تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

تحرّك نسائي ضدّ أغنيات فارس اسكندر

يبدو أن كل ما يكتبه أو سيكتبه الشاعر الغنائي فارس اسكندر يصبح مثار جدل وانتقاد رغم كل النجاح الذي تحققه أغنياته، لكن هذا الجدل لم يعد يقتصر فقط على وسائل الإعلام بل تخطّاه إلى جمعيات تهتم بالدفاع عن حقوق المرأة ووصل إلى حدّ المطالبة بالتحرك والإعتصام ضدّ ما يكتبه. فقد دعت الناشطة في جمعية «نسوية» (اللبنانية) لين هاشم إلى تجمّع يقام في بيروت إحتجاجاً على بعض الأغنيات التي اعتُبرت دعوة صريحة للعودة إلى عصر الجاهلية من خلال نظرة تسيء إلى المرأة. أبرز هذه الأغنيات موضوع النقد كانت الأغنية الجديدة للفنان محمد اسكندر «جمهورية قلبي» التي احتلت المراتب الأولى في الإذاعات اللبنانية ولاقت نجاحاً كبيراً مماثلاً للنجاح والشهرة اللتين حققتهما أغنيته السابقة «اللي بيرميكي بوردة». أما أغنية «جمهورية قلبي» التي كانت السبب في إطلاق هذا التحرّك فيقول مطلعها: «نحنا ما عنّا بنات تتوظف بشهادتها/ عنا البنت بتدلل كل شي بخدمتها/ حقوق المرأة على عيني وراسي/ بس يا ريتك بتراعي احساسي/ وشو هالوظيفة اللي بدّا تفرق ما بيني وبينك/ يلعن بيّ المصاري بحرقها كرامة عينك/ شغلك قلبي وعاطفتي وحناني/ مش رح تفضي لأي شي تاني/ وفي الأغنية دعوة صريحة طبعاً إلى كل سيدة عاملة أن تقبع في المنزل حتى لو كانت تحمل شهادات، لأن زوجها هو من يجب أن يصرف عليها بينما يجب أن يقتصر عملها على الإهتمام به.
وكان حديث عن أغنية إليسا الجديدة «ع بالي حبيبي» التي شكلت بدورها محلّ نقد، بعدما اعتبرها الداعون إلى هذا التحرّك إهانة للمرأة إذ لا يمكن اختصار أحلام المرأة في هذا العصر فقط بفستان الزفاف الأبيض والعريس والإنجاب.... ولسنا ندري إن كان القيّمون على هذه الأنشطة يدركون أن كاتب الأغنيتين هو واحد أي الشاعر فارس اسكندر نجل الفنان محمد اسكندر، أم أنها مجرد مصادفة في أن تستفزّهم أغنيتان كل واحدة فيها تحكي مضموناً مختلفاً. وتجدر الإشارة إلى أن فارس اسكندر كاتب الأغنيتين اللتين اعتبرتا إساءة للمرأة، هو ذاته الشاعر الذي كتب سابقاً «نسونجي» و«ختيار عالعكازة» و«يقبرني» لفارس كرم، و«فوق جروحي» لنوال الزغبي، «كان صديقي» لملحم زين، وغيرها الكثير من الأغنيات التي نجحت جماهيرياً ولاقت انتقادات إعلامية واسعة.

