زارت صديقتها في القناة فترشحت مذيعة للنشرة الاقتصادية
لا يملك محاور المذيعة المغربية الشابة فاطمة الزهراء الضاوي سوى الإنصات بتركيز شديد عندما تتحدث عن تفاصيل التحاقها بالعمل الإعلامي، ويومها المليء بالحركة والبحث الدائم عن اكتساب مهارات جديدة، والأهم طموحها الذي يبدو كبيراً جداً عندما تشير إلى أن كل خبراتها الإعلامية هي ثلاث سنوات فقط مضت على إطلالتها الأولى التي صاحبتها سقطة شهيرة على الهواء مباشرة حين انزلقت قدماها على السطح الأملس في استوديو الهواء. وفيما ظن مشاهدون أنها قد تكون النهاية السريعة للمذيعة الشابة، فوجئوا بها بعد دقائق معدودة تواصل تقديم نشرة منتصف الليل.
اللكنة المغربية المخففة التي لا تخفيها الضاوي على عكس المحذِّرين، زادت فقرتها خصوصية في ظل شيوع لهجات عربية عديدة لا تخفيها الفصحى البيضاء التي يلتزمها الجميع، وهو ما جعل فاطمة الزهراء تؤكد: «من بين كل تلك اللهجات التي لا حضور لوطني فيها، أرى نفسي سفيرة للمغرب في قناة «العربية»، وفي الوقت الذي كان يعتقد الجميع بأن اللهجة المغاربية تبدو صعبة، فإن الكثيرات من زميلاتي أصبحن بعد احتكاكهن اليومي بي يجدنها سهلة. أما أمام الشاشة فأعتقد أن نكهة تلك اللهجة تمنحني طابعاً مختلفاً».
هذا التنوع في اللهجات الذي يضيفه الحضور المغربي لفاطمة إلى جانب لهجات متعددة كثيرة تحملها مذيعات «العربية» جعل المشاهد حسب المذيعة الشابة أمام «بانوراما عربية» ممتعة، وتكامل عربي لا نراه كثيراً خارج هذا السياق الإعلامي».
تقول: «من المفيد أن يسمع المشاهد العربي كل الأصوات التي تشير إلى تنوّع عربي ثري ليس على مستوى اللهجات فقط بل أيضاً في ما يتعلق بالتنوع الفكري والثقافي، وربما يشكل ذلك مشهداً تكاملياً إعلامياً لم تنجح البيئة السياسية العربية في إنجاز صرح مواز له».
أما الطموح المهني، فلا سقف له لدى الضاوي التي تستدرك: «ما زلت في أول السلّم، لذلك أولي عناية أكبر لتجويد أدواتي وصقل تجاربي، والتأكيد أنني أمتلك بالفعل حضوراً مختلفاً، وهو الأمر الذي سيتيح لي بكل تأكيد مشروعية الاقتراب من تطوّر قد يأخذني أبعد من سياق تقديم النشرة الاقتصادية، وصولاً إلى إدارة حوارات مؤثرة مع شخصيات مهمة ، والوصول إلى معلومات مقدرة لدى المشاهد تُكمل رسالتي كإعلامية لا ترتضي الوقوف عند مساحة قراءة الخبر أو حتى إعداده خلف الكاميرا».
ليست كل الأخبار التي تذاع ذات مصداقية عالية، حقيقة إعلامية لم تنكرها فاطمة الزهراء التي تؤكد أن «ورود الأخبار من مصادرها أو حتى وكالات الأنباء المختلفة ليس طعماً لتبني فرضية صدقها، وخصوصاً حين يتعلق الأمر بمجال المال والاقتصاد الذي يتأثر كثيراً بالشائعات، لذلك لدينا آلية تعتمد على استقاء الخبر من مصادر متنوعة بما فيها الأطراف التي تبدو تمثل مصالح متناقضة ، وفي حال استمرار عدم التيقن التام من صدقيته يتم التواصل مع مصدره ويتم نقل الخبر في هذه الحالة على مسؤوليته الذاتية».
