نجوى كرم في حوار
رغم أني حاورتها عشرات المرات قبل اليوم، وجدت نفسي في هذا الحوار أمام امرأة متجددة، تعشق الحياة، واثقة من نفسها أكثر من أي يوم مضى، ومحبّة ومتحمّسة لفنّها، حتى أكثر من فترة البدايات. تحكي عنه وكأنها احترفت يوم أمس الغناء، ومقبلة على الغد مع وهج أكبر وكأنها لم تعتلِ أي مسرح ولم تصدر أي ألبوم. ربما لأنها متصالحة مع نفسها، فاعترفت بأخطائها وبأنها مرّت بظروف قاسية ابتعدت معها عن دائرة الضوء، لكنها قررت أن تعود، وأن تعود بقوّة. نجوى كرم في هذا الحوار...
- نبدأ حديثنا معك بسؤال عن كليب «إيدك» الذي صدم الناس وأثار استغرابهم؟
لا علم لي أنه صدم الناس، أخبريني أنت.
- ما أثار الإستغراب هو بعض الحركات التي قمت بها في الكليب إلى درجة أن كثراً قالوا: «هذه ليست نجوى كرم ولا يمكن أن تكون»؟
على العكس. ما شاهده الجمهور هو شخصيتي الحقيقية، أي شقاوة الطفولة والمقالب التي كنت أقوم بها مع الأساتذة أيام الصبا. لكنها طبعاً لم تكن مقالب مؤذية بل مجرد مزاح. وحتى اليوم، كل من يعرفني يُدرك المقالب التي أقوم بها سواء مع أصدقائي والمقربين وحتى أفراد فرقتي الموسيقية. الناس لا يعرفون هذا الجانب فيّ، بل يعتقدون أنه يجب أن أكون قاسية وجدّية مثل معلمة المدرسة، فقط لأني أغني اللون الجبلي. تخيّلي أني عندما كنت أدرّس مادة الجغرافيا، كنت أكبُر تلامذتي بحوالي ست سنوات فقط.
ما أريد قوله أنه حتى عندما كنت معلمة مدرسة، كنت قريبة جداً من تلامذتي وكنت أصغر المعلمات سناً. كنت معلمة شقية وأدرك سبل التعامل مع التلامذة الأشقياء لأني بدوري كنت شقيّة. بمعنى أن كليب «إيدك» ليس بعيداً عن شخصيتي، بل أردت من خلاله أن أظهر للناس هذا الجانب الموجود فيّ. منذ أن كنت في الثامنة عشرة مشاركة في برنامج الهواة «ليالي لبنان»، والناس يعتقدون أني في الخامسة والثلاثين بسبب صوتي وقوّته ومساحته العريضة. واليوم عندما يرونني يستغربون ويقولون «ييه صغرانة». والحقيقة أني لا أصغّر نفسي، بل هم من وضعني سابقاً في زمن أكبر من زمني، بينما أنا لا أقيس الزمن بسنوات العمر بل أعتبر الزمن صديقي، إنه الحياة نفسها.
- لكن طالما أن هذا طبعك كما تقولين، لماذا قررت اليوم إظهاره للناس؟
لست أنا من قرر، بل صودف أن هذا السيناريو عُرض عليّ ووافقت لأني وجدته قريباً مني. حتى أني أظهرت بعضاً من هذا الجانب سابقاً في كليب «حبيبي ما بخبّي عليك» الذي صورته أيضاً مع رندى علم مخرجة كليب «إيدك»، مثل المشهد الذي أرمي فيه قلم أحمر الشفاه على الزجاج... هناك دائماً شعرة تفصل بين الأمور، بمعنى أني أحب أن أبدو «مهضومة» لا «مائعة». أحب أن أكون سيدة لديها أنوثة ولكن ليس بابتذال، وأحب أن أكون جدّية لكن ليس إلى درجة ثقل الدم، كما أحب أن أكون مثقفة ولكن ليس متفلسفة.
