تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

أنس أبو قوس: 'أن أكون ابن صباح فخري حرمني فرصة التجريب بحرية'

يعتبر أنس أبو قوس من أهم مؤسسي الفرق الغنائية في سورية، وهو من الأعضاء الفاعلين في هذا المجال. ورغم ابتعاده عن نمط غناء والده ملك التراث الفنان صباح فخري، استطاع أن يضع بصمته الواضحة في مجال الموسيقى، وخاصة تلك التي تمزج ما بين الأصالة والتراث وما بين الموسيقى الغربية ليمزج ما بين الشرق والغرب وليخرج بفرقة «إنسانيتي» الفرقة الرائدة في سورية في غناء الروك. ورغم استغراب البعض لكون أنس ابن مطرب التراث الأول في العالم العربي، إلا أن صباح فخري ذاته بارك خطوات ابنه خاصة أنه علمه أصول الغناء الشرقي في بداياته، ليشق بنفسه طريقه الخاص وبأسلوبه المميز.
عن رحلته الفنية، وعن مقارنته بوالده، وعن طموحاته ومشاريعه، كان اللقاء مع الفنان أنس أبو قوس...

- بداية لنتحدث عن فرقتك الغنائية «إنسانيتي»، لماذا أطلقت عليها هذا الاسم؟
حقيقة لي مساهمات عديدة في عدة فرق غنائية سورية، وإنسانيتي هي واحدة منها، وهي فرقة أو مشروع مع ميشال أسمر وهو عازف غيتار.
اتفقت معه على أن نؤلف موسيقى تعبر عن حالة إنسانية وتعكس حالات مختلفة من السعادة والحزن. وكثيرة هي الحالات التي يمر بها الإنسان تعبر عنها الموسيقى لذلك اخترنا كلمة إنسانيتي، وإنسانيتي باللغة الإنكليزية تعني الجنون، ونحن مشروعنا الرئيسي يعتمد بشكل كبير على المزج ما بين الموسيقى الشرقية والغربية بنمط الروك كخلفية موسيقية، فهو تطعيم ومزج بين نمطين مختلفين ضمن إطار الحالة الإنسانية.

- من هم أعضاء الفرقة وعلى أي أساس تم اختيارهم؟
ميشيل أسمر مؤسس وعازف، وأنا مغن وعازف إيقاع، سيمون مريش إيقاع، إبراهيم سليماني عازف غيتار، وكان معنا ضيف هو حازم العاني على الكيبورد.
اختيار الأعضاء ينبع من كون الموسيقى تجريبية وحالة فنية بحتة تقوم على اتفاق فكري وروحي بالدرجة الأولى وعلى التفاهم الموسيقي. أي لا يوجد حدود والباب مفتوح أمام كل موهبة.

- ما هي المناسبات العربية والعالمية التي شاركتم فيها؟
«إنسانيتي» مشروع ظهر عام 2007 والظهور الأول كان ضمن «مهرجان سورية الشباب» الذي تضمن ست فرق سورية في أربع مدن، ومن المشاركين كانت لينا شماميان، فرقة «إطار شمع»، فرقة «كلنا سوا»، فرقة «إنسانيتي»، فرقة «جين».
وضمن خطتنا نعمل حالياً على تأليف أول ألبوم للفرقة، وأنا بشكل خاص أعمل في هذا المشروع.
وأيضاً هناك فرقة اسمها «عيار» أعزف معها ولنا مشروع فيها أنا ومؤسسها هاني الشيخ، تتضمن موسيقى الروك مع الأشعار العربية من العصر الجاهلي، مثل أشعار عنترة، أبو العتاهية، وهذه النصوص ثقيلة جداً لكننا نحاول تسليط الضوء عليها، لأن هناك كثيراً من الناس يقولون كيف أنت ابن صباح فخري واتجهت إلى هذا النوع من الغناء؟ وأرد لأقول أني أحاول تسليط الضوء على التشابه في الجانب الإنساني المشترك بين الناس، وكل يعبر بطريقته، فأنا أسعى من خلال الموسيقى لأن أقدم أنماطاً مختلفة خارجياً ومشتركة كمشاعر.

