تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الشاعر والأديب والوزير والدبلوماسي الراحل... الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي

في عام 2002 حاولت «لها» الدخول الى عالم الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي رحمه الله، بطرح 55 سؤالاً عليه. كان حينها سفيراً لبلاده لدى بريطانيا.

1- تاريخ ميلادك.. هل تهتم به؟ وهل يعني لك شيئاً؟
ولدت في محرم 1359 هـ وقد اتضح بحسبة فلكية ان التاريخ يعادل 2 آذار/مارس 1940م. لا يعني يوم الميلاد شيئاً بالنسبة لي، بإستثناء الهدايا التي تتفضل زوجتي وأولادي بتقديمها لي اتباعاً للعادة التي نقلناها، كالعادة، بطريقة ببغائية من الغرب. ربما كان شعوري الخفي هو الذي عبر عنه أبو العتاهية: وقد طلع الهلال لهدم عمري وأفرح كلما طلع الهلال!

2- ما هي المشاعر التي تنتابك في ذلك اليوم وأنت تودع عاماً وتستقبل عاماً؟ ومن تريد أن يكون معك؟ وما هو التغيّر الذي طرأ بين استقباله في الحاضر وسنوات المراهقة مثلاً؟
سأجيبك عن هذه الأسئلة كلها بما قاله كامل الشناوي:عدت يا يوم مولدي عدت يا أيها الشقي! الصبا ضاع من يدي وعلا الشيب مفرقي

3- كم نسبة السنوات في عمرك التي تأسفت على ضياعها (نسبة مئوية)؟ وماذا ستغيّر لو إستعدتها؟
هناك مشاعر عديدة مدمرة، كالرغبة في الإنتقام والحسد والغيرة، وبقدر ما يخلو قلب المرء من هذه المشاعر بقدر ما تطيب له الحياة، وأنا اصنّف الأسف على ما مضى، بخيره وشره، ضمن هذه المشاعر السلبية. أقول لك صادقاً أني لا آسف على شيء مضى من العمر، ولا أضيّع دقيقة من وقتي في التفكير في ما كان يمكن أن يكون.

4- هل خططت لما وصلت إليه؟ وهل هو التخصص الذي درسته أم أنك وجدت نفسك في طريق مختلف؟
لم اخطط لشيء سوى العمل في الجامعة، وما تلا عملي من الجامعة من تطورات تم بلا تخطيط، والحمد لله على قضائه وقدره.

5- هل تذكر ليلة زفافك؟ وما أكبر هاجس دار في تفكيرك ذلك الحين؟ وهل كنت متخوفاً من المسؤولية؟
هل هناك من ينسى ليلة زفافه (بإستثناء الحاج متولي ربما)؟ وكان الهاجس الذي يدور في ذهني وقتها أني سأبدأ عهداً جديداً من حياتي، عهداً يشترك في رسم مساره شخصان، ويتطلب الكثير من التنازل عن الحرية مقابل مزيد من الحرية. يقول أشقاؤنا المصريون أن المتزوج حديثاً (دخل دُنيا) وربما كان هذا التعبير الشعبي يصف التجربة التي أحاول التعبير عنها. قبل الزواج يكون الإنسان فرداً وبعده يتحول، بتلقائية، إلى أسرة، إلى دنيا جديدة. لم أكن متخوفاً من المسؤولية فقد أقدمت على الخطوة بعد تفكير طويل عميق.

6- ماذا كان يعني لك الزواج في ذلك الوقت؟ وماذا يعني الآن؟
لم يتغير الإحساس وإن كانت التبعات لا أقصد التبعات المالية أقصد العاطفية! قد زادت. في البداية كانت الأسرة صغيرة، من شخصين، أما الآن فقد أصبحت، بحمد الله، تضم ابنة وثلاثة أبناء وثلاثة أحفاد.. وحفيدة هي الأصغر والأجمل سلمى.

7- كيف تمت خطبتك؟ هل كانت من إختيارك أم إختيار الأهل؟ وهل هي الأولى في حياتك؟
كان الإختيار إختياري وإختيارها، وقبل الأهل من الجانبين القرار، أما عن الجزء الثاني من السؤال فالإجابة عليه تحتاج إلى عملية انتحارية، ويكفيني ما سببت لي هذه العمليات وقصائدها! من مشاكل.

8- هل ما زالت الأولى؟
منذ أن تزوجت لم تعد زوجتي الأولى. أصبحت ولا تزال الوحيدة.

