أميرة الفضل في 'أميرة شوو'
«أميرة شوو» هو عنوان برنامجها الجديد الذي تقدّمه عبر شاشة تلفزيون «الآن»، المحطة التي تقول عنها أميرة الفضل إنها تقدّر جهود الأفراد عكس الكثير من المحطات العربية التي تعمل وفق مزاجية أصحابها. برنامجها يستضيف حالات إنسانية ونجوماً معروفين من مختلف أرجاء العالم العربي يتفاعلون مع هذه الحالات ويقدّمون لها المساعدة، كما أن عدداً منهم تبرّع وساعد ورفض الإعلان عن ذلك. خلال زيارة لبيروت، خصّت «لها» بهذا الحوار، وإليكم التفاصيل...
- تقومين بنشاط ملحوظ وعلى أكثر من شاشة منذ أن غادرت تلفزيون روتانا. لم هذا التنقل المستمرّ من شاشة إلى أخرى؟ أم تراه كان مقصوداً؟
أقول إنها تجربة فيها مساحة حريّة أكبر قبل أي شيء آخر. أنا أعتبر أن كلّ تجربة نقوم بها تزيد رصيدنا وخبرتنا ومخزوننا الفكري. عندما نكون أحراراً وغير مرتبطين، يكون عدد الإختيارات المتاح لنا أكبر، ويسمح بالتالي بأن تكون اختياراتنا أكثر دقّة. وهذا ما حصل معي شخصياً، إذ إني صرت مرتاحة ودون ضغوط. تنقّلت بين عدد من المحطات إلى أن استقرّيت أخيراً مع محطة «الآن» التي قدّمت لي العرض الأنسب، ولا أقصد الناحية المادية فقط، بل المعنوية أيضاً وأنا سعيدة جداً ببرنامجي الجديد خصوصاً أنه منوّع ونحاور فيه الناس والنجوم بطريقة مختلفة. يحقق لي البرنامج نوعاً من الرضى بيني وبين نفسي، وهذا ما يفترض أن يشعر به كل فرد عندما يقدّم مساعدة إلى من هم في حاجة إليها، سواء كانت المساعدة حلاً لمشكلة أو رفعاً لظلم أو حتى مجرد ابتسامة... لا بدّ أن نشعر بالسعادة تجاه ذلك.
- هل صحيح أنك تلقيت عرضاً من محطة «ام تي في» اللبنانية؟
كلا، بل يفترض أن أشارك في إحدى حلقات برنامج «حديث البلد» الذي تلقيت منه دعوة للمشاركة فيه. لكني لم أتمكن من تلبية الدعوة بعد بسبب التضارب في أوقات التصوير. وبالمناسبة، مخرج البرنامجين واحد، وهو باسم كريستو.
- هل تشعرين بأن الواقع الإعلامي تبدّل وصار الإتجاه نحو البرنامج نفسه وليس المحطة؟ لأن ظاهرة التنقّل من محطة إلى أخرى صرنا نشهدها مع إعلاميين كثر؟
صحيح. وهناك مسألة مهمة جداً لها علاقة بالإدارة وتقدير مجهود الفرد. عندما تكون الإدارة واعية وتقدّم ما يلزم للإعلامي ليقوم بدوره بالشكل الأنسب والأفضل، تصبح العلاقة متماسكة بينهما. لأن الإعلامي سيشعر حينها بأن عمله محطّ اهتمام وتقدير من الإدارة. وفي حال الإختلاف وعدم التوصّل إلى اتفاق، ليس ما يمنع من بقاء العلاقة جيدة بين الإعلامي والمحطة. (تضحك ثم تقول) لكن هذا غير موجود لدى العرب، «إن لم تكن معي فأنت ضدّي».
