تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الفنانة باسمة: من حسن حظّي أن فيروز غيّرت رأيها...

رغم كل الهدوء الذي تتصّف به في حياتها والذي يشبه عذوبة صوتها في الغناء، إنها تستشرس في الدفاع عن نفسها متى شعرت بأن هناك من يتقصّدها. غائبة منذ فترة طويلة عن الإعلام رغم أن لديها الكثير لتحكيه  خصوصاً مشروعها المقبل مع الفنان زياد الرحباني وأمور أخرى كثيرة. تقول إنها محاربة منذ أن بدأت مشوارها الفني، لكنها لا تعرف الأسباب الحقيقية وتجهل إن كانت ستجدد عقدها الذي انتهى مع روتانا أم لا. باسمة تحدثت إلى «لها» وكان هذا الحوار....

- تتحدثين باستمرار عن تمسكّك باللهجة اللبنانية وتشبثّك بها. ألا تخافين من أن تُتهمي بالتعصّب؟
طبعاً أنا متمسّكة بلبنانيتي لكن هذا لا يعني أني ضدّ «مصرية» أو «خليجية» غيري على العكس. أقدّر كثيراً اللهجات الأخرى وأحبّها وأغنيها بإتقان، لكن يجب أن تبقى الإنطلاقة دائماً من لبنانيتنا. أحب بلدي ومتمسّكة به حتى آخر يوم في حياتي، لكن هذا لا يعني أني أكنّ العداء لما هو غير لبناني. أساساً لا أعتقد أن الآخرين سيحترموننا إن استخففنا بعقولهم وأشعرناهم بأننا نغنّي لهجتهم فقط للمسايرة أو لكسب جمهور إضافي كما يفعل البعض.

- ماذا تقصدين؟
أعني أن هناك بعض الفنانين اللبنانيين الذين تخلّوا كلياً عن لبنانيتهم لدرجة تشعرين أنهم مصريون وليسوا لبنانيين حيث كلّ أغنياتهم باللهجة المصرية، لا بل صاروا يتحدثون باللهجة المصرية في حواراتهم المتلفزة...

- هل «تلطشين» فنانة أو فناناً معيناً؟
كلا، أنا أتحدث بشكل عام. وأعود وأشدد على أن تمسّكي بلبنانيتي ليس تعصّباً. ومن هنا أنا أحترم كثيراً الفنانة نجوى كرم والموسيقار ملحم بركات اللذين يعتبران من أكثر المدافعين عن اللهجة اللبنانية والداعمين لها.

 - بالحديث عن ملحم بركات، بات معروفاً أنه يهاجم باستمرار الفنانين الذين يركزون على اللهجة المصرية على حساب اللبنانية. ألا تعتقدين أن الأجدر بملحم أن يدعم الأصوات اللبنانية الجيدة من خلال ألحانه، فيكون فعلاً قد خدم  الأغنية اللبنانية؟
هو تحدث عني مرة في الإعلام وقال إنه معجب بصوتي وفني، وأنا أشكره بالمناسبة.

- الكلّ يعلم أن صوتك جميل، لكن لو أراد دعمك الأفضل أن يقدم لك لحناً؟
نحن من يجب أن نطرق باب المحلن خصوصاً إن كان بقيمة الموسيقار بركات. ربما هو لا يعرف إلى أي درجة أنا متحمسة لغناء ألحانه. وكي يعرف أني من محبي فنّه وأريد التعاون معه في عمل ما، اللياقة تفرض أن أبادر أنا إلى الإتصال وليس العكس. دون شك أنا متحمسة، لكن بصراحة أقول إن هناك فرصاً تأتي قبل غيرها...

- تقصدين مشروع الأغنية مع الفنان زياد الرحباني؟
بالفعل هذا ما قصدته.

- ما هي حقيقة هذا المشروع؟ خصوصاً أننا نعلم أن زياد الرحباني لا يوافق على إعطاء أغنية في ألبوم، بل ألبوم كامل؟
هذا صحيح. لكننا اتفقنا بدايةً على تقديم أغنية منفردة كونه على اطلاع على مشكلتي مع شركة روتانا. كان متجاوباً جداً ولم يعارض، وقد أخبرته أن عقدي مع روتانا انتهى بصدور ألبوم «حلم الطيور».

