تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

جورج قرداحي: بكل تواضع وواقعية أقول...

رغم أنه قدّم برنامجين تلفزيونيين آخرين فإنّه يعترف بأنهما لم يحصدا النجاح الذي حقّقه «من سيربح المليون» البرنامج الأعز على قلبه. إنه الإعلامي جورج قرداحي الذي يعود إلى المشاهد العربي ليطل عليه من خلال برنامج «من سيربح المليون» بحلته الجديدة عبر شاشة mbc. التقته «لها» وكان هذا الحوار.

- كان من المتوقّع ألاّ يتم تصوير موسم جديد من برنامج «من سيربح المليون» خصوصًا بعدما قدّمت «القوّة العاشرة». فلم أعيد إطلاق موسم جديد؟
«من سيربح المليون» ما زال موجودًا في الـmbc ولم يتم إلغاؤه من شبكة برامجها ولكن هناك سياسة لدى القناة بألا يعرض البرنامج بشكل دائم على شاشتها، بل تفضّل أن تسحب أي برنامج وتعطيه فترة استراحة ثم تعيد إطلاقه. و«من سيربح المليون» موجود ولم نذكر يومًا أنه سيتوقف. لكنه كان في حالة استراحة، لذلك قدّمت برنامج «القوّة العاشرة» خلال هذا الوقت الضائع إلى أن حان الوقت لعرض «من سيربح المليون» بعد عام من التوقف.

- ولكن كان المتوقّع أن تقدّم برنامجًا حواريًا كما ذكرت في بعض اللقاءات الصحافية، فهل عزفت عن الفكرة؟
لا يزال الأمر قائمًا ولكن لكل عمل توقيته المناسب، لأننا لا نريد أن نشتت تفكيرنا في أمور عدة في الوقت نفسه، كما أنه ليس من المستحب أن يكون للإعلامي أكثر من برنامج يعرض على الشاشة نفسها في الوقت نفسه، فهذا يشتت المشاهدين. ما دام «من سيربح المليون» مستمرًا أفضّل ألا أظهر في برنامج آخر في الوقت نفسه. ربما في فترة استراحة «من سيربح المليون» أقدّم برنامجًا حواريًا، فهو موجود في صيغته وفكرته وإعداده.

- ألم تخشَ الرتابة في «من سيربح المليون» خصوصًا أنه يعرض منذ عشر سنوات. فمن المعلوم أنه نسخة عن البرنامج الإنكليزي "ذا مليونير"، و الملاحظ أن البرامج المستنسخة يخفت وهجها مع الوقت؟
الرتابة أو التكرار يقررهما المشاهد فهو الحكم، وعندما يبدو على المشاهد التعب والملل من أي برنامج سواء كان مأخوذًا من نسخة غربية أم من إنتاج محلي يتوقف. ونحن نجد دائمًا أن هناك مطالبة بعرض «من سيربح المليون»، والناس يعترفون بأنه من أهم برامج المسابقات على الإطلاق، ويؤكدون أن هناك فائدة منه بالنسبة إلى عائلاتهم وأبنائهم. إذًا هذا البرنامج لم يتعب منه المشاهدون ولم يملّوا عرضه، كما أن مشاهدي الغرب لم يملّوا النسخة الغربية. مما يشير إلى أن فيه عناصر تجعل الناس يقصدون مشاهدته وإن ليس بالنسبة المرتفعة نفسها التي كانت في الماضي، ولكن بنسبة تجعل منه البرنامج الأوّل من حيث المشاهدة.

- هل التعديلات الجديدة التي أجريت على البرنامج هدفها الابتعاد عن التكرار؟
بالفعل أجريت تعديلات على البرنامج، فقد خفضنا عدد الأسئلة من ١٥ سؤالاً إلى ١٢ لجعل إيقاع البرنامج سريعًا وتحسين فرص فوز المشتركين، إضافة إلى إمكان تثبيت الربح أو ما يعرف بالشيك الثابت عند السؤال الذي يحدده المشترك سلفًا. وأضفنا إلى وسائل المساعدة وسيلة «الاستعانة بالمستشار» والمستشار هو الإعلامي السعودي حسين الشبكشي المشهود له بسعة الاطلاع والثقافة، يستعين به المتسابق عند بلوغه سؤال الشيك الثابت.

