أستونيا: جوهرة البلطيق
بعد انتهاء جائحة كورونا وعودة الحياة إلى طبيعتها، نرغب جميعاً في السفر إلى وجهة فريدة للاسترخاء والتمتع بإجازة جميلة. الخيارات كثيرة من دون شك، لكننا ننصحك بزيارة أستونيا، تلك الدولة الواقعة في منطقة بحر البلطيق شمالي أوروبا، والتي تشتهر بكونها بلاد البحيرات والجزر والغابات... تزدهر السياحة الطبيعية في أستونيا، حيث الغابات الخضراء والمنتجعات السياحية على ضفاف البحيرات، إضافة طبعاً إلى السياحة الثقافية والتاريخية نظراً لكثرة القلاع التاريخية القديمة والكنائس والمتاحف.
على مسافة 80 كيلومتراً من السواحل الفنلندية، تستريح بلاد صغيرة في مساحتها الجغرافية ورحبة في مساحتها التاريخية. تتأمل في أمواج بحر البلطيق، تداعبها نسائمه الباردة، مستسلمةً للجو الإسكندنافي المحيط بها. إنها أستونيا التي تحتفظ بالكثير من عبق التاريخ على الرغم من التغيّرات المتسارعة التي طرأت عليها بعدما نالت استقلالها عام 1991 وانضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004.
تقع أستونيا على الساحل الشرقي لبحر البلطيق، وفيها بعض المرتفعات الجبلية، أهمها جبل "سورمونماجي" أو جبل "البيضة الكبيرة"، الذي يصل ارتفاعه الى 318 متراً. وتضمّ هذه الدولة، التي يمتد ساحلها على مسافة 3800 كيلومتر، نحو 1500 جزيرة، بينها جزيرتان كبيرتان هما ساريميا وهيوما. كما تشكّل الغابات نحو 47% من مساحة أستونيا، بالإضافة إلى حوالى 1400 بحيرة صغيرة الحجم. وعلى رغم قرب أستونيا من بحر البلطيق، فإن مناخها معتدل شتاءً في المناطق الساحلية، ولكنّ الشتاء قاسٍ ورطب في الجزء الشرقي من البلاد.
يُذكر أنه مقارنةً مع البلدان الأوروبية الأخرى، وخصوصاً جيران أستونيا من الدول الإسكندنافية، فإن هذا البلد العضو في منطقة اليورو رخيص جداً في ما يتعلّق بالسفر والإقامة...
تالين
تالين هي الوجهة الأكثر شعبيةً في أستونيا، باعتبارها العاصمة ومحور عمارة القرون الوسطى في البلاد. وتعدّ هضبة تومبيا الواقعة في قلب المدينة المكان الأول للزيارة في تالين، إذ تحتفظ بجو تاريخي مذهل بفضل الشوارع المرصوفة بالحصى والمباني التي تعود إلى القرن الخامس عشر. ومن أعلى تومبيا يمكنكِ الاستمتاع بنظرة بانورامية للبلدة القديمة التي تُعدّ أيضاً مثالاً حيّاً للتاريخ.
تشكّل تالين، الواقعة على الشاطئ الجنوبي لخليج فنلندا، مركزاً صناعياً وثقافياً لأستونيا، وميناءً بحرياً رئيسياً لها. حافظت هذه المدينة على هوية العصور الوسطى واعتنقت الرأسمالية.
عند زيارة تالين، استكشفي أبراج المراقبة والتحصينات والمتاجر الباقية من العصور الوسطى والكنائس المشيّدة وراء الأسوار التي تحيط بها. ولا تفوّتي فرصة التعرّف على المدينة القديمة التي كانت ذات مرة مدينتين منفصلتين تنتميان الى العصور الوسطى، ويفصلهما عن بعضهما بعضاً سور. المدينة الأولى كان اسمها "دوم هيل" وهي المدينة العليا، وفيها مقر السلطة الحاكمة. أما المدينة السفلى فتقع في ساحة المدينة القديمة، وكانت مسكناً للتجار ومركزاً للتجارة. وترتبط المدينتان بشارعين ضيقين منحدرين. يُذكر أن البلدة القديمة في تالين مصنّفة من مواقع التراث العالمي لليونسكو، وهي عن جدارة مدينة مذهلة، ولا سيما بشوارعها المرصوفة بالحجارة، ومبانيها التاريخية، وكنائسها العملاقة.
ساريميا
تعتبر ساريميا أهم جزر أستونيا وأكبرها، إذ تسبح في البلطيق بكل هدوء محتفظةً بوجهها الطبيعي الدغلي. تنتشر المزارع في الغابات التي تغطّي نصف مساحة الجزيرة، بشكل عشوائي جميل يمنحها طابعاً ريفياً فطرياً.
