تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

صفاء رقماني: لن أرتبط حالياً واهتمامي ينصب على عملي...

إطلالتها اللطيفة تعبّر عن طباعها، وهذا ما يبدو واضحاً أثناء الحوار معها، إضافة إلى كونها فنانة متعددة المواهب، بدءاً من موهبتها في التمثيل، إلى موهبة الصوت الجميل والغناء، ثم تصميم الملابس والإكسسوارات. لكنها ترجمت موهبة التمثيل وصقلتها بأدوات مختلفة لتكون حاضرة بقوة من خلالها وبشكل يثبت وجودها كفنانة موهوبة تسعى إلى الوجود الفني المدروس. فهي لا تختار أدوارها عن عبث، وتبحث بدقة في تفاصيل أدوارها وعوالمها وتشارك برؤيتها بما يتناسب مع الملامح الفنية ككل ووجهة نظرها في الحياة المصقولة بالرؤية المتعمقة. التقينا الفنانة السورية صفاء رقماني وكان هذا الحوار

- قدمت العام الماضي شخصية مميزة في مسلسل «قاع المدينة»، من أين استمددتِ عناصر تلك الشخصية؟
أعرف هذه النماذج من الحياة لأني رأيتها كثيراً، فحاولت الاستفادة في كل تفاصيل الشخصية، حتى حركاتها وطريقة كلامها ولباسها وكل شيء يتعلق بها. وهذا بالطبع بالاتفاق مع المخرج سمير حسين، ومن خلال الالتزام بتوجهاته وإدارته لكل تلك التفاصيل الخاصة، خصوصاً أن أفراد تلك البيئة لهم معيشتهم وأحلامهم وحساباتهم الخاصة.

- هل كان «قاع المدينة» أهم أعمال الدراما السورية للعام الفائت؟
كان ضمن الأعمال المهمة للدراما السورية، فقد ظهرت أعمال جيدة عدة ولا يمكننا نكران ذلك.

- كان دورك يحوي بعض الإيحاءات والإغراء حتى ولو على مستوى الألفاظ، هل تستهويك تلك الأدوار؟
أبداً لا تستهويني هذه الأدوار، إنما طبيعة الدور ككل مغرية فهي شخصية امرأة جميلة فقيرة ومطلقة ولا تنجب، لذلك لن يقدم على الزواج منها شاب بعمرها، فاضطرت للزواج بمن هو في عمر والدها. ووالدتها كانت مادية فأقنعتها بأنه سيدللها وتعيش حياة مريحة وأنها يجب أن تتعبه بدلالها. وجمالية الدور في أنه يمنح المساحة للعب عليه، فهي امرأة مقموعة ومكسورة حاولت أن تظهر الدلع حتى تحصل على بعض المكاسب غير المقنعة إنسانياً، وقد أحببت الدور لغنى تلك الشخصية، أما الإيحاءات فلم تكن تلفت النظر أبداً وكانت عابرة في السياق.

- هل يمكن أن تفكر صفاء في يوم من الأيام برجل يكبرها كثيراً في السن؟
هذا أكبر خطأ يرتكب بحق الفتاة التي من الضروري أن تتزوج من شاب يقاربها في السن ويشاركها عمرها وصباها وأحلامها. أما الرجل المسن فإنها تكبر معه ويحرق مراحلها العمرية من دون أن تشعر، لذلك أنا ضد هذا الأمر بالمطلق.

- هل تعتبرين شخصيتك في العمل غالبة أم مغلوبة؟
طبعاً الشخصية مغلوب على أمرها، وقد تحكمت فيها ظروف قاسية جداً، بدءاً من وضعها كمطلقة إلى بيئتها ومشكلتها الخاصة وهي أنها لا تنجب... طبعاً هي مغلوب على أمرها ودون تفكير، أما كدور فأعجبت به بشكل كبير.

- قدمت أيضاً دور «راحيل» العميلة في الاستخبارات الإسرائيلية في مسلسل «سفر الحجارة»، لماذا لم ينل العمل حظه من المتابعة؟
لا يمكنني أن أحدد هذا الأمر ولا أعرف مدى نجاحه، فالأمر يحتاج إلى معايير كثيرة تحدد هذا الجانب بدقة. لكن بالنسبة إلي كانت شخصية «راحيل» جريئة وغريبة. وهي جديدة علي إذ تعود ليهودية، وهي شخصية خاصة ومطلوب منها أن تظهر بشكل معين وأداء معين. وكان دورها مهماً في المسار الدرامي، فهي توقع المشاكل بين المناضلين بخبثها وأسلوبها الخاص، لكنها في النهاية تميل إلى معتقدات الفلسطينيين.