- أغلب المحطات اليوم صارت تتعاقد مع شركات إنتاج تنفّذ لها مختلف البرامج والتي قد تبيعها لمحطات أخرى. لهذا نقول إن الولاء لم يعد للمحطة نفسها؟
صحيح مئة في المئة. ولا يمكن أن نُغفل هنا المسألة المادية. لكن في النهاية لا أعتقد أن محطة معينة يمكن أن تُساهم في نجومية إعلامي ما ثم تتخلى عنه. وحتى إن تنازلت عنه، قد تضطرّ بعد ذلك للتعامل معه مجدداً إن كان فرض نجاحه. أعتقد أن المسألة تحتاج إلى إيمان أكبر بقدرات الأفراد، لكن للأسف قدرات الأفراد لا تمثّل قيمة كبيرة بالنسبة إلى الإدارات العاملة في المجال الإعلامي. وإذا أقمنا مقارنة بسيطة بين الإعلام العربي والإعلام الغربي، نجد أن مذيعي «بي بي سي» على سبيل المثال هم أنفسهم من سنوات طويلة لم يتبدلوا. بينما هنا يبدلون المذيعين باستمرار دون أي تقدير لتعبهم في المؤسسة ولا حتى لخبرتهم، وهذا غريب جداً. وكل محطة دون أناس يمتلكون الخبرة والولاء والشعور بالإنتماء لهذا المكان، لن تساوي شيئاً ولن تنجح أو أنها لن تحافظ على نجاحها وستصبح بالتالي دون هوية. كل هذا نابع من قلة التقدير تجاه الأفراد. غريب كيف يتخلّون عن الأشخاص بهذه السهولة رغم أنهم يكونون قد تعبوا عليهم ودرّبوهم... للأسف المزاجية هي التي تتحكم، كما أن أصحاب المؤسسات يعتبرون أنفسهم أهم من كل شيء.
- لهذا لا نرى مذيعات متقدمات في السنّ على شاشتنا العربية؟ بل دائماً صغيرات وأشكالهنّ جميلة وهذا عكس ما نراه في الإعلام الغربي؟
صحيح. وذلك لإرضاء غرائز الرجل والمعلن الذي يدفع. بينما العكس تماماً هو ما يحصل في الخارج، وإلاّ كيف استمرّت أوبرا وينفري مثلاً المذيعة الأشهر في العالم؟ صدقيني لو كانت أوبرا موجودة في عالمنا العربي لما التفت أحد إليها... في الغرب ينظرون إلى الفكر وإلى عمق الشخص وليس إلى شكله، ولهذا تجدينهم متقدمين ومتطورين. بينما نحن لا نفعل شيئاً، بل نتلقى ونتكلم فقط. تجدين أغلب القيّمين على الإعلام يرددون دائماً أنهم يعطون الفُرص ويقدّرون الخبرات، لكن كل ذلك كلام في الهواء لأنهم في أرض الواقع يتخلّون عن الشخص بمجرد أن يسمعوا عنه كلمة من هنا أو هناك. أو ربما لمجرد أن صاحب المحطة في مزاج عكر يقول «شيلوها». وهذا لا يجوز إن أردنا التحدث عن إعلام محترم، لكن إن كنا نتحدث عن «السلطة» فهذا غير مستغرب.
- تقولين إنهم في الغرب يعملون بكدّ بينما نحن نتكلم فقط. ألهذا انتشرت ظاهرة استقطاب البرامج الأجنبية ونقلها كما هي في العالم العربي؟
للأسف الشديد رغم أن أصل الحضارة إنطلق من العالم العربي، الحال انقلب. الغربيون أخذوا منا الحضارة وطوروها حتى أصبحوا متفوّقين علينا... هل هذا معقول؟! كل شيء فيهم مختلف عنا، من طريقة التفكير إلى النظر إلى الأمور وصولاً إلى حدود مساحة الحرية. فلماذا إذاً نأخذ منهم البرامج النابعة من أفكارهم وننفذها كما هي! لست ضدّ هذه الظاهرة، لكني طبعاً ضدّ أن تكون كل البرامج بهذا الشكل. هذا للأسف ما عزّز فكرة عدم وجود مفكّرين ومبدعين في العالم العربي. لكن لو نظرنا جيداً، لوجدنا أن الوطن العربي مليء بالموهوبين لكن لا أحد يعطيهم الفرصة. هل يُعقل أنه في كل الوطن العربي لا يوجد أشخاص قادرون على ابتكار أفكار جديدة للبرامج التلفزيونية! إنهم موجودون دون شك لكن لا أحد يعطيهم مساحة للتشاور. عندما اجتمعت مع إدارة تلفزيون «الآن» قالوا لي إنهم يريدون برنامجاً ذا قيمة نقدم فيه المساعدات للناس والترفيه في الوقت ذاته. واستمرت إجتماعاتنا على مدى ستة أشهر ونحن نتناقش ونتشاور إلى أن وصلنا إلى التركيبة النهائية لبرنامجي. وهذا دليل على أننا قادرون على ابتكار أفكار جديدة، والحمدلله الفكرة كانت مميزة ولاقت استحسان الناس. لماذا؟ لأن هناك أشخاصاً يملكون الوعي الكافي للإستماع إلى كلّ الأفكار وهذا أمر مهم جداً وليس كما يحصل في محطات أخرى، أي يقولون «هذا ما نريده وانتهى البيان». صحيح ان قناة «الآن» هي محطة جديدة، لكني سعيدة جداً معهم لأنهم اناس محترمون جداً ويقدّرون تعب كل فرد وليسوا متسلّطين أو مزاجيين، بل يعملون باحتراف كبير.