- ما هو الفرق بين المثقفة والمتفلسفة؟
(تضحك) المتفلسفة هي التي تحب فرض ثقافتها على الناس، فتجلس طوال اليوم تُنظّر وتتفلسف عليهم لتُظهر لهم أنها مثقفة.
- البعض يصف هذا الزمن بأنه «زمن الشخلعة». ألا تعتقدين أن دورك يجب أن يبقى ميزاناً؟
طبعاً، لكننا لم نعد في «زمن الشخلعة»، هو انتهى.
- كيف؟ وعلى أي أساس؟
إنتهى في العام ٢٠٠٧. لمست حقيقة أن الغربلة بدأت وهي مستمرة. ولست هنا في وارد إلقاء التهم على الآخرين وتقويمهم، بل هي مجرد نظرة واقعية إلى ساحة الغناء اليوم. والكل لاحظ غياب عشرات الأسماء بعدما لمعت فترة. إضافة إلى وجود أصوات لا يمكن أن تستمر لأنها فارغة وأصحابها لا يحملون أي رسالة أو قضية، بل فقط «شويّة شخلعة على شوية غنج ودلال»، لهذا اختفوا. لطالما كان هذا اللون موجوداً، لكن في السابق كان يوظّف ضمن إطار معين. مثلاً كان هناك السيدة فيروز والفنانة جاكلين التي لم تكن مطربة، لكنها كانت تستخدم غنجها ضمن إطار فني معين يخدمها على المسرح. وفي الوقت ذاته لم تكن تقول «أنا فيروز».
- تقصدين أن من «تتشخلع» اليوم تجرؤ على القول«أنا فيروز» (بالمعنى المجازي طبعاً)؟
للأسف نعم. بعضهم لم يكتفِ بالإدعاء فقط، بل عاش الدور وصدق نفسه ومارس حياته على هذا الأساس.
- هل تأسفين عندما ترين نماذج مماثلة؟
كلا على العكس. يجب على الإنسان أن يرى الأضواء حتى يدرك الظلام عندما يُحرم منها.
- أنت شخصياً، هل شعرت يوماً بأن الوهج خفّ؟
نعم. في مرحلة معينة، مررت بظروف تحكّمت في حياتي وعلى مختلف الصعد، ومن ضمنها فنّي. أنا أعترف بذلك، رغم أني أؤمن بمقولة أن الإنسان هو الذي يصنع الظروف وليس العكس. لكن أحياناً تأتي ظروف قاسية جداً تفرض نفسها، ونحن في النهاية بشر يمكن أن نضعف ونزعل ونبكي ونشعر بالألم. وأنا تألّمت. حينها لم أعد أفكّر كثيراً في الفن، إلى درجة أني لم أعد أريد أجواء الفن كلّها. لهذا ابتعدت عن الضوء ولم يكن الضوء هو ما ابتعد عني. الضوء في حياتنا كما الفرص، نحن من يجب أن يسعى إليها ويعرف كيف «يقطفها» ويستفيد منها، وليس العكس. الحمد لله، رغم أن الفن مثل السياسة، من يخرج منه تصعب عليه العودة، لكن عندما نمتلك الإصرار وحب الوجود، يختلف الوضع. حينها نقول لأنفسنا: «لا، أنا عندي شي والناس أحبّتني، يجب أن أعود». لهذا السبب استطعت الوقوف مجدداً، أي بسبب حبّي لهذه الرسالة.
- مع أي ألبوم تحديداً؟
«مع كتير ألبومات» وفي أكثر من مكان. المسألة لا تتعلق بألبوم، لكني شعرت في مرحلة أني أختبئ من الإعلام والأضواء. كنت متعبة.
- هل أثّرت هذه الظروف والآلام سلباً في مسيرتك؟
بالتأكيد.
