نانسي عجرم...جمهوري مثلي
في كلّ مرة أقصد فيها حواراً مع النجمة نانسي عجرم، أًفاجأ بحديثها الواثق وتصريحاتها الجازمة التي لا تحتمل أي تأويل. أحاول استدراجها في أمر معين، فأجدني أمام خفة دم غير معهودة قادرة على قلب الجدّية إلى مزاح محبب يمرر الرسائل دون تجريح.
قريبة من الناس، متواضعة لا تعرف الحقد وترفض الإساءة إلى أي كان. هكذا عرفتها قبل سنوات عندما دوّى اسمها في «أخاصمك آه»، وهكذا هي اليوم، باستثناء أنها دون شك أكثر نضوجاً ووعياً وثقافة.
مباشرة بعد عودتها من سورية كان هذا الحوار مع سفيرة اليونيسيف، فسألناها إن كانت قد استراحت وقلنا لها: «ارتحتِ أو بعد؟»، فاعتقدت أننا نقول: «نصحانة؟» (اي هل ازداد وزنك، بالعامية اللبنانية)، فقالت: «لا على العكس، ضعفانة». فصححنا لها ما كنا نقصده ثم سألناها عن سبب خسارتها الوزن، فأجابت بأن ذلك سببه كثرة السفر والتعب والتحضيرات لألبومها المقبل...
- بما أنك باشرت تحضير أغنيات ألبوم جديد، ماذا تخبريننا عنها؟
أستطيع القول إني شارفت الإنتهاء من عملية اختيار معظم الأغنيات، وكما تعرفين أختار عدداً كبيراً من الأغنيات كلّ مرة ومن ثمّ أنتقي الأفضل بينها لأضمّها إلى الألبوم الذي سيصدر. من المفترض أن أكمل تسجيل صوتي على الموسيقى إذ لا يزال أمامي ثلاث أغنيات تقريباً.
- ماذا عن أسماء الملحنين والشعراء؟
لا أريد الكشف عن الأسماء، لكن هناك طبعاً أشخاص تعاونت معهم سابقاً وآخرون أتعاون معهم للمرة الأولى.
- معروف أنك بدأت مسيرتك بلون غنائي شعبي قريب من الناس، ثم اتجّهت تدريجياً نحو الطرب والكلاسيك. ما هي الأساليب الموسيقية التي سيضمّها ألبومك؟
كما تعرفين من الصعب أن أبتعد عن الخط الذي اشتهرت به وأحبّني الناس من خلاله، لهذا ستكون أول أغنية سأصوّرها لأطلّ من خلالها مع الألبوم من ضمن هذا الخط، أي الإيقاع الشعبي كما درجت العادة ويسمّونه «مقسوم». بعد ذلك أتابع مسألة إصدار الكليبات، فأصوّر مثلاً إما أغنية لبنانية أو كلاسيكية أو مودرن، يعني بحسب ردّ فعل الناس. الألبوم سيضمّ أغنيات لبنانية ومصرية وخليجية وبأساليب موسيقية مختلفة من الشعبي إلى الطربي وأيضاً الحديث بتوزيع غربي.
- هل تخوضين هذه المرّة تجربة أداء اللهجة الخليجية البحتة أم اللهجة البيضاء كما في تجربتك السابقة «مشتاقة ليك»؟
الأغنية سعودية شعبية.
- أي ستغنين اللهجة السعودية. ألا تخافين من الإنتقادات لناحية إتقان اللهجة وغير ذلك من الأقاويل؟
أفضّل عدم التحدث كثيراً عن نفسي، لكن أستطيع القول إن أدائي للهجة الخليجية تطوّر عن السابق وصار أفضل، وسيلمس الجمهور ذلك عندما يسمع الأغنية إن شاء الله. صحيح أنها باللهجة السعودية لكنها ليست صعبة في الوقت ذاته. وسأعمد إلى تصويرها بطبيعة الحال.
