عبد الفتاح الجريني
رغم أنه درس الهندسة لكنه كان يحلم بالغناء، ولذلك لم يتردد في دراسة الموسيقى في الكونسرفتوار، لكنه ومع أول محاولة منه لدخول مجال الغناء فشل، ورغم ذلك رفض أن يتسلّل إليه الإحباط، وأصرّ على الاستمرار.. إنه المطرب المغربي عبد الفتاح الجريني الذي التقته «لها» فتحدث عن بداياته والفرق بين ألبوميه الأول والثاني وقلقه من عمرو دياب وشيرين وأنغام، وتحدث أيضاً عن أسرار علاقته براشد الماجد وشهادة حسين الجسمي له والمشروع الذي يحلم به، وحكاية شَعره الذي رفض أن يقصّه، واسمه الذي رفض أيضاً أن يغيّره، وأسرار أخرى كثيرة يكشفها الجريني في حوارنا معه.
- تخصصك الدراسي كان هندسة النسيج لماذا لم تدرس الموسيقى بشكل أكثر احترافية؟
درست الموسيقى لسنوات في الكونسرفتوار الى جانب دراستي الهندسة، ولكنني أعتقد أنه لا بد من فصل الدراسة عن الهواية. فالفن في نظر الأهل يبقى دائماً مجرد هواية ولا يغني عن الشهادة لضمان المستقبل. ولن تجدي مطربين كثيرين شجعهم أهلهم على أن يكون الغناء هو دراستهم الرئيسية.
- هل كان أهلك يعارضون اتجاهك الى الغناء؟
بل لم يعلموا أنه يمكنني الغناء أساساً. فقط كانوا يوافقون على ذهابي الى الكونسرفتوار لتعلم العزف على الآلات كهواية ولكنني لم أغنِ أمام أحد من أهلي أبداً ما عدا أخي، ولم أستطع أن أغني أمام أبي حياء. و قد سمعوني لأول مرة عبر برنامج «ألبوم» في المسابقة. واتصل بي والدي هاتفياً قائلاً لي «والله طلع صوتك حلو».
- وهل رضي أهلك الآن عن اختيارك للغناء كطريق لمستقبلك؟
هم سعداء بما حققته ولكنهم ليسوا سعداء بإقامتي بعيداً عنهم، فمنذ مدة لا أستطيع السفر الى المغرب بسبب التزاماتي بالحفلات والتسجيلات التي لا تتيح لي الوقت الكافي للسفر.
- هل اتجهت مباشرة الى الغناء بعد تخرجك؟
بل تخرجت وعملت لمدة ٩ شهور في مجال النسيج حتى جنيت بعض المال وأنفقته على دراسة إدارة الأعمال لأنني كنت أريد البدء بمشروع خاص، لكنني بعد ذلك شعرت بأن الغناء هو الطريق الوحيد الذي أحب أن أسير فيه.
- ألم تعتقد انك غامرت باطلاق ألبومك الثاني في موسم الصيف وسط نجوم كبار ينتظرهم جمهورهم مثل عمرو دياب وأنغام وشيرين؟
هذا قرار الشركة المنتجة وليس قراري. ورغم قلقي وضيق الوقت فإن المجهود في تنفيذ الألبوم والاختلاف عن الألبوم الأول كان لهما تأثير إيجابي.
- لماذا كان الوقت ضيقاً في التحضير؟
لأن التزاماتي بالعديد من الحفلات في الوطن العربي جعلت وقتي ضيقاً، وفي الوقت نفسه عندي أيضاً التزام مع الشركة بموعد نزول الألبوم. ولكن الحمد لله جاءت الاختيارات موفقة وأعجبت الجمهور. وفي الواقع فإن الضغط أرهق فريق العمل كله. وهذا ما يجعلني أقدر المجهود الذي يبذله أي فنان ليقدم ما يسعد الجمهور رغم ما قد يبدو على العمل من نواقص. فعندما كنت صغيراً لم أكن أدرك حجم المعاناة التي يعيشها الفنان الحقيقي حتى يقدم ما يرضي الجمهور، ورغم دراستي لأصول الموسيقى فإن تقنيات العمل كانت بعيدة عني. ورغم هذا المجهود لا يرضى الفنان غالباً عن عمله.
