لاعبة السيرك السعودية رؤى رأفت الصحاف: تربّعت على عرش عروض السيرك في الطائف
أذهلت الجمهور برشاقتها، ونالت الإعجاب بأدائها الرائع في الجو على ارتفاع 6 أمتار في مهرجان الطائف الذي نُظِّم العام الماضي، وأثارت موجة من التصفيق بما قدّمته من عروض حيّة في سيرك المملكة العربية السعودية. وما كان ممنوعاً على النساء في الماضي، بات اليوم مسموحاً من خلال رؤية 2030، فبعد تأسيس هيئة الترفيه، استطاعت المرأة السعودية أن تمارس حقها في كل المجالات، وتدخل من البوابات الفنية والرياضية بأسلوب مميز وحضاري. لاعبة السيرك رؤى الصحاف ابنة الواحد والأربعين عاماً كانت تحلّق كالفراشة وهي تقدّم أجمل العروض في أجواء سيرك المملكة العربية السعودية. درست رؤى الفنون الإسلامية في جامعة الملك عبدالعزيز، وحصلت على ماجستير في الفنون التقليدية، واشتهرت بعروض السيرك ورياضة البيلاتس وفنون اليوغا. فماذا تخبرنا رؤى الصحاف في هذا الحوار؟
- ما هو السيرك؟
السيرك عالم مليء بالإثارة والمتعة، يحبّه الكبار والصغار، ويضم الكثير من التمارين والعروض المميزة التي تُقدّم في الهواء، منها السهلة ومنها الخطيرة، سواء كانت مع الحيوان أو بدونه.
- السيرك حلم طفولي، فكيف بدأ؟
منذ طفولتي وعيني تسرح في ألعاب السيرك وتتشوّق للقفز في الأعالي، ومن خلال دراستي الأكاديمية كنت ألتحق بمعاهد لتعلّم فنون السيرك حتى حصلت على أكثر من ثلاث عشرة شهادة رياضية متنقلةً بين فرنسا ولبنان ودبي، وما زلت أتعلّم إلى الآن لشغفي الكبير بتلك الرياضة.
- ألم تؤثر تلك الرياضة في علاقتك بأسرتك؟
والدي وجّهني وترك لي حرية الاختيار ولم يتدخل أبداً في حياتي، وكان أكبر مشجّع لي، مما حفّزني على تحقيق النجاح.
- ما كل هذا الشغف بعالم السيرك؟
كل أفراد عائلتي رياضيون ويعشقون الرياضة. والدي طيّار عسكري متقاعد، ومن أبرز الفائزين في الماراثونات، كما يُعدّ من المشاركين الدائمين في سباقات أوروبا وحقق فوزاً بعد فوز. وفي مهرجان الطائف، تشارك معي وفاز بماراثون الطائف وحصد المركز الأول، فالمجال ليس غريباً عليّ، ومنذ طفولتي وأنا منغمسة في عالم الرياضة مع تشجيع كبير من عائلتي، ولم أتوقف يوماً عن التدريب، لكن الانفتاح الذي تشهده المملكة، أظهر قدراتي الرياضية لمحبّي فنون السيرك.
- كيف تقرأ رؤى الانفتاح الحاصل في المملكة؟
رؤية 2030 فتحت كل الأبواب أمام المرأة لتحقق ما تصبو إليه من أحلام وطموحات، من خلال تأسيس الأندية الرياضية المرخّصة، وذلك بخلاف النوادي التي كنا نتدرّب فيها، وتُطلق عليها مسمّيات عدة مثل "مشغل نسائي للخياطة" أو "صالون للسيدات"، فلم يكن هناك أدنى اعتراف برياضة مخصّصة للنساء، ومن منبر "لها" أتوجّه بالشكر الى الأمير محمد بن سلمان لما قدّمه لنا من إنجازات رائعة.
- كيف استقبلتِ خبر الانفتاح؟
يُقال "كل تأخيرة وفيها خيرة"، مما أعطانا دفعاً قوياً الى الأمام، فجاء الخبر في عزّ قوّتنا واستعدادنا لنتابع في هذا المجال علناً وبكل ثقة، بدلاً من التخفّي وراء مسمّيات لا حصر لها.