- هل حددت موعداً لصدور الألبوم؟
يُفترض أن أصدره مع بداية موسم الصيف، لكن الأمر رهن بقدرتي على إنهاء التسجيل ووضع اللمسات الأخيرة على الأغنيات. إن كنت جاهزة لن أتأخر في إصداره دون شك.
- لكنك ذكرت بداية أنك شارفت الإنتهاء؟
صحيح، لكن المسألة لا ترتبط بالتسجيل فقط لأن هناك تفاصيل أخرى كثيرة، إضافة إلى تصوير الكليب الذي يتطلّب بدوره وقتاً للتحضير ومن ثم التنفيذ. أنا أفضّل أن يصدر ألبومي مترافقاً مع كليب، لهذا أحرص دائماً على التصوير في وقت مبكّر نسبياً كي يكون كلّ شيء جاهزاً.
- تتقصّدين كل مرة إصدار الكليب قبل أيام قليلة من موعد صدور الألبوم لأهداف تسويقية؟
طبعاً، هذه مسألة مهمة جداً. وبالمناسبة، ألبومي هذا العام «كتير كتير كتير حلو». عندما يسمعه المرء يبتسم تلقائياً...
- (مازحة سألتها) هل يحمل أغنيات كوميدية؟
(تضحك) كلا طبعاً لا أقصد هذا، لكنه ألبوم جميل ويحمل مواضيع تحصل معنا يومياً عن مختلف المشاعر الإنسانية، وفيه كمية كبيرة من الفرح والدلع.
- واضح أنك متفائلة به كثيراً؟
طبعاً.
- الفنانون يقولون دائماً إنهم يشعرون بالتوتر والخوف والقلق قبل إصدار أي ألبوم؟
من المؤكد أني أشعر بالقلق لأن هناك مسؤولية كبيرة، إذ ليس من السهل أن نطلّ على الناس بألبوم يرضي مختلف أذواقهم. لكن ما أقصد قوله إني راضية جداً عن عملي، والأغنيات حقيقة جميلة جداً.
- في آخر حوار أجريناه معك ذكرت أنك تحضرين أغنية مع الملحن سليم سلامة قريبة من اللون الشعبي. أين أصبحت الأغنية؟
لا تزال موجودة طبعاً وستصدر في الألبوم. هي شعبية لكني سأغنيها بطريقتي الخاصة، لهذا لن تكون كالأغنيات الشعبية والبلدية اللبنانية التي اشتهر بها سليم سلامة.
- ما صحّة الخبر الذي سمعناه عن تعاون مع الإعلامي نيشان في ألبومك؟ قيل أنه سجّل كلمات بصوته في إحدى الأغنيات؟
صحيح. صوت نيشان سيكون موجوداً في أغنية سليم سلامة التي تحدثنا عنها وعنوانها «شو واثق بحالو».
- سيغني معك؟
(تضحك) طبعاً لا، هو لا يُجيد سوى الكلام... لكننا وضعنا جزءاً بسيطاً من حواره معي في «مايسترو» العام الماضي عندما طلب مني أن أغني مقطعاً من الأغنية.
- من كان صاحب الفكرة؟
الموزّع هادي شرارة الذي وزّع الأغنية طبعاً. كان يحتفظ بالمقطع الذي غنّيته في «مايسترو» واقترح الفكرة، فرحّبت بها ونفّذناها بشكل جميل جداً. أساساً هذا المقطع موجود على الهواتف النقالة لكثير من الناس.
- هل يمكن أن يشارك نيشان في تصويرها؟ هو خاض هذه التجربة سابقاً مع عاصي الحلاني.
كلا، لا أعتقد أنه سيكون موجوداً في الكليب.
- إنتشر خبر عن قرب تعاونك مجدداً مع المخرجة نادين لبكي؟
حتى الآن ما من جديد في هذا الخصوص.