ولا شك في أن طواحين الهواء التقليدية التي بقي منها القليل، والبيوت المسقوفة بالقش، والأسوار الحجرية، وأشجار العرعر... تجعل من ساريميا مكاناً يقصده السيّاح للحصول على بعض الاسترخاء.
تزخر ساريميا بالتاريخ الغني والمعالم السياحية الفريدة. فقد مرّ عليها الدانماركيون والسويديون والألمان والروس. أما مدينة كوريساري عاصمة الجزيرة فتضم قلعة تعود الى القرون الوسطى، وتتيح لزائرها فرصة السير لمسافات طويلة لتأمّل روعة المعالم السياحية، ومراقبة الطيور والتقاط أجمل الصور الفوتوغرافية.
متنزّه لاهيما الوطني
في شمال أستونيا، يقع أكبر متنزّهات البلاد وأجملها... إنه متنزّه لاهيما الوطني الذي يحضن مجموعة من التناقضات الطبيعية الفريدة: جروف صخرية، غابات كثيفة، منحدرات، قصور تعود إلى القرن الثامن عشر، بحيرات وأنهر وشلالات مياه، إضافة إلى الدببة.
تقسم الهضبة الكلسية، المعروفة باسم غلينت، المتنزّه إلى قسمين: شرقي وغربي. تَحدّ غلينت شلالات مهيبة يصل ارتفاع بعضها الى 56 متراً. وفي المتنزّه محميتان مفتوحتان للزوّار، محمية "كولجاكو أواندو"Koljaku-Ouandu ، وهي منطقة ساحلية تضمّ غابات مطرية تقع شمال شرقي المتنزّه، ومحمية "لوكاسو" Laukasoo التي تتوسط المتنزّه حيث توجد المستنقعات.
حديقة سوما الوطنية
تقول الأسطورة المحلية إن ساحرات القصص الخيالية استفدن في الزمان الغابر من هدوء الملاحة ليختبئن في حديقة سوما الوطنية. ويبدو أن السكان صدّقوا هذه الأسطورة إذ جسّدوها في نشاطات المتنزّه الترفيهية، حيث مراكب التجديف وسيلة التنقل في المتنزّه. أما المكانس الطائرة فيصعُب التقاطها، وبالتالي يستحيل ركوبها... كما يمكن ممارسة هواية صيد الأسماك والتخييم في الحديقة، في انتظار لقاء ساحرات المتنزّه.
كذلك تعتبر هذه الحديقة وجهةً رائعة للباحثين عن الاستجمام في أحضان الطبيعة، إذ تتميز بروعة المشاهد وجمال الأجواء. يوصى باستئجار زورق أو الانضمام إلى جولة منظّمة لاكتشاف كل البقع الرائعة في المكان.
شلالات كيلا
شلالات نهر كيلا هي من أجمل شلالات أستونيا وأعلاها، إذ يبلغ ارتفاعها 6 أمتار. تحيط بهذه الشلالات الطبيعة الخضراء من كل حدب وصوب، بحيث يستطيع الزائر التجوّل وسط الطبيعة الساحرة والاستمتاع بمنظر الشلال وممارسة رياضة المشي.
فلياندي
إذا أردت الاستمتاع بالثقافة الأوروبية، وخصوصاً بكل ما يتعلق بالموسيقى والرقص والاحتفال، أوصيك بزيارة فلياندي، أصغر مدن أستونيا وأكثرها جمالاً. بالفعل، تمزج فلياندي بين البيوت الأثرية وتلك الخشبية القديمة، وهي مركز الموسيقى الشعبية الأستونية كونها مركزاً ثقافياً.
إنها مدينة تاريخية صغيرة في جنوب أستونيا، تزخر بالمعالم السياحية والفرص الترفيهية الممتعة، بدءاً من العمارة التاريخية الرائعة وصولاً إلى أطلال قلعة فلياندي التي تعود إلى القرن السادس عشر.
يُذكر أن هذه المدينة الجميلة تستقبل مهرجان الموسيقى الشعبية السنوي في شهر تموز/يوليو من كل عام، وهو يجذب نحو 20 ألف زائر سنوياً. ولا شك في أن هذا المهرجان الموسيقي فرصة ممتعة للتعرف على ثقافة السكان المحلّيين وعاداتهم.
فاينمري
تقع منطقة فاينمري في الجزء الشرقي من بحر البلطيق في أستونيا، بين الجزر الأساسية والبرّ الرئيسي، وهي منطقة ساحلية ريفية ذات قيمة طبيعية عالية، باعتبارها وجهةً لعشاق السياحة البيئية.