- لا نريد فتح ملفات قديمة، ولكن نريد أن نسأل عن فترة عملك في روتانا؟
(تقاطعني وتقول مازحة) طالما لا تريدين فتح ملفات لماذا تسألينني عن روتانا!
- نريد أن نسأل عن أبرز ما تعلّمته في تلك الفترة من تجربتك معهم؟
أنا أتعلّم من الحياة ككل لأن الحياة حقل تجارب. لا أندم على شيء بل أنظر إلى الأمور بطريقة إيجابية. كل شيء في الحياة يبدأ صغيراً ويكبر ما عدا الحزن والألم. إستفدت كثيراً من عملي في روتانا التي لي فيها أصدقاء كثر، وعلاقتي بهم جيدة والتواصل بيننا موجود ومستمر حتى اليوم، وأيضاً «ام بي سي». أما إذا كان أحدهم يتكلّم ويقول أموراً فهذه مشكلته وليست مشكلتي، لأنني ببساطة متصالحة مع نفسي ولست متفرّغة للمشاكل، بل أعمل كثيراًَ وأجتهد على نفسي، إضافة إلى اهتمامي بعائلتي وتواصلي مع كلّ أفرادها رغم سفري المستمرّ وعملي الذي يتطلّب وقتاً طويلاً، فضلاً عن عملي الآخر مع شقيقتي في دبي. هذا الإنشغال الدائم يجعلني بعيدة عن القيل والقال، وفي النهاية أقول «الضربة اللي ما تقتلك تقوّيك». وأنا لا أزعل إلاّ على العشرة والثقة. أنا عادة أثق بالناس سريعاً (تقول مازحة) «وهذا لا يعني أني هبلة»، بل لأني أفضّل أن أُحسن الظن بالناس إلى أن يثبت العكس. صحيح أني أصدم في أشخاص كثيرين، لكن في النهاية أنسى وأتناسى ما حصل.
- ما هي طبيعة عملك مع شقيقتك؟
شقيقتي مصممة أزياء وهي تصمم كل العباءات التي أرتديها، وأعمل معها في دار الأزياء التي أسستها في دبي.
- هل تفكران في توسيع المشروع وإقامة دار في بيروت مثلاً؟
بالفعل، تفكر شقيقتي في إقامة عرض للأزياء في بيروت لكنها لم تقرر التوقيت بعد.
- لماذا لا تقدّمين برنامجاً فنياً خصوصاً أن هذا النوع من البرامج يحقق شهرة أكبر لمقدّمه؟
أحب تقديم البرامج الفنية وأغلب الفنانين أصدقائي وسبق أن حاورت كثيرين منهم، من محمد عبده إلى كثيرين. لكني أجد في برنامجي متعة أخرى، إضافة إلى أني استضيف فيه فنانين، منهم على سبيل المثال يارا وفايز السعيد وميرفت امين وجمال سليمان وكل هؤلاء نجوم من الدرجة الأولى. الفنان صار يطلب أجوراً مرتفعة جداً ثمناً لاستضافته في برنامج، لكن هذا غير وارد في برنامجي. تخيّلي مثلاً أن البعض يطلب 70 ألفاًَ و80 ألف دولار أميركي ليطلّ في برنامجي الذي نقدّم فيه مساعدات للناس. وطبعاً من الأجدر أن ندفع هذا المبلغ لتقديم المساعدة لشخص يحتاجها. صٌدمت صراحة من بعض الذين طلبوا هذه المبالغ وهم يعرفون أن البرنامج مُخصّص لمساعدة الناس، هذا غير منطقي ولا يجوز خصوصاً عندما يتحدثون عن الفن والرسالة... الحالات الإنسانية الصعبة التي نقدمها في البرنامج تأتي من مختلف الدول العربية ومنها حالات مأساوية. وأريد هنا أن أذكر موقف الفنان فايز السعيد في حلقة قدمنا خلالها حالة إنسانية من فلسطين. موقفه كان رائعاً وإنسانياً للغاية، بل في قمّة الإنسانية.