- لكننا كجمهور وكإعلاميين لم نشعر يوماً أنك ابتعدت؟
أنا التي تشعر بذلك، لأني أدرك الفرق بين ألبوم «ضارب كتير»، وألبوم ناجح وآخر مرّ مرور الكرام. وبتواضع أقول إنه لا يستطيع أحد أن ينتقد لأني لم أقدّم شيئاً دون المستوى ولم أفشل، و«هيدا يللي بيشفع». لكني لم أستطع إقامة التوازن المطلوب لأني كنت أشعر بوجع أكبر من حجم الضوء.
- يبدو أنك لمست هذه الحقيقة بعد النجاح الكبير لألبوم «خلّيني شوفك بالليل»، خصوصاً أنها المرة الأولى التي تحكين فيها عن هذا الأمر؟
صحيح، لم أحكِ سابقاً لكني أدركت هذه الحقيقة أواخر العام ٢٠٠٦.
- لكن لا أحد يختلف على أن «خليني شوفك بالليل» هو أنجح ألبوم لك على الإطلاق منذ سنوات؟
صحيح. لكني مهّدت له الطريق مع «شو هالحلا» و«عم بمزح معك»، إلى أن وصلنا إلى ألبوم «خليني شوفك» الذي أعادني إلى «روح روحي» و«كيف بداويك» و«أنا ما فيّ». هناك أغنيات تنجح كثيراً وتتحوّل إلى عقدة لدى الفنان، فيقول «هذه الأغنية كسرتني، أريد أن أكسرها».
- هل كنت تحزنين وتتألمين وحدك؟
كلا، كان هناك إلى جانبي أشخاص أشاركهم الحزن. لكن وجعي جمع أوجاعاً كثيرة وشعرت أن خسارتي المعنوية كانت كبيرة جداً. لكن كنت أقول هذا بيني وبين نفسي، وهذه هي المرة الأولى التي أعترف فيها بذلك.
- أسباب هذا الوجع، هل كانت على صعيد عائلي أم خاص أم ماذا؟
لا أستطيع تجزئة الأمور لأني أحكي على صعيد نجوى كرم. أي كيف صارت هذه الإنسانة بعيدة عن الفن، إنسانة فقط.
- متى قررت أن تعودي «نجوى كرم الفنانة»؟
عندما استقبلت العام ٢٠٠٧. شعرت بأن أحداً يهمس في أذني ويقول لي «عودي نجوى كرم».
- هل كان ذلك نتيجة ظرف ما؟
كان ذلك ليلة رأس السنة، وكنت أغني في حفلة مشتركة مع الفنان ملحم بركات في فندق «الحبتور». حقيقةً شعرت بأن أحداً ناداني وقال لي «ارجعي نجوى كرم»، وفي تلك الليلة قررت.
- هل كان الجمهور غير متجاوب مثلاً؟
على العكس تماماً.
- إذاً لماذا انتابك هذا الإحساس؟
حقيقة لا أعرف، لكن هذا ما سمعته وتستطيعين أن تقولي عني مجنونة.
- لن نقول ذلك، لكن ما تتحدثين عنه غريب؟
ربما تفاعل الجمهور الكبير في تلك الليلة هو الذي جعلني أشعر بذلك، وكأن الناس يقولون لي: «وين بدك تروحي».
- هل مرّ وقت طويل مثلاً لم تحيي فيه حفلات ناجحة كما تلك الليلة؟
كلا، كنت قد أحييت قبل ذلك حفلات كبيرة في تونس والجزائر في صيف ٢٠٠٦ عندما اندلعت حرب تموز/ يوليو على لبنان. والكل صار يعلم طبعاً أني كنت في الجزائر عندما بدأت الحرب واضطررت للبقاء هناك. الحفلات كانت رائعة وشعرت باحتضان كبير من الجزائر وتونس. عندما قررت المتابعة في الحفلات قالوا لي إن الناس سيشتمونني، فقلت «كلا»، لأني لن أغني طمعاً بالمال، بل كي نعيد ريع الحفلات لصالح «الصليب الأحمر اللبناني».
- بالحديث عن حرب تموز/ يوليو، كثر انتقدوكِ وقالوا: «كيف تغني نجوى كرم في الوقت الذي يُذبح فيه أبناء بلدها؟ حتى ولو كان التبرير أن ريع الحفلات يعود لمؤسسة «الصليب الأحمر»؟
هذا لم يكن تبريراً، بل مارست اقتناعاتي.