الضاوي التي ترفض مثل جميع المذيعات تحديد هوية منافساتها في مجالها الإعلامي ترى أن «كل أبعاد المنافسة إيجابية، سواء بين الزميلات المنتميات الى المؤسسة الإعلامية نفسها أو خارجها، بشرط ألا تخرج المنافسة عن سياقها الصحي الذي يجعل الإعلامي يكتشف كل يوم مزيداً من سلبياته ليصححها بالاستفادة من إيجابيات الآخرين، دون أن يعني ذلك تخليه عن طابعه الخاص».
والسؤال عن القدوة والمثل الأعلى أحال المذيعة الشابة إلى قناة «سي إن بي سي» الأميركية ، وتحديداً لدى إطلالة الإعلامية المخضرمة ماريا بارتي مورو مضيفة: «هذه المذيعة المهمة تصلح لأن تكون قدوة لجيل كامل من المذيعات الشابات المنتسبات إلى حقل الإعلام الاقتصادي، فهي أول امرأة أقدمت على دخول سوق الأسهم الأميركية منذ نحو 17 سنة، عندما كان هذا المجال حينها حكراً على الزملاء الرجال، مفسحة المجال حينها للعشرات اللواتي سرن خلفها».
وجود المرأة في مجال الاقتصاد ليس صرعة أو تعدياً على تخصص ذكوري حسب الضاوي التي تؤكد: «قطاع الإعلام عموماً وليس فقط الاقتصادي منه أضحى يميل إلى المرأة أكثر، التي من دون شك يناسبها المجال الاقتصادي بفضل منحها إياه لمسة مختلفة تكسر جفافه وحِدته، فالأرقام الجامدة تليّن بقراءة أنثوية، تماماً كما يلين الطفل الشقي لأمومة والدته، وهذا هو أحد أسباب لجوء الكثير من القنوات الفضائية في قراءة نشراتها الاقتصادية المتخصصة إلى إعلاميات زميلات».
رغم ذلك، فإن هذا القطاع الإعلامي تحديداً لا يتعامل مع المرأة الأم بدرجة الحنو ذاتها، حيث يحتاج هذا المجال حسب فاطمة التي لم تدخل عش الزوجية بعد، إلى أكثر بكثير من ساعات الدوام الرسمي للبقاء على تماس دائم بكل جديد في عالم المال والاقتصاد المتسم بالتجدد الدائم، مضيفة: «أستمتع بالعمل الإعلامي الذي أظل مفتونة به حتى خارج جدران «العربية»، لكنني في الوقت ذاته استمتع بوقتي مع صديقاتي في دبي وأبقى على تواصل دائم مع أهلي في الدار البيضاء، اذهب بملابسي «الكاجوال» وأستمتع بجمال تلك الإمارة الساحرة بعيداً عن قيود الماكياج الرسمي للمذيعة في أوقات فراغي، وأسافر إلى مدينتي وغيرها حسبما تسمح لي ظروف العمل والإجازات، دون أن أفقد التماس اليومي بعالم المال والاقتصاد».
الخروج من نطاق النشرات الاقتصادية، سؤال استدعى تفكيراً عميقاُ من فاطمة التي أجابت: «قد يحدث ذلك مستقبلاً، لكن ليس في توقيت قريب بكل تأكيد، فعالم الاقتصاد وثيق الصلة أو يكاد يكون موازياً لعوالم كثيرة أخرى أهمها المجال السياسي، والمذيع العصري أصبح مذيعاً شاملاً يهتم بمختلف المجالات لأنها في الحقيقة تبدو وجوهاً متعددة لعملة واحدة، لذلك لن يكون هناك عائق بالنسبة إليّ في إطلالات إعلامية أخرى مثل نشرة الأخبار والبرامج الحوارية البعيدة عن نطاق معشوقي الإعلامي: عالم المال والأعمال».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024