- خلال العمل ظهرت بمشهد اعتداء في موقف مؤثر، وفي هذا المشهد تكرار لمشهدك المثير في مسلسل «الخط الأحمر». كيف استطعت تكرار هذا المشهد على الرغم من تعليق الجمهور عليه في مسلسل «الخط الأحمر»؟
لم يكن هناك مشهد اعتداء في مسلسل «سفر الحجارة»، ولم أكرر مشهد الاعتداء الذي حصل في مسلسل «الخط الأحمر». وأعتبر هذه الأدوار من الأدوار المخيفة، لكن ما حصل أن ذاك المشهد كان أهم حدث وكل قصة الدور مبنية عليه كونها تغيرت إلى امرأة مريضة وعدوانية تبحث عن الانتقام. البنية الدرامية للشخصية ككل بنيت على هذا المشهد الذي صنع بحرفية بعيداً عن الإثارة وترك أثره القوي عند المشاهد بمأسويته. وقد وجدت دور «مايا» في الخط الأحمر من أهم الأدوار في العمل، وامتلك ذاك المشهد بعداً إنسانياً عميقاً بعيداً عن الإثارة والإغراء وكان محزناً إلى حد كبير وخلق حالة من التعاطف والإنسانية عند المشاهد، خصوصاً أننا حرصنا جميعاً على دقة المشهد.

- هل تتوقعين أن تكوني مطلوبة أكثر للعمل الفني بتمثيلك لتلك المشاهد، علماً أن بعض الفنانات لا يقبلن بمثلها؟
قمت بالدور بهدف التنويع الفني. وإذا أدّيت دوراً ما لا يمكنني أن أكرّره، حتى أنه أتتني في الفترة الأخيرة أدوار مشابهة رفضتها رغم أنها في فيلم سينمائي، إضافة إلى عروض أخرى في مسلسل.

- البعض قال إن المتفرج العربي لا يتحمل تلك المشاهد في الدراما على عكس السينما، خاصة أن تلك الأعمال تعرض في شهر رمضان المبارك؟
بغض النظر عن موقف المشاهد، فقد رفضت العديد من الأدوار التي تدور في هذا السياق حتى لا أكرر نفسي وأدواري.

- من يتابع يرَ أن تلك المشاهد كانت في أعمال للمخرج يوسف رزق، هل هذا هو سبب اعتذارك عن العمل معه في عمله الأخير «ساعة الصفر»؟
سبب الاعتذار أن الدور يعود إلى فتاة مغرية وجميلة، وهو دور جيد لولا أنه يكرر بعض أدواري السابقة. ورغم أنني أحترم المخرج يوسف رزق وأحب ثقته بي وهو بمثابة أب حقيقي، رفضت الدور لأن قبولي له يعني أنني أعيد أدواري ولن أكون مرتاحة في الأداء ولن أتمكن من العطاء. الأستاذ يوسف رزق اختلف معي في هذا الرأي، إضافة إلى الاختلاف في أشياء أخرى. وأتمنى له التوفيق من كل قلبي وأتمنى أن يكون لي فرصة أخرى متميزة تحت إدارته.

- صرحت سابقاً أن الظلم لا يدوم ومن كان يتجاهلك ويظلمك عرف من أنت. كيف حلت تلك المشكلة، وهل تقصدين بكلامك أحد المنتجين أو المخرجين؟
طبعاً الظلم لا يدوم وأرى أني ظلمت. ورغم أنني أحب كل التجارب التي مررت بها فإن الدور الذي أحلم به لم أقم به بعد. ففي داخلي أشياء كثيرة لم تخرج، وأشعر أن بداخلي بركاناً ولم يأت أحد ويفرج عنه ولم يكتشف أحد هذا، لذلك أرى نفسي ظلمت ودون أن أسمّي أحداً، ومع ذلك أبقى متفائلة، ورغم كل الحروب التي تعرضت لها ورغم محاولات «لي الذراع» لم أشعر يوماً بالحزن أو التشاؤم، بل أشعر بأن الشمس ستبقى مشرقة وبأن الأمل حاضر دوماً في كل تفاصيل حياتي وأعتقد أنه علي الصبر، وأؤمن بأن رب العالمين سيكافئني على صبري وما بعد الضيق إلا الفرج، خصوصاً أن الإرادة موجودة للاستمرار والعمل.

- يقال إن تلك الحروب الفنية يتعرض لها أي فنان في الوسط الفني، هل يمكن أن تكوني قد بالغت قليلاً في ردة فعلك؟
هناك حروب فنية يتعرض لها البعض، لكن من المؤكد أن هناك أناساً يتعرضون لحروب أقل من غيرهم. ومن جهتي لم أبالغ في أي ردة فعل تجاه أي موقف حصل معي، ودائماً أنا متفائلة وأثق بالمستقبل.

- ماذا كانت المشكلة بالضبط، وكيف حوربت؟
ما يمكنني قوله أنني حوربت بشكل كبير فقط.

- هل أنت مقلة في علاقاتك الاجتماعية والشخصية في الوسط الفني؟ وهل لهذا تأثير على عملك؟
العلاقات تجلب الفرص أحياناً... أنا مقلة في علاقاتي الاجتماعية ومقصرة في وجودي وأتحرج من وجودي في مكان ما إذا لم يكن لديّ عمل، رغم أنه يوجد نوع من العلاقات الاجتماعية العادية تفرض نفسها بين أبناء المهنة الواحدة. وأشعر بأنني حذرة وأحسب حساب هذا الأمر وأتخوف من أن أفهم بشكل خاطئ. وعلى العموم يفترض أن أرشح لأدواري بناء على أدوار سابقة، لكن يبدو أن هذا ليس كافياً.  

