تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

المخرج سعيد الماروق

«ثائر وحالم وربما مُحبط...» هذا ما يمكن أن تستنتجه بعد حوار مع المخرج اللبناني سعيد الماروق، الذي يثور في كلّ مرة تأتي فيها على ذكر صناعة السينما اللبنانية، ويحلم أن يتم تأسيس قواعدها الثابتة وتحقيق مستوى راقٍ في تنفيذها. لكن صوته يخفت فجأة عندما يتذكّر أن لا ثقة بالسوق اللبنانية لهذا لا يتحمّس المنتجون، وأن أغلب الحكومات لم تهتم بوزارة الثقافة وكأن المثقفين والمبدعين لا وجود لهم على خارطة السياسة اللبنانية. يخوض قريباً تجربة فيلم سينمائي مصري ومشاريع أخرى كثيرة، فضلاً عن أنه قرر فتح الباب مجدداً للمطربين الشباب لتصوير كليبات بموازنات معتدلة، لأنه اشتاق ببساطة، حسب ما يقول، إلى التعامل مع أشخاص أقدامهم لا تزال على الأرض. كل هذه الأمور وغيرها من التفاصيل يكشف عنها المخرج سعيد الماروق في هذا الحوار المطوّل.

- الكل يلاحظ أنك غائب منذ مدة إذ لم نرَ لك كليبات مصورة أخيراً باستثناء كليب عاصي الحلاني. لماذا؟
هذا صحيح، لأني كنت منشغلاً في كتابة سيناريو فيلم «سينما ريفولي». أنهينا الكتابة ولكننا وللأسف وقعنا في مطبّ جديد ألا وهو مهمة البحث عن منتج، وهذا أصعب ما يواجهنا في العالم العربي، خصوصاً أن ثقة المنتجين بالفيلم اللبناني شبه معدومة. والمشكلة أنه ليس فيلماً عادياً، بل يحتاج إلى موازنة ضخمة. كل ما أستطيع قوله «انشالله خير» وهناك مشاريع أخرى أعمل عليها حالياً.

- لكن في السنوات الأخيرة تمّ تنفيذ أكثر من فيلم لبناني. لماذا فيلم سعيد الماروق لا يجد منتجاً؟
صحيح أنهم نفّذوا عدة أفلام لكن لم يدخل فيها منتجون كبار بالتالي لم تكلّف كثيراً. أما الصعوبة التي تواجه فيلمي فهي أنه يحتاج إلى موازنة ضخمة من الديكورات إلى التقنيات الخاصة. مثلاً لو أردنا بناء «سينما ريفولي» (وهو موقع غير موجود) لا بدّ أن نبني هذا الموقع بمختلف ديكوراته، إضافة إلى «بيروت في السبعينات» وهي أيضاً لم تعد موجودة. الديكورات المفترض بناؤها كثيرة جداً كذلك التقنيات والمؤثرات، وأيضاً عدد الممثلين كبير... كل هذا يحتاج إلى موازنة غير عادية.

- هل لنا أن نعرف أسماء الممثلين؟
أغلبهم من الوجوه الجديدة والشباب. لكن هناك نجوماً كباراً سيشاركون وسيشكلون مفاجأة، لكني أفضّل عدم ذكر أسمائهم لأن لا شيء مؤكد في ما يخصّ الإنتاج رغم أنهم متحمّسون جداً للعمل في «سينما ريفولي»، كما أن أسماءهم تجذب المنتجين، لكني أفضّل التريّث حالياً. من الجميل أن نجد أناساً يثقون بنا ويؤمنون بموهبتنا من خلال الإنتاج السخيّ، لأن هذا يعزز ثقة الفنان بنفسه من خلال تقدير العمل الذي يقدّمه.