- مع أي مخرجين ستصورين كليباتك؟
إنهم كثر. ربما نادين لبكي، لكن المؤكد أني سأتعاون مع ليلى كنعان ويحيى سعادة، كما هناك أسماء أخرى جديدة برزت أخيراً ولفتت كليباتها نظري.
- أحييت أخيراً حفلات مميزة في تونس وقد لمسنا ذلك من خلال الصور التي انتشرت.
بالفعل الجوّ كان أكثر من رائع. أحييث ثلاث حفلات إحداها كانت على مسرح «القبّة» الشهير في تونس. بات معروفاً أن للغناء في تونس طعماً مختلفاً، خصوصاً أن شعب تونس «سمّيع» من الدرجة الأولى ومتذوّق للفن، فينسجم ويتفاعل بشكل رائع مع الفنان الذي يحبّه.
- أكثر ما لفتنا في الصور هو تعابير وجهك التي كان يطغى عليها فرح عامر وكأنك تغنين للمرة الأولى أمام هذا العدد من الناس؟
بالفعل، لأني كنت سعيدة جداً بتفاعل الناس معي ومع أغنياتي. عندما يرى الفنان أمامه جمهوراً مميزاً من هذا النوع يغني بطريقة مختلفة جداً صراحة، من «نصّ قلبو». لم أكن أريد النزول عن خشبة المسرح وكنت أرغب في ألاّ تنتهي الحفلات.
- هل من نشاطات معينة تمارسينها حالياً على صعيد الفنّ والحفلات أم أنك منشغلة فقط بالألبوم؟
دون شك الألبوم يشغلني كثيراً لكني مستمرة في إحياء الحفلات. لكن كما تعلمين عدت أخيراً من القاهرة حيث جرى تكريمي في مهرجان «سينما الأطفال» عن ألبوم «شخبط شخابيط» وعلى لقب «سفيرة اليونيسيف». الإحتفال كان رائعاً وكنت سعيدة بالأطفال الذين غنوا معي «شاطر» و«شخبط شخابيط».
- صدر «شخبط شخابيط» قبل سنتين ونصف السنة تقريباً. هل تشعرين بأنه ما زال ناجحاً حتى اليوم؟
أعتقد أن هذا الألبوم «لا يموت»، بمعنى أنه ليس من السهل أن ينساه الناس بسهولة حتى لو قدّمت ألبوماً آخر للأطفال ونجح. لكن الأغنيات التي صدرت في «شخبط شخابيط» كانت مميزة جداً وتُعدّ تجربتي الأولى في هذا المجال، وقد حفظها الناس وأحبوها كثيراً، لهذا هو ألبوم «لا يموت».
- أفهم من كلامك أنك لا تمانعين خوض التجربة مرة أخرى.
يفترض أن أصدر ألبومي المقبل أولاً، وبعد ذلك إن وجدت أغنيات جميلة أخرى للأطفال لن أمانع طبعاً.
- لكن قد يقول البعض أنك تكررين نفسك؟
لا يهمني، لكن من غير المنطقي أن أبدأ بمشروع ولا أنهيه. الفكرة واردة وليست بعيدة أبداً عن ذهني، شرط أن أجد الأغنيات التي ترضيني وألاّ تكون بمستوى أقلّ من ألبوم «شخبط شخابيط». ليس خافياً على أحد أني قادرة على إصدار ألبوم كلّ سنة، لكني أتأنّى كثيراً وأفكّر في خطواتي بشكل مدروس ودقيق لأني لا أحب إصدار أعمال تمرّ مرور الكرام. كلامي لا يعني أني أحضّر ألبوماً للأطفال، لكن ما أريد قوله أني إن وجدت أعمالاً مميزة لن أتردد في إصدارها، ربما العام المقبل أو بعد سنتين، لا أدري.