- أسست أهم فرق الروك في سورية «إنسانيتي»، من هو جمهور هذا النوع من الغناء؟
جمهورنا الشباب بشكل رئيسي بمختلف فئاتهم، والأغلب من طلاب الجامعات والشباب الذين يتطلعون الى شيء جديد دون التخلي عن أصالتهم وهويتهم.

- من يعجبك من الفرق العربية الغنائية؟
«كلنا سوا» فرقة ناجحة وعندها رسالة، وهناك فرقة «مرمر» تجربتها جميلة ورائعة ولديها مزيج رائع بين الموسيقى المحلية والموسيقى الغربية.

- هل تعمل على المزج ما بين الموسيقى الشرقية والغربية؟
هذا الموضوع أخذ دراسة طويلة، أكثر من عشر سنوات درست خلالها عدة أنماط وكان عندي مشاريع عديدة. ثم جمعت كل شيء كي أنتج ما يعبّر عني، وهو مزيج متجانس قائم بشكل رئيسي على الأصالة والمعاصرة في آن واحد.

- وماذا عن الفرق العالمية؟ ومن هي الفرقة التي تطمح الى الوصول إلى ما وصلت إليه؟
أحب مثلاً ستينغ، وفرقة «بون جوفي» والعديد غيرهما.

- أبدى بعض الجمهور استياءه من ظهور أبن احد أهم مطربي التراث العربي والأصالة على هيئة مغني روك في صخب اللباس والحركة والموسيقى، كيف ترد على هذا الجمهور وانتقاداته؟
هم أحرار، ومن حقهم أن يبدوا رأيهم وأنا من حقي أن أفعل ما أريده.

- تبدو أنت ووالدك صباح فخري هادئين وكثيراً ما تقللان من شأن البعد الفني الذي يراه الجمهور بينكما. هل هي خطة فنية لتجميل هذا الاختلاف في الأسلوب الفني؟
أبداً لا يوجد أي حد أدنى من الاتفاق أو المؤامرة. الفكرة ببساطة أننا متفقان على أن الموسيقى هي لغة العالم، والكون. حتى حركة الكواكب فيها إيقاع. حركة أمواج البحر فيها إيقاع. خرير المياه فيه أنغام. حفيف الأوراق فيه أصوات موسيقية كونية، ودون هذه الأصوات يسود الجماد في العالم، وتتوقف الحياة. فاتفاقنا على هذا الشيء يجعلنا لا نختلف على إيقاع الموسيقى نفسها، وبالنهاية كل يعبر عن رأيه بحرية وهذا دليل انفتاح وأريد أن أنوه أن اعتبار صباح فخري تراث ذلك تهمة. إذ أن صباح فخري مطور ومجدد والدليل كل الأدوار والأشياء التراثية غنوها أناس معاصرين وسابقيه من الملحنين مثل سيد درويش والسيدة أم كلثوم غنوا أدواراً مثل أنت الهوى وتميل عليه والفل والياسمين والورد، ولكن الناس تسمعها من صباح فخري لأنه وضعها بقالب متجدد ومتطور ومعاصر وبالتالي صباح فخري عنده الحس العصري والانفتاح. وقد أسسني في مدرسة شرقية سليمة لذلك لا يخاف علي من حالة العولمة أو الاستعمار الثقافي لأنه يعرف أن ثقافتي واسعة ولدي أساس قوي ومتين في الموسيقى الشرقية.

- قال والدك رداً على هذا الجمهور، تثقفوا وتعلموا قبل أن تتكلموا، ماذا عنى بكلامه هذا؟
يعني أن هناك الكثير من الناس يتعاملون مع الموضوع بالقشور فقط دون التطرق الى المضمون. لأنه عندما يتثقف الإنسان ويدرك بحسه الموسيقى ومفاهيمها يصل الى المفهوم الحقيقي لما نقدمه.

- هل تعتقد أنك ظلمت فنياً كونك ابن صباح فخري، وأن الناس لم تعد تسمعك بل بدأت تطلق الأحكام قبل الاستماع الى فنك؟
الفكرة أني لا أستطيع أن أقول انه ظلم، لكن الميزة التي فقدتها من الجمهور هي الحياد، أي أنه لا يتعامل معي بحيادية مما حرمني فرصة التجريب بحرية. لكن ذلك لم يؤثر بسبب إيماني العميق برسالتي وبفني وأصالتي، ولإيماني بأن الموسيقى هي أداة تواصل مع العالم ولا نستطيع أن ننعزل عنها.