- أي انتهى «الحلم» مع روتاتا؟
(تضحك) صحيح، إنه «حلم الطيور»، لكن ليس بشكل نهائي بعد، إذ لا أحد يعرف ما قد يحصل غداً. لشركة روتانا فضلٌ كبير عليّ في بداياتي، وقدمت معها أهم وأنجح ألبوماتي. لا أريد رمي حجر في البئر التي شربت منها، لكن ما أستطيع قوله إن العقد انتهى وليس هناك مبادرات جدّية لتجديده.

- من جانبك أم من جانبهم؟
يعني تحدثنا مرات عدت في الموضوع ثم انقطع الإتصال، لا أعرف.

- قبل أن نكمل في موضوع روتانا أريد أن أسأل عن زياد الرحباني. متى ستبصر الأغنية النور؟
(تضحك) هكذا سنعود إلى روتانا... لست أدري بعد، لكننا اتفقنا على تقديم أغنية وقد التقيت صدفة المخرجة رندى علم وتحدثنا في موضوع تصوير الكليب، بعد أن تبادلنا رغبة مشتركة في التعاون.

- هل سيكون زياد موجوداً في الكليب؟
«انشالله». كما أن هناك مشروعاً قد نحضّر له معاً، وهو إحياء حفلات جماهيرية مشتركة.

- كيف ذلك؟
إن نفّذنا المشروع، سيكون ذلك في حفلات نخبوية نختارها بعناية. لكن هذا لا يعني أن كل حفلاته ستكون معي أو العكس. سنقدم أغنيات خاصة إضافة إلى أغنيات للسيدة فيروز وأغنيات أجنبية بأسلوب «الجاز». ونحن متقاربان في هذه النقطة تحديداً. أما الأغنية الخاصة التي سأقدمها من ألحانه، فأستطيع القول إنها أكثر من رائعة ويكفي أنها تحمل توقيعه، وهي تشبهني أيضاً ومن روح المدرسة الرحبانية.

- كيف التقيتما وتوصلتما إلى هذا الإتفاق؟
نحن نعرف بعضنا قبل هذا الوقت، وقد تحدثنا سابقاً في موضوع التعاون لكن مرّت الأيام ولم تحصل متابعة للأسف ولم نلتقِ مجدداً، إلى أن عدت واتصلت به عبر مكتبه وسُعدت كثيراً عندما وجدته متحمّساً ومُرحباً أيضاً. فشعرت بالفخر صراحة. عقدنا جلسات عمل متعددة، وأسمعته أغنياتي، فأدرك أني أمتلك خلفية مهمة في الغناء الغربي وقال إني قريبة منه ومن أسلوبه.

- هل لحّن الأغنية خصيصاً لك؟
كلا، كانت موجودة لديه قبل وقت طويل وكان يفترض أن تغنّيها السيدة فيروز. لكنها عادت وبدّلت رأيها حسب ما قال لي (تضيف مازحة: «هذا من حسن ظنّي»). وبالمناسبة، هي بأسلوب Cha Cha Cha.

- كثر يقولون إنه لم يأخذ حقّه كمبدع حقيقي؟
طبعاً لم يأخذ حقه في أيّ شيء. لأن ما نشهده اليوم في ساحة الغناء ليس فناً ولا يمكن أن يكون، وهو يصفه بالـ«هرطقة» التي يضحكون من خلالها على الناس. عندما أحضر له حفلات موسيقية، أشعر أني انتقلت إلى عالم آخر وكأني لا أقدر أن أشرد ثانية واحدة عمّا يعزفه. فأقول لنفسي: «هذا هو الفن الحقيقي والنظيف»، تماماً كالغرفة المعقمة وسط مبنى مليء بالأوبئة.

- كثر يقولون إن كل من يغني مع زياد «يحترق» لأنه هو من يأخذ كلّ الوهج. هل تخشين عدم النجاح؟
لا يهمني، بل يكفيني أن أسجّل في أرشيفي أني غنّيت من ألحان زياد الرحباني لأن اسمه سيشكّل بصمة في حياتي، هذا خارج النقاش ويعنيني أكثر من القول إن نجحت أم لا. دون شك يهمني أن ننجح، وبإذن الله سنحقق ذلك لكن الأهم في نظري هو الإسم نفسه. بمعنى أنه عندما يأتي يوم وأعتزل فيه الفن، أستطيع القول بكل فخر: «حصلت على نيشان توّج مسيرتي وغنّيت مع زياد الرحباني».

