تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

نور: 'والدة رامي الشمالي كانت أول من سمع وبارك غنائي تحية لروحه'

«من الألف إلى الياء» هو عنوان ألبوم غنائي قدّمته الفنانة اللبنانية نور، بعد سلسلة من الأغنيات المنفردة التي ميّزتها وجعلت كثيرين يلتفتون إلى موهبتها. ورغم تشبيه صوتها بصوت الفنانة يارا، تمكّنت من إبراز موهبتها وتفرّدها بعيداً من التقليد، خصوصاً أنها تقول إنها لم تتقصّد أن تكون شبيهة لأحد بل غنّت ما شعرت أنه يناسبها. في حوار خاص مع «لها» تحدثت نور أيضاً عن الأغنية التي قدمتها تحية إلى روح نجم «ستار اكاديمي» الراحل رامي الشمالي، وقالت إن كلّ همها كان شعور والدة رامي تجاه هذه المسألة...


- أصدرت أول ألبوم لكِ بعنوان «من الألف إلى الياء»، ما قصة هذا العنوان؟
هو عنوان أغنية في الألبوم، وقد اخترته لأنه يبدو غريباً للوهلة الأولى وبالتالي لافتاً، هذا إضافة إلى أنه يمكن اعتباره عنواناً شاملاً وليس فقط لمجرد أغنية. وكأننا أردنا القول إننا جمعنا في هذا الألبوم أساليب مختلفة ومتعددة في المواضيع والألحان، من الطرب إلى الرومانسية والكلاسيكية وغيرها. فكان عنوان «من الألف إلى الياء» ليُلخّص كل هذا.

- كان ملفتاً اختيارك اللون الكلاسيكي ليكون طاغياً على مختلف أغنيات الألبوم رغم التنوّع الموجود فيه. لماذا؟
عندما كنت في مرحلة اختيار الأغنيات، كانت تلفتني الأغنيات الكلاسيكية دون قصدٍ منا. أي أننا لم نتقصّد ذلك ولا وضعنا خطة محددة أردنا من خلالها أن يكون عدد الأغنيات الكلاسيكية هو الأكبر في الألبوم. لكن عندما أنهيت مرحلة الاختيارات لاحظت أنه بالفعل هناك سيطرة للأغنيات الكلاسيكية. وأنا بصراحة وجدت نفسي أكثر مع هذا اللون، رغم أني أميل أيضاً إلى أنماط موسيقية أخرى ستكون موجودة أكثر في ألبوماتي المُقبلة بإذن الله. 

- ليس خطأ أن تغني اللون الكلاسيكي إلاّ أن كثراً يعتبرون أنه يُفضّل الإنطلاق بأغنيات إيقاعية سريعة لسهولة انتشارها خصوصاً وسط هذا الكمّ الهائل من الفنانين؟
هذا صحيح. ولكن أنا شخصياً لم أكن في وارد البحث عن السهل بل عن ما يجعلني أنطلق على أسس متينة تكون بمثابة الخطوات الأولى. أعرف أن الطريق أو الخط الذي اعتمدته ليس سهلاً أبداً، خصوصاً بسبب كثرة المطربين الموجودين في الساحة كما ذكرتِ، إضافة إلى ظهور أسماء جديدة كلّ يوم. وكي يتمكن الفنان من ترك أثر ما لدى الناس وسط كلّ هذا، لا بدّ أن يكون متميزاً بأمر معين عن كلّ الباقين. ولهذا لم أشعر بالخوف أو التردد عندما ركّزت على اللون الكلاسيكي، ففي النهاية الفنّ كله مخاطرة. ربما في البداية نشعر بصعوبة الوصول، لكن أعتقد أن الانطلاق من خلال أساس متين أفضل بكثير من الظهور ثم الاختفاء بالسرعة ذاتها.

- تمّ تشبيهك كثيراً بالفنانة يارا منذ انطلاقتك ودون شك سُئلت مراراً عن هذا الأمر؟
(تضحك) صحيح.

- ألا تعتقدين أن التركيز على اللون الكلاسيكي زاد مسألة تشبيهك بيارا التي انطلقت بدورها مع الأغنيات الرومانسية والكلاسيكية؟
لا أريد أن أكون شبيهة لأحد أو نسخة عن أحد، بل على العكس يهمّني كثيراً أن أُحدد هويتي الخاصة لأنها هي التي ستميّزني. وطبعاً لم أتقصّد أن أكون شبيهة للفنانة يارا، بل لجأت إلى اللون الغنائي الذي أحبّه وأميل إليه وأجد نفسي فيه، وهذا ليس خطأ. من الضروري أن يبحث الفنان عن اللون الذي يليق به وبصوته دون النظر إلى الآخرين حتى ولو كان قريباً من لون شخص آخر، وإلا لما كان أي فنان جديد انطلق لأن الجميع في النهاية يدور في فلك واحد يتضمّن عدداً معيناً من الأساليب الغنائية. وبما أن الساحة مليئة بالأصوات اليوم، لا بدّ أن يحصل تشابه ما بين اثنين أو حتى ثلاثة وربما أكثر. وهذا ليس فقط على صعيد المطربين، بل يشمل أيضاً التأليف والألحان إذ نلمس جميعنا تشابهاً معيناً في غالبية الأغنيات رغم أن لكل شخص طريقته في الكتابة أو في التلحين. سأكون صريحة وأقول إن هناك تشابهاً بالفعل بين صوتي وصوت الفنانة يارا ويظهر الشبه أكثر في الأغنيات الرومانسية، لكنه ليس بقصد مني بل هذا هو صوتي وأنا أختار ما يناسبني.