- هل أنت غير راضٍ عما قدمته حتى الآن؟
أنا دائماً في حالة قلق وأشعر بأنني في حاجة إلى المزيد من الوقت لأجوّد ما أقدمه، ولا أرضى غالباً عن عملي وأشعر أن عندي المزيد، وهو ما يرهقني ويرهق فريق عملي معي. وكنت أعتقد أن هذا الإحساس عيب لديّ إلى أن علمت أن الكثير من الفنانين الناجحين يكون لديهم هذا الوسواس. ولا أقول هذا لأصنف نفسي بين الفنانين الكبار ولكنني بالفعل أعتقد أن أي شخص يعمل في أي مجال ويسعى للتميز والاختلاف ينتابه دائماً هذا الإحساس بالقلق وعدم الرضى عن أدائه لأنه دائماً يريد أن يقدم الأفضل.
- ما هو الاختلاف الذي قدمته في الألبوم الثاني؟
كان الألبوم الأول بمثابة تقديم نفسي للناس أو بطاقة تعريف بي وبإمكاناتي الصوتية، وكانت ٨٠ في المئة من الموسيقى فيه شرقية. أما الألبوم الثاني فكان فيه مزيج من الأغاني الشرقية الخالصة والأغاني التي فيها مزيج غربي، مع إضافة الروح الشرقية. وتوزيعها أيضاً كان غربياً خالصاً مثل استخدام آلات النفخ كما في الثلاثينات والأربعينات، وأغنية «عايش حياته» التي هي مزيج من التانغو والمقسوم الشرقي. وتذكرني هذه الأغنية بأغنية ماجدة الرومي «اعتزلت الغرام » في مزجها بين الجاز والشرقي.
- لماذا صورت «زي ما تحب» وليس «عايش حياته» رغم أنها الأغنية الرئيسية في الألبوم؟
أحب كل أغاني الألبوم وبذلت فيها جهداً كبيراً. وبالنسبة الى «عايش حياته» أحب أن أعمل عليها وقتاً أطول وقد أصورها بعد تغيير فيها. وعامة هي نجحت مع الجمهور فعلاً وأعتقد أنه على العكس ينبغي تصوير أغانٍ أخرى حتى ألفت نظر الجمهور اليها. والحقيقة أنني أحب كل أغاني الألبوم وأتمنى تصويرها كلها.
- لماذا كان اهتمامك بتقديم الألبوم الأول شرقياً خالصاً بينما المفترض أن تقترب من الشباب؟
ذوقي ودراستي الموسيقية هما طربيان عربيان أصيلان ولم أرد أن يعرفني الجمهور بالغناء السريع أو أن يربط لا شعورياً بين شكلي ومظهري وسني وأدائي للأغاني الخفيفة، بل أردت أن التقي الجمهور عن طريق الأغاني الطربية. في الألبوم الثاني قدمت أقدم مختلف الأذواق. وبالفعل عندما نزلت الأغنية الأولى قبل الألبوم ظنني الجمهور في الثلاثينات أو الأربعينات.
- هل تعتقد أن شكلك الذي جذب انتباه الجمهور من أول طلة وفر الدعاية على شركة الإنتاج؟
طلبت مني الشركة عند توقيع العقد أن أغير اسمي وأن أقص شعري ولكنني رفضت. فلا أحب تغيير اسمي كما أنني أحب شكلي كما. وبالنسبة الى الدعاية لا أعرف إن كان شكلي قد ساهم فيها أم لا لكنني أعتقد أن الشركة تقوم بالدعاية اللازمة.
- تؤكد دائماً أنك تعتمد على فريق عملك في اختيارات أغاني الألبوم، فكيف اخترت هذا الفريق؟
في الحقيقة لم أختر فريق العمل، ولكنني لو كنت تعمدت اختيار كل فرد في هذا الفريق لم أكن لأوفق بهذا الشكل، وأعتقد أنه فعلاً توفيق من الله واني محظوظ بمن أعمل معهم.