- كليب «شخبط شخابيط" كان عملاً ضخماً جداً ونجح بشكل يفوق الوصف صراحة. وقد أصدرت هيفاء وهبي مطلع العام أيضاً كليباً للأطفال كان مبهراً ومحترفاً بدوره. هل أقمت أي مقارنة بين العملين؟ أين تفوّقت أنتِ؟ وأين تفوّقت هي؟
لا أستطيع إقامة أي مقارنات، لكن من المؤكّد أنه كما أن سعيد الماروق الذي أخرج كليب «شخبط شخابيط» هو مخرج بارع ومبدع، ينطبق ذلك على ليلى كنعان التي نفذّت كليب هيفاء للأطفال. ليلى فنانة بكل ما للكلمة من معنى، وأعرف كم أنها ذكية ومحترفة في عملها. أنا تعاملت معها في كليبين، لهذا أعرف كم هي محترفة. وطبعاً سعيد الماروق لا ينقصه شيء من هذه المواصفات التي ذكرت. أفكاره دائماً متجددة وقدّم لي عملاً مبهراً صراحة.
- لكن بينك وبين نفسك ألم تقارني؟
الجمهور دون شك هو الذي أقام مقارنة، لكن أنا لا. كنت مشاهدة كغيري لا أكثر.
- لكن من الطبيعي أن تتم المقارنة خصوصاً أنكما أنت وهيفاء أعلنتما عن مشروعكما للأطفال في الفترة ذاتها، ومنذ ذلك الوقت كان هناك دائماً ربط بينكما رغم أن عمل هيفاء أُرجئ؟
صحيح لكني لست مسؤولة عن ذلك.
- هل تتهربين من الإجابة؟
(تضحك) أبداً ولماذا أتهرب!
- لأن الفنان إجمالاً يفضّل عدم إبداء رأيه ويقول إنه يترك الحكم للجمهور!
طبعاً لأن هذه هي الحقيقة. أنا آخر واحدة قد تقارن، فالعمل يخصّني وأنا من قدّمه للناس، لهذا أترك المقارنة للناس.
- في آخر حوار أجريناه مع هيفاء وهبي في «لها» تحدثت عن النجاح الكبير الذي حققتِه في «شخبط شخابيط» وأكّدت أن لا خلافات بينكما. لكنها سجّلت عتباً في ما يخصّ المعجبين بك (وبنجوى كرم) على الإنترنت الذين يهاجمونها، وقالت إنه يفترض بك أن تضعي حداً لذلك؟
لم أسمع عن هذا الأمر صراحة، لكن ما أؤكّده أن هذه الإنتقادات التي تتحدث عنها هيفاء ليست صادرة عن جمهوري أو «الفان كلوب» الخاص بي. بصراحة شديدة، المعجبون بي على الإنترنت يشبهونني كثيراً، أي لا يأتون على ذكر أحد بالسوء ولا يتهجّمون على أحد، تماماً كما عُرفت أنا طوال مسيرتي الفنية، أي لا أتعاطى إلاّ في ما يخصّني ويخصّ عملي، بمعنى أني لا أتحدّث إلاّ عن شؤوني. وهذا الأمر ينطبق على «الفانز» القريبين مني ويحبونني ويتواصلون معي مباشرة. ربما هناك فريق ثالث يلعب هذا الدور كي يسبب خلافاً بيننا، لكن لا مجال للخلاف.
- هل تتواصلين معهم مباشرة أم توكلين المهمة إلى شخص معين يتحدث بإسمك؟
أتواصل معهم مباشرة، إلاّ إذا كنت منشغلة كثيراً فيتصلون بي من المكتب ويسألونني عن بعض الأمور، فأجيبهم.
- بالعودة إلى ألبومك، هل سيكون من إنتاج شركتك أم «أرابيكا ميوزيك» كما أشيع؟
من إنتاج شركتي كما درجت العادة.
- أي الأخبار التي سرت عن إبرامك عقداً مع «أرابيكا ميوزيك» ليست صحيحة؟
كلا ليست صحيحة. دائماً أنتج أعمالي بنفسي ومن ثم لي الحرية لبيعه إلى أي شركة أريدها، لكن لا أحد ينتج لي. حتى الآن لا شيء مؤكداً بخصوص الألبوم وما إذا كنت سأبيعه إلى شركة أخرى أم لا. كلّ شيء رهن بالعقود التي تُعرض عليّ.