9- هل تأثر إبنك سهيل بطريقة زواجك؟
لا أظن لأنه أيامها لم يكن موجوداً.

10- يقولون أن أقصر الطرق إلى قلب الرجل معدته، هل حاولت زوجتك أن تسلك هذا الطريق؟ وهل نجحت؟
زوجتي ربّة بيت فوق ممتازة، في ما يتعلق بالطعام وغيره من الشؤون.

11- ما هو أقصر الطرق إلى قلبك؟
الإبتسامة.

12- عندما أخبرتك زوجتك أنها حامل.. ماذا كان رد فعلك؟
إحساس عارم بالنشوة العارمة.

13- صف لنا اللحظات التي سبقت ميلاد إبنك (سهيل)، والتي واكبت ميلاده، والسنوات التي تابعت نموه؟
حضرت ولادة كل من يارا وفارس ونجاد إلا أن ظروف العمل، كنت أيامها عميداً لكلية التجارة بجامعة الملك سعود، لم تسمح لي بحضور ولادة سهيل وإن كانت المشاعر لا تختلف من إبن إلى إبن هناك، أولاً، شعور القلق على صحة الوالدة ومولودها، وهناك، بعد الولادة، شعور عميق بالرضا.. وبحمد الله. والحديث عن سنوات نموّ سهيل، أو أي إبن آخر، يحتاج إلى مجلة كاملة نسميها «له».

14- كيف تقبلت سماعك كنية «أبو سهيل» للمرة الأولى؟ من هو الشخص الذي ناداك بها أول مرة؟
في مجتمعنا الذكوري، كان شيئاً طبيعياً أن يستخدم اسم الولد ولا أذكر الآن متى سمعت الكنية لأول مرة ولا أول من استعملها.


15-
هل رسمت له طريقاً من اليوم الأول؟ ماذا تمنيته أن يصبح في المستقبل؟
مع سهيل ومع بقية الأولاد كانت فلسفتنا التربوية زوجتي وأنا تقوم على حب بلا تدليل، وإنضباط بلا قسوة، وحرص على تنمية الإعتماد المتزايد على النفس. أعتقد أن موضوع «أتمنى أن يكون ابني طياراً أو طبيباً أو.. أو..».. قضية تجاوزها الزمن.. وتجاوزها علم النفس.. وتجاوزها الأبناء.

16- هل أنت سعيد بالنتيجة إلى الآن؟
مع يارا ومع سهيل ومع فارس ومع نجاد أنا سعيد بالنتيجة كل السعادة.. والحمد لله من قبل ومن بعد.

17- أمنية تتمنى تحقيقها منذ الصغر وتحققت؟
أن أستطيع القراءة والكتابة.

18- وأخرى لم تتمكن من تحقيقها؟ من تتمنى أن يحققها؟
أن تتحرر فلسطين، ولن يحقق هذه الأمنية إلا الوحدة.

19- أيهما أحب إلى قلبك: كنية «أبو سهيل» أم «أبو يارا»؟
الأصدقاء الذين عرفوني قبل ولادة «سهيل» يسمونني أبو يارا والذين عرفوني بعد ولادة سهيل يقولون «أبو سهيل» والكنيتان قريبتان من قلبي، بنفس الدرجة.

20- صف لنا في بيت شعر واحد مشاعرك عندما رأيت يارا في ثوب الزفاف؟
أهي العروس التي يختال موكبها؟ شيء أراه.. ولكن لا أصدّقه!

21- وبيتاً آخر في حالة إبنك سهيل؟
سهيل رجل لا يحتاج إلى أبيات عاطفية يوم زفافه.. إلاّ من زوجته ربما.

22- وثالث عند رؤية الحفيد الأول؟
أقول لفهد حين طالعني فهدُ «أتجعلني جدّا؟!».. فداء لك الجدُّ

23- أين كانت وجهتك الأولى في السفر؟ ومتى؟ وكم كان عمرك؟
أول سفرة لي خارج منطقة الخليج كانت إلى لبنان سنة 1952م، وكنت في الثانية عشرة من عمري.

24- هل كتبت رواية أو ديواناً وأنت مسافر؟
كتبت قصائد وأجزاء من روايات ولكني لم أكتب رواية أو ديواناً كاملاً خلال السفر.