- ألا تحدث اختلافات في وجهات النظر بينكم وهل أعجبتك أغنية و لم يوافقوا عليها أو العكس؟
أحب أن يتضمن ألبومي كل الأذواق. إذا اخترت بمفردي فسأركز فقط على ما أحبه. ثم إنني أعتز بفريقي الذي عمل مع كبار الفنانين مثل عمرو دياب وأنغام وسميرة سعيد. وفريق العمل لا ينحصر دوره في الاختيارات بل يشمل طريقة تنفيذ هذه الاختيارات مثل الإنتاج و التسجيل والدعاية وكل شيء.
- ولكن من الطبيعي ألا تتفق اختياراتكم دائماً فهل أضطررت لغناء شيء لست مقتنعاً به بناء على إجماع فريق عملك عليه؟
لا أغني ما لا أحبه ولكنني أحب التجربة، فإذا اتفقوا على أغنية ولا أكون مقتنعاً بقدرتي على غنائها أسجلها بصوتي وأسمعها، فإذا أعجبتني أقتنع بغنائها. ويحدث هذا في حالات أخرى، فقد أحببت مثلاً أغنية «أشوف فيك يوم» عندما سمعتها أول مرة ولكنني كنت خائفاً من غنائها، فقد أحسست بأن كلماتها قوية جداً. ولكنني لا أرفض إلا بعد التجربة.
- هذه الأغنية من المعروف أنها خاصة بالفنان راشد الماجد وأنه اهداك اياها وانتشرت بصوتك كيف حدث هذا؟
فعلاً هي أغنية خاصة به وقد سمعتها أول مرة بصوته عن طريق مدير أعماله حسن طالب، وقلت له إنها أغنية في غاية الجمال. بعدها بشهر وكنت انتهيت من ألبومي فوجئت بمدير أعمال الفنان راشد يتصل بي ويبلغني أنه قرر إهدائي الأغنية لضمها الى البومي.
- ألا تعتقد أنه تصرف غريب على المجتمع الفني أن يهدي فنان كبير فناناً آخر يعتبر في بداية حياته أغنية يتوقع لها النجاح؟
أولاً الفنان راشد الماجد فنان كبير ولن ينقص منه أو يضيف اليه أن يهديني أغنية، بل على العكس لقد أضاف إلي جمهوره الواسع الذي سمعني أغني أغنية لراشد. ثانياً هو بالفعل يتبناني فنياً ويشرف على اختياراتي عن طريق مدير أعماله، خاصة أننا ننتمي الى شركة الإنتاج نفسها، بل هو من المساهمين في الشركة، وبالتأكيد يسعده نجاحي لأنه فنان كبير.
- غنى الفنان حسين الجسمي هذه الأغنية في برنامج «مايسترو»، بماذا شعرت حين اختارها لغنائها؟
هذا دليل آخر على نجاج هذه الأغنية وبشهادة فنان كبير أيضاً هو الفنان حسين الجسمي الذي غناها مع المذيع نيشان عندما سأله عن الأغنية التي تمنى الجسمي نفسه غناءها فقام على الفور بغناء الأغنية وهو ما أسعدني جداً.
- أثرت هذه الأغنية في الجمهور وكان من الواضح أنك تغنيها بإحساس كبير. هل تمنيت أن تقول لأي شخص في يوم من الأيام «أشوف فيك يوم»؟
بالفعل كلمات الأغنية قوية وتصلح للكثير من المواقف التي تمر على الإنسان وأعتقد أن كل شخص يشعر بهذه الكلمات في يوم وبعد فترة يهدأ هذا الشعور. في الألبوم الثاني هناك أغنية «وابقى افتكرني» وأعتقد أنها مكملة لهذه الحالة. عند اصطدام الإنسان، بموقف أو شخص سيئ يتمنى أن «يشوف فيه يوم» وبعد مرور الوقت لا ينسى الموقف ولكنه يستطيع التعايش معه ويهدأ. وأدعو الجمهور الى أن يتأمل في كلام الأغنيتين.
- هل مر الجريني بقصة حب جعلته يغني الأغنيتين بهذا الإحساس موجهاً هذه الكلمات الى شخصية موجودة فعلاً؟
لا على الإطلاق، ولكنني أحسست بالكلمات، وعامة تصلح هذه الكلمات للكثير من العلاقات الإنسانية وليس فقط علاقة حب بل صداقة أو حتى علاقة عمل.
