أثينا: مهد الحضارة والتاريخ والعراقة
أثينا، عاصمة اليونان ومهد الحضارة وواحدة من أكثر الوجهات الأوروبية جذباً للسيّاح. إنها مدينة ساحرة وجميلة، فيها الكثير من المعالم السياحية المميزة، وتعتبر وجهة رائعة على مدار العام لأنها دافئة ومُشمسة في كل الفصول. لا شك في أن زيارة أثينا ستكون تجربة لا تُنسى مهما بلغت توقّعاتك. فمعالم السياحة في أثينا تضم الكثير من المعابد والآثار القديمة التي تشهد على التاريخ العريق للبلاد. وللسياحة في أثينا مذاق خاص إذ تجمع بين المعرفة التاريخية والتمتع بالعروض والمهرجانات والفاعليات المختلفة.
تعدّ أثينا مركزاً لليونان في الفترة الكلاسيكية، وبالتالي مركزاً للحضارة الغربية، مما يجعلها إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم. واللافت أن أكثر التطورات أهميةً في العالم القديم حدثت في أثينا، وتمّ تخليد تلك الأحداث في مبانيها التي تتجذّر في التاريخ. أُعلنت أثينا عاصمة لليونان عام 1834، ومنذ ذلك الحين، أصبحت مدينة حضارية رائعة تنتمي إلى العصر الحديث وتتميّز بسحرها التاريخي الذي لا يقاوَم.
تقول الأسطورة إن مدينة أثينا مباركة من الآلهة الأولمبيين، وهي في الواقع خير دليل على اللقاء المذهل بين الحضارات القديمة والمجتمعات الحديثة، بحيث نجد في المدينة بقايا اليونان القديمة التي نشأت في وقت مبكر من القرن السادس قبل الميلاد، مثل أغورا، والأكروبوليس، وبوسيدون، ومعابد زيوس وغيرها... كما نجد في أثينا المباني الحديثة والأنيقة التي بُنيت أخيراً ومنها المترو الجديد... ولا تزال أثينا ملتقى الحضارات وخير تجسيد للمدينة الغنية بتاريخها وماضيها العريق.
الأكروبوليس
يقع الأكروبوليس في وسط أثينا ويرتفع حوالى 152 متراً عن سطح البحر، وهو عبارة عن جبل صخري شُيّدت على قمته مجموعة من المعابد للآلهة اليونانية القديمة، ومن أهمها معبد البارثنون الذي يعتبر أيقونة معابد اليونان والعالم القديم على حد سواء.
عند الوصول إلى بوابة بروبيلين، أي المدخل الرئيس للأكروبوليس، يمكن تأمّل روعة اللوحات الجدارية الضخمة والزخارف والأعمدة العالية. ولا بد من مشاهدة مسرح أديون هيروديس أتيكوس، ذاك المسرح الضخم المشتمل على طبقتين من المدرّجات بشكل نصف دائري، إضافة إلى مسرح ديونيسوس الذي يعود الى الفترة الإغريقية ويحوي مدرّجات كبيرة تحيط بساحة للعروض من كل الجهات. ومن قمة الأكروبوليس، يمكن رؤية مشاهد بانورامية رائعة للعاصمة أثينا بضواحيها وأزقّتها ومعالمها.
حي بلاكا التاريخي
بعد زيارة الأكروبوليس، يمكن الانتقال إلى حي البلاكا التاريخي الذي يضم عمارات كلاسيكية وعدداً من المتاحف، إضافة إلى الكثير من الأماكن الأثرية القديمة، والمطاعم والمتاجر المخصّصة لبيع التحف والهدايا التذكارية المصنوعة يدوياً. ولا بدّ من زيارة جامع محمد الفاتح الذي تم تشييده عام 1458، والذي قام محمد الفاتح بزيارته.
