تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الكويت تحتفل بـ'شاعر المليون'

بتظاهرة حب ووسط حضور إعلامي وجماهيري واسع، استقبلت الكويت الشاعر ناصر بن ثويني العجمي بعد عودته من أبو ظبي حاملا بيرق الشعر ولقب «شاعر المليون» في دورته الرابعة، وزميليه فلاح المورقي وسلطان الاسيمر اللذين حصلا على المركزين الثاني والرابع. وهو الفوز الذي جاء ليتوج المشاركة الكويتية المتواصلة على مدى أربعة أعوام في المسابقة الأشهر في مجال الشعر النبطي. ويهدي للكويت فوزها الأول ببيرق الشعر بعدما فازت به قطر في الدورتين الأولى والثانية والمملكة العربية السعودية في الدورة الثالثة.

وقد حصل الشاعر ناصر بن ثويني العجمي على جائزة نقديّة قيمتها خمسة ملايين درهم (أكثر من مليون وثلاثمائة ألف دولار). بينما فاز مواطنه فلاح المورقي بالمركز الثاني وحصل على درع شاعر المليون وجائزة نقديّة (4 ملايين درهم). وحصلت الشاعرة السعودية حصة هلال ريميه على المركز الثالث لتفوز بدرع شاعر المليون وجائزة نقديّة (3 ملايين درهم)، وجاء في المركز الرابع الشاعر الكويتي سلطان الاسيمر وحصل على درع شاعر المليون وجائزة نقديّة (مليونا درهم)، وكان المركز الخامس من نصيب الشاعر السعودي جزاء البقمي ليحصل بذلك على درع شاعر المليون وجائزة نقديّة (مليون درهم).

وعقب فوزه أكد العجمي أن الجائزة المالية التي حصل عليها وتبلغ 5 ملايين درهم إماراتي، سيذهب جزء منها للأعمال الخيرية، بينما سيستخدم جزء آخر لسداد التزاماته المادية. معتبرا أن فوزه ببيرق «شاعر المليون» هو انجاز يستمر لسنوات طويلة. «فالمسابقة تمثل إضافة كبيرة ومتميزة على الساحة الشعرية، واستطاعت أن تحصد نجاحاً منقطع النظير، خاصة في ظل دعم الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي المتواصل للمسابقة والمشاركين فيها». 

على جانب آخر، شهدت المنتديات الأدبية والشعرية الخليجية بشكل عام، والكويتية بشكل خاص، سيلا من التهاني بالفوز الكبير. ودعا عدد كبير من المشاركين في هذه المنتديات القيادة السياسية إلى تكريم الشعراء الثلاثة. وهو ما دعا إليه أيضا النائب خالد العدوة في تصريح الى إحدى الصحف الكويتية، مطالبا الحكومة باعادة النظر في «سياستها تجاه هذا المجال الرحب من عالم الشعر والأدب والتراث الخليجي الأصيل، خاصة ان الكويت كانت منارة تبث إشعاعها الحضاري في السابق، لكن في السنوات العشر الأخيرة ضعف اهتمامها وقل إبداعها وتراجعت منافستها في هذا المضمار». كما اتجه البعض الى المقارنة بين فوز العجمي وزميليه في «شاعر المليون»، وفوز الفنان الشاب بشار الشطي في الدورة الأولى من البرنامج الاستعراضي «ستار أكاديمي».

دورة مثيرة للجدل
ورغم توقعات البعض مع انطلاق الدورة الرابعة من «شاعر المليون» بانحسار الاهتمام بها مقارنة بالدورات الثلاث السابقة من البرنامج، فإن المسابقة استطاعت أن تخيب هذه التوقعات، لتشهد واحدة من أوسع دوراتها انتشارا وأكثرها جدلا في وسائل الإعلام العربية والعالمية، بعد أن تناقلت وكالات الأنباء العالمية أخبار الشاعرة السعودية حصة هلال (ريمية)، التي هاجمت فوضى الفتاوى الدينية، خاصة فتاوى التكفير في قصيدة ألقتها في إحدى حلقات البرنامج. وما أثارته هذه القصيدة من ردود فعل غاضبة، وصل إلى حد تهديد الشاعرة بالقتل، بعد ان تعامل كثيرون مع القصيدة باعتبارها موجهة بشكل مباشر الى رجل الدين السعودي عبد الرحمن البراك الذي أصدر في وقت متزامن فتوى تبيح قتل من يبيح الاختلاط بين الجنسين. إلا أن ريمية جزمت بأن الأمر لا يتعدى الصدفة، وأنها لا تهاجم في أشعارها وكتاباتها أشخاصاً بل تنتقد مواقف وتوجهات محددة. مؤكدة أنها لم تتلق تهديدات مباشرة، ولكن الأمر اقتصر على ما نشر على احد المواقع المتشددة، وتناقلته منتديات ومواقع إلكترونية عدة على شبكة الانترنت.