- يُحكى عن قرب تنفيذك فيلماً مصرياً. هل إن صعوبة إيجاد المنتجين في لبنان هي التي دفعت بك إلى مصر؟
طبعاً هذا مؤكّد. صراحة لا أدري ماذا أقول. ما أستغربه هو أننا في لبنان عندما يتم إقرار الموازنات الرسمية، تبقى مثلاً وزارة الثقافة من دون موازنة، وكأننا غير موجودين أي نحن الفنانين والمثقفين والمبدعين الخ... من هنا أسأل، لماذا سأتوجه إلى صناديق الإقتراع كي أنتخب طالما أني غير موجود على خارطتهم ولا أحد يلتفت إليّ أنا وسواي. ليس هناك أي دعم ولا اهتمام، وهذا ما تشكو منه هيئات التمثيل والسينما ومختلف القطاعات الثقافية. بينما الثقافة هي حضارة الدول ووجه البلد وتاريخه وحاضره. أي مدينة عريقة تبقى لو لم تُرسم مثلاً بريشة فنان أو تُصوَّر فوتوغرافياً أو من خلال فيلم أو يكتب عنها شاعر ما... كل هؤلاء غير موجودين في نظر الحكومات، لهذا أعتقد أنه من الأفضل إلغاء وزارة الثقافة، لأن لا لزوم لها.

- لكن نقابتي الممثلين والمحترفين اجتمعتا أخيراً للمطالبة بأمور موحّدة للمرة الأولى في تاريخهما. ألا تراها خطوة مشجّعة؟
«ماشي الحال» لكني أرى أنه بدلاً من أن نكون ٥٠٠ هنا و ٥٠٠ هناك، يجب أن نكون ألفاً ولكن معاً. لا يجوز وجود نقابتين للممثلين، هذا عيب. لنضحّ قليلاً، لكن المشكلة أن الكراسي أعمت بصيرتنا عن كلّ شيء.

- ألا تعتقد أن الوجه الثقافي لبيروت تغيّر وكلّ ما يُسلّط عليه الضوء هو الرقص والغناء؟
أنا لست من الجيل القديم لكني أسمع كثيراً عن بيروت الثقافة ودور النشر والإعلام وهذا ما كان يميّزها ويشكل مصدر قوتها... كل هذا لم نعد نراه. كنا نعتقد أن بيروت ستعود كما كانت بعد انتهاء الحرب، لكن مرّت سنوات وسنوات وبيروت لم تعد، بل أصبحت «بيروت النراجيل». الشوارع تضجّ بالمقاهي بينما لا يوجد مسرح واحد. لا أتخيّل أن «الداون تاون» بكامله لا يحوي مسرحاً، والغريب أن كلّ شيء رُممّ في وسط بيروت باستثناء المسرح، إضافة إلى عدم وجود دار سينما واحد. هذا لا يُعقل. كل هذه الأمور موجودة في ضواحي بيروت، بينما قلبها ونبضها خاليان من أي معالم ثقافية، وهذا لا يُبشّر بالخير.

- ما السبب برأيك؟
التخلّف وسيطرة الصفقات التجارية إلى أقصى الحدود. أنا لست ضدّ الأعمال والتجارة، لكننا نطالب بحدّ أدنى من هذه الأمور. أنا شخصياً يحزّ في نفسي أن أقصد وسط عاصمة بلدي ولا أجد فيها مسرحاً أو لوحة إعلانية عن فيلم سينمائي. هذه ليست بيروت ولا وسط البلد. بينما في كلّ دول العالم تجدين أن ملتقى الفنانين والمثقفين هو وسط البلد، أما الوسط عندنا فهو لمحبي النرجيلة فقط. كل الشوارع مطاعم و«أراجيل»، لنلغ إذاً «الداون تاون» ونسمه «داون أرجيلة». وهذا ما يسبب أن يصارع كل منا وحده، لكن العمر يمضي. فإلى متى سأبقى أنتظر كي أجد فرصتي في تنفيذ فيلم سينمائي؟ لهذا لا يجب أن يستغرب أحد إن قصدت مصر ونفّذت فيلماً مصرياً قبل الفيلم اللبناني.

