كامالا هاريس: المرأة التي دخلت التاريخ
بعد فوزها بمنصب نائب الرئيس الأميركي، صنعت كامالا هاريس التاريخ على مستويات عدة. فهي أول أنثى وأول أميركية آسيوية تُنتخب لهذا المنصب. توقفت أحلام هاريس في الترشّح للرئاسة قبل عام تقريباً بعدما أخفقت في حصد نتائج جيدة في استطلاعات الرأي بين الناخبين الأميركيين من أصول إفريقية، وهي فئة رئيسة بالنسبة إلى حزبها. اختارها جو بايدن لتكون نائبته في السباق إلى البيت الأبيض، فكان ذلك اعترافاً بتنوّع التحالف السياسي الديموقراطي والدور التأسيسي الذي تلعبه النساء على وجه الخصوص داخل الحزب الديموقراطي. فمن هي كامالا هاريس التي دخلت التاريخ من أبوابه العريضة؟
وُلدت كامالا ديفيز هاريس في 20 تشرين الأول (أكتوبر) 1964 في أوكلاند كاليفورنيا، لأبوين مهاجرين، من أمٍّ هندية وأبٍ جامايكي. وبعد انفصال والديها، نشأت هاريس في كنف والدتها الهندوسية العازبة، شيامالا غوبالان هاريس، وهي باحثة في مجال بحوث علاج السرطان وناشطة مدنية. كانت كامالا على ارتباط وثيق بتراثها الهندي، وقد رافقت والدتها لزيارة الهند مرات عدة. لكنها تقول إن والدتها تبنّت ثقافة السود في أوكلاند، وغمرت ابنتيها، كامالا وأختها الصغرى مايا، بتلك الثقافة.
عاشت كامالا في سنواتها الأولى فترة قصيرة في كندا، حين عملت والدتها في التدريس في جامعة ماكجيل، فسافرت وشقيقتها الصغرى معها، ودرستا في مدرسة في مونتريال لمدة خمس سنوات. ثم التحقت بكلية في الولايات المتحدة، وأمضت أربع سنوات في جامعة هَوارد، إحدى الكليات والجامعات البارزة التي يدرس فيها السود تاريخياً في البلاد، والتي وصفتها بأنها من بين أكثر الخبرات التي حصلت عليها في حياتها وساهمت في بنائها وتكوينها. وتقول هاريس إنها دائماً كانت منسجمة مع هويتها العرقية وتصف نفسها ببساطة بأنها "أميركية".
حياتها العملية
درست كامالا هاريس العلوم السياسية والاقتصاد وحصلت على بكالوريوس في العام 1986 من جامعة هوارد، ونالت شهادة في القانون العام 1989 من كلية هاستينغز.
عملت بين عامَي 1990 و 1998 نائباً للمدّعي العام في أوكلاند بكاليفورنيا، حيث كسبت سُمعة طيبة وهي تلاحق قضايا الإتجار بالمخدرات والاعتداء الجنسي وعنف العصابات. وترقّت في عملها لتتسلّم في العام 2004 منصب محامي المقاطعة إلى أن انتُخبت عام 2010 في منصب المدّعي العام في كاليفورنيا، فكانت بذلك أول امرأة تصل الى هذا الموقع. وخلال فترتَي تولّيها منصب المدّعي العام، اكتسبت هاريس سمعة جيدة باعتبارها نجمة صاعدة في الحزب الديموقراطي، واستخدمت ذلك الزخم لانتخابها في مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا عام 2017. كما أظهرت خلال عملها استقلالاً سياسياً، ورفضت ضغوط إدارة الرئيس أوباما في تسوية قضايا على الصعيد الوطني ضد مقرضي الرهون العقارية.
نضالها السياسي
سلكت كامالا هاريس طريقها كنجمة صاعدة داخل الحزب الديموقراطي إلى أن أعلنت في العام 2015 ترشّحها لمجلس الشيوخ. في خلال حملتها، طالبت بإجراء إصلاحات في مجال الهجرة والعدالة الجنائية، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وحماية حقوق المرأة الإنجابية، وقد فازت بسهولة في الانتخابات العام 2016. وبعد دخولها المجلس، في كانون الثاني (يناير) 2017، عملت هاريس في اللجنة القضائية ولجنة الاستخبارات، واشتُهرت بأسلوبها القضائي في استجواب الشهود خلال جلسات الاستماع، التي أثارت انتقادات من أعضاء المجلس من الجمهوريين.
حلم البيت الأبيض
قبل عام تقريباً، اندفعت كامالا هاريس، عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية كاليفورنيا، إلى مقدّمة مجال مكتظ بالمتنافسين الطامحين لنيل ترشيح الحزب الديموقراطي لانتخابات الرئاسة عبر أداء قوي في سلسلة من المناظرات، وانتقادات لاذعة لمنافسها جو بايدن في قضايا تتعلق بالعِرق في الولايات المتحدة. ولكن بحلول نهاية عام 2019، كانت حملتها قد انتهت وخرجت من سباق التنافس على الترشّح. وبعدما أصبح بايدن المرشح الديموقراطي للرئاسة، اختار هاريس البالغة من العمر 55 عاماً لتكون نائبة الرئيس.
تعرف كامالا جو بايدن جيداً، لدرجة أنها تناديه "جو" أمام الملأ، وذلك لأنها كانت قريبة من ابنه "بو بايدن"، الذي فارق الحياة عام 2015 بعد إصابته بمرض السرطان. لكن ذلك لم يمنعها من مهاجمته بقوة خلال الانتخابات الأولية داخل الحزب الديموقراطي عام 2019.
وقد أخفقت هاريس، خلال مشاركتها في الانتخابات التمهيدية للديموقراطيين، في حصد نتائج جيدة في استطلاعات الرأي بين الناخبين الأميركيين من أصول إفريقية، وهي فئة رئيسة بالنسبة إلى حزبها، قبل أن تنسحب في كانون الأول (ديسمبر).
أصبحت كامالا هاريس ناشطة في العدالة الاجتماعية بعد مقتل جورج فلويد في أيار(مايو) 2020 على يدي شرطي. وبعدما أصبحت العنصرية مشكلة كبيرة في الولايات المتحدة، طلب الكثير من الديموقراطيين من جو بايدن، اختيار امرأة من أصول أفريقية لتكون نائبة للرئيس، لاعتبارهم أنّ هذا الخيار سيكون محوراً مهماً في حملته ويزيد فرصه للنجاح في الانتخابات. هكذا، اختار جو بايدن، في آب (أغسطس) 2020، كامالا هاريس لتصبح المرأة السوداء الأولى التي تحتلّ هذا المنصب السياسيّ.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024