تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الإعلامي نديم قطيش

­تغريه البدايات وتستدعيه المغامرات. كل جديد عنده غنى مهني ومراس إعلامي. يحب أن يبدأ من نقطة الصفر ويواكب كلّ وسيلة ينضمّ الى أسرتها. ها هو نديم قطيش الذي واكب إنطلاقة محطة «أخبار المستقبل» يعتبر نفسه جزءأ من نجاحها أو فشلها، لصيقا بعمله، جزءا منه، هويتهما واحدة وصورتهما لا تتجزأ.
«أنا مؤتمن على المساهمة مع زملائي في تشكيل وعي الرأي العام الذي يتابع المحطة حيث أعمل». هكذا يقرأ رسالته المهنية. وبرنامج «ستوديو ٢٤ » الذي يقدمه من الاثنين الى الجمعة يشبهه، «حتى أنني ولا مرّة أشعر بأنني آتٍ إلى العمل، لأنّ متابعة الملفات وقراءة المقالات والدراسات خبزي اليومي، في العمل وخارجه».

-  من تاريخ إطلالتك الأولى عام ٢٠٠١ على قناة أبوظبي الى اليوم، ماذا تغيّر في نديم قطيش؟ ما الذي أضيف وما الذي حذف؟
يقول مازحاً: حذف أوّلا شعري! أضيف النضج والخبرة وعدم التكلّف في التعامل مع الكاميرا والضيوف. كما  أنّ التنوّع في البرامج التي قدّمتها، من السياسة والإقتصاد والحوارات المباشرة والبرامج التحليلية القريبة من مزاجي، أضاف إلى خبرتي في المجال الإعلامي. وبالتالي حضوري لدى الناس صار أقوى.

-  إلى أي من القنوات التي تنقلت بينها تتوق أكثر؟
أفتقد واشنطن وليس «الحرة» التي علّمتني الكثير، علماً أنّها أعطتني ما تستطيع تقديمه. أتحدّث عن «الحرّة» الحالية، لكن «الحرّة» المختلفة عن هذه موضوع آخر، لكي لا نقفل علينا أبواب العروض. واشنطن بما تعنيه من مدينة جميلة ومنظّمة ومن حراك ثقافي. بحثت عن بيروت التي قرأت عنها عنوان الثقافة في واشنطن، ولقيت جزءاً كبيراً منها. ولذا أزورها مرّتين أو ثلاثا في السنة.

-  ماذا يعني لك تلفزيون «أخبار المستقبل»؟
أوّل تجربة أطلّ من خلالها على جمهور محلّي في لحظة سياسية أكون متورّطاً ومعنياً بها. هي تجربة جديدة. ولو انضممت الى قناة «المستقبل» لكان اختلف الوضع، بما أنها محطة موجودة ولها هويّتها. لكن في «أخبار المستقبل» كانت الانطلاقة من مكان مختلف، وهذا الأجمل في الأمر والذي يعني لي، بداية جديدة بكلّ تفاصيلها، أنا جزء من نجاحها أو فشلها. وبالتالي أكتسب تجربة من الصفر ويبدو أنني منحاز الى ذلك، وهذا الامر ينسحب معي أيضاً على «الحرة» و«إيلاف» و«الجريدة». فالبدايات تغريني.

-  هل ترى أنّ الإعلامي خارج بلاده مجرّد رقم؟
إذا كان إعلامياً لبنانياً يتابع الملف اللبناني في أذربيجان مثلاً، طبعاً سيكون رقماً، لكنّ الإعلامي خارج بلاده عندما يكون على احتكاك مباشر مع ملفات دولية وليست محلية، يصبح جزءاً من صناعة الرأي العام العالمي في مكان ما في العالم.

