مبادرة فنّية لإعمار متحف سرسق الرسّامة مكدى ملكون: "بيروت ليست للبيع!"
عن هذه المبادرة تقول الرسّامة مكدى ملكون: "وُلدتُ في بيروت وترعرعتُ فيها. لطالما كانت بيروت مصدر إلهامي: ألوانها، سكانها، روائح شوارعها، موسيقاها، فنانوها... كلها شكّلت مصدر وحي للوحاتي وأعمالي الفنّية التجريدية. لا يمكنني أن أرى مدينتي تنزف، وتذرف الدموع ولا أقوم بشيء يبلسم آلامها!". وتضيف: "في الغربة، نعيش ألم الوطن مضاعفاً، خصوصاً أننا عاجزون وبعيدون... من هنا كانت فكرة هذه اللوحة التي أطلقتُ عليها اسم "بيروت ليست للبيع"، تحيّة لأولئك الذين فقدوا منازلهم في انفجار المرفأ، ويرفضون رفضاً قاطعاً التخلّي عنها مقابل حفنة من المال، رغم حاجتهم الملحّة. لكنّ ردود الفعل التي أثارتها اللوحة لدى كلّ من رآها، دفعتني إلى عرضها للبيع، والتبرّع بالمبلغ كاملاً لإعادة إعمار متحف سرسق الذي كان له الفضل الأكبر في إطلاق الفنّ اللبناني إلى العالم. يستحقّ هذا الصرح الثقافي اللبناني الأصيل أن نقف إلى جانبه في كبوته هذه".
وتستطرد بالقول: "في بيروت ذكرياتي الأجمل: شوارعها احتضنت ضحكاتنا ودموعنا وأحلامنا وتاريخ أهلنا وأجدادنا. روح بيروت تسكننا أينما ذهبنا وحللنا، نفارقها فنشعر بالذنب، وتظلّ تلهمنا دائماً وأبداً. لا شكّ في أن بيروت الجريحة اليوم ستوحي لي لوحات تجريدية أخرى مقبلة تجسّد مأساتها الأليمة، كما أوحت لي في السابق لوحات ولوحات".
وتشرح الرسّامة الشابّة: "اللوحة تجسّد بيروت المرأة المفجوعة الثكلى المتألّمة، تنظر بعين اللوم إلى مغتصبيها الذين تعرفهم جيداً، وعينها الثانية دامعة حزينة على أبنائها. وجه بيروت خريطة شوارعها التي عشقناها. بيروت امرأة حزينة وصامتة، فمُها مقفل برافعة الأنقاض التي أزالت الركام". الفنّ مرّة أخرى يكتب التاريخ. اللوحة التي تمثّل وجه بيروت الحزين والمشوّه، مصنوعاً من بيوتها الجميلة التي باتت ركاماً، تخلّد ذكرى أليمة محفورة في قلوبنا.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024