- بما أنك تنتجين لنفسك منذ بداية مسيرتك، اعتدت دون شك على حرية القرار والتصرّف في كلّ ما يخص عملك. هل تخشين اليوم أن تتأثر هذه الحرية بانضمامك إلى أي شركة قد تتدخل في قراراتك؟
لا يمكن أن أعمل مع أشخاص لا يثقون بي وبقراراتي. لهذا إن حصل وبعت ألبومي إلى شركة معينة، ستكون شركة تثق بي دون شك لأني سأكون على دراية تامة بمن اخترت أو ماذا اخترت. هدفي أولاً وأخيراً هو النجاح، ومستعدّة لأن أحفر الصخور كي أجد ما أبحث عنه وأعرف أنه سيضيف إليّ وإلى نجاحي. ومن يفترض أن أتعاون معه على صعيد شركة معينة، يفترض أن يكون مثلي ومؤمناً بي وبنجاحي. أي يثق بي. لا يهمني كيف، لكن تهمني النتيجة أولاً وأخيراً. أعرف ما أريد وأرسم بنفسي الخطة التي سأتبّعها مع كل ألبوم، والحمدلله حتى اليوم كل هذه التجارب نجحت.
- لهذا ذكرت في حوار سابق مع «لها» أن أبرز سبب لعدم انضمامك إلى شركة روتانا هو عقد إدارة الأعمال الذي سيلغي دور جيجي لامارا؟
قراري هو نفسه. حتى لو وافقوا على وجود جيجي لامارا معي لكن دون أن يكون له قرار، ما النفع من ذلك!
- كثر يستغربون أنه رغم تردادك أنك لن تتعاقدي مع روتانا، أنت الوجه الأبرز في الحفلات والمهرجانات التي تنظمها الشركة؟
لأن علاقتي بهم طيبة بالفعل، ولم نختلف رغم عدم التوصّل إلى اتفاق. وما أقوله حقيقي وليس من باب المسايرة. هناك محبة تسود علاقتنا واحترام متبادل، لهذا لم تتأثر العلاقة. سالم الهندي يحضر كل حفلاتي هو أولاده وهذا أمر يسعدني ويجعلني أحترمه وأقدّره لأنه لم يخلط العلاقة الشخصية بالعمل. أنا شخصياً أحترم قرارات شركة روتانا، وهي حرّة في تحديد السياسة التي تريدها مع فنانيها، لكن هذه السياسة لا تناسبني. فما الداعي إلى وجود خلافات!
- لكن بعض فنانات روتانا اشتكين من تكرار ظهورك في حفلات الشركة على اعتبار أن هذه المشاركة تأتي على حسابهنّ وتأخذ من دربهن وأنهنّ أولى بهذه المشاركة؟
وما ذنبي أنا في ذلك؟، «أنا ما خصّني» فليسألوا الشركة.
- «سفيرة اليونيسيف»، هل هو مجرد لقب نلته أم هناك مشاريع جدّية تعملين عليها مع الأمم المتحدة لخدمة الطفل؟
أبداً ليس مجرد لقب، وقد وضعنا خطة وبدأنا العمل عليها. خلال أيام أقوم بزيارات مختلفة لمناطق في لبنان ودول عربية أخرى. وهي زيارات خاصة بمراكز الأطفال، إضافة إلى مؤتمرات مع جمعيات مختلفة خاصة بالتوعية في المواضيع المتعلقة بحقوق الطفل، ومناقشة كل ما يؤثر في تطوّرنا ويحدّ منه، كالمرض والجوع وغيرهما.