-  في أي من المحطات التي تنقّلت بينها شعرت بأن الضوء مسلّط عليك أكثر؟
محطّة «الحرة» لديها حضور عربي أكثر من «أخبار المستقبل». «الحرة» إن لم تكن الرقم واحد فهي الرقم إثنان أو ثلاثة  في العراق. في الخليج العربي أيضاً «الحرة» مشاهدة بشكل واسع. النجومية العربية كانت متاحة أكثر في هذه المحطة. «أخبار المستقبل» محطة محلية لبنانية مطعّمة بالشق العربي. ومن هنا أنا تحت الضوء في بلدي مع «أخبار المستقل» وتحت الضوء في العالم العربي مع «الحرة». يختلف  الضوء إذا باختلاف الجمهور الذي أتوجّه إليه.

-  كيف تقوّم تجربتك مع «أخبار المستقبل»؟
أنا من يجب أن يقوم بذلك؟

-  نعم!
أنا مؤتمن في برنامجي اليومي «استوديو ٢٤ » على تحليل الأحداث العربية والمحلية، وبالتالي عليّ المساهمة مع زملائي في تشكيل وعي الرأي العام الذي يتابع هذه المحطة. ومن هنا أعتبر أن تجربتي ناجحة من خلال ثقة المحطة بإيكال هذه المهمة إلي. ربما لم يجدوا غيري (مازحاً)، وعندما يجدون البديل يستغنون عن خدماتي. فهذا أمر آخر.

-  هل تعتقد أن «أخبار المستقبل» تستغني عن خدمات أحد؟
لا أدري إذا كان هذا الأمر جيّداً ام لا. لكنّ هناك كلاماً أنّ المحطة لا تتخلّى عن أحد، بالنسبة إليّ هذا ليس جيّداً. الفرصة التي تمنح لشخص تحمّله مسؤولية. الصحة والسن والجمال والثروة فرصة. ولا تكون لهذه الفرصة قيمة إن لم تقرن بالمسؤولية. فغياب المسؤولية والمحاسبة ليس بالأمر الجيّد. من وجهة النظر الإنسانية والأخلاقية الأمر جيّد، لكن من وجهة نظر السوق والمنافسة وموجبات التطوّر، الأمر ليس كذلك.

-  هل تعتبر أنّك أضفت شيئأ ما الى المحطة؟
أسئلتك تحرجني، وأنا «صوفتي حمراء» في موضوع «الإيغو». ليقوّم أحد غيري تجربتي. لكن بالطبع «المستقبل» أضافت إلى تجربتي وأعطتني فرصة الظهور والتحدث مع الناس لأكون في صلب الخطاب والحدث الإعلامي. ومن دون مجاملات سخيفة، أعتقد أن ثقة المشرف العام على المحطة الدكتور نديم المنلا بي، وهو من لديه خبرة خمسة عشر عاماً في عالم التلفزيون ومعترف بنجاحه من الجميع، هي شهادة بالنسبة إليّ.

- عندما يجلس نديم قطيش مع نفسه، هل يقول هذا هو  العمل الإعلامي الذي كنت أتمناه لنفسي؟ وهل كانت «أخبار المستقبل» على قدر تطلّعاتك لتستمر فيها؟
أنا من الذين يملّون سريعاً. وعندما أقوم بتجربة أملّ منها لأبدأ تجربة جديدة. ولا مرّة شعرت بأنّ البرنامج الذي أقدّمه أريد أن أستمرّ فيه مدى الحياة. البرنامج نجح وبدأت بالتفكير في سبل تطويره لينافس نفسه. لذا نقوم أنا وفريقي والمديرون في المحطة بوضع ملاحظات حوله وبمحاكمة قاسية بحقّه بهدف تطويره. ورداً على سؤالك، أقول إنني لم أحقّق بعدما أصبو إليه.

-  إلام تصبو؟
إلى برامج أفضل وحضور أكبر للمحطة في لبنان والعالم العربي. وأنا أعلم أنّ طموحات الرئيس سعد الحريري ليست محلية. فهو وارث لتجربة سياسية لها امتدادات في العالم العربي والعالم ككلّ، وبالتالي لن يحجم هذه التجربة لتصبح محلية وضيّقة.