- كيف تقوّمين تجربته مع الفنانة لطيفة في ألبوم «معلومات أكيدة»؟
الأغنيات جميلة جداً لكنها بصراحة لا تليق بلطيفة، وربما كان يفترض أن توضع في «كادر» مختلف. لست في وارد التقليل من أهمية العمل ولا من قدر الفنانة لطيفة التي أحترمها كثيراً، لكن هذه وجهة نظري الخاصة إذ أعتقد أنه كان يجب أن تغني شيئاً آخر من زياد، لكن الأغنيات نفسها كانت رائعة.

- لكن زياد الرحباني لا يمنح لحناً إن كان غير مقتنع به؟
صحيح، ربما هي أصرّت، لا أعرف. ولا يحق لي أساساً التحدّث نيابة عن أيّ منهما. لكن برأيي المتواضع الأغنيات لا تشبه لطيفة، وقلت هذا للأستاذ زياد، لكنه لم يعلّق.

- بعد أن تعرّفت إليه عن كثب، ما هي الصفات التي اكتشفتها في شخصيته؟
إنه عبقري ومبدع حقيقي يجب أن نفخر به جميعنا. إنسان رائع ومتواضع بشكل يفوق الوصف، وكبير بأخلاقه. هادئ ويدرك جيداً ما يريد. وبصراحة أقول إني فوجئت بمدى تواضعه.. كنت أعتقد أن طباعه قاسية وأنه متعجرف، لكن العكس هو الصحيح. عندما أنظر إليه أشعر بالأسف، لأنه يتم تكريم أشخاص لا يستحقون، لا بل تافهين بينما هو لا. هو طبعاً ليس في حاجة إلى أي درع أو وسام، لكن يجب تكريمه فقط كي يعرف الآخرون ماذا لدينا في لبنان. يكفينا فعلاً فرض أغنيات دخيلة لا معنى لها ولا هدف، يحفظها الجمهور بسبب كثرة دعمها وتردادها، وأيضاً فرض فنانين دون المستوى من جانب «مافيا الحفلات» على حساب فنانين حقيقيين.

- أنتِ في روتانا، أكبر شركة إنتاج في العالم العربي. لماذا لا نراك في الحفلات التي تنظمها الشركة؟
ربما لأن فساتيني ليست Haute Couture، لا أعرف... لكن الموضوع لا يقتصر على الحفلات فقط، بل يتعداه إلى أمور أخرى كثيرة. فأنا لا أُدعم كما يجب، والأيام تمضي. لكني لا أريد تمضية حياتي وأنا أنتظر. حقيقة لا أردي لماذا يتصرّفون معي في روتانا على هذا النحو، حتى أني أشعر أنهم تغيّروا بنسبة كبيرة. ربما بسبب الأزمة المالية، لا أعرف. لكن الوضع لن يبقى هكذا، ولا بدّ من وجود حلّ ما. العقد انتهى، لكننا لم نجدده بعد كما ذكرت سابقاً، والإتصالات شبه منقطعة.

- لماذا؟
لا أعرف. ربما عليكِ توجيه السؤال إلى المسؤولين في روتانا وليس لي. لا أعرف إن كنت سأجدد عقدي أم لا.

- كيف ذلك؟
أعني أنهم تحدثوا إليّ وأبلغوني أنهم سيجددون العقد، لكن حتى اللحظة لم يحصل شيء. وفي آخر اجتماع لي مع سالم الهندي، لم تكن الأجواء مريحة بصراحة ولا مُشجّعة، وذلك بسبب طول فترة الإنتظار قبل أن نبدأ بالإنتاج الجديد.

- أي أبلغوك أنهم سيجددون العقد لكن علك أن تنتظري؟
صحيح. وأتمنى ألاّ تطول فترة الإنتظار هذه، أو ألاّ تذهب سدى. إن لم يحصل أي تطوّر جديد، يصبح من حقي البحث عن شركة أخرى.

- في نبرة حديثك انزعاج واضح وفي كلامك حدّة؟
طبعاً أنا منزعجة، ومنزعجة جداً. لا أعتقد أني أقلّ شأناً من أي فنانة أخرى مدعومة في روتانا. وبالمناسبة، هذا الوضع لا يسري عليّ وحدي بل يطال كثيرين. ربما لا نستطيع أن نلوم روتانا كثيراً بما أنها تمرّ بأزمة مالية، لكن كيف نفسّر إبرام عقود جديدة مع فنانين آخرين... وعدوني بإصدار أغنية منفردة إلى حين التمكّن من إصدار الألبوم، لكنهم لم ينفّذوا وعدهم وفترة الإنتظار طالت كثيراً.