- كل هذه العوامل هي التي سببت التركيز في لبنان على الرقص والغناء وكل ما له علاقة بالفن الهابط؟
كلا، هذه المشكلة مرتبطة بالفن عموماً. في السابق كنا نضع جهاز التلفزيون في منزلنا وكان كفرد من العائلة، أي له وقت ينام فيه وموعد يستفيق فيه. بينما اليوم كل المحطات التلفزيونية تعمل ٢٤ ساعة على ٢٤ وقد سيطرت على الإنسان.الإنسان المبدع مثلاً قد ينفّذ طوال حياته ٤ أو ٥ أعمال تُعتبر النخبة في مسيرته أوMaster Pieces، وهو في حاجة إلى سنوات كي ينفّذها.
فكيف سيتمكن التلفزيون ومئات المحطات التي تعمل ٢٤/٢٤ أن تملي الفراغ الحاصل بأعمال مميزة ومحترمة، وماذا سيبث طوال هذه الساعات!هذا مستحيل حتى ولو جمعوا الكرة الأرضية كلها.
والدليل أننا مثلاً في العالم العربي، نسخّر جهود مبدعينا لتنفيذ عشرات المسلسلات والأعمال لتعرض في شهر واحد هو شهر رمضان، أي مجهود أشهر طويلة من أجل شهر واحد فقط. فهل نحن في حاجة إلى ١٢ سنة كي نقدم أعمالاً مميزة طوال السنة؟ نُشر في أحد الكتب التي تتناول الإعلام العربي أن هناك حوالي ٤٠٠٠ محطة فضائية عربية! هذا كارثي وهو بالفعل أمر يقتل الإبداع ولهذا صار الإستسهال سيد الموقف، ما ولّد بالتالي كل الأعمال الهابطة التي نراها.

الخطأ لا يسبّبه المخرج ولا المغني بل يشمل منظومة كاملة إسمها الإعلام العربي. خصوصاً برامج تلفزيون الواقع Real TV لأنها أفرزت أناساً يقومون عنا بكل شيء بينما نحن نجلس كالآلات نتفرّج ونلتقى، ما ألغى الخجل والحياء وكل شيء أصبح مكشوفاً ومفضوحاً أمامنا، وكأننا ألغينا كلّ القواعد والقوانين.

- تحدثت عن زحمة الإنتاج في شهر رمضان. ألهذا السبب اعتذرت عن تصوير مسلسل مصري عُرض عليك أخيراً؟
بالتأكيد. فجأة يرمون أمام المشاهد ستين أو سبعين مسلسلاً لتعرض في شهر واحد، فماذا سيحفظ المشاهد من كل هذا؟ هو بالكاد يحفظ الإسم! وهذه الزحمة التي تحصل في شهر تأتي عكس السنة كلها التي تشهد ركوداً في باقي الأشهر... لهذا اعتذرت وما الذي سأقدّمه أو أضيفه لمشاهد هو بالأساس تائه بين كل هذه الأعمال؟ إما أن أبدأ مع مسلسل مختلف تماماً عن كل ما يُقدّم كي يتميّز العمل ويتخّذ لنفسه خصوصية معينة تجعل المشاهد يتلفت إليه بدلاً من أن يتساءل: «أشاهد هذا أو ذاك»؟، لأن الأعمال متشابهة والقصص هي هي حتى ولو اختلفت التفاصيل، وأيضاً نجد الممثلين أنفسهم في أكثر من عمل، فبأي شخصية سنصدقه! مرة هو مصطفى وعلى شاشة أخرى هو أحمد...

- هل لنا أن نعرف بعض التفاصيل عن المسلسل الذي اعتذرت عنه؟
كان من الجميل أن أخوض تجربة الدراما التلفزيونية وهو مسلسل جيد بالمناسبة. وأريد هنا التوجه بالشكر لمحطة تلفزيون «بانوراما دراما» والمنتج ممدوح شاهين اللذين أولياني ثقتهما وكانا متحمسين كثيراً كي أتولى الإخراج، لكني شرحت أسبابي واعتذرت.

- ماذا عن الفيلم السينمائي المصري؟
حالياً أقرأ السيناريو ويفترض أن أبلّغهم قراري في وقت قريب. وبالمناسبة، سبق أن عُرض عليّ هذا الفيلم قبل سنتين أو ثلاث، لكن حصلت بعض التجاذبات والخلافات بين المنتجين ولم يُنفّذ. لهذا أقرأه من جديد وأعتقد أنني أعلن قريباً موافقتي عليه. وفي الوقت ذاته، هناك فيلم آخر كتبت أنا قصّته، وأكتب السيناريو الخاص به بمشاركة الكاتب ناصر عبد الرحمن، وقد اتفقت مع منى زكي لتكون بطلته إضافة إلى وجود مفاوضات أيضاً مع الممثل أحمد حلمي.