- لكن الناس لا ينظرون إلاّ إلى الأمور السلبية رغم المبادرة الإنسانية التي قمت بها، بينما غيرك مكث في البيت ولم يفعل شيئاً، لكن لم ينتقده أحد؟
أصدقاء كثر من دول خليجية وأوروبية إتصلوا بي، وأعربوا عن استعدادهم لإرسال طائرات خاصة لإحضارنا أنا وأعضاء فرقتي الموسيقية، لكني رفضت رغم أني لم أكن قادرة على العودة إلى لبنان. فأنا لم أكن وحدي، بل معي ٣٠ عازفاً، أي بحكم المسؤولة عن ثلاثين عائلة. فقررت أن أغني كي لا نتبهدل أنا وفرقتي، رغم أن دولة الجزائر كانت في غاية الرقيّ معنا، وقدّمت لنا إقامة مفتوحة في فندق خمس نجوم أنا وكل أعضاء الفرقة. وليس صحيحاً أن كل الناس لاموني، بل كثر أيضاً أثنوا على موقفي. وبصراحة أقول إنه كان يجب أن نقوم بتلك الخطوة دون الإعلان عنها، لكني أعلنت خوفاً من الناس. وليتنا نستطيع أن نقول دائماً «مش فرقانة معي، أنا ضميري مرتاح»، وذلك كي نكون أحراراً.
- ماذا ستصوّرين بعد «إيدك»؟
«الله يشغلّو بالو».
- تردد أن روتانا لم توافق على موازنة تصوير كليب «إيدك»، فتوّليت أنت دفع نصفها. هل هذا صحيح؟
بحسب العقود، هناك موازنة معينة تخصصها روتانا لكل كليب، والأمر يختلف بين أول كليب من الألبوم والثاني والثالث... «إيدك» كان الكليب الثاني الذي غالباً ما تكون موازنته من جانب روتانا أقلّ من الكليب الأول. وليس عيباً أن أشارك في الإنتاج إن أردت كليباً تفوق تكلفته الموازنة التي تدفعها روتانا، وذلك لأني حريصة على عملي. كثر يقولون إن فلاناً مدلل في روتانا وعلاّن لا. لكن هذا غير صحيح، لأن كل شيء مرتبط بالعقد الذي يوقعه الفنان مع الشركة. طالما أننا ضمن شروط العقد نحصل على ما نريده، أين المشكلة؟ ولا مشكلة لديّ أنا شخصياً في ذلك. لكن البعض يريد متطلبات خارج شروط العقد. في عقدي مثلاً هناك رقم معين مخصص للكليب الثاني، لكني حرّة في تحمّل الفرق إن أردت كليباً بمستوى معين ولا أستطيع أن أفرض ذلك على الشركة، خصوصاً أن لا فرق بيني وبين روتانا ولم أتعامل معها على هذا الأساس.
- أي يجب أن يكون الفنان كريماً أيضاً على فنّه، إذ ربما الشركة تمرّ بأزمة أو أنه ليس مع أي شركة أصلاً، فمن غير المنطقي ألاّ يفعل شيئاً؟
صحيح مئة في المئة.
- خلال العام ٢٠٠٩ بشكل خاص حُكي الكثير عن مشاكل روتانا مع الفنانين، وقيل إنها أفلست وهي لا تقدّر الفنانين ونجوم كثر غادروها... بينما أنت الوحيدة تقريباً التي لم تشتكِ. لماذا؟
لأنه لا توجد أي خلافات مع الشركة. أستغرب عندما أسمع بعض الفنانين يقولون «إن الشركة لم تصرف لنا الموازنة بعد كي نصوّر».
طيب لماذا لا يدفعون هم ومن ثم يستحصلون على المال من روتانا؟!