- أول عروضك في السيرك قدّمته في الطائف، حدّثينا عن التحضيرات التي سبقته؟
هذا العرض سبقته مشاركات نسائية، لكنه كان أول أداء مفتوح على العالم في الطائف، وبدأتُ التدريبات قبل ثلاثة أيام في مكان العرض، وفي أثناء العرض، وكنت أتمرّن لأكثر من 6 ساعات لتقديمه بمستوى لائق وجيد مع مجموعة من العارضين والمتمرّنين الدوليين، والمخضرمين في مجال عروض السيرك.
- كيف تصفين رغبتك الجامحة بالسيرك وقد خرجت إلى العلن؟
من الصعب وصفها، فأنا تربعت على عرش عروض السيرك في الطائف، رغم الشروط القاسية التي فُرضت عليّ، والتي تمثّلت بعدم ذكر جنسيتي كامرأة سعودية تشارك في عروض السيرك لغاية انتهاء فترة العرض وقراءة ردود فعل الناس، مما دعاني للتحدّث باللغة الإنكليزية طوال فترة العرض، وقد ساعدني شكلي كثيراً، وبعد انتهاء العرض كان الفرح يغمر جمهور المشاهدين، واستقبلوا مشاركتي بكل فخر واعتزاز، لأنهم توّاقون لرؤية نساء سعوديات في حلبة السيرك يقدّمن عروضاً مدهشة.
- كيف قرأتِ نظرة المشتركين الدوليين؟
النظرة الى الانفتاح الحاصل في المملكة كانت إيجابية، والمشاركة الدولية الواسعة من أميركا وروسيا والمكسيك وفنزويلا نقلتنا الى عالم فكري جميل، وقد ظهرت ابتسامة رضا على وجوه المشاركين الذين تعاملوا للمرة الأولى مع امرأة سعودية تُجيد فنون السيرك، واستطاعت تغيير الصورة النمطية الراسخة في أذهانهم عن المرأة السعودية، وسجّلت على مدى ثلاثة أيام أجمل العروض رغم الإرهاق والتعب.
- أي شعور انتابك حين حلّقتِ كطائر في الفضاء الرحب؟
شعرت بالفخر لحظة استقبال المشاركين الحار لي، وأسعدني ترحيبهم الرائع بي، فقد التقيت بأناس غرباء أعطوني دفعاً قوياً لأحلّق كطائر حرّ في سماء المملكة.
- افتتحتِ العام الماضي في جدّة أول استديو لفنون السيرك، فهل هناك إقبال على تعلّم فنون السيرك؟
شهد الاستديو إقبالاً كبيراً من النساء السعوديات لتعلّم فنون السيرك، وقد افتتحنا فصولاً أخرى لتغطية التدريبات، ونوزّع المتدرّبات بحسب مستوياتهن، فالبعض سبق لهنّ التدريب، والبعض الآخر بدأن للتوّ.
- وهل للأطفال حصّة في التدريب؟
بدأنا حديثاً التعامل مع الأطفال وإشباع رغباتهم لتبقى أجسامهم مرنة وطرية وخالية من البدانة، من خلال مدرِّبات متخصّصات في تدريب الأطفال.
- عروض السيرك تتّسم بالخفّة والجرأة، فكيف تتم التدريبات؟
المساحة الفنية للتدريب تكون كلها معلّقة بسلك العرض في الهواء وفق الارتفاع المطلوب للتمارين، والحركات تتم بخفّة وجرأة، لذا يسعى المتدرّب أن يمتلك الجو كما يمتلك الأرض في أثناء تحركاته، ويجب أن يتمتع لاعب السيرك بالصحة الجسدية والقوة العضلية ويكون واثقاً في نفسه لكي يتمكن من متابعة تمارينه وتقديم عروضه في الجو.
- ألا تخاف رؤى من الارتفاعات؟
أبداً، فإذا خفت لما تمكّنت من تقديم العروض، فأنا مثل عصفور طيّار لا يهاب التحليق في الأعالي، وكلما كان التحليق عالياً بدا أجمل، وآخر عرض قدّمته كان على ارتفاع ستة أمتار، ولم يكن على الأرض ما يحمينا، وكان بالفعل شعوراً رائعاً.
- إلى أي حد تستمتعين في السيرك؟
الإبداع والإثارة والإبهار عناصر كلها ترتبط بالسيرك، من خلال تمارين الخفّة والدقة والتي تتمثل في لوحات الإبداع والانتقال من لوحة إلى أخرى، ومن أداة سيرك إلى أخرى في بضع دقائق، مع أزياء مختلفة جميلة وإيقاعات مدهشة وإضاءة ومؤثرات صوتية حديثة.