تنتشر فيها الشواطئ الشاسعة والمروج الساحلية وسهول الحجر الجيري، وهي موئل لآلاف الطيور والثدييات والنباتات النادرة. أما البحر النظيف الضحل، الذي يصل الضوء فيه إلى العمق، فيشهد ثراءً كبيراً في العالم الحيوي. إلا أن المنظر الطبيعي للساحل الأستوني لم يكن قط طبيعياً كله، بحيث سكنه البشر على مدار القرون الماضية وطوّروا أنشطتهم الزراعية، بالإضافة إلى أنشطة رعي الماشية وإسطبلات الخيل.
وخلال النصف الثاني من القرن العشرين، أدى تدهور الاقتصادات الساحلية المحلّية إلى تقهقر العديد من الموائل القيّمة، كما تكاثف نمو الأشجار في المناطق الساحلية المفتوحة مثل المراعي في الغابات ومراعي الحجر الجيري والمروج الساحلية الشاسعة التي تزخر كلها بمختلف الأنواع البيئية.
بارنو
إنها مدينة صغيرة جميلة في أستونيا، تشتهر بالمنتجعات وحمّامات الطين، وهي الوجهة السياحية الصحية الأكثر شعبيةً في المنطقة. بُني أول منتجع صحي فيها عام 1837، ثم توسّعت حمّامات الطين بشكل سريع لمعالجة شتى اضطرابات المفاصل، والعمود الفقري والجهاز العصبي. تقع المدينة عند ملتقى نهر بارنو بخليج ريغا، وتتميز بشاطئ رملي مذهل، إضافة إلى ممشى ممتع خاصة عند غروب الشمس.
هيوما
لمحبّي الاستمتاع بالجمال الطبيعي البكر، أوصي بزيارة جزيرة هيوما، واحدة من جزر عدة تقع قبالة الساحل في بحر البلطيق وأحد أجمل الأماكن السياحية في أستونيا. يمكن الوصول إلى تلك الجزيرة عبر استئجار طائرة من تالين، أو عبّارة من المدن الساحلية المتعددة في البر الرئيسي. هناك، في تلك الجزيرة، يحظى المرء بالسلام والهدوء مع إمكانية زيارة العديد من المنارات المثيرة للاهتمام، بما في ذلك منارة كوبو التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر، وهي إحدى أقدم المنارات على الأرض.
الشواطئ
الشواطئ الرملية البيضاء في أستونيا هي بقعة شعبية للسيّاح والسكان المحلّيين. ولا يقتصر مشهد الشاطئ على روعة البحر فحسب، بل يمتد إلى الكثير من الأنشطة المائية للباحثين عن عطلة ممتعة.
من أبرز شواطئ أستونيا نذكر:
شاطئ بارنو: يقع على مسافة 30 دقيقة من مدينة تالين، وهو شاطئ مميز للأطفال ولمن لا يجيدون السباحة كثيراً، لأن مياهه غير عميقة ولا انحدار شديداً فيه. كما يحتوي الشاطئ على ملاعب لممارسة الرياضة، ومطاعم لتناول الوجبات الخفيفة.
شاطئ بوهجاراف: إذا كنت من عشّاق الأنشطة الرياضية أمام البحر، إليك شاطئ بوهجاراف الذي يضم ملاعب للكرة الطائرة، وأماكن لتأجير المراكب، ومجموعة من حمّامات السباحة. هو شاطئ مناسب جداً للاسترخاء، لا سيما أنه محاط بحزام من الغابات، ويتميز بمستوى عالٍ من نظافة المياه والرمال.
شاطئ ماندالا: إذا أردت الذهاب إلى جزيرة منعزلة والاسترخاء وحدك على الشاطئ، توجّه إلى جزيرة ماندالا التي تُعدّ واحدة من أكبر جزر أستونيا. ففي هذه الجزيرة، تطغى الرمال البيضاء الناعمة مع المياه الزرقاء الصافية غير العميقة والصخور الطبيعية.
معلومات مهمة عن أستونيا
الموقع الجغرافي: الساحل الشرقي لبحر البلطيق في شمال أوروبا
المناخ: معتدل صيفاً وبارد شتاءً
اللغة: الأستونية
العملة: اليورو
فارق التوقيت بين أستونيا والإمارات: ساعة واحدة.
شاركالأكثر قراءة
أخبار النجوم
ياسمين عبد العزيز تضع حدّاً لتعليقات منسوبة إلى...
أخبار النجوم
خبيرة أبراج تثير الجدل بعد تنبؤاتها لمصير ثلاث...
أخبار النجوم
أمل كلوني تثير الجدل بنحافتها بالشورت القصير
أخبار النجوم
بعد حديثها عن ارتداء الحجاب... صور جديدة لحلا...
أخبار النجوم
فاتن موسى تتذكر لحظات ممتعة مع الراحل مصطفى...
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024