- بدأت بغناء التراث وحفظت جميع أغنيات والدك من موشحات وقدود حلبية. كيف وصل بك المطاف إلى هذا النوع من الموسيقى؟
أحب التنويع. فصباح فخري متحد مع التراث الى درجة أن الناس لا تفصل بينه وبين التراث. مثلاً «خمرة الحب اسقنيها»، هي تأليف وتلحين صباح فخري وليست من أغاني التراث، وأيضاً أغنية «قل للمليحة»، والكثير أيضاً من الأغاني. ووصلت أنا الى موسيقى الروك لأني منذ طفولتي اكتشفت أني متأثر جداً بالموسيقى الغربية، وكنت مسحوراً جداً بسماعها. وحبي لهذه الموسيقى دفعني للبحث عنها فوجدتها في داخلي.

- صرحت سابقاً، أنك تجنبت السير خلف خطوات والدك وأنك لن تفعل ذلك لترضي رغبات البعض في الاستمرار بإسماعهم غناء معيناً. هل هو السبب الأهم في اتجاهك الى الروك؟
اتجاهي الى الروك محاولة مني لخلق مستمع حيادي، لأني لو أردت الغناء في مدرسة صباح فخري من البداية ستكون هناك محاولة مقارنة ظالمة لأن صباح فخري أسطورة وله أكثر من خمسين عاماً يعمل وأنا صغير جداً وأمامي مراحل طويلة، فأعطوني خمسين عاماً ثم قيموني وانقدوني.

- لماذا لم تختر أن يكون اسمك أنس فخري؟ هل هو الخوف من المقارنة بين الاسمين؟
اسم عائلتنا الأصلي أبو قوس، أما اسم فخري فوالدي تكنى به احتراماً لفخري بك البارودي الذي كان له دور كبير في رعاية والدي موسيقياً. أنا استخدمت اسمي الطبيعي.

- رغم إصرارك على خلق خطك الفني الخاص بك بعيداً عن والدك، ألا ترى أن اسم صباح فخري كان له أثر إيجابي على مسيرتك في كل الأحوال وقد جعلك تحرق الكثير من المراحل حتى الآن؟
نعم هذا صحيح ساعدني ذلك الأمر كثيراً، وأنا افتخر بذلك.

- هل الروك هو طموحك الفني أم أنه محطة في حياتك الفنية، كما مرت مرحلة الموشحات والطرب الأصيل في بداياتك الفنية؟
محطة في حياتي الفنية لأني طموح. ولكن لا كلام الآن حتى انتهي من هذه المحطة وأترك فيها بصمة واعدة.

- حصلت على دروس في النغم والمقامات الشرقية والعزف على العود، ألا يحتاج الروك إلى دراسة أم أنه مجرد ممارسة وهواية؟
الهواية موجودة لكن هذا لا يعني أن الأمر ينجح بلا دراسة وثقافة. بل أني أتابع وأدرس وسافرت كثيراً من أجل هذا الموضوع، ووضعت أرضية موسيقية لغناء الروك ابني عليها أعمالاً مميزة ستظهر مستقبلاً.

- من يعجبك من المطربين والمطربات العرب اليوم من حيث حسن اختيارهم لأغنياتهم؟
فيروز، ميادة الحناوي، صباح، أصالة نصري، ملحم بركات، كاظم الساهر، حسين الجسمي.

- هل من دويتو قريب يمكن أن يجمعك مع أحد المطربين؟
لا مشروع الآن، لكن لا مانع من تحقيق الفكرة.

- ما رأيك في التجربة التي أقدم عليها الفنان وديع الصافي والمطرب الإسباني خوسيه فرنانديز في المزج ما بين الغناء الشرقي والغربي، وهل يمكن أن نشهد تجربة كهذه بينك وبين والدك؟
هي تجربة جميلة، ودخول الأستاذ وديع الصافي سلط الضوء على الموسيقى الشرقية وعمق التجربة التي اعتبرها تجربة جديدة جميلة ناجحة.
بالنسبة إلي لن أقدم تجربة مع والدي صباح فخري، ولا فكرة عندي الآن عن هذا الموضوع، إلا إذا وصلت إلى صيغة عمل تليق باسم صباح فخري. عندها من الممكن أن نخطو هذه الخطوة...

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080