25- كيف ترد على من يقولون أن السفراء لا عمل لهم إلاّ حضور المناسبات؟
حضور المناسبات جزء من عمل السفير، هذه حقيقة. القول أنه عمل السفير الوحيد اسطورة. أعتقد أن السبب هو أن الناس يرون صور السفراء خلال المناسبات ولا يرونهم أثناء عملهم الحقيقي الذي يتم بعيداً عن الأضواء.

26- كيف تجد الوقت الكافي لتأليف الروايات والدواوين وحضور المناسبات وممارسة دور السفير؟
تنظيم الوقت هو العصا السحرية. تستطيع خلال ساعة أن تقرأ عشرات الصفحات وتجيب على عشرات الرسائل وتستطيع ان تكتفي بأكل «الفصفص» ومشاهدة الصراخ الذي يُسمّى «الإتجاه المعاكس».

27- كم يستغرقك من الوقت لقراءة كتاب؟ وما هو آخر كتاب قرأته؟ وأفضل كتاب قرأته؟ وأسوأ كتاب؟ وأكثر كتاب إستفدت منه؟
يعتمد الأمر على نوع الكتاب. هناك كتب تحتاج الى قراءة عميقة وهناك كتب يمكن أن تقرأ بسرعة. آخر كتاب قرأته هو «النص المؤسس» وهو كتاب رديء جداً من عدة وجوه وقد سمعت أن مؤلفه مات أخيراً فعسى أن تكون رحمة الله تداركته بالتوبة قبل موته. صعب عليّ الحديث عن «أسوأ» و«أفضل» و«أنفع» ففي كل كتاب هناك أشياء مفيدة وهناك الزبد الذي يذهب جفاء.

28- متى تطالع صحف اليوم؟ في الصباح؟ أم المساء؟ أم في اليوم التالي؟
بين السابعة والنصف والثامنة والنصف صباحاً. وما لا يمكن تغطيته في هذه الفترة أتركه لفترة مسائية هي في العادة بين الرابعة والخامسة مساء.

29- هل للبيئة دور في تكوينك؟ ولو نشأت في الصين هل ستكون صينياً؟
بالتأكيد. لو ولدت في الصين لكنت أنحف وأقصر.

30- هل أنت ضعيف أمام الإعلام؟ ولماذا؟
كلمة «ضعيف» غامضة جداً. أنا أحب الإعلام.. والإعلام يحبني (بدليل هذه المقابلة!).

31- بصراحة.. لولا نشاطك الإعلامي هل تظن أنك ستصل إلى المناصب؟
بصراحة، علم هذا عند ربي.

32- البعض ينشر آراء مخالفة حتى يقدم له المنصب. هل هو أسلوب ناجح؟
أسأل الذين يتبعون هذا الأسلوب.

33- ماذا تريد من نشر كتاب «حياة في الإدارة»؟
أوضحت في مقدمة الكتاب الهدف من تأليفه ولا أود تكراره هنا. دع القرّاء يشترون الكتاب.

34- ما هو أكبر خطأ في حياتك الإدارية؟
من يدري؟ ربما كانت حياتي الإدارية كلها سلسلة من الأخطاء.

35- من هم السبعة في رواية «سبعة»؟ ومن هي المذيعة؟ هل عشقت قصة مماثلة؟
«7» عند العامة في جنوب المملكة، وفي مناطق عديدة من العالم، رقم سحري له علاقة بعوالم الجن، والحديث عنه محفوف بالمخاطر، فدعنا نتجاوز هذا السؤال بأمان!

36- من هم سكان «عصفورية القصيبي»؟ هل تعافوا؟
لم يكن فيها سوى «البروفسور» وقد غادرنا إلى الفضاء الخارجي.. وانقطعت أخباره!

37- يتهمونك بأنك تضيق بالنقد؟
يا عزيزي! لا أضيق بالنقد ولا أتسّع بالمدح!

38- كاتب أعاد سبب اللحم المعفن في الثلاجة إلى الإعجاب بالمتنبي وجرير. كنت وزيراً للصناعة والكهرباء. كيف رديتم عليه؟
كما رويت في «حياة في الإدارة» قلت له سأوصل رسالتك إلى الوزير.

39- دارت بينكم والأديب أبو عبد الرحمن بن عقيل معركة أدبية من إنتصر فيها؟
انتهت بسلام وشعارها «لا غالب ولا مغلوب».

40- بعد مائة عام من الآن من سيتذكر الناس: نزار قباني أم المتنبي؟
الإثنين، على ما أظنّ.