- هناك قاعدة عريضة من الجمهور تعتقد أن عبد الفتاح الجريني ولد على الساحة الفنية نجماً ولم يتعب بالمقدار الكافي للوصول الى النجومية، هل هذا صحيح؟
الحمد لله ربنا وفقني في خطوات كثيرة. فقد كنت محظوظاً بأني شاركت في برنامج «ألبوم» على قناة كبيرة مثل MBC تعتبر أقوى شاشة وقاعدتها الجماهيرية عريضة في كل الوطن العربي. وكان لهذا الظهور بالطبع دور في أن يعرفني الكثير من الناس. وبعد الفوز بشهرين كنت أول الفائزين الذين وقعت معهم الشركة عقداً للإنتاج، وكان لابد لي من اختيار أغنية فقصدت مصر، وهكذا بدأت.
- إذن كانت الخطوة الأولى لك فنياً في مصر؟
كنت أنتظر بفارغ الصبر أن أرى مصر. فخلال إقامة المسابقة في لبنان كنت أسمع عنها من المتسابقين المصريين أو من أعضاء لجنة التحكيم المصريين مثل محمود خيامي وتامر عبد المنعم، فكانا يحكيان لي عن الأجواء الفنية المختلفة في مصر وجو الاستديوهات والتسجيلات.
- قبل هذا البرنامج حاولت المشاركة في مسابقة «ستار أكاديمي» مرتين، ولكنك لم تفلح. ألم يحبطك هذا؟
لا. ربما لو شاركت فيه لما كنت نجحت.
- هناك تنافس فني دائم بين نجوم الغناء منذ زمن فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ مروراً بعمرو دياب ومحمد فؤاد وحالياً تامر حسني ومحمد حماقي. وهذه المنافسة في الغالب يزكيها الجمهور من معجبي كل فنان، فمن تنافس؟
أحاول أن أركز على لون غنائي مختلف وخاص أتميز به. وأعتبر نفسي مبتدئاً ولا أملك الا ألبومين ولا يمكن أن أقارن نفسي بنجوم سبقوني ولهم تاريخ. مثلاً كيف أقارن نفسي بعمرو دياب وفي رصيده الغنائي ٢٤ ألبوماً؟
- هل يعني هذا أنك لا تهتم بالمنافسة الفنية؟
بالطبع هناك منافسة فأنا لا أغني وحدي في الساحة الغنائية ولكنني أحب دائماً التركيز على عملي فقط.
- بعيداً عن المنافسة من تحب من نجوم الغناء؟
أحب كل النجوم الكبار خاصة سميرة سعيد وشيرين عبدالوهاب وأسماء المنور وجنات وحسام حبيب وتامر عاشور.
- تحدثت عن مشروع خاص بك، هل يخص الإنتاج الموسيقي؟
بل مجال دراستي وهو هندسة النسيج أو بمعنى أدق بالأزياء، ومازلت أريد حتى الآن أن أنشئ خط الأزياء الخاص بي وليس عن طريق تصميم الأزياء بل عن طريق ماركة مسجلة تستوحي خطوطها من الأصالة الشرقية ومن خطوط الأزياء المغربية والمصرية. فهناك ماركات غربية تستوحي موضتها من الشرق وأرى أننا أولى بذلك. موضة هذه السنة رأيتها في مدينة المنصورة أولاً في زيها التقليدي حيث السروال الرجالي الذي استوحى منه الغرب موديلات هذا العام بالنسبة الى الفتيات، والكابيشو المغربي أيضاً لم يعرفوه من قبل بل اقتبسوه من المغرب وانتشر في موضة هذا العام.
- هل تختص دراستك بالتصميم؟
أعطتني الدراسة خبرة ولكنني أفهم بالموديلات وأفضل موضة السبعينات والثمانينات التي شاهدتها بداية من أفلام عبد الحليم حافظ الملونة وعبر صور والدتي وخالاتي. كانت موضة تتميز بالأناقة وبالألوان الجميلة.
- هل تصمم ملابسك بنفسك؟
لا بل اختارها من بعض الماركات المعينة التي أفضلها. وعامة أحب الملابس التي تشعرني بالراحة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024