الشائعات في نظر علم الإجتماع وعلم النفس
لم ترحم أحداً من النجوم، فالجميع عانوا منها، لكنها كانت مفيدة للبعض وقاسية على البعض الآخر. إنها الشائعات. هذاالهم الدائم لدى النجوم، فكيف يواجهونها؟ وهل هناك شائعات يُفضلون السكوت عنها، وأخرى لا يتركونها حتى لو ذهبوا إلى المحاكم؟ وما هي تلك الشائعات التي يرفض النجوم السكوت عنها؟ وهل يمكن أن تكون بعض الشائعات صناعة داخلية يطلقها النجوم على بعضهم أو ربما على أنفسهم أحياناً لجذب الانتباه؟ وكيف يفسر خبراء النفس والاجتماع سيطرة الشائعات على الوسط الفني أكثر من غيره؟
في البداية، يرى الناقد الفني طارق الشناوي أن جزءاً كبيراً من شائعات الوسط الفني يكون وراءها النجوم أنفسهم، مؤكداً أن أحد النجوم روّج أخيراً شائعة وفاته لغياب الأضواء عنه بعدما مر بمرحلة صعبة في حياته، حيث لم يعد يسأل عنه أحد وعادة فإن الفنانين يتعمدون إطلاق شائعات معينة كتلقيهم عروض أعمال فنية كبيرة، علماً بأن من يروّجون مثل هذه الشائعات يكونون غير مطلوبين على الإطلاق، والدليل أنهم لا يذكرون أسماء هذه الأعمال الى حين الموافقة عليها بشكل رسمي أو البدء بالتصوير وكلها شائعات مصطنعة. كما أن هناك مصدراً آخر للشائعات وهو أن يقوم فنان بترويج شائعة ضد زميل له، وأحياناً تعد بعض السلوكيات غير السوية لبعض الفنانين وراء إطلاق هذه الشائعات كوجودهم في بعض الأماكن المشبوهة السيئة السمعة. أما الشائعات التي تروّج عن النجوم من خارج الوسط فيختلف اهتمام الناس بها حسب نجومية الفنان، فكلما كانت نجوميته كبيرة ازداد اهتمام الناس بالشائعة والبحث عن حقيقة نشر الشائعة وإطلاقها. والمتعارف عليه أيضاً أن الوسط الفني هو الأكثر عرضة للشائعات لأنه تحت الأضواء دائماً وأخباره أكثر جذباً للإعلام من أخبار أي وسط آخر».
تزدهر الشائعات لدى فنَّاني الدرجة الثانية
تُرجع أستاذة علم الاجتماع الدكتورة سامية خضر انتشار الشائعات في الوسط الفني إلى تسليط الضوء على الفنان وحياته، خاصة أنه يعيش وسط الأضواء ولا يرتبط بفريق عمله من الفنانين والمنتجين فحسب، وإنما يرتبط ارتباطاً كاملاً بوسائل الإعلام، إضافة إلى الجمهور المتعطش لأي خبر أو تفاصيل عن أعماله وحياته الخاصة.
وتتابع: «لأن الإعلام مثل الفراشة ينجذب نحو الأضواء، من الممكن أن ينسج قصة خيالية عن فنان، وهو يعلم جيداً أن ما ينسجه مجرد شائعات، والسبب أنه يريد التفاف الجمهور حول مطبوعته ويوزع أكبر رقم من الأعداد. كما أن هناك فنانين يحرصون دائماً على وجود اسمائهم في وسائل الإعلام، لذا يختلقون المشاكل مع زملائهم من أجل الظهور، ولا يجدون غضاضة في إطلاق الشائعات عن أنفسهم وترويجها حتى يظهروا مرة أخرى وينفوها».
وترى أن فناني الدرجة الثانية هم من يُطلقون الشائعات على زملائهم بسبب الغيرة والمنافسة الشديدة، بينما فنانو الدرجة الأولى الذين يستحقون لقب النجوم لديهم التزام أخلاقي وفني ولا يروجون شائعات».
الهدف إثبات الوجود
عن الشائعات بوجه عام يقول المحلل النفسي السعودي الدكتور هاني الغامدي «ان الشائعة تعتبر إحدى أهم الأدوات في التأثير في نفوس البعض، وهي أداة تفيد في الحروب وأحياناً تروج لضرب شخص معين. وبالتالي يمكن استخدام الشائعة أحياناً على مستوى أفراد المجتمع الذين يضربون بعضهم بعضاً من خلال إطلاق الشائعات. وهي أيضاً تعتبر في علم النفس من الأمور التي قد يتأثر بها البعض بحيث يدخل الإنسان بسببها دائرة التفكير العميق إما بنفي أو إبعاد الشائعة عنه وإما إصابته بنوع من الهلع جراء ما قيل عنه. والهدف من إطلاق الشائعة هو إثبات الوجود فقط، وهذا السلوك يعتبر ضعفاً نفسياً وعدم اتزان لدى مروجي الشائعات. وعلى هؤلاء أن يتقوا الله في كل شيء لأن الدائرة تدور مهما طال الزمن، وما هو لك فهو عليك في يوم ما. ومن أراد أن يتجنب هذا الطريق وعدم العودة اليه مرة أخرى عليه بالتوبة إلى الله تعالى أولاً وأخيراً ومحاولة الاستفادة من المحللين النفسيين وأصحاب الاختصاص في هذا المجال».
غذاء سريع للشهرة
يقول رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى عبيد الله والأستاذ في كلية الطب بجامعة رأس الخيمة الدكتور طلعت مطر، إن الشائعة ما هي إلا فكرة تنتقل من شخص إلى آخر فتتفاقم إلى أن تنتهي باختفاء قوتها.
ويضيف: «بعض الفنانين يستمتعون بها حتى ولو لم تكن صحيحة، و البعض الآخر يطلق الشائعات على نفسه لغرض الشهرة والوصول إليها بأقصى سرعة باعتبار ان الشائعات هي الغذاء السريع للشهرة في حياه الفنانين. وقد تؤثر الشائعات كثيرا عندما تصل الى أمور مخلة بالشرف. فالبعض يصدونها بقوة والبعض الآخر يستسلم الى درجة الاكتئاب الشديد».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024