متحف الأكروبول
يقع متحف الأكروبول الجديد في شارع ديونيسوس أريوباغيتو على منحدر جنوب غربي هضبة الأكروبوليس في أثينا، ويعتبر من أشهر أماكن السياحة في اليونان إذ تُعرض فيه أهم الآثار والمنحوتات للمنطقة والحضارة اليونانية القديمة. تم تشييده عام 2007 وهو يشبه في طابقه العلوي معبد البارثينون الشهير.
عند زيارة المتحف، يمكن التجول أولاً في قسمه الرئيس، حيث آلاف القطع الأثرية القديمة ذات الأحجام المختلفة، والتي تمّ جمعها من جبل الأكروبول والمعابد القديمة الموجودة فيه. يمكن الانتقال بعدها إلى القسم القديم الذي يعرض آثاراً تعود الى القرن السابع قبل الميلاد وصولاً إلى الفترة الفارسية.
ولا بدّ من زيارة معرض البارثينون في الطابق الثالث من المعرض، حيث توجد قطع أثرية وتماثيل ومنحوتات جُلبت من معبد البارثينون الشهير في الأكروبول.
يُذكر أن المتحف يضمّ متجرين لبيع الهدايا التذكارية، حيث الكثير من الكتب واللوحات الفنية والتحف والمنحوتات.
أغورا القديمة
لكل من يرغب في استكشاف الأطلال القديمة والتعرّف على التاريخ الثري في اليونان، أوصيه بزيارة أغورا القديمة، لا سيما أنها الموقع الأكثر شهرةً لتلك المغامرة التاريخية. تقع الأغورا القديمة في الشمال الغربي للأكروبوليس، وتحدّها من الشمال التلال المسمّاة أغورايوس كولونوس. كانت الأغورا أساساً المركز السياسي والإداري والاقتصادي والاجتماعي في اليونان القديمة، واشتُهرت لكونها السوق الذي أخذ سقراط يسأل فيه المارّة أسئلة فلسفية. كما أنها المنطقة التي شرب فيها سقراط السُّم.
يعتبر رواق أتالوس الإغريقي في أغورا القديمة الصرح الأكثر شهرةً، وقد تم بناؤه في القرن الثاني قبل الميلاد. ثمة متحف أيضاً في الطابق الأرضي من المبنى فيه الكثير من الاكتشافات الأثرية التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، مثل الفخاريات والمنحوتات والتجهيزات التي كانت تُستخدم في الحياة اليومية. يُذكر أن المكان يحتوي الآن على الكثير من الأطلال والتماثيل العملاقة وبقايا من عصور غابرة.
المتحف الأثري الوطني
يعرض المتحف الوطني في أثينا التاريخ اليوناني منذ قديم الزمان، ومن فترة تمتد الى أكثر من 5000 سنة، بحيث يضم آلاف القطع الأثرية المكتشفة في مواقع مختلفة من اليونان. وتشتمل المعروضات في المتحف على المقابر الملكية، والتماثيل، والمجوهرات، والقطع الفخارية، ومن ضمنها زهريات وأوانٍ فخارية.
عند زيارة هذا المتحف، لا بدّ من التجوّل في القسم الذي تُعرض فيه مجموعة آثار الحضارات القديمة الخالدة من منطقة بحر إيجه، والتي تعود الى حقبات زمنية مختلفة من الألف السادس قبل الميلاد وحتى 1050 سنة قبل الميلاد.
ولا ننسى طبعاً المنحوتات الرائعة التي تعكس تطور فن النحت لدى اليونانيين القدامى في الفترة الممتدة من القرن السابع حتى الخامس قبل الميلاد، إضافة إلى القسم الذي تُعرض فيه الآثار المصرية القديمة، وتلك الآتية من الشرق الأدنى ويعود تاريخها الى أكثر من 5 آلاف سنة قبل الميلاد وحتى بداية الحروب الرومانية.
تل الكافتيوس
يوفر تل الكافتيوس إطلالة رائعة على معالم أثينا التاريخية، ويبلغ ارتفاعه حوالى 300 متر. يمكن استخدام سكّة الحديد المعلّقة للوصول إلى قمة التل، أو الصعود بواسطة السلالم المحيطة بالتل، لكنها رحلة شاقة ومضنية.