- ربما لا يملكون المال؟
كلا هذا غير صحيح، أعرف تماماً أنهم قادرون على ذلك، لكن الموضوع صار بالنسبة إلى البعض «نكايات». أنا شخصياً أعتبر أني أكلت من خير هذه الشركة ومستمرة معها منذ العام ١٩٩٤، ولست من النوع الذي يرمي حجراً في البئر التي يشرب منها، لأني وفيّة مع الجميع ولا أتخلّى عن أحد إلاّ إذا تخلّى عني هو، فيكون هذا ذنبه وليس ذنبي. فكيف إن تحدثنا عن شركة أنا أستفيد منها! صحيح أنه كانت لي اجتهادات كثيرة وإضافات خاصة من عندي، لكن لا ننسى أن هذه الشركة سند بالنسبة إلينا ووجودها حماية لكل فنان. لست أقول هذا لأساير، بل لأنه الواقع. يجب أن نعرف حدودنا في شروط عقودنا بدلاً من أن نطرح الموضوع على أنه مشكلة. فإن كانت الشروط لا تناسبنا، لماذا أبرمنا العقد من الأساس! هذه النقاشات يجب أن تحصل في مرحلة التفاوض وليس بعدها. فإما يحصل الإتفاق ويُبرم العقد وإما لا، الموضوع بسيط جداً ولا يحتاج إلى هذه الزوبعة.
- لكن عدد الذين يشتكون صار كبيراً. فهل يُعقل أنه جميعاً مخطئون أو أنهم فقط يحبّون «النقّ»؟
لست معينة بالتحدث عن سواي، بل أحكي عن نفسي وعن شركتي. كثر يعتقدون أني مدللة في روتانا رغم وجود بعض الإشكالات المعنوية مع الشركة. لكن لم تحصل يوماً خلافات مادية بيننا لأن علاقتي بالشركة لا تعني الأرقام. البعض يعتقد أنه كي تنجح أغنية، يجب أن تدعمها الشركة وتصرف عليها كذا وكذا... لكن هذا غير صحيح. أغنية «خلّيني شوفك» «ضربت» قبل أن أصوّرها.
- أليس غريباً أن تخسر روتانا في عام واحد كلاّ من أصالة ونوال الزغبي ولطيفة ووائل كفوري وأنغام...؟ هناك خلل في مكان ما!
ربما هم غير مرتاحين في روتانا، هذا شأنهم وكل شخص حرّ في ما يفعله، وروتانا لا تجبر أحداً على أن يبقى فيها. وما أقوله لا يعني أني ضدّ الفنانين الذين تركوا، لأنهم ربما يفضّلون البقاء خارجها. هم أحرار إن كانت رؤيتهم تجاه فنّهم تقول لهم ذلك. فإن وجدوا ما يناسبهم خارجها، ليفعلوا ما يريدون. لكن هل إن رؤيتهم على المدى البعيد هي الأصح؟ أنا لا أعرف، ولا أعرف أيضاً من هو المحقّ ومن هو المخطئ، وكل إنسان «بيعمل راحتو».
- لكن بحكم علاقتك بزملائك الفنانين أو المسؤولين في روتانا، لا بدّ أن تكوني قد كوّنت فكرة؟
لا أتدخّل في التفاصيل. لكن أجد نفسي دائماً في موقع المدافع عن روتانا، والمتهم بريء حتى إثبات العكس. لكن إن سألتني أنا شخصياً، أقول إني لم أختلف مع روتانا منذ أن انضممت إليها، وعقدي مع الشركة انتهى بصدور ألبوم «خليني شوفك».
- هل ستجددينه؟
إن شاء الله نعم.
- هل من شروط جديدة؟
لم نتحدث في أي أمر بعد، لأني لم أشعر أساساً بأن العقد انتهى.