- لكننا ما زلنا ضمن إطار «الكلام» في المؤتمرات. أليس هناك خطوات أكثر فاعلية على الأرض؟
هناك ١٠ حفلات يفترض أن أحييها كل عام لصالح «اليونيسيف» ويعود ريعها للجمعيات التي تهتم بهذه الأمر. عملي لن يقتصر طبعاً على الكلام في المؤتمرات، فأنا لست مرشدة إجتماعية بل فنانة، ويفترض بي أن أوظّف فني ونجاحي لخدمة هذه القضية ومساعدة الآخر.
- نحن نسأل لأن أغلب الفنانين صراحة اكتفوا بالكلام على مدى السنوات الماضية في العالم العربي. هل تعتبرين أنك تفتحين الباب من خلال ما تقومين به؟
أتمنى أن أكون كذلك، لأنه من الرائع أن تتضافر جهودنا فننجح أكثر في هذا المجال.
- إلامَ يحتاج الفنان العربي كي يقوم بنشاطات إجتماعية وإنسانية ضخمة يكون لها نتائج فاعلة على الأرض؟ هم يقولون إنهم بحاجة إلى جهات تدعمهم.
دون شك هم في حاجة إلى دعم الدولة قبل أي شيء آخر، عند ذلك يشعر الفنان بأن هناك دافعاً يحثّه ويستطيع من خلاله أن يُحدث تغييراً ما في مكان ما.
- لكن كيف ستدعم الدولة الفنانين في الوقت الذي نجدهم فيه منقسمين في نقابات كثيرة؟ ففي لبنان هناك نقابتان فنيتان؟
للأسف نعم.
- هذا يشير إلى أن الفنان لا يساعد نفسه أساساً، فكيف ستساعده الدولة؟
للأسف نعود دائماً إلى مبدأ «فرّق تَسُد»، وهذه هي حالنا. لو كنا فعلاً يداً واحدة لكنا أنجزنا ما لا يتخيّله أحد. لكنها مشكلة حقيقة نعانيها، وقد تحدثت كثيراً في هذا الأمر لأني أشعر بالأسى إزاء ما يحصل.
- أعرف أنك مشتركة في إحدى هاتين النقابتين وتحضرين الإجتماعات المهمة. لماذا الإنقسام؟ هل هي السياسة أم المناصب أم ماذا؟
كل مرة أحاول فيها فتح هذا الموضوع أو السؤال عن أمر معين، أشعر بأنهم يُقفلون الباب وكأنهم لا يريدون التحدث في هذا الأمر أو يخافون من ذلك. لا أعرف ما السبب وأتمنى أن أعرف.
- سعيد الماروق صرّح أنه يتمنى جمع أكثر من نجم لبناني في فيلم واحد خدمة للسينما اللبنانية. وعلى سبيل المثال اقترح أن تجتمعي أنت وهيفاء واليسا في فيلم واحد. أتوافقين إن عرض عليك المشروع؟
كلا.
- لماذا؟
لا أجد نفسي في هذا المجال.
- لا تجدين نفسك في التمثيل أم مع اليسا وهيفاء؟
أنا شخصياً أفضّل أن نشارك في مهرجان كبير مثلاً ولكن ليس في فيلم. إذ قد يضيع دور النجم إذا كان الفيلم مقسماً على أكثر من نجم. لكن كل واحد يأخذ حقه وقيمته أكثر في حفلة ضخمة.
- أليس في هذا أنانية؟
كيف أكون أنانية عندما أقول إني أرحّب بالمشاركة في مهرجان ضخم مع نجوم آخرين! تخيلي مثلاً أننا على مسرح «بيت الدين» ونقف معاً ونغني للناس. هذا ما قصدته. لكن تخيلي لو شارك عشرة نجوم في فيلم واحد!
- نحن نتحدث عن ثلاثة فقط؟
(تضحك) أعرف ذلك لكن هذا رأيي، إذ يفترض وجود بطل معين للفيلم. (تضحك ثم تقول) حتى لو كان هناك بطلان أو ثلاثة، هناك واحد سيربح.