ولا تفوّتوا فرصة زيارة مسرح الكافتيوس الذي يستضيف حفلات موسيقية عالمية وتُقام على أرضه الفعاليات والمهرجانات. كما يمكنكم أخذ استراحة في أحد المقاهي لشرب القهوة الساخنة وتأمّل أفق المدينة.
معبد بوسيدون
حاولوا زيارة معبد بوسيدون عند مغيب الشمس، بحيث يمكنكم التقاط الصور التذكارية المذهلة مع مشهد الغروب الساحر. يقع معبد بوسيدون على بعد 70 كيلومتراً جنوب أثينا، وقد بُني على صخرة عالية ترتفع حوالى 65 متراً عن سطح البحر. تم تشييده عام 444 قبل الميلاد، أي في العام نفسه الذي شُيّد فيه معبد البارثينون. تألّف المعبد في الأصل من 34 عموداً، لكنّ 15 عموداً فقط من تلك الأعمدة لا تزال قائمة اليوم. في العصور القديمة، كان معبد بوسيدون مبعث ارتياح للبحّارة الذين كانوا يتأكدون بعد رؤيته من أن رحلتهم قد شارفت على الانتهاء، وباتوا على وشك الوصول الى الأرض.
معبد البارثينون
بُني معبد البارثينون الإغريقي على جبل الأكروبوليس، ويعتبر من أفضل نماذج العمارة الإغريقية القديمة. شيّده الإغريق خلال الفترة الممتدة بين 447 و432 قبل الميلاد. وقد صمّمه المهندسان الإغريقيان أكتينوس وكاليكراتس، وأشرف على أعمال النحت فيه النحّات الإغريقي فيدياس. وبعد استيلاء القوات التركية على مدينة أثينا في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، أضحى المعبد مسجداً. وفي العام 1687، أُصيب معبد البارثينون بأضرار جسيمة عندما حاول سكان مدينة البندقية الإيطالية الاستيلاء على أثينا. فقد كان الأتراك يستخدمون المبنى مخزناً للبارود في ذلك العهد، وأدى انفجار هائل إلى هدم الجزء الأوسط من المبنى، فنُقل ما تبقّى من منحوتات إلى متحف الأكروبوليس في أثينا والمتحف البريطاني في لندن، ولم يبقَ من المباني إلاّ الأطلال.
الحديقة الوطنية
الحديقة الوطنية من أجمل الأماكن السياحية في أثينا، لا سيما أن مساحاتها الخضراء تمتدّ على مساحة 15,5 هكتاراً. وهي تقع خلف مبنى البرلمان اليوناني، وفيها آلاف النباتات والكثير من الحيوانات مثل البطّ والطواويس والسلاحف، والعديد من النُّصب التذكارية والآثار القديمة مثل اللوحات الفسيفسائية والأعمدة.
ميدان سينتاغما
هذا الميدان من أهم الأماكن السياحية في أثينا إذ يكون مزدحماً باستمرار نتيجة توافد السكان المحليين والسيّاح الأجانب. تضم الساحة مبنى البرلمان اليوناني، إضافة إلى عدد من النوافير والجداول المائية المنتشرة في وسط الميدان وعلى أطرافه. يمكن تأمل روعة التماثيل والنُّصب التذكارية الجميلة، ولا سيما تمثال الجندي المجهول، إضافة إلى عرض تبديل الحرس الذي يُقام أمام مبنى البرلمان اليوناني كل ساعة، علماً أن هذه العروض تُقام منذ العام 1821.
معلومات مهمة عن أثينا
الموقع الجغرافي: جنوب اليونان على سهل أتيكا بين نهرَي إليسوس وكيفيسوس
المناخ: متوسطي شبه استوائي
العملة: يورو
فارق التوقيت بين أثينا والإمارات: ساعة واحدة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024