-  هل من سقف ما للحرية مفروض عليك لا يمكن أن تتخطاه؟
لا أعمل في محطة تضع سقفا للحرية، ولا شيء يجبرني على البقاء في محطة ما حريّتي فيها مقيّدة الى حدّ يزعجني. وأؤكد لك أنّني لم أمنع مرّة من التكلّم في هذا الموضوع أو ذاك. وهذا لا يعني أن ليس هناك تنسيق في المحطة، بل على العكس تجتمع إدارة التحرير ونناقش المواضيع التي ستطرح، وبالتالي هناك مطبخ يعدّ الأجندة السياسية الأسبوعية. أعي المسؤولية السياسية الملقاة على عاتقي، وإذا كان هناك من سياسة تهدئة فلن يقرّر نديم قطيش أخذ البلد إلى حرب أهلية مثلاً.

-  لكونك تقدّم برنامجاً يومياً، ألا ترى أنّ المحطة تعطيك مساحة أكبر من زملائك للظهور، مما يثير غيرتهم؟
هل يعتقد الناس أنّ البرنامج اليومي أعلى مرتبة من الأسبوعي؟ البعض يعتبر أنّ الإطلالة الأسبوعية أرقى من اليومية، لكون الإعلامي الذي يطلّ أسبوعياً وقته مريح أكثر، بينما المتورط في برنامج يومي يحضّر ويمكث وقتاً أطول في المحطة. ولا اتفق مع الإفتراض أنّ تقويم المسائل هو في عدد الاطلالات. والتحدي المطروح أمامي هو: هل نوع البرامج الذي أقدّمه مقنع للناس أكثر من «التوك شو»؟

-  ما هو البرنامج الحلم بالنسبة إليك؟
ليس هناك برنامج حلم. أنا سعيد بما أقدّمه واعتبر انني اقدّم شيئا جديداً في الإعلام العربي وتحديداً اللبناني. ويمكنني الإدعاء أن البرنامج بدأ يؤثّر في البرامج الأخرى التي بدأ بعضها يستعير أفكاراً من برنامجي. «ستوديو ٢٤» برنامج يشبهني. حتى أنني ولا مرّة أشعر بأنني آتٍ إلى العمل، لأنّ متابعة الملفات وقراءة المقالات والدراسات خبزي اليومي، في العمل وخارجه.

-  هل تشعر بالحماسة نفسها التي بدأت بها في برنامجك؟
طبعاً. الانتقاد الذي يوجه لي في السياسة والإعلام هو أنني أتحمّس كثيراً. وهذا طبعي الذي لن أغيّره.

-  هل يعقل أن تعود يوماً الى «الحرّة»؟
لا شيء غير ممكن. فأنا شخص ملول يبحث دوماً عن مغامرة جديدة. لكنّ الثابت الوحيد لديّ هو النجاح والبحث عن أفكار جديدة.

-  هل تحن إلى تقديم نشرات الأخبار؟
ليس لديّ رغبة خاصة في تقديم نشرات الأخبار. وأدين لزميلتي لينا دوغان في جعل التجربة في «أخبار المستقبل» ممتعة. فإطلالتنا معاً كثنائي أغنت كلينا.

-  ما الذي تراه في نفسك يميزك عن سائر الإعلاميين؟
عفويتي وشعوري بالإنسجام والراحة مع نفسي.

-  هل أنت راضٍ عن نديم قطيش الإعلامي؟
طبعاً، أتابع أعماله بإستمرار، بدقّة وبعين ناقدة وناصحة.

-  بماذا تنتقده؟
لا أحب وجهي عندما أضحك، كما أنني فجأة أرى نفسي عابساً، وهذا يعطي إنطباعاً للناس أنني مغرور وجدي. لكن هذه فقط ملامحي ليس أكثر. وإذا رآني المشاهدون هكذا فلا يطلقوا عليّ حكماً سريعاً.

