ألكسندر ماكوين هجر الأرض بإبداعه
بعد أسبوع من وفاة والدته جويس، وُجد المصمّم البريطاني ألكسندر ماكوين (٤٠ عاماً) مشنوقاًً في منزله في شارع «غرين ستريت» في العاصمة البريطانية لندن. وقد شكّل هذا الخبر صاعقة في عالم الموضة قبل أيام من أسبوع الموضة اللندني حيث كان من المقرر أن يقدّم ماكوين تشكيلته لهذا الموسم. قبل قرار إنقطاعه عن الحياة، كشف ماكوين على موقع التويتر الخاص به أنه أمضى أوقاتاً شنيعة بعد وفاة والدته. فيما ربطت زوجة شقيق خبيرة الموضة إيزابيل بلو الحادثة بعجز ماكوين عن احتمال مفارقة بلو التي كان لها الفضل في شهرته، والتي إنتحرت عام ٢٠٠٧ بعد صراع مع الإكتئاب ومرض «تعكر المزاج الثنائي القطب» النفسي.
من هو ألكسندر ماكوين؟
إن كانت كوكو شانيل أرست سحر اللآلىء البيضاء فهو حتماً المؤسس لترصيع اللؤلؤ الأسود على تصاميمه ونقش الجمجمة. بغض النظر عن قتامة الرمزية السريالية المنقطعة عن أروقة الواقع إلاّ أن ماكوين هو المصمّم- الظاهرة الذي تحصّنت بصمته في عالم الموضة بإستعراض مدهش من الألوان والقصات الخيالية، لا تحمّل ثوبه الحيرة بتكهن هوية المصمم لأن خطوطه تعرّف جلياً بعبقري هذا الإبداع، إنه ماكوين حتماً الذي أغنى الخياطة العالمية بالقليل. «فن للفن»، تيّار امتثل لجمالياته بمقصّه «البرْنسي» (نسبة لتيار البرنسية الأدبي الذي ظهر في فرنسا وأرخى عن الفن عناوين الحياة)، لم يأبه للنفعية بل التحرّر من المعقول، لم تكن رسالته موجهة للحياة أو لغايات تجارية.
فتصاميم ماكوين باغتت الألق في الموضة وقدّمت فصلاً جديداً في عالم الخياطة التي إن لم تلق القبول، سلبت الموضة رشدها بنزعة غامضة وغريبة الأطوار ومنحرفة بحرفية عن التقليد. رثاء مصمم دار شانيل كارل لاغرفيلد كان أشفى تعبير عن عطاءات ماكوين، «كان على الدوام يغازل الموت بتصاميمه. لكن دون أن نفقه الأسباب، فالنجاح والموهبة لا يحصدان الفرح دوماً. ثمة جانب غير بشري في عمله، منفصل عن العالم والواقع».
هذا ما ظهر بشكل واضح في تشكيلته الأخيرة، الرجالية التي طغى عليها اللون القاتم والتلثيم الخانق في أسبوع الموضة في ميلانو لموسم شتاء ٢٠١١. فيما أحضرت تشكيلة المرأة تحت عنوان «أطلاتنس أفلاطون» كائنات فضائية على المنصة الربيعية، شاحبات وكئيبات بلون الخنافس والزواحف..
هي القارة المفقودة التي تحاكي اليوم رحيل أسطورة حيّة لم ترث داراً رائدة. فهو إبن سائق أجرة تخرج من كلية الفن والتصميم Central Saint Martins في مطلع التسعينات. وقد كان أمير وايلز تشارلز وميخائيل غورباتشوف أبرز زبائنه أثناء عمله في شارع «سافيل رو» في وسط العاصمة البريطانية.
بين أعوام ١٩٩٦ و٢٠٠٣ حمل لقب أفضل مصمّم بريطاني لأربع مرات. عام ١٩٩٦، أمسك بمشغل دار جيفنشي خلفاًً لمصمّم دار ديور الحالي جون غاليانو، وقد سمّي آنذاك بـ«الفتى المدهش» من قبل الصحافة الفرنسية. إلتحق بمجموعة «غوتشي» عام ٢٠٠٠ التي إشترت ٥١ في المئة من أسهم داره التي لطالما كبح خيالها قبل ولادة مملكته الخاصة حسب ما ردّد مراراً.
يذكر أن زبائن ماكوين تقاطروا بشكل لافت ولاهث إلى متاجره (بزيادة ١٤٠٠٪) في عواصم العالم لإقتناء تصاميم دار قد تسدل الستار على علامة تجارية رافقت أسماء لامعة في عالم الشهرة، أمثال ريهانا وغوينيث بالترو ولايدي غاغا وكايتي هولمز وبيورك . فما هو مصير خطوط مبدع كان إستثنائياً حتى بموته؟
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024