- ما كان ذلك الموقف؟
مرت في حلقته فتاة فلسطينية فاقدة للبصر، مثقفة جداً وتُعيل عائلتها الفقيرة من خلال عملها في أحد سنترالات الهواتف. حائزة على شهادة في الأدب الإنكليزي تتمتّع بخفّة دم مميزة. كانت تقول إنها تتمنى أن تعمل في مجال دراستها، أي تدريس اللغة الإنكليزية التي تخصصت فيها وهي كفيفة. فايز تأثّر بها كثيراً وتبرّع لها براتب شهري منه مدى الحياة. هذا هو الفنان الحقيقي وليس من يطلب في برنامج إنساني 80 ألف دولار. وبالمناسبة، هناك عدد من الفنانين الذين مرّوا في البرنامج وقدموا مساعدات كثيرة مهمة لكنهم طلبوا عدم الكشف عن ذلك. وأنا طبعاً احترم رغبتهم وأقدّر كثيراً ما قاموا به. بعد تجربتي هذه أستطيع القول إن برنامجي شكّل محكاً للفنان الحقيقي.
- كل الذين تستضيفينهم يشاركون دون مقابل؟
بعضهم يتقاضى أجراً رمزياً، كما أن كثيرين تنازلوا عن المبلغ بعدما دخلوا الاستوديو وشاهدوا الحالات التي نعرضها، فلم يتقاضوا فلساً واحداً، بل تبرّعوا من حساباتهم الخاصة. أستطيع أن أقدّم برنامجاً فنياً وأسأل فيه النجوم «فلان قال عنك كذا» و«فلانة صرّحت كذا». لكن أين الجديد وما هي الإفادة التي أقدّمها للناس! لست في حاجة إلى نجومية بل ما يهمني هو تقديم شيء جديد ومفيد للناس. أذكر مثلاً عندما استضفنا الفنان القدير محمد صبحي، لم يكن أحد يدري أنه كان من «أطفال الشوارع» لكنه أعلن عن ذلك في الحلقة وصرّح أنه التقى أناساً احتضنوه ثم وصل إلى ما هو عليه وإلاّ لربما لم يحقق شيئاً في حياته أو بقي متشرداً. ولهذا هو يتبنّى قضية «أطفال الشوارع»، لكن أحداً لم يكن يدري ذلك. ومن أبرز ما يميّز البرنامج، أنه يكشف جوانب إنسانية رائعة لدى الفنانين، وهذا أفضل من كشف أمور أخرى. وبالمناسبة، أريد أن احيي الفنان نبيل شعيل أيضاً على موقفه في البرنامج.
- هل نستطيع أن نلوم الفنانين متى طلبوا أجوراً نظير إطلالاتهم التلفزيونية؟ بينما معروف أن كلّ المحطات تدفع لهم مبالغ كبيرة؟
أنا لا ألومهم وهذا حقّهم الشرعي. لكني ضدّ المبالغة في الأجور التي يطلبونها خصوصاً في برنامج خيري مثل برنامجي. (تضحك وتقول) «يعني ليطلّوا في برنامج واحد دون مقابل وليعتبروا ذلك صدقة». لا أريد أن أنسى أيضاً توجيه الشكر للأطباء الذين يساعدوننا كثيراً أيضاً دون مقابل، ومنهم الدكتور عيد من السعودية الذي يساعدنا في عمليات التجميل الخاصة بالتشوّهات، ومنها حالات صعبة جداً لفتيات صغيرات تعرّضن للتشويه نتيجة الضرب إذ إنهنّ يعلمن خادمات في البيوت. أو مثلاً عمليات استئصال الثدي نتيجة مرض السرطان. هناك حالات كثيرة تكون حساسة جداً وبالتالي من الصعب عرضها في البرنامج، أي نقدم لها المساعدة لكنها لا تمرّ على المشاهدين.
- ما هي المواقف المؤثرة التي تذكرينها لفنانين استضفتهم في برنامجك؟
كشفنا في حلقة الفنانة ميرفت أمين خلال استضفتها في حلقة خاصة عن «الكوما»، أنها دخلت قبل مدة في «الكوما» يومين نتيجة تناولها بعض الأدوية بشكل خاطئ، وأيضاً لم يكن أحد يدري بهذا الموضوع، وكان ذلك مؤثراً كثيراً. محمد صبحي مثلاً بكى في الحلقة وأيضاً سامر المصري. وكما قلت سابقاً هناك أمور كثيرة مرّت لكن الفنانين طلبوا عدم عرض مواقفهم لأنهم يفضلون إيقاء عمل الخير بينهم وبين ربّهم.
- إلى متى يستمرّ برنامجك؟
ليس مرتبطاً بموسم معين وسوف نباشر تصوير حلقات الموسم الثاني قريباً بإذن الله، وكل ما أستطيع قوله أنه ما دمنا قادرين على فعل الخير «الله يقوّينا».
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024