-  هل نديم قطيش سعيد في حياته بعيداً من الإعلام؟
طبعاً، وبكلّ تأكيد. فأنا زوج سعيد وزوجتي هي ديانا نصرالله التي تملأ حياتي فرحاً، ونحن في انتظار مولودتنا ناي. فأنا محاط بكم هائل من النساء، بما أنني في عائلتي وحيد بين أربع أخوات، وزوجتي لديها أخت وحيدة وسأرزق مولودة.

-  هل من دور لزوجتك في حياتك المهنية؟
لا دور مباشرا لها، ولكنّ وجودها قربي يوفّر لي الدعم، ولا أعرف كيف تتحمّلني، فالوقت الذي أمضيه معها بسبب عملي قليل، وعندما نكون مع الأصدقاء نتحدّث أيضاً في السياسة. لكنني أحبّ سماع نقدها البناء، أين أخفقت وأين أحسنت. فهي دوماً ضميري المهني.

-  إلى أي منكما تميل أكثر في الرأي السياسي، أنت أم والدها النائب السابق في البرلمان اللبناني ناصر نصرالله؟
ديانا جزء من جمهور الحالة السياسية التي ولدت في ١٤ شباط/فبراير ٢٠٠٥. ونحن فقدنا في الأحداث الأخيرة أصدقاء مشتركين، من بينهم الصحافي الكبير سمير قصير.

-  ماذا يقول نديم قطيش اليوم لنديم الأمس، وماذا يقول لنديم المستقبل؟
أقول لنديم الأمس لا تندم على شيء قمت به، فاختياراتك في جزء كبير منها كانت موفقة، وفي جزء آخر لم تكن على حق، وجيّد أنك اتخذت هذه القرارات. ولنديم المستقبل أقول لا تفقد قدرتك على حبّ الآخرين، فهي أهمّ حصانة، والناس تعرف جيداً من يحبّها ومن لا يحبّها، والبعض سيؤذيك. أحب هؤلاء أيضاً. وأجمع بعض المال قبل أن تصبح عجوزاً.

-  هل من حلم لديك؟
أن أكمل دراستي الأكاديمية وأحصل على شهادة الدكتوراه في الإعلام، وأرى نفسي بعد عشر سنوات أستاذاً جامعياً.

-  بعيداً من الإعلام، ما هي هواياتك؟
الجلوس على شاطئ البحر والإسترخاء وتدخين السيكار، كما أنني أتقن فنّ الطبخ بمهارة وأعمل على تطوير هذه الهواية. وقد أهدت إلي زوجتي في عيد ميلادي مجموعة طناجر. وأفضل طهو السمك، لأنّه بقدر ما تتقنين طهوه يعطيك نكهة لذيذة. كما أتقن بعض الوصفات الكوبية.

-  إذا قرّرت الإبتعاد يوماً عن الإعلام فأي مجال تدخل؟
لا أفكّر في ترك الإعلام. وإذا قرّرت الإبتعاد أفكّر في مكان أعمل فيه على وضع أفكار جديدة. أعمل في المطبخ السياسي وليس في السياسة مباشرة. ويمكننا أن ننتصر في كل المجالات إذا كنا نملك أفكاراً جديدة وبنّاءة.

-  متى تقرّر الإبتعاد عن الإعلام؟
أحبّ الإعلام ولست في وارد تركه. كما أنّ الإعلامي لاري كينغ وضع معياراً طريفاً للإعلام، أسبوع في المستشفى وأسبوع على الهواء. لكني إذا شعرت يوماً بأنّ الإعلام لم يعد المكان الملائم لي ولم أعد قادراً على التصرّف والتكلّم بحرية، فأؤسس مطعماً وأكون المشرف عليه، وأحضّر له أفكاراً جديدة (مازحاً).

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079