- لكنك قلت أن الشركة تمرّ بأزمة، أي هم لا يتقصدّون عدم تنفيذ الوعود بل هو ظرف طارئ؟
صحيح، لكن لو كانت علاقتي بالشركة جيدة من الأساس، أو أني آخذ حقوقي كاملة كما يجب، أو على الأقل مدعومة إعلامياً، لما كنت اشتكيت اليوم. بل كنت سكتّ وصبرت واعتبرت أن شركتي تمرّ بأزمة ويفترض أن أساندها. لكن ليس هذا هو الحال، وقلّة الدعم التي أتحدث عنها مستمرة منذ فترة وتسبق الأزمة التي يتحدثون عنها. نتصل ولا يردّون ونسأل ولا نلقى جواباً، لهذا أقول «طفح الكيل». أما أغنيتي مع زياد الرحباني فقد أصدرها من حسابي الخاص.

- ألم تتحدثي مع روتانا في موضوع إنتاج أغنية زياد الرحباني؟
كلا لم نتحدث بهذا الشأن. لكنهم دون شك قرأوا الخبر في وسائل الإعلام، لكن أحداً من المسؤولين في روتانا لم يسألني، ولم أشعر بأنهم مهمتون.

- بسببك أنتِ أم بسبب زياد؟
بسببي أنا طبعاً. لأني من المواضيع المؤجّلة على لائحتهم، لكن دون شك يهمهم زياد الرحباني.

- لكن المسؤولين في روتانا ينفون باستمرار وجود أزمة؟
هم أحرار في ذلك. لكنهم في مطلق الأحوال لا يرون الكلّ بعين واحدة وهناك تمييز وأفضلية. ما أسمعه وأعرفه أن الأزمة موجودة، وهي أزمة كبيرة جداً. لكنهم في الوقت ذاته يصدرون عشرات الألبومات، لهذا أقول لا أعرف، كما أني لا أتمنى طبعاً أن يكون هناك أزمة. وبالمناسبة، المشكلة ليست في روتانا فقط، بل إن الساحة الفنية كلها تغيرت. ونشعر بأننا أصبحنا في «سوق» يمكن وصفها بالـ «السوق السوداء» حيث يصرف المنتجون مئات الألوف على «المسخرة».

- مثل من؟
ليس هناك أسماء محددة بل هو الوضع ككل. وإن تحدثت عن مشكلتي مع روتانا، يمكن القول إني مغيبة عن حفلات الشركة وكأن قسم إدارة الحفلات لا يعتبرني «محسوبة» على روتانا. الكلّ يسألني «لماذا لا نراك في حفلات؟»،لا أعرف بماذا أجيب لأني حقيقة لا أعرف أسباب التعتيم الذي يمارسونه عليّ ولماذا يقفلون الأبواب في وجهي. أشعر أني محاربة منذ أول يوم بدأت فيه مسيرتي، وهذه حال كل فنان حقيقي. لكني قادرة على الإستمرار بإذن الله.

- تقصدين أنك محاربة حتى قبل انضمامك إلى روتانا؟
طبعاً أنا محاربة، وعانيت ظروفاً صعبة كثيرة. تعلمت مع سيمون أسمر في بداياتي لكنه لم يدعمني كما يجب، رغم أنه كان يحبني.

- البعض يعتبر أن سيمون أسمر دعمك أيام خلافه مع نوال الزغبي ثم أهملك بعد أن تصالح معها مجدداً؟
هذا صحيح مئة في المئة. وضعني في الدرج ثم أقفله. لهذا انفصلت عنه وعملت وحدي بعد ذلك.

- هل تلومين نوال الزغبي؟
أبداً، هذا ليس ذنبها. على العكس أنا أحبها وأحترمها كثيراً، لكني لا أعرف لماذا يحصل معي كلّ هذا. أسألهم في روتانا ولا أجد جواباً. في حياتي لم أؤذِ أحداً، لكن الكلّ حاربني بدءاً من بعض العاملين في مكتب سيمون أسمر وصولاً إلى بعض العاملين في روتانا. عندما أواجه ظروفاً مماثلة يقوى إيماني وتجدينني أكثر إصراراً على المتابعة  رغم أني فكرت بترك الفنّ.

- فكرت فعلاً بترك الفن؟
نعم وأكثر من مرة، وذلك بسبب ما أعانيه. لكني أعود وأقول «الحمدلله» على كلّ شيء.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079