41- ما رأيكم في شاعر يقول أنه أفضل من المتنبي؟
نفس رأيي في عالم يقول أنه أذكى من أينشتاين. ومن يدري فقد يكون الإثنان على حق والجمهور على خطأ.

42- ما سر إعجابكم بالمتنبي؟  وما هو البيت الذي أعجبكم من شعره أكثر من غيره؟ وما ردكم على من يقول أنكم معجبون بشاعر متسوّل؟
تطرقت إلى هذا كله تفصيلاً في كتابي «عن قبيلتي أحدثكم» فارجع إليه وليرجع إليه من يشاء. قال لي الأستاذ الشاعر إبراهيم العريّض رحمه الله مرة «لا تضع وقتك مع الذين يسألونك أسئلة والإجابات المفصلة عليها موجودة في كتبك» وأعتقد أنه على حق!

43- بدأتم العمل الدبلوماسي في البحرين.. ما هي المحطة المقبلة بعد لندن؟
التقاعد.

44- هل صحيح أن الشيخ عيسى بن سلمان الخليفة، أمير البحرين الراحل طلب أن تكون سفيراً في البحرين؟
إن كان قد فعل فهذا من فضله، رحمه الله وإن كان لم يفعل فقد أحبني بعمق وحرارة، جزاه الله خيراً.

45- يقال أنكم تحبون الإعلام والشهرة ماذا تقولون؟
ما يُقال صحيح.

46- كتبتم كتاباً بعنوان «الأسطورة» بعد وفاة الليدي ديانا. لماذا؟
هل تسمح لي- وأنتم تصدرون من بيروت- أن أجيبك بلغة «أبو العبد»؟ كتبت الكتاب لأنه «إجا على بالي أن أكتبه» وإذا أردت جواباً بالعامية السعودية كتبته «لأنه صنّفت لي أن أكتبه». مفهوم؟!

47- عملتم مع الملك فيصل والملك خالد والملك فهد والأمير عبدالله والأمير سلطان.. كيف وجدتم أسلوب كل واحد منهم؟
الثوابت التي تجمع بين هؤلاء القادة، رحم الله من توفى منهم ومد في عمر من بقى، أكثر بكثير من أساليب العمل المختلفة بعض الشيء.

48- بحكم وجودكم في لندن تتعاملون دبلوماسياً مع جريدتي «الحياة» و«الشرق الأوسط» هل نجحتم في ذلك؟
أنا لكل ما تقوله الحياة «سمعان» وبكل ما تقوله الشرق الأوسط «راشد»!(المحرر: رئيس تحرير «الحياة» هو الأستاذ جورج سمعان، ورئيس تحرير «الشرق الأوسط» هو الأستاذ عبد الرحمن الراشد.)

49- هل أنتم أب مثالي؟ وهل يوجد أب غير مثالي؟
الأب المثالي كأي شيء مثالي هو مجرد حُلم. وأنا أبعد ما أكون عن المثالية، في كل مجال.

50- تغنى بعض المطربين بقصائدكم.. ما علاقة الشاعر القصيبي بالموسيقى والغناء؟
كالعلاقة فيما بين الدول العربية، لا هي عشق، ولا هي كره وإنما وسط.

51- هل لديكم مطرب مفضل؟ ومن هو أو هي؟
أحب عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ومحمد عبده وفيروز وماجدة الرومي ويزداد حبي أضعافاً عندما يكون الكلام المغنى شعراً.

52- بحكم وجودكم سنوات طويلة في الخارج، هل أنكرت أذنكم الموسيقى العربية؟
«هو افتكرني عشان ينساني»؟!

53- تنتمون الى عائلة ثرية، ولكنكم قضيتم سنواتكم في القطاع العام في وظائف الدولة. لماذا؟ الكثيرون يهجرون القطاع العام إلى الخاص؟
كل ميسر لما خلق له.

54- هل هناك طموح بعد الوزارة والسفارة فوق العادة؟
نعم. التفرغ للقراءة والكتابة وصيد السمك والحديث مع إخوان الوفا وخلاّن الصفا وتأليف القصص الإسطورية للأحفاد.. وللحفيدة سلمى.

55- ماذا ستفعلون عندما تتقاعدون؟
إذا بقى بعد هذه الأنشطة كلها فراغ فسوف أفتح بقّالة لبيع الشعر بالقطعة. تشاركني؟!

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079