- ماذا عن الألوان الغنائية الأخرى التي قدّمتها؟
قدمت الخليجي والطرب الشعبي، إضافة إلى أغنية «غمرني حبيبي» الإيقاعية و«يا شاغل قلبنا» المصرية الصعيدية.

- دون شك تسمعين آراء من هنا وهناك. هل من أسلوب غنائي شعرتِ بأن الناس أحبوك من خلاله أكثر؟
بصراحة الآراء متنوعة جداً، والبعض أحب الكلاسيكي أكثر وآخرون قالوا إني أفضل في الطرب الشعبي... لا أعرف، لكني سأُصدر قريباً أغنية لبنانية تجمع بين اللونين البلدي والبدوي، وهو أسلوب أغنيه للمرة الأولى.

- تحضّرين ألبوماً جديداً؟
صحيح.

- ماذا تقدمين فيه؟
سيكون منوعاً أيضاً بإذن الله، وسأسافر إلى مصر قريباً من أجل تنفيذ أغنية مصرية قديمة سأقوم بتجديدها.

- هل لنا أن نعرف ما هي الأغنية؟
(تضحك) كلا. أفضّل أن أُعلن عنها لاحقاً، على الأقلّ عندما أنهي تنفيذها وتسجيلها. عموماً سيكون الألبوم المقبل أكثر تنوعاً من الألبوم الأول وسيضمّ أغنيات طربية ولبنانية وشعبية.

- اللون البلدي اللبناني أصبح موضة في السنتين الأخيرتين. ألا ترين أنه استُهلك في شكل مكثّف أكثر من اللازم من جانب عشرات الفنانين إلى درجة أن الجمهور ملّ ربما؟
صحيح مئة في المئة. ليس هذا فقط، بل هناك للأسف كلمات هابطة ودون معنى إلى درجة أن كثراً يقولون «هذا ليس تراثنا ولا علاقة له بالأغنية البلدية اللبنانية». لهذا أقول إن عُنصُرَي الكلمة واللحن يلعبان دوراً مهماً جداً. لهذا ترددت كثيراً في البداية ولم أغنِّ هذا اللون رغم أن كلّ المحيطين بي يعرفون أني أحب كثيراً هذا اللون وأغني المواويل. لكن رغم ذلك لم تكن هناك خطوة باتجاه الأغنية البلدية أو الشعبية اللبنانية، لأني لم أجد ما يناسبني. لكن بعيداً عن كثرة من يقدمون هذا اللون أو قلّتهم، كان يهمني قبل كلّ شيء اختيار الكلمة التي تناسبني واللحن الجيد. كي أتميّز يجب أن أقدم شيئاً جميلاً، ولا ننسى طبعاً أن هناك في المقابل عدداً لا يُستهان به من الفنانين الذين يقدمون هذا اللون بشكل رائع ويمكن القول إنهم حافظوا أيضاً على هذا التراث الجميل، فلا نستطيع أن نُعمّم أن كل ما يقدّم في هذا المجال هابط أو يحمل ألفاظاً سوقية.

- أمثال من؟
الفنانة نجوى كرم بلا شك من أبرز الأسماء التي حافظت على هوية الأغنية اللبنانية بعد كبار الجيل السابق. لكن للأسف هناك بعض من شوّه هذا الفنّ لأنهم يستعملون نمط الأغنية الشعبية ويمررون من خلالها ألفاظاً لا علاقة لها بهويتنا. يعتقدون أنها مسألة سهلة لأن الناس يحبون أجواء الدبكة والفولكلور خصوصاً في الحفلات. لا أريد أن أبدو بمظهر المُتفلسفة ولكن لا أعتقد أنهم سيستمرون.

- مع من تتعاونين في الأغنية اللبنانية الخاصة بك؟
الكلمات للشاعر صفوح شغالة واللحن لجورج مرديروسيان.

- هل تصوّرين كليبات جديدة؟
سأصوّر قريباً أغنية «من الألف إلى الياء» عنوان ألبومي الأول والأغنية الخليجية.

- تقصدين أغنية «بلوة» الخليجية؟
صحيح، عنوانها «بلوة» وهي من كلمات بولين يوسف وألحان يحيى الحسن. هي ليست خليجية بحتة ولكنها تحمل الروح الخليجية.

- لماذا لم تلجأي إلى ملحن وشاعر خليجيين عندما أردت تقديم أغنية خليجية؟
سمعت الأغنية وأحببتها خصوصاً أن موضوعها غريب بعض الشيء. لكن دون شك يشرّفني التعاون مع الشعراء والملحنين الخليجيين في خطوات لاحقة إن شاء الله.