- هل من عمر محدّد لممارسة فنون السيرك؟
لا علاقة للعمر أو للوزن بفنون السيرك، فقد كان معنا مشاركون تتراوح أعمارهم بين 15 و 70 سنة، وكانوا على مستوى واحد من اللياقة البدنية والصحة الجسدية والنفسية.
- تُدرّبين الفتيات والنساء على اليوغا، فما هي فوائدها للجسم؟
أُدرّب النساء على اليوغا الهوائية، والرقص على العمود، فهو من أجمل الرياضات. وأي تدريب رياضي، بمجرد الانتهاء منه يُشعر الإنسان بالراحة، فكيف بتمارين اليوغا التي تعمل على تفريغ الجسم من الطاقة السلبية والضغوط، وتجعله يضجّ بالطاقة الإيجابية؟!
- كيف تربط اليوغا بين جسم الإنسان وعقله وروحه؟
اليوغا فيها خشوع لاستحضار الحركة الفكرية والروحية، نظراً لارتباطها بالطاقة الجسدية، واعتمادها على العمود الفقري وباقي عضلات الجسم في أثناء ممارسة الرياضة، فتتكاثر خلايا المناعة في نخاع العظام، ثم ينقلها الدم إلى غدة تتموضع تحت عظام الصدر، لتقوّي الخلايا المناعية، وهي خط الدفاع الأول في الجسم. وهذه العملية مبرمجة طبيعياً، وتمكّن الجسم من التعرّف على كل الفيروسات والميكروبات والجراثيم فيدمّرها.
- كم من الوقت يستغرق تمرين اليوغا الهوائية؟
للمبتدئين، يستغرق هذا التمرين من 40 إلى 60 دقيقة، والمخضرمين 90 دقيقة.
- بمَ تتميز اليوغا الهوائية عن غيرها، وما أهميتها؟
اليوغا الهوائية تتضمن حركات جسدية جديدة في الهواء، وتساعد على اللياقة البدنية، والوقوف بثبات على الأرض، أما باقي أنواع اليوغا فتُمارس على الأرض. كما أن اليوغا الهوائية تمكّننا من الوصول بأجسامنا الى أبعاد لا نستطيع الوصول إليها على الأرض، كرياضة الماء التي تحرّك كل عضلة في الجسم.
- ما هي فوائد اليوغا الهوائية للجسم؟
اليوغا الهوائية تزيد الجسم مرونةً، وخاصة أولئك الذين يعانون مشاكل في الركب، وانحناءً في العمود الفقري، فيمكنهم ممارستها بسهولة من خلال القماش.
- بعد انتهاء النساء من التمارين، ماذا تقرأ رؤى في وجوههنّ؟
الشعور بالرضا عمّا قمنَ به من تمارين رائعة تستمر 60 دقيقة، من خلال التمدّد داخل القماش للتأمّل، إلى أن يخرجن بنشوة جميلة وإحساس لا يوصف.
- أيضاً تدربّين النساء على رياضة البيلاتس، فما هي هذه الرياضة وما فوائدها؟
البيلاتس تشبه اليوغا، وهي تحمل اسم العالِم بيلاتس الذي أخذ اليوغا وأزال منها الأمور الفلسفية وابتكر رياضة جديدة. والبيلاتس تساعد على التخفيف من الضغوط النفسية والتوتر العصبي، وتحافظ على صحة عضلات الجسم وتقوّيها، وبالتالي تُحسّن المزاج. وكل لاعب سيرك يمارس رياضة البيلاتس، لأنها علاج فعّال لآلام المفاصل والعمود الفقري والظهر، وتنشّط الدورة الدموية، وتساعد على حرق الدهون في الجسم، وتعمل على الحفاظ على الوزن المثالي.
- هل تمارس بناتك رياضة السيرك؟
ابنتي الصغرى راقصة باليه، والوسطى لاعبة كارتيه، والكبرى تساعدني في ما يتعلّق بوسائل التواصل الاجتماعي.
- ما هو طموحك المستقبلي؟
أن تصل رياضة السيرك إلى كل مناطق المملكة، وأن يصبح لدينا سيرك سعودي.
- ماذا تقولين للمرأة؟
لا تتوقفي عن أحلامك، وانطلقي لتحقيقها لأن التغيير لصالح المرأة السعودية.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024