حضور نسائي
 ومن جديد، عادت حصة هلال لتثير المزيد من الجدل وتجذب المزيد من اهتمام وسائل الإعلام في مشاركاتها التالية في حلقات البرنامج، حيث قدمت قصائد شددت فيها على موقفها السابق، وعلى التزامها بطرح قضايا ومواقف تتميز بالجرأة دون أن تعبأ بردود الفعل التي قد تثيرها. هذا الاهتمام المتزايد بالشاعرة السعودية والذي وصل بها إلى آفاق العالمية، وإعجاب أعضاء لجنة تحكيم البرنامج بمستوى قصائدها، جعلا الكثيرين يعتبرون هلال الأوفر حظا للفوز بالبيرق، متوقعين أن تصبح أول شاعرة تضيف تاء التأنيث الى اللقب الشهير. وانعكست هذه التوقعات في الحضور النسائي الكبير الذي ملأ المقاعد المخصصة للنساء في مسرح «شاطئ الراحة» خلال الحلقة الأخيرة من البرنامج، وفي الحماسة الكبيرة التي سيطرت على الحاضرات حتى لحظة إعلان فوز العجمي باللقب، وفوز حصة هلال بالمركز الثالث الذي احتلته مواطنتها عيدة الجهني في مسابقة العام الماضي، وكانت أول صوت نسائي يصل إلى التصفيات النهائية للمسابقة.

كما تميزت الدورة الرابعة من «شاعر المليون» بالمشاركة النسائية الكبيرة مقارنة بالدورات السابقة، وانتمت الشاعرات إلى المملكة العربية السعودية والأردن، في ظل غياب تام للشاعرات الإماراتيات عن المنافسة في البرنامج منذ انطلاقته، رغم ما يتميز به المجتمع الإماراتي من انفتاح في موقفه تجاه المرأة ومشاركتها في مختلف الأنشطة.

تغييرات عدة
شهدت الدورة الأخيرة من المسابقة تغييرات عدة من بينها انسحاب الإعلامي إياد المريسي من إعداد البرنامج، ليقتصر هذا الدور على الإعلامي عارف عمر الذي انتقل هذا العام ليجلس أمام الكاميرا، ويقدم فقرة الأستوديو التحليلي للبرنامج، والذي استضاف فيه الشاعر والناقد سالم المعشني والشاعر مانع بن شلحاط، للتعليق على مجريات المنافسات. وقد ساهم التباعد الواضح بين ذائقتي الناقدين ومرجعتيهما الشعرية  في لفت الانتباه الى الفقرة، ومنحها طابعا أكثر حيوية وسخونة، خاصة في المواقف التي كان للناقدين فيها رأي مخالف لرأي أعضاء لجنة تحكيم المسابقة.

من جهة أخرى، لم تسلم لجنة التحكيم أيضا من التغييرات التي كانت هي أيضا مثارا للجدل والتكهنات، حيث اقتصرت اللجنة على كل من سلطان العميمي وحمد السعيد ود.غسان الحسن، في حين أصبح كل من بدر الصفوق وتركي المريخي مستشارين للمسابقة.

كما سعت لجنة التحكيم لتطوير عملها، بما يساهم في تطوير البرنامج والمسابقة ككل. ولكن بدا من سير الحلقات أنها لم تصل الى صيغة محددة لهذا التطوير. فشهدت حلقات من البرنامج مطالبة حثيثة من أعضاء اللجنة للشعراء المشاركين بالاتجاه الى طرح قضايا ومواضيع حداثية ترتبط بالواقع الحالي للعالم العربي. وهجوماً حاداً على الشعراء الذين قدموا قصائد في الأغراض التقليدية للشعر العربي عموما والنبطي خصوصا مثل المدح أو الفخر.  ليعود أعضاء في اللجنة في حلقة لاحقة، ويتحدثوا عن افتقادهم قصائد الغزل في مشاركات الشعراء. وأيضاً شهدت إحدى حلقات البرنامج خلافا في الرأي بين أعضاء لجنة التحكيم أنفسهم حول مدى جدوى طرح موضوعات ذات صبغة عالمية في قصائد الشعراء المشاركين. وذهب رأي إلى انه أمر طبيعي باعتبار العالم العربي جزءاً من العالم  ويتأثر بكل كما يجري حوله. وهناك رأي آخر وجد انه لا جدوى من طرح هذه القضايا، ومن الأفضل التركيز على قضايا محلية ترتبط بمجتمع الشاعر نفسه، أو تتشاطرها المجتمعات الخليجية. وكانت هذه التعليقات التي لا تعكس اتجاها محدداً ومتفق عليه في اللجنة محلاً لتساؤلات الجمهور والشعراء الذين كان عليهم الاستفادة من نصائح وتوجيهات اللجنة للحصول على أفضل الدرجات.

