المصرية ياسمين تنقل ثقافة زوجها الهندي على "يوتيوب" وتصحّح المعتقدات الخاطئة عند العرب
قد يعتقد البعض أن الاندماج في مجتمع جديد بعاداته وتقاليده المختلفة مهمة صعبة وتكاد تكون مستحيلة، غير أن هذه الحالة كانت بعيدة تماماً عن الشابة المصرية ياسمين علاء الدين، التي لحقت قدرها واختارت أن تتزوج من شاب هندي وتنتقل معه الى نافي مومباي الهندية للعيش في كنف عائلته، وتندمج مع عاداتهم وأفكارهم كما لو أنها هندية الأصل. ونجحت المهندسة المعمارية في نقل تجربتها الجديدة في المدن الهندية والاختلافات الكبيرة لناحية الثقافة والمجتمع والبيئة بكامل تفاصيلها عبر "يوتيوب" بقالب لا يخلو من البساطة والعفوية والصدق.
واللافت أن ياسمين لم تكن تخطّط لدخول عالم الـ"يوتيوب"، ولم يكن يخطر في بالها أن تبتعد عن مجال عملها في القاهرة كمهندسة، حيث بدأت في تصوير كل ما تراه غريباً وجديداً في الهند، ثم ترسله إلى عائلتها وأصدقائها في مصر، ليتفاعلوا مع تلك التجارب والحياة المختلفة في مومباي باندهاش وحفاوة، وتنتقل بالصدفة إلى مشاركة ما تصوّره من فيديوهات ومعلومات على موقع "يوتيوب"، المتابعين وكل من يهتم بمتابعة تجربتها مع زوجها "أفضل" الذي يعمل مهندساً مدنياً لمعرفة المزيد عن الثقافة الهندية.
"ياسمين" و"أفضل" ينقلان الطاقة الإيجابية الى المتابعين
وتحرص الشابة المصرية على إيجاد المزيد من الأفكار المتنوعة لنقلها إلى متابعيها وخاصة العرب منهم، وتسعى إلى تطوير مهاراتها من خلال الدراسة لتحسين المحتوى والمونتاج، بينما زوجها الذي يقدّم لها كل الدعم لإنجاح مقاطعها على "يوتيوب"، كان العامل الأكبر في تطوير شكل الصورة لاهتمامه الكبير بالتفاصيل التقنية وسعيه الدائم إلى تطوير جودة التصوير والإخراج.
ورغم أن الثنائي الهندي- المصري يشارك جزءاً صغيراً لا يتعدّى الـ30 في المئة من حياتهما اليومية الشخصية، إلاّ أن المتابعين يهتمون بمقاطعهما التي تتناول الكثير من المواضيع الثقافية العامة، وأحياناً بعض المواقف الكوميدية، إضافة إلى الاختلافات في العادات والتقاليد بين العرب والهند، وتقول ياسمين: "نحن نعامل متابعينا على أنهم ضيوف كرام عندنا"، مؤكدةً أن "هناك الكثير من الموضوعات الشخصية التي لا نشاركها على السوشيال ميديا، ولدينا معايير ونراعي بشكل كبير احتمالية أن يشاهد أطفال عملنا فيكون هذا دائماً محور اهتمامنا، كما نحرص على عدم تصدير الأفكار أو الأحاسيس التي قد تؤثر سلباً في أي شخص يتابعنا، ونسعى لنقل كل ما يحمل طاقة إيجابية إليهم".
المجتمع الهندي لطيف وبسيط جداً
وتمكّنت اليوتيوبر المصرية من الاندماج مع المجتمع الهندي بشكل سريع، وكان للمقاطع التي نشرتها على "يوتيوب" دور كبير في ذلك من خلال تعرّفها عن قرب على العادات والتقاليد، كما حاولت مزج ثقافتها مع الثقافة الهندية. وعن ذلك تقول ياسمين: "المجتمع هنا لطيف وبسيط جداً، وهم يتفهمون كوني مختلفة عنهم ويحبّون هذا الأمر كثيراً ويحاولون معرفة المزيد عن ثقافتي وحياتي في مصر".
وقدّمت ياسمين نصائح لكل شابة قد تعيش تجربتها وتنتقل للعيش في بلد آخر بأن تبقى على طبيعتها وتكون نفسها وألاّ تحاول الاندماج بالمجتمع الجديد والمختلف عنها كي لا تنسى شخصيتها الحقيقية قبل الغربة. كما توصيها بأن تسعى الى إيجاد أشخاص قريبين منها في الفكر بشكل عام، وأن تحترمهم وتشاركهم ثقافتهم بقدر المستطاع.
نظام الزواج الهندي صعب على المرأة العربية تقبّله
وتلفت ياسمين إلى أن أوجه الشبه كثيرة بين المجتمعين العربي والهندي، قائلةً: "لم أكن أتوقع هذا قبل سفري، لكن بعد العيش هنا وجدت الكثير من التشابهات، فالمجتمع الهندي مجتمع شرقي وخاصة أفراده المسلمين الذين يتخّذون من المجتمع العربي مثالاً وقدوةً، والتشابه يبدأ من الملابس وصولاً الى المأكولات والاحتفالات. وأيضاً بسبب الوافدين الهنود والأفلام الهندية، تسرّب الكثير من ثقافتهم بطريقة ما الى ثقافتنا العربية، وهذا شيء مميّز، ومن الطبيعي أن يتأثر كل منهما بالآخر".