- هل هذا يعني أن المستشار يعرف الأجوبة سلفًا؟
لا بد من التأكيد هنا أن المستشار لا يعرف شيئًا عن الأسئلة المطروحة، بل يرتكز على معلوماته الخاصة، لذا فإن اختيار الإعلامي حسين الشبكشي كان انطلاقًا من خلفيته الثقافية الواسعة. ولكن في بعض الأحيان إذا لم يكن متأكدًا من الجواب فإنه يبلّغ المتسابق ذلك ويعطيه حرّية الاختيار.

- ما هو سر نجاح البرنامج؟
صيغته، فهو برنامج ثقافي يعرض بقالب مميز. ويمكن القول إنه يعتمد على شخصية المقدّم، وفيه التشويق والربح فالمشاهدون يحبون أن يربح المتسابقون ويتضامنون معهم. وسر نجاح أي برنامج هو وجود انسجام بين فكرة البرنامج والمقدّم. فلو قدّم أفضل برنامج في العالم إعلامي فاشل سوف يفشل، ولو قدّم  أسوأ برنامج أفضل إعلامي كذلك سيفشل.

- يسند الكثير أسباب نجاح «من سيربح المليون» إلى حضور جورج قرداحي، فهل توافق هذا الرأي؟
بكل تواضع وواقعية أقول إنني جزء من نجاح البرنامج، لأن شخصية جورج قرداحي وصيغته جاءتا متطابقتين ومتوافقتين مع صيغة البرنامج، ولكن هذا لا يعني أنني صنعت نجاح البرنامج، بل شاركت في صنع هذا النجاح. فالبرنامج مكوّن من مادة ناجحة وإنتاج ناجح وأنا أضفت إلى هذا النجاح. وأثبتت لي التجربة بعد تقديمي برامج عدة ورغم أنني لم أتغير وبقيت فيها على شخصيتي نفسها، إنها لم تحصد النجاح الذي يحصده «من سيربح المليون» مما يعني أن الصيغة متطابقة «وافق شنّ طبق».

- من الملاحظ روح النكتة في شخصيتك رغم الثقافة التي تتمتع بها؟
من قال إن المثقفين ليس لديهم روح نكتة، فأنا أعرف الكثير من المثقّفين في العالم العربي لديهم روح نكتة جميلة جدًا وراقية. ليس من الضروري أن يكون الإعلامي المثقّف عاقد الحاجبين يستعرض عضلاته الفكرية للمشاهد. ربما في البدايات استعرضت ثقافتي، ولكن بعد عشر سنوات من تقديم البرنامج وجدت أن لا داعي لهذا الاستعراض، ويمكن إيصال المعلومة التي لدي بأسلوب سلس لا يخلو من الطرفة.

- إلى أي مدى تتعاطف مع المتسابق المشترك في البرنامج، خصوصًا عندما يخسر؟
أتعاطف مع كل المتسابقين وأعتبر محظوظًا من جلس على الكرسي وربح، وإذا تقدّم في الأرباح أرى أنه من غير الجائز أن يخسر ما ربحه، لذا أحاول قدر المستطاع أن أساعده وأنصحه بالانسحاب والاقتناع بما حصل عليه إذا لم يكن متأكدًا من الإجابة، كي لا يغامر ويخسر. وليس لدي تفرقة بين جنسية وأخرى.

- يحكى دائمًا أن برامج المسابقات من ضمنها «من سيربح المليون» لا تعطي الجوائز المالية. ما ردّك؟
منذ عشر سنوات إلى اليوم لم يقصر برنامج «من سيربح المليون» في إعطاء الجوائز المالية للفائزين. طبعًا الفترة الواقعة بين تسجيل الحلقة وقبض الجائزة المالية تكون شهرين أو ثلاثة. فنحن لا نعرض الحلقة مباشرة على الهواء.

- بدأت كاتب مقال في صحيفة «لسان الحال» اللبنانية، ألا تحن إلى الصحافة المكتوبة؟
لا أزال في مجال الإعلام ولا أفكر إذا كنت أحن إلى الصحافة المكتوبة أم لا، ولكن أحن إلى القلم، وأكتب دائمًا في أي مناسبة أدعى إليها فلدي محاضرات وخطابات... كما أكتب في برامجي، فأنا لا أزال قريبًا من القلم.