- هذا طبيعي لأن الكلّ يعتبر أنك «تحصيل حاصل» مع روتانا؟
كلا هذا غير صحيح. وأنا بالمناسبة لمت أصالة وعاتبتها في الطائرة على الكلام الذي قالته في «مايسترو» عندما قالت إنها تتمنى الحصول على 5 في المئة من نسبة الدعم الذي ألقاه في روتانا. قلت لها إنها فنانة قديرة وصوتها لا يُستهان به، وهي لا تتكلّ إلاّ على فنها كي تصل. وقلت لها بأن عليها أن تضع شروطها ضمن العقد الذي تراه مناسباً، ولست أفهم لماذا تحصل المشاكل طالما أننا ننفّذ عقوداً. وعندما يُخلّ طرف ما بأيّ من شروط العقد، فليلجأ إلى القضاء. لماذا لا يقاضون روتانا طالما أنها لا تنفّذ عقودها! لم أجد أياً من الذين اشتكوا أقام دعوى ضدّ روتانا، وهذا يعني برأيي أن طلباتهم هي من خارج شروط العقد.
- لكن الناس لم تفهم ما مشكلة أصالة مع روتانا، فهي لم توضّح واكتفت بالقول إنها لن تجدد عقدها حتى ولو دفعوا لها الملايين؟
بصراحة، ولا أنا فهمت رغم أني جلست معها في الطائرة ٣ ساعات. وبالمناسبة، أرسلت لي رسالة ونحن في الطائرة، كتبت فيها إننا نشبه بعضنا كثيراً في الصراحة، وإذا أحببت أن أجلس معك، إرفعي يدك». ضحكت طبعاً ثم جلسنا معاً وتحدثنا، وقلت لها إنه يجب أن تكون في روتانا لأن روتانا مكسب لنا، تماماً كما أن أي نجم كبير هو مكسب لروتانا. وأنا شخصياً لا يهمني أن أكون في شركة لا تضمّ أصالة وأمثالها من الفنانين. يعني تخيّلي ماذا سأفعل إن غادر مثلاً جورج وسوف وكاظم الساهر وعبد المجيد عبدالله ونبيل شعيل وفضل شاكر... ماذا سأفعل في روتانا؟ قد أغادر...
- لماذا لا تبقين فيها كالرئيسة على الصغار؟
(تضحك) ليست لديّ ميول سلطوية. «مصيبة إزا ضهروا الكبار وبقيوا الصغار»، مصيبة لروتانا طبعاً.
- من يخسر أكثر؟ روتانا أم الفنانون الذين يغادرونها؟
الإثنان معاً، هذا مؤكّد.
- ألم تتحدثي مع نوال الزغبي بخصوص خلافها مع روتانا؟
بصراحة كلا، لم نلتق. تحدثت معها سابقاً قبل الخلاف مع روتانا، وهذا أقلّ الإيمان إذ كان يجب أن أقف بجانبها.
- هل تقصّدت عدم الحديث في موضوع روتانا؟
كلا، مجرد أننا لم نلتق. لكن لو جلسنا معاً لكنا تحدثنا هذا مؤكد.
- لكنك حاولت إقامة صلح بين روتانا ووائل كفوري ولم توفّقي؟
لأن وائل كفوري خذلني ولم يحترم موعده معي. وعندما أرى أحد الطرفين يقلل من احترامي، أنسحب من الموضوع. وهذا ما فعله معي وائل بصراحة.
- كان يجب أن يزورك ولم يحضر؟
بالفعل هذا ما حصل. كان يفترض أن نلتقي في منزلي لكنه لم يحضر ولم يحترم الموعد. وأنا لا مصلحة لي في الموضوع، بل «لا ناقة لي ولا جمل» وكنت أريد مصلحته، فتخيّلي موقفي. وائل إبن بلدي وأنا أقدّر فنّه، لكنه أخطأ. هو قال إنه «غطس بالنومة»، وهذا عذر أقبح من ذنب. إنتظر مني أن أبادر مجدداً بعدما حاول تلطيف ما جرى من خلال الملحن وسام الأمير، لكن بالنسبة إليّ كان الموضوع قد انتهى. فقلت لوسام الأمير إني أحب وائل، لكنه أزعجني في هذا الموقف. عندما أبذل مجهوداً تجاه شخص أريد مصلحته فقط دون غاية ويبادلني هو باللامبالاة، ماذا يمكنني أن أفعل له بعد أن يكون قد قلل من احترامي، وأنا لا أساوم في ما يخصّ كرامتي.