أما عن أصعب الأمور التي لا يمكن المرأة العربية التكيّف معها بسهولة في الهند، فتقول ياسمين: "هناك الكثير من الأشياء المختلفة عن عالمنا ومجتمعاتنا، والتي قد تكون سبباً رادعاً لعدم التكيّف معها، ولكن لا يمكن تحديدها، لأن الثقافات هنا متنوعة وتختلف باختلاف المناطق والديانات ومستوى التعليم".
وتضيف: "أعتقد أن نظام الزواج الهندي يصعب على المرأة العربية تقبّله بسهولة، خاصة أن عائلة العروس هي التي تُنفق على الزواج، بدايةً من الهدايا باهظة الثمن التي يطلبها أهل العريس إلى الذهب الذي يتوجّب على أي فتاة هندية أن تشتريه قبل الزواج، وصولاً إلى أثاث المنزل الذي يجب أن تدفع ثمنه عائلة الفتاة، إضافة إلى تكاليف حفل الزفاف التي تتحمّل الجزء الأكبر منها عائلة العروس أيضاً، وهو ما يختلف تماماً عن مجتمعاتنا العربية، وغالباً نظام الزواج الهندي يصعب تقبّله في مجتمعاتنا".
نصائح للمُقدمات على الزواج من هندي
تحدّثت ياسمين بجرأة وصراحة عن تجربتها في الزواج من شاب هندي، فقالت: "في العموم، أنا لا أنصح الفتيات العربيات بالزواج من هندي أو حتى التفكير بذلك، لأنها حقاً تجربة صعبة، لكن ربما كنت أنا محظوظة في اختيار زوجي وعائلته، فهم مختلفون عن العائلات المتشدّدة والمتمسكة بالعادات والتقاليد الهندية، وأكثر تفهماً وانفتاحاً من أغلب العائلات التي رأيتها هنا من حيث التعامل مع زوجات أبنائهم".
وأضافت: "هناك العديد من النقاط التي يجب أن تراعيها أي شابة عربية تنوي الزواج بهندي والانتقال للعيش معه في الهند، فأول وأهم شيء هو أن تكون على دراية تامة بكل ما يخصّ عائلة الشاب، وأن تزور مع والديها منزلهم قبل الزواج ليتم التعارف بين العائلتين بشكل جيد ويروا طباعهم في منزلهم". ومن المهم أيضاً من وجهة نظر ياسمين "أن يوافق أهل الشابة والشاب على الزواج ويرحّبوا به. وطبعاً أن يشترط أهل الشابة أن يكون الشاب على قدر كافٍ من التعليم والأخلاق والتديّن، وأن يكون مستواه المادي مقارباً لمستوى أهل الشابة المادي إلى حدّ ما".
العائلة الهندية تحاول توضيح الأفكار الخاطئة عنها لدى العرب
أما عن سبب انتشار مقاطعهما على السوشيال ميديا، فتشير ياسمين الى أن "السبب الرئيس قد يكون في أننا دائماً على طبيعتنا، إضافة إلى اختلاف محتوانا بشكل ما، فمنذ أن بدأنا العمل في القناة، كنا نركّز على نقطة نقل الثقافات بأسلوب ممتع. وبالفعل كانت الانطلاقة من الأسواق واحتفالات المسلمين في الهند وتقاليدهم، وكنت حينها أعيش في مومباي، ولكن بعد انتشار فيروس كورونا وفرض الحظر، أصبح عمل زوجي من المنزل فانتقلنا كي لا نبقى بمفردنا إلى منزل عائلته في مدينة قريبة وصوّرنا طقوس شهر رمضان وعيد الفطر بشكل عائلي، ما تسبّب في انتشار أوسع للقناة من دون أي تخطيط مسبق لذلك".
والممتع في مقاطع "ياسمين" و"أفضل" هو مشاركة عائلة الأخير في التصوير برحابة صدر وهدوء، حيث يسعون دائماً إلى إظهار ثقافتهم ويشعرون بالسعادة لاهتمام الكثير من العرب بثقافة المسلمين في الهند ويحاولون التفاعل مع المتابعين رغم لغتهم العربية الضعيفة، ويعملون على شرح وتوضيح بعض العادات والمعتقدات الهندية، التي يفهمها العرب بصورة خاطئة.
ويركز الثنائي كعنصرين مؤثّرين على مواقع التواصل الإجتماعي على القيام بمشاريع عدة وتنفيذ أفكار متنوعة لزيادة الوعي عند شريحة كبيرة من المراهقين، كما يسعيان من خلال المقاطع الى توجيه رسائل الى هؤلاء وحثّهم على اتباع الأصول وتطبيق العادات واحترام الثقافات، إضافة إلى تركيزهما على أهمية الأسرة ودورها في بناء شخصية الفرد ونجاحه وتقدّمه.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024
شؤون الأسرة
اقتراحات تمييزية للتشويش على حق الأمهات اللبنانيات بإعطاء الجنسية لأطفالهن
شؤون الأسرة
عائلة حسام ورولا تنقل تفاصيل دقيقة عن الحياة في هولندا بكل صعوباتها وإيجابياتها
شؤون الأسرة