وكانت انطباعات لجنة التحكيم حول الشعراء وقصائدهم محل تعليق من المتابعين، وحتى من ضيفي استوديو التحليل اللذين أبديا دهشتهما أكثر من مرة من معايير التقويم التي تتبعها اللجنة في منح الدرجات، بعد أن لاحظا قيام أفراد اللجنة إثناء الحلقات بالثناء على مشاركة احد الشعراء في الحلقة، وإجماعهم على جودة قصيدة، وفي ختام الحلقة تمنح اللجنة بطاقة التأهل لشاعر غيره.

تناوب المسابقتين
أخيراً كشفت هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، في بيان لها، أن الدورة الرابعة من مسابقة «أمير الشعراء» التي تُعنى بإبداعات شعر العربية الفصحى سوف تُقام بالتناوب مع مسابقة «شاعر المليون» الذي اختتم موسمه الرابع. وأشار عيسى المزروعي مدير إدارة المشاريع الخاصة في هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث إلى إن التصفيات التمهيدية للموسم الرابع 2010 - 2011 من مسابقة «أمير الشعراء» سوف تبدأ بعد شهر رمضان المبارك، في حين تُقام التصفيات النهائية في الربع الأخير من العام الجاري عوضاً عن الموعد المُعتاد سنوياً خلال فترة الصيف. وعلى أن تُقام الدورة الخامسة من برنامج «شاعر المليون» خلال موسم 2011 - 2012، على أن يكون الربع الأخير من كل عام موعداً ثابتاً لانطلاق أحد البرنامجين بالتناوب سنوياً.

ورغم أن البيان أوضح، وفقا لما أشار اليه مدير أكاديمية الشعر في الهيئة سلطان العميمي، أن التغييرات الجديدة من ناحية التناوب في إقامة البرنامجين تأتي ضمن إستراتيجية هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، وتعود إلى أن البرنامجين تمّ تحقيق الغايات والأهداف الكامنة من وراء إطلاقهما منذ العام 2006 مع ولادة الهيئة، ومنها إعادة الاهتمام بالشعر العربي، واكتشاف مئات المواهب الشعرية، وإرساء قواعد لنقد الشعر النبطي، وتعزيز ملكة تذوق الشعر والأدب لدى الناشئة والجيل الجديد. كما أن هذه التغييرات ستُتيح لكل من حامل لقب أمير الشعراء وحامل بيرق شاعر المليون الاحتفاظ به لفترة أطول، بما يُسلط الأضواء الثقافية والإعلامية عليهما وعلى جميع الشعراء الذين يشاركون سنوياً. وفي الوقت نفسه تُعطى لجان التحكيم فرصة أكبر لاختيار الشعراء المُبدعين خاصة مع مشاركة الآلاف من المرشحين سنوياً في مجالي الشعر النبطي والشعر الفصيح، ودرس إمكان تنظيم جولات عربية للجنة تحكيم «أمير الشعراء» على غرار «شاعر المليون». فضلا عن إعطاء مساحة أطول لفريق الإعداد وإدارة البرنامج للتحضير للمسابقة وابتكار الأفكار التطويرية المُبدعة، والتجديد من الناحيتين الفنية والإخراجية.

هذه المبررات التي قد تكون كافية ومقنعة في نظر البعض، لم تمنع اتجاه البعض الآخر الى الربط بين التغييرات والأزمة الاقتصادية التي مازال العالم أجمع يعاني تبعاتها، والتي ألقت بظلالها على كثافة الحراك الثقافي والفني في مختلف دول العالم ومن بينها الإمارات. بينما وجد فيها البعض بادرة قد تشير إلى سحب الأضواء تدريجيا عن البرنامجين الثقافيين الأغلى في العالم العربي.

انتشار عالمي
وفقاً للمركز الإعلامي لبرنامج «شاعر المليون»، أظهر مسح إحصائي حديث عبر الانترنت على محرك البحث «غوغل» أن أكثر من 17 مليون من نتائج البحث قد ظهرت حول «شاعر المليون» باللغة العربية بازدياد حوالي 5 ملايين نتيجة منذ بدء الموسم الرابع، فيما بلغ عدد هذه النتائج باللغة الإنكليزية أكثر من ثمانية ملايين نتيجة، إضافة الى مئات الآلاف من النتائج بمختلف اللغات الأجنبية. وبالتالي يتوافر على الانترنت ما يزيد عن 25 مليون خبر ومعلومة عن «شاعر المليون» باللغتين العربية والإنكليزية وعدد من اللغات العالمية الأخرى.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079