- بالعودة إليك مجدداً، تحدثت عن ظروف قاسية مررت بها أثرت على فنّك. في المقابل، ما هي السنة الأنجح بالنسبة إليك؟
بتواضع أقول إني عشت فترة ذهبية من العام ١٩٩٤ حتى سنة ٢٠٠٠، حين كان الوهج رائعاً. لكن بعد ذلك، مررت بمرحلة كنت فيها أشبه آلة تخطيط القلب، أي «طلعات ونزلات»، وذلك على الصعيدين الشخصي والمهني. أما بداية عودة السنوات الجميلة فكانت في ٢٠٠٦ مع «شو هالحلا» ثم «عم بمزح معك». أما الوهج الكبير فكان في ٢٠٠٩.
- هل تخافين العودة إلى ما قبل ٢٠٠٦؟
كلا، لأني مصرّة على عدم العودة.
- ما الذي يضمن ذلك؟
لا أستطيع القول سوى «انشالله خير». أنا شخصياً أقوم بالجهد المطلوب، وكأني في مرحلة تحدّ مع ذاتي، وبإذن الله ألبومي المقبل سيكون أفضل من «خليني شوفك»، أتمنى ذلك.
- على ماذا تتكلين؟
أولاًَ على إيماني بالله، ثم على حبي للوجود وعشقي مجدداً لرسالتي.
- وجمهورك؟
هو الجائزة الكبرى طبعاً والنتيجة لكل التعب.
- كثر يجدونك امرأة قوية تغلّبت على صعاب كثيرة مرّت بها وكان يمكن أن تطيحها. لكن مقابل ذلك، هل توجد شخصية معاكسة لا نعرفها؟
تقصدين «ضعيفة مثلا»؟
- نعم.
في السابق كنت ضعيفة، لكني لا أحب الضعف وقررت ألاّ أكون ضعيفة.
- جان صليبا قال إنك «مارغريت تاتشر الفن»؟
(تضحك) نعم هو كان يقصد أني قوية. أنا أشكره من كل قلبي وسُعدت بما قاله.
- ماذا عن الألبوم المقبل؟
شارفت عل إنهائه، لكني لن أكشف التفاصيل. وأكتفي بالقول إن خياراتي هذا العام «محتالة»، وفيها نوع من اللعب على فلك الإطار العام لخطي الفني.
- هل لأن موجة الغناء البلدي تنحسر تدريجياً؟
هذا لا يعنيني لأني لا ألحق موضة لا تشبهني. عندما بدأت بهذا اللون في التسعينات واستمريت فيه عشر سنوات، الكل اتجه نحوه بعد أن ابتعدت قليلاً ولوّنت في أغنياتي ثم عدت. لا يحق لأي كان أن يدّعي أنه هو من افتتح هذه الموجة، لأن هناك من نسبها إلى نفسه وكأنه هو من اخترعها.
- فارس كرم هو من قال أنه هو الذي أعاد الأغنية البلدية إلى الساحة؟
لا تعليق ولا يعنيني أن أردّ. لكني أعلن أن هناك شيئاً كتبته موجود في صندوق لديّ، سأفتحه في الوقت المناسب وأكشف فيه عن أمور كثيرة. فأقول لك مثلاً: «كان يجب أن أجيبك على سؤال كذا في المقابلة التي أجريناها بتاريخ كذا على هذا الشكل، لكني انتظرت إلى حين وجود براهين وحقائق، وها هي الحقائق».
- ما هو هذا الشيء؟ مذكراتك مثلاً؟
لن أقول.
- عن ماذا سيكون؟
عندما أفتح الصندوق أخبرك.
- ومتى ذلك؟
في شتاء ٢٠١١.
- لماذا هذا الموعد تحديداً؟
(تضحك) رؤية.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024