- هل من مخرج محدد تتمنين العمل معه قريباً؟ وما هو العمل الذي أحببت المشاركة فيه؟
أي فنان يرغب في العمل تحت إدارة مخرج مبدع، وقد أثبت الكثير من مخرجينا أهميتهم عبر تجارب فنية رائعة. وأتمنى العمل تحت إدارة المخرج حاتم علي، والمخرج شوقي الماجري، والمخرج الليث حجو، والمخرج سمير حسين، وكل المخرجين السوريين المبدعين الذين أثبتوا جدارتهم من خلال أعمال ماثلة أمام الجميع. أما العمل الذي تمنيت المشاركة فيه فهو مسلسل «غزلان في غابة الذئاب».

- تغيّرين كثيراً إطلالتك التلفزيونية. هل أنت خبيرة أم تعتمدين على مختص؟
بالعكس أنا لا أغير من إطلالتي، لكن ما يحصل أنني أغير اللباس بشكل كبير. وحتى لا أضيع وقتي أثناء التصوير في تغيير شكلي أعتمد على تغيير اللباس ووضع ماكياج مناسب.

- لك هواية معروفة في تصميم الأزياء، لماذا لم تطوري تلك الهواية وخاصة أنك في الوسط الفني؟
أحب أن أصمم لنفسي فقط وليس للآخرين. مثلاً أزيائي في عمل «حروفي يكتبها المطر» كلها من تصميمي. ولديّ أيضاً هواية تصميم الإكسسوارات، وأعتبر ذلك مجرد هواية تخصني ليس إلا.

- من المعروف أنك تملكين صوتاً جميلاً، وصرحت سابقاً أنه يمكن أن تقدمي على شيء في هذا المجال، ما الجديد في هذا الموضوع؟
أكيد إذا أتت الفرصة المناسبة لن أتوانى عن أن أعيش هذه التجربة كغناء بحد ذاته أو غناء عبر التمثيل. وإن دخلتها يجب أن تكون فرصة بحق وأن أخرج للناس بأغنية تخصني وأغنية لها الميزات الفنية الناجحة والمقومات المتميزة من كلمة ولحن وغيرها، بما يجعلها في مساحة الفن الراقي. إن أتت هذه الفرصة أرحب بها، لكن في الوقت الحالي لا أفكر في هذا الشيء ولا يوجد جديد في الموضوع.

- ما رأيك في تجارب الفنانين الممثلين في مجال الغناء، وما هي التجربة التي أعجبتك بينهم؟
صفاء سلطان صوتها جميل وقد أحببت غناءها، لكن لم أسمع الآخرين.

- هل صحيح أن شخصيتك الجدية أمام الكاميرا هي التي تحرمك من ترشيحك للأعمال الكوميدية؟
على العكس أنا في الحياة مرحة، كما أنني أحب الأعمال الكوميدية طبعاً ضمن شروطها الجادة البعيدة عن الابتذال.

- ما رأيك في مسلسل «صبايا»، وهل تمنيت أن تكوني إحدى الصبايا؟
لابد من الاعتراف بأن الناس أحبوا العمل، وعندما يحب الجمهور عملاً فنياً يجب التوقف عند ذلك. «صبايا» عمل خفيف وجذاب، كما أنه ليس بالضرورة إن أحببت عملاً أن أكون فيه.

- لك مشاركات عديدة في الأعمال العربية وخاصة الخليجية، ماذا عن المشاركات المصرية مثلاً؟ هل أنت بعيدة عن تلك الترشيحات؟
كان هناك بعض الترشيحات ومنها لفيلمين مصريين، لكن إلى الآن لا اتفاق.

- إذا رشحت لتمثيل عمل عن سيرة ذاتية، من هي الشخصية التي تختارينها؟
أختار شخصية الشهيدة «سناء محيدلي»، لأنها إنسانة عظيمة. فهي شهيدة وبطلة ورمز للصبر والكبرياء وحب الوطن.

- صرحت سابقاً أنك بعيدة في هذه الفترة عن الارتباط وأن اهتمامك ينصب على عملك الفني. ألم يـأت من يغير رأيك ويحرك الأمواج الراكدة؟
اهتمامي ينصب على عملي، وكل شيء في وقته حلو. حالياً أنا ملتزمة بالعمل. لكن على العموم هناك أشياء تفرض نفسها في الحياة. لكن في الوقت الحالي لست في وارد الارتباط.

- هل كثرة الصدمات العاطفية جعلتك قاسية القلب؟ أم أصبحت أكثر نضجاً في هذا المجال؟
طبعاً علمتني الحياة أن أكون أكثر قسوة وعلمتني أن أدقق في كل شيء وصرت عملية، في الوقت نفسه أحافظ على دواخلي وعلى الطيبة والبساطة.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080