- ماذا عن أسماء الممثلين في الفيلم الأول الذي تقرأه حالياً؟
من الأسماء المرشحة هناك كريم عبد العزيز وقد تحدثت معه وهو حقيقة متحمّس كثيراً كي نعمل معاً. أما المشروع الضخم بالنسبة إليّ فهو قصة خيالية أحلم بتنفيذها ولا يهمني إذا كان ذلك من خلال فيلم أو مسلسل لأنه مختلف تماماً عن كل ما قدّمته السينما أو الدراما العربية. وإن تمكنت من تنفيذه، سيكون ذلك مع ممثلين من مصر ولبنان وسوريا والخليج والمغرب، أي بمعنى آخر من كل العالم العربي. الفكرة والقصة لي ويتولّى كتابته كاتب لبناني.

- ما اسم هذه القصة؟
لا يمكن أن أُعلنها حالياً، لكنها مشوّقة جداً وستكون مفاجأة بكل ما للكلمة من معنى.

- كونك عملت كثيراً في مصر إن من خلال تصوير الإعلانات أو الكليبات، ما رأيك بظاهرة دخول اللبنانيين إلى عالم السينما المصرية بهذه الكثافة، كممثلين أو مخرجين أو حتى مصورين؟
(يضحك) أنا شخصياً لا أرى سوى الممثلات.

- وإن تحدثنا بشكل عام؟ لأن المشهد يبدو كأن المنتج المصري يثق بالعنصر اللبناني، بينما في لبنان ليس هناك ثقة؟
هناك نوعان من هؤلاء. فهناك من دخل السينما المصرية بجدارته، بينما آخرون دخلوا فقط لأنهم أو لأنهن جميلات... وللأسف هم يتحدثون باللهجة المصرية، بالتالي ما هي أهمية دخولهم كلبنانيين وماذا أضافوا للسينما اللبنانية! حتى أنا، الفيلم الذي سأقوم بإخراجه في مصر هو مصري. أما عن ثقة المنتجين فهي لا تتعلق بالممثل اللبناني أو المخرج اللبناني، بل ترتبط مباشرة بسوق الفيلم اللبناني الذي هو محدود، عكس السوق المصري.
فتجدين أن الفيلم المصري يؤمن تكاليفه لأن سوقه كبير ومتشعّب، بالتالي لا يفترض أن يتخوّف المنتج، وهو بالفعل لا يخاف، بل يٌقبل على الإنتاج وهو مرتاح حتى لو عرض الفيلم في مصر فقط. فماذا إذا حسبنا باقي الدول إضافة إلى بيعه للمحطات الفضائية!
أما لبنان فهو بلد صغير وسوقه محدود في الخارج لأننا لم نعرف كيف نسوّقه بعد، عكس ما فعله المصريون عندما فرضوا لهجتهم وصارت مفهومة للكلّ. تخيّلي مثلاً أن فيلم «أفاتار» الذي يعتبر الأول حالياً على صعيد العالم وحطّم كلّ الأرقام، شاهده في لبنان ١٠٠ ألف شخص فقط.
ويُعتبر هذا الرقم قياسياً في لبنان، لكن إن أجرينا عملية حسابية بسيطة جداً، نجد أن المردود المادي له ضئيل قياساً لما كلّفه الفيلم. أُدرك أن الجمهور اللبناني مُستعد لدعم الفيلم اللبناني، لكن في الوقت ذاته كلنا نعرف أنه خُذل عندما دعم الأفلام من خلال الإقبال عليها، لكنه شعر بعد ذلك أنه يضحك على نفسه.

- هل تنوي إدخال العنصر الغنائي إلى أفلامك المُقبلة كونك بدأت واشتهرت في إخراج الكليبات الغنائية؟
أتمنى أن أُشرك نجوماً من عالم الغناء في أفلامي المقبلة، لأنني بذلك أستفيد من جمهور هذا الفنان، وكلنا يعرف أن عدد جمهور المطربين اللبنانيين أكبر من جمهور الممثلين، وانتشارهم أوسع بكثير. لكن قبل كلّ شيء هناك «الكاستينع» أو تجارب الأداء التي لها الأهمية الأولى. بالفعل إن الفنان اللبناني له محبون كثر في كلّ الدول العربية، وسيكون بمثابة إنقاذ للفيلم اللبناني لو شارك فيه. تخيّلي لو نفّذنا مثلاً فيلماً بمستوى جيد وفيه نجمان غنائيان أو ثلاثة. دون شك سنستفيد كثيراً في جذب الجمهور العربي نحو السينما اللبنانية. لدينا نجوم كبار، الكلّ يتفق على أن المطرب اللبناني هو الأول حالياً عربياً. ولا أريد أن أقلل من قيمة أحد لكن هذه حقيقة، تماماً كما أن الفيلم المصري هو الأول عربياً أو المسلسل السوري...

