وهو أمر لم يحصل مطلقاً بحسب بيان روتانا، خصوصاً ان البيان يطالب من لديه وثيقة بهذا الخصوص أن يبرزها.

ومن المهم القول إن روتانا عندما أصبحت شركة نشر وتعاقدت مع جمعية "ساسيم" في باريس، أدرجت بنداً واضحاً ينصّ على استثناء الأراضي المحتلة في أي تنازل صادر منها. كما أن روتانا هي التي أصبحت تتابع حقوق المؤلفين والملحنين اللبنانيين في الخارج، وهم طبعاً الملحنون الذين أبرموا عقود التفرّغ التي تعني أن روتانا أصبحت الناشر الرسمي لأعمالهم.

والجدير ذكره أن عدداً كبيراً من المؤلفين في لبنان وافقوا على عقود التفرّغ وأبرموها، أما الذين لم يوافقوا، فقد وجدوا أن العقود لا تناسبهم وهم أحرار في ذلك، لكن هذا لا يعني أنهم أصبحوا على عداوة مع روتانا كما يتخيّل البعض، فالمسألة مسالة عرض وطلب كما تقول مصادر روتانا.

وفي ما يخصّ عقود التفرّغ، تبيّن أنه بموجبها يحصل الملحن والشاعر على نسب واضحة من بيع أعماله أو إعادة استعمالها أو تكييفها عبر روتانا للنشر (والتكييف يعني تقديم الأغنية بغير لغتها الأصلية). بمعنى أنه لو أرادت روتانا بيع إحدى أغنياتها لشركة كي تستعملها في إعلان مثلاً، يفترض أن تنال روتانا نسبة من المبلغ المتفّق عليه في العقد من "ساسيم باريس"، وتقتطع من نسبتها النسبة الخاصة لكلّ من الملحن والشاعر، اللذين يتقاضيان أصلاً نسبة إضافية من "ساسيم بيروت" في حال كانا منتسبين إليها.

سليم سلامة يؤكّد: لم أبرم عقد التفرّغ لروتانا

في اتصال هاتفي أجرته «لها» مع الملحن سليم سلامة أكّد وجزم أنه لم يبرم عقد التفرّغ مع شركة روتانا كما يعتقد البعض، وقال إن التنازلات الخاصة بأغنية إليسا «ع بالي حبيبي» قديمة وهي مثل كل التنازلات الأخرى التي كان يوقّعها الملحنون والشعراء قبل أن تصبح روتانا شركة نشر وتحوّل التنازلات إلى ما يُسمّى اليوم عقود التفرّغ. وقال سلامة إنه أرسل كتاباً إلى شركة روتانا بمجرد صدور الأغنية بصوت المغنية الإسرائيلية، وذلك قبل أن ترسل روتانا بيانها إلى الصحافة. وأضاف سلامة أنه أرسل أيضاً كتاباً إلى «ساسيم بيروت» حول هذا الأمر، فأتاه الردّ من المحامي سمير تابت، محامي «ساسيم بيروت» يخبره فيه أن في إسرائيل قانوناً يسمح لهم بالتصرّف في أي أغنية يريدونها في أي بلد في العالم، كما قال إن تابت أكّد له أن «الساسيم» من دون شك لم تبع الأغنية لأي جهة إسرائيلية.

وأبدى سليم سلامة أسفه الشديد حول ما يحصل خصوصاً لجهة عدم وجود قانون حماية واضح يردع إسرائيل وغيرها، التي تدّعي أنها تعمل وفق قوانين، إضافة إلى أنها تدفع الحقوق في الجمعيات الحقوقية الخاصة بالتأليف والنشر، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام لأنه أمر غير واضح على الإطلاق. مضيفاً أنه علم أن شركة «عاكوم» في اسرائيل هي التي أعطت سماحاً للمغنية الإسرائيلية لاستعمال أغنية إليسا، أما من أعطى الشركة الحق فهو الأمر غير المفهوم أبداً. وقال سلامة إن التنازلات القديمة ومنها تنازلات أغنية «ع بالي حبيبي» فيها بند واضح يقول: «يحق لشركة روتانا أن تستعمل العمل كما تراه مناسباً».

وفي معلومات خاصة بـ «لها»، تبيّن أن التنازلات القديمة التي كانت مُعتمدة لا تتوافق مع القوانين العالمية، وبسبب ذلك عمدت روتانا إلى عقود التفرّغ وذلك بعد نصيحة حقوقيين عالميين قالوا للمسؤولين في روتانا إن هذه التنازلات غير شرعية وإنه كي يحق للشركة أن تنشر هذه الأعمال يجب أن تخصص نسباً للمؤلفين والملحنين، وهذا هو ما اعتمدته روتانا بالفعل. أما عن أسباب رفض عدد كبير من الملحنين والشعراء إبرام العقود الجديدة القانونية، أي عقود التفرّغ، فتعود إلى أن النسبة ضئيلة جداً ولا تتعدى الـ 3% إن استعمل العمل في إعلان، وخمسة بالمئة إن استعمل كرينغ تون ومختلف أنواع الديجيتال و10% إن استعملت في فيلم. أي إن روتانا تحصل على النسبة الأكبر بينما يبقى الفتات للملحن والشاعر كما يرى البعض.

ردّ سمير تابت محامي «ساسيم بيروت»

اتصلنا أيضاً بالمحامي سمير تابت لسؤاله عن الكتاب الموجّه من سليم سلامة وردّ الساسيم على هذا الكتاب، فأوضح أن ما ذكره سلامة صحيح وأنهم بالفعل أبلغوه أن إسرائيل تعمد إلى قرصنة العديد من الأعمال حول العالم بموجب قانون خاص بها. وذكر أن «ساسيم بيروت» أرسلت كتاباً إلى «الاتحاد الدولي لجمعيات المؤلفين والناشرين» («سيساك» ومقرّه أوروبا)، وأن الكتاب شكوى رسمية وإنذاراً ضدّ ما يرتكب في إسرائيل من تعدّ وقرصنة على حقوق المؤلفين والملحنين. واكّد تابت أن لا سليم سلامة ولا روتانا ولا الساسيم (إن في لبنان أو في باريس) طبعاً أعطت أي تنازل لاستعمال أغنية إليسا في إسرائيل، وذكر أن «ساسيم باريس» لا تستطيع أصلاً بيع أي عمل دون العودة إلى الملحن والشاعر وأخذ موافقتهما. أما الاتحاد الدولي لجمعيات المؤلفين والناشرين» (سيساك)، فهو يضم حوالي 170 دولة منها مصر وبريطانيا وتونس والجزائر والمغرب وأميركا وغيرها، لكن تابت لا يعلم إن كانت إسرائيل عضواً فيه. لكن في بحث سريع على الانترنت في موقع (سيساك) يتبيّن أن اسرائيل عضو فيه.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080