- ماذا علّمك هذا المشوار الطويل في الإعلام؟
علّمني أمورًا كثيرة، أهمها الإيمان بمقولة من جدّ وجد، فبالمثابرة يصل الإنسان. وثانيًا علّمني أن كل مجد باطل، لأنني عندما أفكر في الشهرة التي وصلت إليها أقتنع أكثر بهذه المقولة، مما يعني أن على الإنسان أن يبقى متواضعًا، فأنا ما زلت بالشخصية نفسها وأكنّ المحبة نفسها للناس.

- توقّعنا في العام ٢٠٠٩ أن نجد جورج قرداحي مرشحًا للانتخابات النيابية اللبنانية، بعدما ذكرت في مقابلة مع مجلّة «لها» أن هناك احتمالاً لخوضك هذه الانتخابات. فماذا حدث ولمَ لم تترشح؟
في الحقيقة لم تكن لدي النية ولكن بعض الأصدقاء والمقرّبين تمنوا علي خوض الانتخابات لأنهم يرون أن الشعب اللبناني في حاجة إلى أشخاص مستقلين ونزيهين وقادرين على خدمة الشعب. وقد اقتنعت بهذه الفكرة، ولكن عندما حان وقت الاستحقاق، وجدت أنه علي أن أكون منتميًا إلى أحد الأطراف السياسية التي تخوض الانتخابات، مما يعني أن أكون في مواجهة أطراف أخرى، وهذا ما أرفضه. فضلاً عن أنه لا يوجد حظوظ للمستقلّين لأنهم سيخسرون، فالبلد منقسم. لذا عزفت عن الفكرة.

- عُيّنت سفيرًا للنوايا الحسنة في الأمم المتحدة  لشؤون البيئة. لماذا تخليت عن هذه المَهمّة؟
نلت هذا اللقب عام ١٩٩٢ وتخليت عنه، لأنه كان لديهم لغط ولم أتابع الأمر ومن ثم حدثت الانتفاضة الفلسطينية ثم تلتها حرب العراق، أي حدث الكثير من الظروف والمشكلات التي علينا إعطاؤها الأولوية. فنحن نحتاج إلى حماية الإنسان في العالم العربي، وعوضًا عن البحث عن حماية الطيور والثروة البحرية والغابات الأجدى لنا الدفاع عن حقوق الإنسان في الوطن العربي. لذا وجدت أنه لقب ترف. كنت لأقبله لو كانت الأوضاع في العالم العربي سليمة وممتازة، ولكن لا أسمح لنفسي بالترف في الوقت الذي يموت فيه الإنسان العربي من الجوع والظلم. فقبل البيئة أعطني السلام والاستقرار والأمن وحلولاً لمشكلات العالم العربي.

- ولكن الخطر البيئي يؤثر في صحّة الإنسان؟
لا أنكر ذلك، ولكن كإنسان عربي وقومي عربي لدي أمور أهم من البيئة. عندما تحل مشكلاتنا سوف أناضل في سبيل البيئة. لدينا أمور أهم ويجب ألا نضيع  في أمور نحن في الأصل لسنا مسوؤلين عنها، عندما يحصل الإنسان على حقوقه، سأدافع عن البيئة والمناخ. ولكن لنحل مشكلات مخيّمات اللاجئين في لبنان، والمناطق الفقيرة في لبنان وفي معظم العالم العربي. أنا من أنصار حماية البيئة ولكن قبل حمايتها أعطني أمنًا إنسانيًا. لذلك استقلت من هذا التكليف.

- لديك اليوم حفيد، هل تحاول تعليمه ما لم تستطع أن تعلّمه لأبنائك؟
للأسف لا أرى حفيدي كثيرًا فهو يعيش مع والديه في دبي، لذا لا تتاح لي الفرصة لذلك. ولكن عندما أزور الإمارة أحاول قدر المستطاع أن أمضي الكثير من الوقت معه. وما علّمته لأبنائي أكبر بكثير مما أعلّمه لحفيدي.

- بين بيروت التي غادرتها عام ١٩٨٢ وبيروت ٢٠١٠ ماذا تغير؟
لا شيء. فخلال هذه السنوات تعرضت بيروت للكثير من الأحداث المؤلمة من تقاتل وحروب، ولكن يمكن القول إنها استعادت حيويتها عام ٢٠٠٩ لأنه عام نَعِم فيه لبنان بالاستقرار الأمني والسياسي.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078