- من هم الفنانون الذين تحرصين على متابعة أعمالهم؟
هم كثر بصراحة، لكني أحب كثيراً أصوات شيرين عبد الوهاب وفضل شاكر ووائل جسار وطبعاً وردة الجزائرية ومحمد عبد الوهاب وصباح ووديع الصافي.

- ماذا عن الديو الغنائي الذي قدّمته مع كارول نخلة لروح نجم «ستار أكاديمي» رامي الشمالي رحمه الله؟
كان يُفترض أن ينضمّ رامي، رحمه الله، إلى شركة EC Production التي انتمي إليها، وقد زار مكاتب الشركة في بيروت والتقى إيلي شالوحي صاحب الشركة. لكن أنا شخصياً لم تتسنَّ لي فرصة التعرف إليه، وكان يُفترض أن نلتقي بعد عودته من رحلته إلى القاهرة. لكن للأسف حصل الحادث المأساوي الذي أودى بحياة رامي. فأردنا في الشركة أن نقدّم تحية إلى روحه وتعزية لذويه من خلال أغنية لائقة. وقد تطلّب الموضوع وقتاً للتفكير والتحضير خصوصاً أنه موضوع حساس جداً ودقيق. كنت كواحدة من آلاف اللبنانيين والعرب الذين حزنوا كثيراً على وفاة ذلك الشاب الطموح الذي تألّق في «ستار اكاديمي» ولفت انتباه كثيرين إلى موهبته. كنت أتابعه في «ستار أكاديمي» وكنت أحب صوته وحضوره المليء بالفرح وتوقعت له مستقبلاً باهراً، حتى أني كنت أعرف صوته قبل مشاركته في «ستار اكاديمي»، وذلك من خلال إنشاده في كورس الكنيسة. لكنه القدر وللأسف، وفي النهاية لا يمكن القول سوى رحمه الله.

- قلتِ إنه موضوع دقيق وحساس. ألم تخشي أن يتهمّك البعض باستغلال حادثة رامي المأساوية لتحقيق مزيد من الشهرة؟
لم يكن همي ما يقوله الناس بقدر ما كان يُقلقني شعور أو رأي والدة رامي قبل أي شخص آخر. كنت مقتنعة بالعمل لأني أكثر من يعرف نواياي ونوايا الشركة التي أتعاون معها، لكن بقيت فقط مسألة شعور والدة رامي هاجسنا الوحيد. عندما سجّلت الأغنية تأثرت كثيراً وبكيت وغادرت الاستوديو وأنا متضايقة جداً وحزينة. فتساءلت «ماذا يمكن أن تقول والدة رامي إن سمعت الأغنية؟» وهذا أكثر ما أخافني. التواصل مع والدة رامي ومع شقيقه كان مستمراً، خصوصاً أنهما كانا يعرفان عن موضوع انضمامه إلى شركة EC. لهذا زرنا والدة رامي في منزلها، وأذكر أن أول كلمة قالتها كانت «رامي أخبرني أن هذا الشاب طيب» وتقصد إيلي (صاحب الشركة). والدته كانت راضية وسمعت الأغنية وشاهدت الكليب قبل عرضه على أي محطة، وكان رأيها إيجابياً وقالت إنه لو قام أحد آخر بهذه الخطوة لربما ما كانت وافقت أو باركت. 

- كان يفترض أن تتعاوني مع الفنان زياد برجي في ديوهات وأغنيات من ألحانه خلال فترة انتسابه إلى شركة EC Production، لكنه عاد واختلف مع الشركة. هل انتهى التعاون بينكما إلى غير رجعة؟
قدمت سابقاً عملين من زياد برجي وهما «شو صعبة» (من ألحانه) و«ما بدي حدا» (كلماته وألحانه)، كما أننا نحضّر مشاريع جديدة وألبومي الجديد قد يضمّ أغنيتين من ألحانه.

- هل انتهى خلافه مع الشركة؟
هذا موضوع منفصل، والقيّمون على شركة EC يعرفون أن لا علاقة لي بالخلاف الذي حصل بينهما كما أنهم لا يتعاملون من هذا المنطلق وليسوا ديكتاتوريين، وأنا شخصياً أحب زياد كثيراً كلمحن وكمطرب أيضاً  ويُسعدني أن أتعاون معه. علاقتي مع الشركة رائعة فعلاً وكل شيء نقوم به، يحصل بالإتفاق والتشاور بين مختلف العاملين في الشركة. ويكفي أنها شركة جديدة وآمنت بموهبتي وتبنّتها، وهذا أمر نادر الحصول خصوصاً في هذا العصر الذي أصبحت فيه مسألة شركات الإنتاج شائكة جداً. عندما أقصد مكاتب الشركة أشعر بأني ذاهبة للقاء أصدقاء لي أو أفراد من عائلتي وليس للعمل. لم يقصّروا معي في شيء والحمدلله وأنا مرتاحة كثيراً إلى هذا التعاون، ووقوفهم بجانبي هو تماماً كوقفة الأهل مع أبنائهم.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080