- ماذا لو كانت هذه البطولة لك؟
(تضحك) أنا أمزح طبعاً، ليس شرطاً أن أكون أنا البطلة.
- هل ما زلت ترفضين المشاركة في فيلم سينمائي؟
حالياً نعم. لم أشعر بأن الوقت قد حان بعد لذلك لأني لا أستطيع التفرّغ تماماً على مدى أربعة أو خمسة أشهر لأصوّر فيلماً.
- تمكّنت المخرجة ليلى كنعان من إظهار قدرتك على التمثيل في كليب «ماشي حدّي» بطريقة مختلفة عن كل ما شاهدناه لك سابقاً.
أعرف أني أملك موهبة التمثيل، وهذا لم يظهر فقط في كليب «ماشي حدّي» بل في أعمال كثيرة سبقته منذ تعاوني مع سعيد الماروق ونادين لبكي أيضاً. كل المخرجين الذين تعاملت معهم لمسوا فيّ هذا الجانب لأني قدمت في الكليبات أدواراً تتطلب تمثيلاً. منها البكاء مثلاً في كليب «مين داه اللي نسيك»، أو الحزن في «لمسة إيد» أو حتى الضحك والمرح. هذه الموهبة أوظّفها فقط في الكليبات حالياً لأنها تخدم فني أولاً وأخيراً.
- لكن في كليب «ماشي حدّي» كنت كوميدية.
صحيح لأن الدور يتطلّب ذلك وجوّ الأغنية فرض ذلك. لكني لا أرى نفسي ممثلة كوميدية في فيلم كوميدي.
- هل من خطوط معينة تريدين تنفيذها في كليباتك المقبلة أم تتركين الأمور إلى حينها؟
أفضّل ترك الأمور إلى حينها حتى تتبلور الأفكار بشكل أوضح.
- هل تتركين للمخرج حرية الإختيار أم تتحفظين عن أمور معينة وتقولين: «هذا يستحيل أن أنفّذه»؟
الأفكار النهائية تكون نتيجة التشاور بيني وبين المخرج وفريق العمل. دون شك عندما أقصد مخرجاً معيناً أكون على ثقة به وبعمله. لكن أحياناً يقدم المخرجون أفكاراً تصل إلى أقصى الأمور، لكني لست جريئة كفاية كي أقبل بها بسبب الخوف.
- مم تخافين؟
أخاف أن أصدم الناس بأمور لا تناسبني أو لا تناسب شخصيتي، فيقولون «هذه ليست نانسي». عندما ألجأ إلى التغيير، أقوم بذلك بشكل تدريجي وليس بشكل مفاجئ صادم للناس، وهذا ما اعتدت عليه منذ بداية مسيرتي. عندما صدر كليب «لمسة إيد» البعض قال إنهم صدموا برؤيتي حزينة، لكني ظهرت حزينة في كليبات سابقة منها «إنت إيه» و«يا سلام». دون شك الكليب حمل تغييراً كبيراً في أمور كثيرة لكني لم أكن صادمة. (تضحك) فأنا لم أطلّ على الناس بشعر برتقالي اللون مثلاً أو بحلق في أنفي...
- مم تخافين في حياتك الخاصة؟
هو ليس خوفاً بقدر ما هو تفكير في الغد والمستقبل. أجلس مع والدتي أحياناً فأقول لها إني أنوي فعل كذا وكذا في العام المقبل، فتقول لي «إهتمي بالحاضر حالياً، هناك وقت». أفكر دائماً وباستمرار وماذا سأفعل غداً أو الشهر المقبل وحتى في الأعوام المقبلة.
- إلى هذه الدرجة يخيفك المستقبل؟
أحب أن أكون مدركة إلى حدّ ما لما ينتظرني.