- قلت إنك تتمنى جمع أكثر من نجم في فيلم واحد؟
طبعاً، يا ليت.

- هل من أسماء محددة؟
نعم، وعددها ٣. راغب علامة وفضل شاكر وعاصي الحلاني.

- أليس صعباً أن يجتمعوا برأيك؟
لا أعتقد أن هذا صعب لأنه يجب أن نفكر من منطلق لبناني ولخدمة هدف. وأنا لا أعني فقط هؤلاء، بل تخيلي مثلاً كم جميل أن نجمع نانسي عجرم وهيفاء وهبي ونجوى كرم في فيلم واحد! كل واحد منا في حاجة إلى الآخر، بمعنى أنه يجب أن نتعاون ونكثّف جهودنا لو أردنا حقيقة أن نخدم هذا البلد. ليس فقط من خلال الأفلام، بل الغناء أيضاً. للأسف لا تجدين مطربين اثنين يغنيان معاً، بل يتسابقان على من يغني قبل، أي «ورا بعض»... (يضحك ثم يقول) قد نُحدث ثورة لو حققنا ذلك، لكنني أحلم.

- هل طرحت الفكرة أمام أحد؟
بصراحة تحدثت عن الأمر أمام أحد المطربين وأبدى حماسة واستعداداً.

- هل لنا أن نعرف من؟
عاصي الحلاني. وطرحت الفكرة أيضاً أمام أحد المنتجين وقال إنه مستعد للتنفيذ.

- من هو المطرب الذي تشعر بأنه يصلح للتمثيل؟
بصراحة الكل، طالما أنه يغني بإحساس فهو قادر على التمثيل شرط أن يجد مخرجاً يوظّف قدراته في الإطار الصحيح. لكل واحد منهم ميزة أو خصوصية معينة في شخصيته، وهنا أهمية وجود مخرج قادر على توظيف ذلك في الكادر الصحيح، لأن تمثيل المطرب يختلف طبعاً عن الممثل المحترف. لكنني أنصحهم بألاّ يخافوا. من حقهم أن يخافوا لأنه ربما يشعرون بأنه عالم بعيد عنهم، لكن أنا بدوري أخاف من الفشل ولا يهمني أن أفشل مع أي منهم. لكنني سأكون حريصاً على عدم الفشل، لهذا لا يجب أن يخافوا.

- وكأنك تمرر رسالة لأحدهم؟
(يضحك) صحيح، يقولون لي دائماً إن الفكرة مؤجلة.

- من تقصد تحديداً؟
هو يعرف نفسه.

- ماذا عن الكليبات؟
كما تعلمين لم أصوّر كليبات منذ مدة. لكني سأذكر أمراً أعلنه للمرة الأولى، هو أني قررت التعاون مع فنانين جدد وبموازنات عادية ومقبولة دون التنازل في ما يخصّ المستوى، وعدم حصر عملي بعد اليوم مع النجوم الكبار. أعرف أن هناك فنانين جدداً يريدون أن أصوّر لهم كليبات، لكنهم لا يتصلون بي لأن في ذهنهم أن كل كليباتي تنفّذ بأسعار خيالية. لهذا أعلن هذا القرار اليوم لأني بصراحة اشتقت أن أتعامل مع هواة لا تزال أقدامهم على الأرض، بالتالي أكون قد ساعدتهم في مسيرتهم إن كانوا يستحقون طبعاً، أي أصوات جديدة وأغنيات بمستوى جيد لأني بالتأكيد لن أقبل بأي شيء وأي كان. وصلت إلى مرحلة معينة ممنوع فيها الخطأ لهذا أنا حريص جداً.

- بالحديث عن النجوم، منذ مدة لم تتعاون مع نجوى كرم، لماذا؟
ما من سبب معين سوى أني كنت منشغلاً بموضوع الأفلام كما تعلمين.

- أما من خلاف بينكما؟
ولماذا يكون هناك خلاف!

- لأن التعاون بينكما متوقف من قبل تفرّغك لكتابة الأفلام؟
كلا، والكليبات التي صورتها أخيراً كانت معروضة عليّ واعتذرت عنها.

- ما رأيك بالكليبات التي صوّرتها أخيراً مع سواك؟
لا تعليق.

