تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

بعد الخلافات الجسيمة بين عائلتي الرحباني

بعد انقطاعها عن الجمهور اللبناني لما يزيد عن أربع سنوات وعاصفة خلافاتها مع أبناء الراحل منصور الرحباني ، خرجت السيّدة فيروز عن صمتها من خلال بيان صحافي صادر عن المكتب الإعلامي لشركة «فيروز برودكشن» يُعلن عن حفلتين غنائيتين تُحييهما في مجمّع البيال في وسط بيروت، وذلك في 7 و8 تشرين الأوّل/ أكتوبر. وتتزامن الحفلتان مع إصدار ألبومها الجديد «إيه في أمل» الذي يتضمن 12 أغنية من تأليف وتلحين وتوزيع زياد الرحباني نذكر منها: «الله كبير»، «إيه في أمل»، «معاك»، «يا سلام ع بُكرا»، فضلاً عن مقطوعتين موسيقيتين.

ويأتي هذا الحفل كردّ على كلّ الخلافات التي عاشتها عائلتا الأخوين الرحباني، وهو بمثابة الردّ الثاني بعد الفيلم الوثائقي الذي قدّمته ابنة فيروز وعاصي المخرجة ريما الرحباني «كانت حكاية». وفيه تحكي ريما الحكاية بلسان بطليها: «عاصي وفيروز»...
بالحديث عن «كانت حكاية»، يُعدّ هذا الوثائقي بمثابة شهادة عاصي وفيروز بعاصي وفيروز. ففيه نسمع الأشياء بلغة صاحبيها الشفّافة والعفوية والصريحة. في هذا الفيلم خرجت فيروز للمرّة الأولى لتحكي عن عاصي الفنان والإنسان والموسيقار والشريك... وفيه نسمع لأوّل مرّة أيضاً عاصي وهو يتكلّم عن نفسه وفنّه وعن فيروز، فجاء العمل كلفتة جميلة من الابنة- المخرجة إلى الوالد- العملاق بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين على رحيل عاصي الرحباني.
 يكشف هذا الفيلم الذي عُرض على أكثر من شاشة تلفزيونية والموجود حالياً في الأسواق اللبنانية والعربية الكثير من الأمور الفنية والشخصية التي يجهلها الجمهور عن كبيرين أسّسا بأعمالهما تاريخ الفنّ اللبناني العريق «عاصي وفيروز».
والمفاجأة الفعلية في «كانت حكاية» لم تكن الخطوة الجريئة التي أنجزتها ريما الرحباني فحسب بل إنّ حديث فيروز التي نادراً ما تتحدّث وتحكي وتروي هو بحدّ ذاته الحدث. وتقول ريما إنّ الفيلم أُنجز خلال عشرة أيّام فقط وإنّ مجرّد موافقة فيروز على الخروج عن صمتها جعلتها غير آبهة بكيفية تحضير آلية الإخراج لأنّ المهم بالنسبة إليها كان اقتناص الفرصة والشروع في التصوير والتسجيل. وتُضيف ريما بالحديث عن تجربتها: «المهمّ أن تقول فيروز أيّ شيء. أي شيء عن عاصي وتجربتها معه، وهي الأجدر بالحديث عنه وعن الحالة التي خلقاها معاً. هي الشريكة والمُشاركة في هذه المسيرة الطويلة».
ومَن يُشاهد «كانت حكاية» يلاحظ التسلسل والتواصل والتكامل بين أفكار عاصي وفيروز رغم فارق الزمن واختلاف المكان وتبدّل الأجواء، علماً أنّ فيروز قالت ما قالته دون الإطلاّع على كلام عاصي المأخوذ من حوارين متلفزين أُجريا معه في ستينات أوسبعينات القرن الماضي. وهذا التخاطب الذهني الكبير بين الشريكين في الفنّ والحياة كان سمة هذا العمل الذي اقتفى أجمل المشاهد المسرحية واللقطات الفنية والأعمال الغنائية في مسيرة طويلة بدأت في يوم ما ولم تنته لأنّها دخلت حيّز الأبدية الفنية ولن تخرج منه حتماً.
أمّا ما لم تقله فيروز وعاصي، فكانت الأغنيات تقوله بعدما جمعتها المخرجة بطريقة مُحكمة ومؤثرّة حتى تكتمل الصورة بالشكل الذي يرقى بمستوى هذين الكبيرين وجمهورهما.
 وضمّ ال  DVDأيضاً كتيّباً صغيراً دُوّنت فيه أحاديث عاصي وفيروز وكلمات الأغنيات، بالإضافة إلى كلمة المخرجة باللغات الثلاث: العربية والفرنسية والإنكليزية. ومع الاحتفاء الكبير بهذا الفيلم إلاّ أنّ البعض تساءل عن غياب منصور الشريك الأساسي في الإرث الرحباني الكبير، خصوصاً أنّ تجربة الأخوين كانت دوماً رمزاً للمثالية الفنية والإنسانية التي تقوم على التماهي بين الأخوين اللذين قدّما معاً أروع الأعمال الفنية الخالدة من دون معرفة من الذي لحّن هذه الأغنية أومن الذي كتبها. ولكن ريما- ابنة عاصي وفيروز- ارتأت تكريم والدها في ذكرى رحيله ومن حقّها أن تحتفي به كأب وفنان وعبقري مع شهادة والدتها وزوجة الفنان الراحل الذي «ترك مملكة من الجمال» على حدّ تعبير فيروز.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079