«لها» أجرت إتصالاً باسكندر لسؤاله عن التحرّك النسائي الذي حكي عنه من جانب جمعية «نسوية» بسبب أغنيات كتبها قال:
«أستغرب كثيراً أن يقال هذا الكلام ضدّ أغنية «جمهورية قلبي» لأنها لا تحمل أي إساءة للمرأة أو تهينها، بل على العكس تماماً. كلام الأغنية يدعو إلى تدليل المرأة وصون كرامتها وعرضها. أنا لست ذكورياً ولا مع القمع ولا أطالب بمجتمع ذكوري كما لا أسمح بأن تهان حقوق المرأة أصلاً ، بل أقول إننا نعيش في عصر تطغى فيه المشاكل العائلية والتفكك الأسري ونسب الطلاق المرتفعة، كما أننا في أي بيت اليوم نلاحظ أن علاقة الأبناء صارت متينة مع الخادمات أو المربيات وليس مع الأمهات إن كنّ عاملات. حتى أن الزوجة اليوم بسبب تغيّبها عن البيت لساعات طويلة، أصبحت لا تعلم شيئاً عمّا يجري داخل منزلها أو كيف هي طريقة تفكير أولادها أو مشاكلهم، كما أنها أصبحت بعيدة أيضاً عن زوجها.... يقلن إنهنّ يعملن من أجل إعالة الزوج وتحسين الأوضاع مادياً، لكن مع احترامي لكل الأعمال التي تؤديها السيدات، ألا تلاحظون أن هذا الراتب الذي تتقاضاه المرأة إجمالاً لا يكفي لدفع بدل أتعاب الخادمة أو المواصلات والثياب والخ...
ثم من الجميل أن يغار الرجل على زوجته وأن يطلب منها التفرّغ له بعيداً عن أي تحرشات ومعاكسات أو «وجع راس» قد يصادفها في مركز العمل. فإن اختفت الغيرة يختفي الحب. أي إهانة هذه في حق المرأة! ولا ننسى أن هناك مجتمعات كثيرة حتى اليوم داخل وخارج لبنان ترفض عمل المرأة ولا تقبله. هذه وجهات نظر ولا يمكننا الإختباء من واقع موجود. وأحب أن ألفت إلى أمر مهم جداً، هو أن هذه الأغنية تلاقي رواجاً بين السيدات قبل الرجال وكثيرات نقلن لي أنه لو سنحت لهنّ الفرصة لما عملن بل يفضّلن التفرّغ للمنزل. ثم كيف أكون شخصاً ذكورياً يدعو إلى تسلّط الرجل كما يتهمونني، في الوقت الذي كتبت فيه أغنية تجسّد معاناة امرأة بسبب زوجها وتتحدث إليه وتخاطبه بأقسى الكلام... أي أغنية «فوق جروحي» التي أدّتها الزغبي. لماذا لم يقولوا حينها إني أهنت الرجل وأظهرته في صورة المتسلّط مثلاً! أما عن أغنية اليسا «ع بالي حبيبي» فأنا لم أفهم حقيقة أين المشكلة؟ ألا تحلم كل فتاة بالزواج من الرجل الذي تحبه وأن تنجب منه أولاداً... أنا لم أدع إلى علاقات خارج إطار الزواج بل تحدثت عن حلم كل فتاة طبيعية، وهذا لا يعني أني اختصرت كلّ أحلامها فقط في الزواج، بل تناولت واحداً من أحلامها. ومن يعارض هذا الكلام أعتقد أنه شخص غير سوي أو يعاني مشكلة نفسية ما....
وسألنا فارس: كتبت سابقاً أغنيات تتغزل بالمرأة مثل «يقبرني» و«ختيار عالعكازة»، وأغنيات تدعو بدورها إلى التحرّش الجنسي مثل «نسونجي». أليس في هذا تناقض مع حديثك اليوم عن العادات والقول إنه لا يجب على المرأة أن تعمل كي لا تتعرّض للتحرّش؟
أجاب: «كلا، هذه الأغنيات لا تدعو إلى التحرّش، وكلمة «نسونجي» لا تعني رجلاً يتحرّش بالنساء بل هو شخص يحب الجمال ويقدّره وهذا طبيعي. كل رجل «نسونجي» ويجب أن يكون كذلك وإلاّ يكون شاذاً. وإن أحب الرجل «النساء» عموماً فهذا لا يعني أنه بالضرورة يتحرّش بهنّ. وهل يعقل أنه يوجد رجل لا تلفته امرأة؟ أنا شخصياً أستبعد ذلك، إضافة إلى أن أغنيات مثل «ختيار عالعكازة» أو «يقبرني» فهي نوع من الغزل المحبب تجاه المرأة وليس فيه أي كلام معيب بل كلام من صلب حياتنا اليومية باللهجة المحلية اللبنانية».

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079