- يقولون أن الفن غير مضمون وسيأتي يوم تذهب فيه النجومية وتخفت الأضواء لأسباب كثيرة، منها التقدّم في السنّ مثلاً. هل تخشين الوصول إلى هذه المرحلة؟
لا علاقة للعمر بهذا، والتقدّم في السنّ لا يخيفني صراحة. لأن كل سنّ لها خصوصيتها التي تجعلها بحدّ ذاتها جميلة. على صعيد العائلة مثلاً أرى نفسي مع أولادي وأنا كبيرة في السنّ أحيطهم وأرعاهم... وعلى صعيد الفن أؤمن بأن أحداً لا يستطيع أخذ مكاني إلاّ إذا أنا قصّرت. لهذا أقول إن لا علاقة للسنّ بالنجومية، بل الأمر رهن بالفنان نفسه واجتهاده المستمر لتحقيق الأفضل. أنا شخصياً أحب عملي كثيراً لهذا لم أشعر بهذا الخوف بعد. على صعيد الأغنيات مثلاً، هناك دون شك أنماط معينة لكل سنّ. فلا أستطيع مثلاً أن أطلّ على الناس في كليب مثل «أخاصمك آه» وأنا كبيرة في السنّ...
- هل تفكرين في إقامة مشاريع تجارية تحسباً للغد؟
أنا أعمل في التجارة أساساً لكن في شكل غير مباشر. والدي يملك مكتباً للعقارات وهو ينصحنا دائماً أنا وأخوتي بشراء العقارات لأنها تؤمن ضمانات للمستقبل. والدي يقول لنا باستمرار إن المال ليس مهماً بل العقارات هي الأهم.
- بدأت الفن في سنّ صغيرة قبل سنوات، واليوم أنت سيدة متزوجة ووالدة لطفلة. هل في ألبومك المقبل أغنيات تحمل نضجاً معيناً وتختلف عمّا قدّمته سابقاً؟
هناك أغنية مؤثرة بكيت عندما قرأت كلماتها للمرة الأولى. هي من كلمات نزار فرنسيس وألحان سمير صفير وتحكي عن علاقتي بأهلي، خصوصاً أن نزار يدرك أني لا أستطيع العيش دون أهلي وأني متعلّقة بهم كثيراً. هناك تغيير في الألبوم هذا مؤكد، كما أني أحب غناء مواضيع تمسّني مباشرة. يقول مطلع الأغنية: «من غفوة عينيّ ندهني صوت بحبّو، أخدتني الحنيّة وسهرت الليل بقربو، وصار يجوا ع بالي، غالية وغالي، عرفت قيمة حالي عندن وعرفت شو تعبوا». الصوت الذي ناداني هو صوت طفلتي ميلا، والغالية والغالي هما والدتي ووالدي. الكلمات أثرت فيّ كثيراً إلى درجة أني بكيت صراحة لأنها عبّرت كثيراً عن مشاعري ومسّتني مباشرة، وسوف أصدرها في الألبوم.
- وما أخبار ميلا؟
(تضحك) «تسلّم عليكِ». أصبحت تقول «هاي» و«باي». لا يمكن تخيّل منظرها عندما تسمع أغنيتي «سلّمولي عليه». والدتي وضعت هذه الأغنية رنة لهاتفها النقال، وعندما نكون معاً أتصل بوالدتي فقط كي يرن هاتفها فتبدأ ميلا بالتمايل على الإيقاع، ويختلف تمايلها بشكل لا يصدّق عندما تسمع أغنية أخرى. أنا متأكدة أنها مستقبلاً ستميل إلى الفن. لا أدري بعد إن كان صوتها جميلاً لكنها تملك أذناً موسيقية دقيقة جداً.
- هكذا كنت في طفولتك؟
(تضحك) نعم. لا أذكر طبعاً ماذا كنت أفعل لكن الأهل يخبرونني بذلك.
- هل لنا أن نطرح سؤالاً فضولياً؟
(تضحك) كلا.
- سنطرح السؤال ولك الحرية في أن تجيبي أو لا؟
طيب.
- هل في نيّتك إنجاب شقيق أو شقيقة لميلا؟
حالياً لا.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024