- يحق لك أن تقول رأيك كمشاهد؟
أنا منافس ولست مشاهداً عادياً.

- لكنك عادة تقول رأيك بصراحة؟
قررت عدم التحدث بصراحة بعد اليوم لأن لا أحد يتقبّل النقد. وكل كلمة أقولها تُواجه بزوبعة إعلامية غير مبررة. لكن عموماً لم يعد يعجبني أي شيء ولا أقصد نجوى كرم بل أتحدث بشكل عام. حتى أنني التقيتها قبل فترة في الطائرة وتحدثنا بشكل طبيعي.

- لماذا لا يعجبك أي شيء؟
لم أجد كليبات جميلة في الفترة الأخيرة سوى ٣ هي لأغنيات: «وافترقنا» لفضل شاكر، «كتّر خيري» لشيرين عبد الوهاب و«أحلى الأوقات» لعاصي الحلاني. لا أقول هذا لأني مخرجها، بل لأني صورتها بحب وضمير وتمكنت من خدمة الفنان من خلالها، والدليل أنها تعرض بكثافة غير عادية على شاشة روتانا وكأنها تساوي كل الكليبات الباقية التي صوّرت في ٢٠٠٩.

- بقي أن نسأل عن سبب تجدد الخلاف بينك وبين الفنانة اليسا التي تحدث عن خلافكما في برنامج «آخر من يعلم» على شاشة «ام بي سي» رغم أن الموضوع قديم؟
ليس هناك من جديد، لكن كلما أصدرت ألبوماً جديداً يشيرون إلى هذه القصة، وكأنني أساعد في تسويق الألبوم. (يضحك ثم يقول) حقيقة لم يحصل شيء وما من خلاف يتجدد لأني صوّرت لها كليباً واحداً منذ سنوات. قيل في الحلقة إنه كان يفترض أن أصور لها كليباً بعد أن تصالحنا لكنني سافرت إلى أميركا بعد أن قبضت المال من روتانا ولم ألتزم. لهذا أريد أن أوضّح أن ما حصل أني كنت مضطراً للسفر إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وبالفعل سافرت بعد أن أنهيت التحضيرات المتعلقة به وأوكلت المنتجة المنفّذة التي كانت تعمل معي بمتابعة الأمور ريثما أعود، وطبعاً أطلعت إليسا على كل هذه التفاصيل، ولم يكن هناك أي مشكلة.
وبعد أيام قليلة، إتصلت بي المنتجة المنفذّة وقالت إنها مضطرة للإعتذار لأسباب تتعلق بها. فهنا وقعت المشكلة. إتصلت بإليسا وأخبرتها أنه يفترض أن نؤجل التصوير أسبوعاً أو أسبوعين عن الموعد المحدد كي أتمكن من تنفيذ ما لم يُنجز. لكنها لم تتقبل الأمر رغم أني شرحت لها الموقف.
 قالت حينها إنها لا تستطيع التأجيل لأنها مرتبطة، وهكذا ألغي التصوير، هذا كل ما حصل. إليسا لم تزعجني بكلامها، بل مدير أعمالها الذي كان موجوداً في الحلقة لم يقل الحقيقة. هو قال إني قبضت المال، لكن هذا غير صحيح على الإطلاق لأني حضرت كل شي دون أن أقبض فلساً واحداً. وماذا يعني بذلك؟ عيب أن يقول ما قاله وكأنه يشير إلى تهمة معينة. إضافة إلى أن الكلّ يعلم أن روتانا تدفع تكاليف الإنتاج بعد تسليم العمل وليس قبله، وقسماً منه قبل التصوير بأيام قليلة. فكيف أكون قبضت مال الإنتاج من روتانا وأنا لم أبرم أي عقد بعد! كل الأمر كان مشروع فكرة فقط لا غير، وما حصل لا يحتاج إلى هذه الزوبعة.
 وقد قلت سابقاً إنني أنا من لا يريد التصوير لأني أرفض التعامل مع شخص لا يقدّر الظروف التي يمكن أن تستجدّ. يجب أن يكون التعامل أرقى من هذا، ولا أعتقد أن كارثة كانت ستحصل لو أجلنا التصوير أسبوعاً واحداً ريثما أعود من أميركا التي تبعد ساعات طويلة كي أنجز التحضيرات المتبقية ومن ثم نصوّر!

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079